أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-03
612
التاريخ: 2024-03-03
617
التاريخ: 5-10-2016
1949
التاريخ: 3-4-2022
2217
|
من أعظم شعب الإيذاء وأنواعه التعدّي على حقوق الناس بالإضرار بهم والشائع المتعارف إطلاق الظلم عليه، فيشمل القتل والنهب والسرقة والضرب والشتم والقذف والغيبة وغيرها من الأذيات، ولعلّ تخصيصها عرفاً بالإطلاق لأظهريّة معناه وأكمليّته فيها.
ثم إنّ صدور كلّ منها إن كان من العداوة والحسد كان من تلك الحيثية من رذائل الغضبية، ومن حيث إنّه ظلم وتعدّ عن الوسط اللازم مراعاته فيما بينه وبين الخلق ظلماً، بل من الجهة الاولى أيضاً لكونها تعدّياً عن الوسط المطلوب في القوّة الغضبية، وكذا إن كان باعثه الحرص والطمع كان من هذه الحيثية من رذائل الشهوية، ومن حيث كونه تعدّياً عن حقوق الناس اللازمة مراعاتها في تحقّق معنى العدالة المطلوبة ظلماً. فظهر أنّه لا وجه لعدّ الظلم من رذائل الغضبية والشهوية، كما توهّم (1)، إذ معناه التعدّي عن الحق الذي هو الوسط وهذا هو الضدّ للعدالة. نعم يمكن إلحاق خصوصيّات أفراده باعتبار بواعثها المخصوصة بكلّ منهما وإن كانت باعتبار أنّها ظلم من أفراد الظلم بالمعنى الأعم.
ثم إنّه من أعظم المعاصي شرعاً وأقبحها عقلاً، وقد تأكّد ذمّه في الكتاب والسنّة.
قال الله تعالى:
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42].
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 42].
وعن النبي صلى الله عليه وآله: «جور ساعة في حكم أشدّ وأعظم عند الله تعالى من معاصي ستّين سنة» (2).
وقال الباقر عليهالسلام: «الظلم ثلاثة: ظلم يغفره الله، وظلم لا يغفره، وظلم لا يدعه، فالذي لا يغفره الله الشرك، والذي يغفره الله ظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله، والذي لا يدعه فالمداينة بين العباد» (3).
وقال الصادق عليهالسلام: «ما من مظلمة أشدّ من مظلمة لا يجد صاحبها عليها عوناً الا الله عزّوجلّ» (4).
وقال عليهالسلام: «من ظلم سلّط الله عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه، قال الراوي: يظلم هو فيسلّط على عقبه؟ فقال عليهالسلام: إنّ الله يقول: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]» (5).
قيل: والظاهر أنّ مؤاخذة الأولاد بظلم آبائهم إنما هو من الأولاد الذين كانوا راضين بفعل آبائهم أوصل إليهم أثر ظلمهم أي انتقل إليهم من أموال المظلومين.
وقيل : إنّ الدنيا دار مكافاة وانتقام، وإن كان بعض ذلك ممّا يؤخّر إلى الآخرة، وفائدته بالنسبة إلى الظالم ردعه عن الظلم إذا سمع به، وبالنسبة إلى المظلوم [استبشاره بنيل الانتقام في الدنيا مع نيله الثواب في الآخرة، فإنّ ما يأخذه هناك من دين الظالم] (6) لو كان له دين أكثر ممّا أخذه من ماله، وبهذا يصحّ الانتقام على العقب وعقب العقب فإنّه وإن كان في صورة الظلم لكونه انتقاماً من غير أهله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] الا أنّه نعمة من الله عليه في المعنى من جهة ثوابه في الدارين، فإنّ ثوابه أكثر ممّا جرى عليه من الظلم (7).
أقول: مع أنّ في كونه في صورة الظلم لما ذكر تأملّاً لظهور أنّ لكلّ من المعاصي آثاراً ولوازم كاستلزام الخمر للسكر، فلعلّه من هذا القبيل دون المجازاة والمكافأة حتّى يلزم الظلم في الانتقام من الغير على فعل الغير.
وكما أنّ الظلم قبيح مؤكّد إثمه، فكذا الاعانة عليه ولو بمدّة قلم وربط كيس وتكثير سواد، وهذا وإن كان كلياً في المعاصي بأسرها قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] الا أنّه منصوص في خصوص المقام.
قال الصادق عليهالسلام: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوان الظلمة ومن لاق (8) لهم دواةً أو ربط لهم كيساً أو مدّهم بمدّة قلم؟ فاحشروهم معهم» (9).
__________________
(1) جامع السعادات: 2 / 219.
(2) جامع الأخبار: 180.
(3) الكافي: 2 / 320 ـ 331، كتاب الإيمان والكفر، باب الظلم، ح 1، مع تلخيص.
(4) الكافي: 2 / 331، كتاب الإيمان والكفر، باب الظلم، ح 4.
(5) الكافي: 2 / 332، كتاب الإيمان والكفر، باب بالظلم، ح 13، مع تغيير، والآية في النساء: 9.
(6) ساقط من «ب».
(7) جامع السعادات: 2 / 221 ـ 222.
(8) في النسخ: «لان» وهو تصحيف.
(9) جامع الأخبار: 181.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|