أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1547
التاريخ: 11-10-2014
1702
التاريخ: 27-11-2014
12089
التاريخ: 27-11-2014
1763
|
قال تعالى : { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ * وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لاَ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ * وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ * إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ * يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون } [ يس : 13ـ 30] .
تفسيرُ الآيات
( التعزيز ) : النصرة مع التعظيم ، يقول سبحانه في وصف النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : { فَالّذينَ آمَنُوا بهِ وَعَزّروه وَنَصَرُوه }[ الأعراف : 158] .
( طيّر ) : تطيّر فلان واطيّر ، أصله التفاؤل بالطير ، ثمّ يُستعمل في كلّ ما يُتفاءل به ويُتشاءم ، فقوله : { إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } أي تشاءمنا بكم .
وبذلك يظهر معنى قوله : { قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ } أي أنّ الذي ينبغي أن تتشاءموا به هو معكم ، أعني : حالة إعراضكم عن الحقّ الذي هو التوحيد وإقبالكم على الباطل .
( الرجم ) : الرمي بالحجارة .
( الصيحة ) : رفع الصوت .
هذا التمثيل تمثيل إخباري يشرح حال قوم بعثَ الله إليهم الرسل ، فكذّبوهم وجادلوهم بوجوه واهية .
ثمّ أقبلَ إليهم رجل من أقصى المدينة يدعوهم إلى متابعة الرسل بحجة أنّ رسالتهم رسالة حقّة ، ولكنّ القوم ما أمهلوه حتى قتلوه ، وفي هذه الساعة عمّت الكاذبين الصيحة فأهلكتهم عامّة ، فإذا هم خامدون .
هذا إجمال القصّة ، وأمّا تفصيلها :
فقد ذكرَ المفسّرون أنّ المسيح ( عليه السلام ) بَعثَ إلى قرية أنطاكية رسولَين من الحواريّين باسم : شمعون ويوحنّا ، فَدعيا إلى التوحيد وندّدا بالوثنية ، وكان القوم ومَلِكهم غارقين في الوثنية .
ونادَيا أهل القرية بأنّا إليكم مرسلون ، فواجَها تكذيب القوم وضربهما ، فعزّزهما سبحانه برسولٍ ثالث ، واختلفَ المفسّرون في اسم هذا الثالث ، ولا يهمّنا تعيين اسمه ، وربّما يقال إنّه ( بولس ) ، فعند ذلك أخذَ القوم بالمكابرة والمجادلة والعناد ، محتجّين بوجوه واهية :
أ : إنّكم بشر مِثلنا ولا مزيّة لكم علينا ، وما تدّعون من الرسالة من الرحمان ادّعاء كاذب ، فأجابهم الرسل : بأنّه سبحانه يعلم إنّا لمرسلون إليكم ، وليس لنا إلاّ البلاغ كما هو حقّ الرُسل .
ب : إنّا نتشاءم بكم ، وهذه حجّة العاجز التي لا يستطيع أن يحتجّ بشيء ، فيلوذ إلى اتهامهم بالتشاؤم والتطيّر .
ج : التهديد بالرجم إذا أصرّوا على إبلاغ رسالتهم والدعوة إلى التوحيد والنهي عن عبادة الأوثان ، وقد أجاب الرسل بجوابين :
الأول : إنّ التشاؤم والتطيّر معكم ، أي أعمالكم وأحوالكم ، وابتعادكم عن الحقّ ، وانكبابكم على الباطل هو الذي يجرّ إليكم الويل والويلات .
الثاني : إنّكم قوم مسرفون ، أي متجاوزون عن الحدّ .
كان الرسل يحتجّون بدلائل ناصعة وهم يردّون عليهم بما ذُكر ، وفي خضمِّ هذه الأجواء جاء رجل من أقصى المدينة نَصرَ وعزّز قول الرسل ودعوتهم ، محتجّاً بأنّ هؤلاء رسل الحقّ ؛ وذلك للأمور التالية :
أوّلاً : أنّ دعوتهم غير مرفقة بشيء من طلب المال والجاه والمقام ، وهذا دليل على إخلاصهم في الدعوة ، وقد تحمّلوا عناء السفر وهم لا يسألون شيئاً .
ثانياً : أنّ اللائق بالعبادة مَن يكون خالقاً أو مدبّراً للعالَم ، ومَن بيده مصيره في الدنيا والآخرة ، وليس هو إلاّ الله سبحانه الذي ينفعني ، فكيف أترك عبادة الخالق الذي بيده كلّ شيء ، وأتوجّه إلى عبادة المخلوق ( الآلهة المزيّفة ) التي لا تستطيع أن تدفع عنّي ضرّاً ولا تنفعني شفاعتهم ؟! فلو اتخذتُ إلهاً غيره سبحانه كنتُ في ضلال مُبين ، فلمّا تمّ حجاجه مع القوم وعزّز الرسل وبيّن برهان لزوم اتباعهم ، أعلنَ وقال : أيّها النّاس { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } .
ثمّ يظهر من القرائن : أنّ القوم هجموا عليه وقتلوه ، ولكنّه سبحانه جزاه ، فأدخله الجنّة ، وهو فرِح مستبشر يودّ لو عَلم قومه بمصيره عند الله .
فلمّا تبيّن عناد القوم وقَتل مَن احتجّ عليهم بحجج قويّة نزلَ عذابه سبحانه ، فعمَّتهم صيحة واحدة أخمَدت حياتهم وصيّرتهم جماداً .
ففي هذه اللحظة الحاسمة ـ التي يختار الإنسان الضلالة على الهداية ، والباطل على الحقّ ـ يصحّ أن يخاطبهم سبحانه ويقول :
{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون } .
هذه حقيقة القصّة استخرجناها بعد الإمعان في الآيات ، وقد أطنبَ المفسّرون في سرد القصّة ، نقلاً عن مستسلمة أهل الكتاب الذين نشروا الأساطير بين المسلمين ، نظراء وهب بن منبّه ، فلا يمكن الاعتماد على كلّ ما جاء فيها (1) .
ثمّ إنّ في الآيات نكات جديرة بالمطالعة :
الأولى : يذكر المفسّرون أنّ الرسولَين لم يكونا مبعوثين من الله مباشرة ، وإنّما بُعثا من قِبل المسيح ( عليه السلام ) ، مثل الرسول الثالث ، ولمّا كان بَعثُ المسيح بأمرٍ من الله سبحانه ، نَسبَ فعل المسيح إليه سبحانه وقال : { إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ } .
الثانية : لقد وقفت على أنّ القوم قاموا بالجدال والعناد ، فقالوا : { مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا } ، والجملة تحتمل وجهين :
الوجه الأول : أنتم أيّها الرسل بشر ، والبشر لا يكون رسولاً من الله ، وعلى هذا فالمانع من قبول رسالاتهم كون أصحابها بشراً .
الوجه الثاني : أنّ المانع من قبول دعوة الرسالة هي : عدم توفر أي مزيّة في الرسل ترجّحهم ، ويُشعر بذلك قوله : ( مِثْلُنَا ) ، وإلاّ فلو كان الرسل مزوّدين بشيء آخر ربّما لم يصحّ لهم جعل المماثلة عذراً للربّ .
الثالثة : أنّ القصة تنمُّ عن أنّ منطق القوّة كان منطق أهل اللجاج ، فالقوم لمّا عجزوا عن ردّ برهانهم التجأوا إلى منطق القوّة ، بقتل دعاة الحقّ وصلحائه ، وقالوا : { لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ } .
الرابعة : أنّ التطيّر كان سلاح أهل العناد والمكابرة ، ولم يزل هذا السلاح بيد العتاة الجاحدين للحقّ ، فيتطيّرون بالعابد ، وغير ذلك .
الخامسة : يظهر من صدر الآيات أنّ الرسل بُعثوا إلى القرية ، وقد تُطلق غالباً على المجتمعات الكبيرة والصغيرة ، ولكن قوله : { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ } يُعرب أنّها كانت مدينة ومجتمعاً كبيراً لا صغيراً .
السادسة : أنّه سبحانه يصف الرجل الرابع الذي قام بدعم موقف الرسل بأنّه كان من أقصى المدينة ، وما هذا إلاّ لأجل الإشارة إلى عدم الصلة والتواطئ بينه وبين الرسل ، ولذلك قدّم لفظ أقصى المدينة على الفاعل ، أعني : ( رجل ) ، وقال : { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ } .
السابعة : أنّ قوله : { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي } دليلٌ على أنّ العبادة هي
الخضوع النابع عن الاعتقاد بخالقية المعبود ومدبّريته ، وما لهُ من الأوصاف القريبة من ذلك ، ولذلك يُرى أنّه يُعلّل إيمانه وتوحيده بقوله : { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي } .
كما أنّه يُعلّل حصر عبادته له وسلبها عن غيره ، بعجزهم عن ردّ ضرّ الرحمان بعدم الجدوى في شفاعتهم .
الثامنة : قلنا إنّ القرائن تشهد بأنّ مَن قامَ بالدعوة إلى طريق الرسل من القوم ، قُتِل عند دعوته وجازاه الله سبحانه بأن أدخلهُ الجنّة ، والمراد من الجنّة هو : عالَم البرزخ لا جنّة الخُلد التي لا يدخلها الإنسان إلاّ بعد قيام الساعة .
التاسعة : كما أنّ في كلام الرجل المقتول بقوله : { يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } دليلاً على وجود الصلة بين الحياة البرزخية والمادّية ، حيث أبلغَ بلاغاً إلى قومه ، وتمنّى أن يقفوا على ما أنعمَ الله عليه بعد الموت ، حيث قال : { قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ } .
______________________
1 ـ لاحظ مجمع البيان : 4/418ـ 420 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|