أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-26
611
التاريخ: 11-10-2018
1098
التاريخ: 11-10-2018
950
التاريخ: 2024-02-27
686
|
يُعَدُّ اكتشافُ نظائر أيِّ عنصر معين خطوةً مهمةً أخرى على طريق فهم الجدول الدوري تحقَّقت في فجر علم الفيزياء الذرية. ويتألَّف مصطلح «النظير» أو isotope من مقطعين؛ هما: iso (أيْ «نفسه»)، وtopos (بمعنى «مكان»)، ويُستخدَم لوصف نوع ذري من أي عنصر معين يختلف عنه في الوزن، ولكنه يحتلُّ نفس المكان في الجدول الدوري. وقد جاء هذا الاكتشاف بصفة جزئية بدافع من الضرورة، وأدَّت التطورات الجديدة في الفيزياء الذرية إلى اكتشاف عددٍ من العناصر الجديدة، مثل: الراديوم Ra، والبولونيوم Po، والرادون Rn، والأكتينيوم Ac، وهي العناصر التي اتَّخذتْ بسهولة مواضعَها الصحيحة في الجدول الدوري. ولكن فضلًا عن هذا، تم اكتشاف نحو 30 من العناصر الجديدة الأكثر بروزًا على مدى فترة زمنية وجيزة، وأُطلِقت على هذه الأنواع الجديدة أسماء مؤقتة؛ مثل: انبعاث الثوريوم، وانبعاث الراديوم، والأكتينيوم-إكس، واليورانيوم-إكس، والثوريوم-إكس، وغير ذلك؛ للدلالة على العناصر التي يبدو أنها تنتجها. وتدل اللاحقة إكس على أنها أنواع مجهولة. وقد تَبيَّنَ فيما بعدُ أنها نظائر لعناصر مختلفة في أغلب الأحيان؛ فعلى سبيل المثال: تَبيَّنَ لاحقًا أن اليورانيوم-إكس هو نظير للثوريوم.
وقد حاوَلَ بعض مصمِّمي الجدول الدوري، مثل فان دن بروك، أن يُسكِنوا هذه «العناصر» الجديدة في جداول دورية ممتدة كما رأينا آنفًا. وفي الوقت نفسه أعَدَّ سوِيدِيَّان، هما دانيال أسترومهولم وتيودور سفيدبيرج، جداولَ دورية أقحمَا فيها بعضًا من هذه الأنواع الجديدة الغريبة في نفس الموضع؛ فعلى سبيل المثال: أسفل غاز الزينون الخامل وضعَا انبعاثَ الراديوم، وانبعاث الأكتينيوم، وانبعاث الثوريوم، وهذا على ما يبدو يمثِّل توقُّعًا لوجود النظائر، ولكنه ليس تأكيدًا واضحًا لهذه الظاهرة.
وفي عام 1907، الذي تُوفِّي فيه مندليف، أعلن عالم الكيمياء الإشعاعية الأمريكي هربرت ماكوي عن استنتاجٍ يفيد بأن الثوريوم المُشِع غيرُ قابل للانفصال مطلقًا عن الثوريوم بالعمليات الكيميائية. وكانت هذه ملاحظة مهمة لم تلبث أن تكرَّرت بشأن الكثير من أزواج المواد الأخرى التي كان يُعتقَد أصلًا أنها عناصر جديدة، وحظيت هذه الملاحظات الجديدة بالتقدير الكامل من قِبَل فريدريك سودي الذي كان تلميذًا سابقًا لرذرفورد.
وبالنسبة إلى سودي، كان عدم قابلية الفصل كيميائيًّا يعني شيئًا واحدًا؛ أن هذه المواد المُشِعَّة هي صورتان أو أكثر من نفس العنصر الكيميائي. وفي عام 1913 ابتكر سوديٌّ لفظَ النظائر للتعبير عن وجود ذرتين أو أكثر من نفس العنصر، وهي ذرات غير قابلة للفصل كيميائيًّا بالمرة، إلا أن أوزانها الذرية مختلفة. وقد لاحظ أيضًا هذه الصفة من عدم القابلية للانفصال كيميائيًّا كلٌّ من فريدريش بانيث وجورج فون هيفيشي في حالة الرصاص و«الرصاص المشع»، بعد أن طَلَب منهما رذرفورد أن يفصلاهما كيميائيًّا. وبعد محاولتهما إنجازَ هذا العملِ الفذِّ بعشرين وسيلة كيميائية مختلفة، لم يجدوا بُدًّا من الاعتراف بالفشل الذريع، وقد كان فشلًا في بعض النواحي إلا أنه أضاف المزيدَ من الدعم لفكرة وجود عنصرٍ ما، وهو الرصاص في هذه الحالة، في صورة نظائر لا تقبل الفصلَ كيميائيًّا. ولكن لم يذهب كلُّ هذا العمل البحثي أدراجَ الرياح؛ إذ أتاحت جهودُ بانيث وفون هيفيشي لهما أن يستحدِثَا تقنيةً جديدة لتصنيف الجزيئات من حيث النشاط الإشعاعي، ممَّا صار الأساس لنظامٍ ثانوي مفيد إلى حدٍّ بعيد وكبيرٍ وله تطبيقات بعيدة التأثير، في مجالات مثل الكيمياء الحيوية والأبحاث الطبية.
وفي عام 1914 حظيت قضية النظائر بالمزيد والمزيد من الدعم بفضل أبحاثٍ أجراها تي دبليو ريتشاردز بجامعة هارفرد، الذي تولَّى قياسَ الوزن الذري لاثنين من نظائر نفس العنصر، وقد اختار هو أيضًا الرصاص؛ إذ إن هذا العنصر يُنتِجه عددٌ من سلاسل التحلُّل المشع، ولا يثير الدهشة أن ذرات الرصاص المتكوِّنة من هذه المسارات البديلة، التي تضم عناصرَ وسيطةً مختلفة تمامًا، نتج عنها تكوُّنُ ذراتِ رصاصٍ تختلف بقيمة كبيرة نسبيًّا مقدارها 0٫75 من وحدة الوزن الذري، وقد تَمكَّنَ علماء آخرون فيما بعدُ من زيادة هذه النتيجة إلى 0٫85 عن الوحدة.
وأخيرًا، أتاح اكتشافُ النظائر المزيدَ من الحل لمشكلةِ وجودِ أزواجِ العناصر المنعكسة، كما في حالتَي التيلوريوم واليود اللتين ابتُلِي بهما مندليف. إن التيلوريوم وزنه الذري أعلى من اليود، على الرغم من أنه يسبقه في الجدول الدوري؛ لأن متوسط أوزان جميع نظائر التيلوريوم قيمته واقعيًّا أعلى من متوسط أوزان نظائر اليود؛ ومن ثَمَّ يُنظَر إلى الوزن الذري باعتباره شيئًا أو كمًّا اشتراطيًّا ثانويًّا يعتمِد على مقدار وفرة جميع نظائر عنصرٍ من العناصر. وأما الكمُّ الأكثر أساسيةً، فيما يتعلَّق بالجدول الدوري، فهو العدد الذري الذي أوصى به كلٌّ من فان دن بروك وموزلي، أو بتحديدٍ أكثر — كما أدرك العلماء فيما بعدُ — هو عدد البروتونات في نواة الذرة. ويُعرَف نوع العنصر بعدده الذري وليس بوزنه الذري؛ إذ إن هذا الأخير يختلف تبعًا للعينة المحدَّدة التي عُزِل منها العنصر.
وفي حين أن الوزن الذري للتيلوريوم في المتوسط أعلى ممَّا لليود، فإن عدده الذري أقل بمقدار وحدة واحدة، فإذا استخدمنا العددَ الذري بدلًا من الوزن الذري كمبدأ ترتيبي للعناصر، يندرج كلٌّ من التيلوريوم واليود ضمن مجموعتيهما المناسبتين من حيث السلوك الكيميائي. نخلص من هذا إلى أن العلماء لجئوا إلى الانعكاسات الزوجية لبعض العناصر، فقط لأنهم استخدموا مبدأً ترتيبيًّا غير سليم في جميع الجداول الدورية التي أُعِدت في مرحلةِ ما قبل بدايات القرن العشرين.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|