أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2019
2934
التاريخ: 2023-09-17
7060
التاريخ: 2-2-2015
7193
التاريخ: 20-01-2015
3420
|
وكان من لوازم الصراع الاجتماعي في عصر ما بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) الطعن بايمان ابي طالب لأحد أمرين. الاول: ان الطعن باسلام ابي طالب كان من اجل خدش شخصية علي (عليه السلام) الرسالية. والثاني: ان الطعن باسلام ابي طالب كما مفاده تقوية موقف اخيه العباس حيث تمكنت ذريته لاحقاً من استلام الحكم وتأسيس فيما سُمّي بالدولة العباسية على انقاض حكم الامويين.
فاما الاول فان اتهام ابي طالب بالكفر كان يؤمّل فيه أن يكون مبرراً للطعن بشخصية امير المؤمنين (عليه السلام) لاحقاً. فتكفير ابي طالب هي بوابة لزعزعة الشخصية الرسالية لابنه (عليه السلام). فكانوا يتصورون ان الصاق تهمة الكفر بابي طالب ستكون عامل خدش في شخصية الامام المعصوم (عليه السلام) واخراجاً له من مفهوم الآية الكريمة الموجهة لرسول الله (صلى الله عليه واله): {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219]، حيث كان (صلى الله عليه واله) ينتقل بين الاصلاب الطاهرة والارحام الزكية.
حتى وضعوا حديثاً عنه (صلى الله عليه واله) يزعم: «... ان ابا عبد الله [أباه] وآمنة [أمّه] وابا طالب [عمه] جمراتٌ من جمرات جهنم». وحسبهم انه روي عنه (صلى الله عليه واله) ان جبرئيل (عليه السلام) خاطبه (صلى الله عليه واله) بالقول: ( ان الله مشفّعك في ستة: بطنٍ حملتك: آمنة بنت وهب ؛ وصُلب أنزلك: عبد الله بن عبد المطلب ؛ وحِجر كفلك: ابي طالب ؛ وبيتٍ آواك: عبد المطلب ؛ وأخ كان لك في الجاهلية _ قيل: يا رسول الله، وما كان فعله؟ قال: كان سخيّاً يطعم الطعام ويجود بالنّوال _ ؛ وثدي ارضعتك: حليمة بنت ابي ذؤيب) . ولا شك ان مفهوم الشفاعة منحصر في اسقاط العقوبة عن المؤمنين المذنبين، لكنها لا تشمل الكافرين كما جاء في الذكر الحكيم: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } [التوبة: 80]. فتكون شفاعته للمؤمنين من ارحامه، كما هو واضح في البطن الذي حملته، والصلب الذي انزله، والحجر الذي كفله، والبيت الذي آواه، والاخ الذي كان له قبل الاسلام، والثدي الذي ارضعه. ولا يمكن ان ننفي الايمان عن هؤلاء الاطهار من ارحامه، بل يفترض ان لهؤلاء ذنوباً تمحوها شفاعته (صلى الله عليه واله). ومن الجليّ ان منطوق الرواية يدلّ على تقييد الشفاعة هنا بارحامه فقط. ولكن بموجب القاعدة وبضميمة روايات اخر ندرك ان الوارد لا يقيد المورد. فتكون شفاعته عامة لكل المؤمنين المذنبين.
وسياق الحديث منسجم مع اخلاقية الاسلام ورحمته، ومتوافق مع المشهور عنه (صلى الله عليه واله): نقلنا من الاصلاب الطاهرة الى الارحام الزكية. فوجب بهذا ان يكون اباؤه كلهم منـزهين عن الشرك، لانهم لو كانوا عَبدة أصنام لما كانوا طاهرين.
واما الثاني فان الطعن باسلام ابي طالب يؤدي الى تقوية موقف العباس عم النبي (صلى الله عليه واله)، حيث تمكنت ذرية العباس من اقامة الدولة العباسية. وكان ذلك الالصاق ضعيفاً في حينه، بحيث ان عبد الله بن عباس حينما سُئل هل ان ابا طالب مات كافراً، اجاب:
كذبتم وبيت الله نسلم احمداً ولما نقاتل دونه ونناضل
ونتركه حتى نصرع حوله ونذهل عن ابنائنا والحلائل
ولكن المنقّب في التأريخ الاسلامي يجد ان قضية اسلام ابي طالب لم تُثر الا بعد تسلم بني العباس السلطة، خصوصاً خلال فترة المنصور العباسي. ولاشك ان العباسيين يرجعون الى العباس بن عبد المطلب الذي اسلم لاحقاً، بينما يرجع الطالبيون من بني هاشم الى ابي طالب الذي زُعم بانه لم يعلن اسلامه. وفي ذلك دليلان.
الاول: ان معاوية الذي حارب علياً (عليه السلام) بشتى الاساليب لم يطعن باسلام ابي طالب، مع انه لم يُعرَف عن معاوية انه رعى يوماً عهداً ولا ذمةً مع الامام (عليه السلام). وكان علي (عليه السلام) يهاجم معاوية في امه هند، وابيه ابي سفيان من مذامّ ومثالب. ولكن معاوية لم يشر الى عدم اسلام ابي طالب. وهذا دليل على ان اسلام ابي طالب كان امراً واضحاً للجميع، بحيث لم يجرأ معاوية على التشكيك فيه في تلك الفترة من تأريخ الاسلام.
الثاني: في (المعاني) باسناده فيه رفع عن موسى بن جعفر (عليه السلام) فيما جرى بينه وبين هارون الرشيد وفيه:
قال هارون: فلم ادعيتم انكم ورثتم رسول الله (صلى الله عليه واله) والعم يحجب ابن العم، وقبض رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد توفي ابو طالب قبله والعباس عمه حي...
فقلت: ان النبي (صلى الله عليه واله) لم يورّث من لم يهاجر ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر.
فقال: ما حجّتك فيه؟
قلت: قول الله تبارك وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } [الأنفال: 72]. وان عمي العباس لم يهاجر.
فقلا: اني سائلك يا موسى هل افتيت بذلك أحداً من اعدائنا ام اخبرت احداً من الفقهاء في هذه المسألة بشيء؟
فقلت: اللهم لا وما سألني عنها الا امير المؤمنين _ يعني هارون الرشيد _ .
والتحقيق، ان كلا الامرين وجدا في نفوس زعماء الصراع الاجتماعي ما يحقق مآربها في تضعيف شخصية ابي طالب واتهامها بالكفر وانها جمرة من جمرات جهنم. وعلى أي حال، فان ابا طالب كان عميد البيت الهاشمي وراعيه خلال الفترة التأريخية الحرجة التي ظهر فيها الاسلام. حيث رعى النبوة والامامة في بيته وغذاها بجميل اخلاقه. واسلم على يدي رسول الله (صلى الله عليه واله) في وقت كانت قريش تخشى شيخ الاباطح وترهبه. واضمر اسلامه، ولكن لم يضمر حمايته لرسول الله (صلى الله عليه واله) بالغالي والنفيس.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|