أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016
2601
التاريخ: 25/12/2022
2125
التاريخ: 29-9-2016
2086
التاريخ: 6-4-2022
2147
|
من أعظم أنواعها [أي: الرذائل] الخوف من غير الله سبحانه، سواء كان غير مقدور له مع كونه لازم الوقوع أو ممكن العدم، أو كان مقدوراً له ناشئاً من سوء اختياره أو ما يتوحّش منه الطبيعة بلا داعٍ ظاهر كالجنّ والميّت وأشباههما سيّما مع الوحدة والظلمة، فإنّ الخوف من ذلك كلّه خطأ محض يقبح عند العقل لعدم فائدة في الاولى سوى تعجيل عقوبة مانعة عن تدبير مصالحه، وكذا الثانية مضافاً إلى احتمال عدمه فلعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً، فهو أجدر بعدمه، وكون رفعه بيده في الثالثة وإن كان بعد الفعل، وظنّه حين الفعل بعدم ترتّب أثر السوء عليه ناشئ من حكمه بالامتناع المتفرّع على جهله، كما أنّ ظنّه في الثانية ناشئ من حكمه بالوقوع، ولو حكم في كلّ منهما بما يقتضيه ذات الفعل أمن منهما، وكونه في الرابعة من غلبة الواهمة المورثة للجبن، فلا بدّ من تحريك الغضبيّة وتهييجها حتّى تغلب عليها العاقلة، أو الالزام على نفسه تدريجاً بما يزيلها عنه. قال الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ..} [آل عمران: 175].
ثم ممّا يعمّ أغلب أفراد النوع الانساني منه خوف الموت، ولعلّه من قبيل الاولى والباعث الكلّي له أنّ للنفس ارتباطاً خاصّاً واتّحاداً معنويّاً بالبدن، كما تقدّم، والطبيعة مجبولة على التألّم من المفارقة بعد حصول الانس والألفة.. ولذا ترى حرص الشيوخ والعجائز بالحياة وشوقهم إلى البقاء أكثر من الأحداث، وكذا إلى المقتنيات الحسّية لطول الانس والعلاقة بها، كما أنّها مجبولة على التناكر والوحشة مع مشاهدة أمر غريب غير معهود لم تأنس به أصلاً.
ولذا إنّ الحسن بن علي (عليهما السلام) لمّا سئل عن سبب قلقه عند وفاته اعتذر بهول المطّلع وفراق الأحبّة (1) وأيّ محبّة أشدّ وأقوى من الاتّحاد والارتباط الحاصلين للنفس والبدن في مدّة مديدة من الزمان.
ولعمري إنّ إزالته من أصعب ما يمكن أن يكون ولا يتيسّر الا لمن وفّقه الله تعالى للتجرّد التامّ والفناء المحض والاستغراق في حبّ الله وأنسه بحيث يرى بدنه حجاجاً شاغلاً له عن الوصول إلى مطلوبه ومعشوقه ومحبوبه.. ولا يتمكّن منه الا بتحصيل ثالث المراتب المتقدّمة من اليقين، ولا أقلّ من ثانيهما، إذ بعدما حصل له أحد اليقينين بما له بعد مفارقة روحه من التمامية والكمالات الفعلية والخروج عن الظلمات الطبيعية ومفارقة النفوس السبعيّة والبهيميّة والشياطين الانسيّة والجنيّة واتّصاله بالمبادئ العالية ووصوله إلى الحضرة القدسية المتعالية كان دائماً طالباً للممات متعطّشاً شائقاً كالمستسقي للنوع السرمدي الحقيقي من الحياة.. [قال] (صلى الله عليه وآله): «الدنيا سجن المؤمن» (2).
وقد عرفت أنّ هذه المرتبة لا تحصل الا بعد رياضات شاقّة ومجاهدات صعبة، وقطع العلائق والشهوات بالمرّة، وهجر الرسوم والعادات بالكلّية.
ثم إنّ سائر التصوّرات الباعثة للخوف المزبور يرجع حاصلها إلى نقص في التعقّل وجهل بالموت وما بعده، وحزن على فوت الحطام الذي عنده، وهذه سهلة الزوال بتحصيل فضائل العاقلة من العلم والفكر واليقين، وسلب العلاقة بالزخارف الفانية بمشاهده أمثاله والاعتبار ببني نوعه من عدم وفاء الدنيا بهم، فيتفكّر في أنّ توقع البقاء الأبدي له مستحيل لكون من الكائنات اللازم فسادها، كما تقرّر في محلّه.
وأنّ ما يفعله الباري تعالى هو النظام الأصلح الأكمل الذي لا يعتريه شائبة قصور وخلل، وأنّ خوفه منه إن كان لأجل حرمانه عن اقتناء الشهوات الحسّية فلا ريب في أنّه بعد كبر سنّه تنحل بنيته وتضعف قواه وتزول صحّته التي كان بها يلتذّ منها، ولا يخلو حينئذٍ عن ألم حادث ومرض جديد دائماً، وعن مفارقة صديق وموت قريب أو رفيق، والابتلاء بمصيبة أو بليّة فطالب العمر الطويل يطلب في الحقيقة هذه الآلام.
وإن كان من مرض جسمانيّ لعلّه يعتريه بالموت فهو جهل منه، إذ لا ألم جسمانيّ بعد انقطاع علاقة النفس عن البدن، بل ينقطع مواده بانقطاعها.
وكذا إن كان من تصوّر فنائه بالمرّة؛ لأنّ النفس لا تفنى بفناء البدن كما ذكرناه في صدر الكتاب، بل تنقطع علاقتها به.
وكذا إن كان من تصوّر نقص يعتريه بسببه لما عرفت من أنّه سبب لحصول الكمال التام له وخلوصه عن تغيّرات الزمان والمكان والارتقاء إلى عالم الحقيقة والوصول إلى السعادة الحقيقيّة.
وكذا إن كان من خوف فقر العيال والأولاد وفاقتهم وتعبهم وحاجتهم وسرور أعدائهم بذلك وشماتتهم فإنّه ناشئ من توهّم كونه سبباً لاستكمال الغير وهو ناشئ من نقصان عقله؛ لأنّه تعالى هو الرزّاق ذو القوّة المتين، وهو الخالق للعباد الرؤوف بهم المتكفّل لحوائجهم والمتمّم لنقائصهم، وفيضه الأقدس لا بدّ أن يصل إلى كل أحد بقدر استعداده، وليس لأحد أن يغيّره عن الحدّ اللائق له، فربّما يصل أيتام المساكين إلى أعلى المراتب الدنيوية، ولا يصل إلى أدناها أولاد السلاطين مع حشمتهم وغناهم، فلو فوّضوا أمورهم إلى من خلقهم وربّاهم.. كان حسبهم ذلك الكفيل، فإنّه نعم المولى ونعم الوكيل. وبالجملة فهذا الخوف من نتائج الجبن وضعف النفس، وعلاجه بما ذكرناه هنا مع ما ذكرناه في دفع الجبن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي: 1 / 461، كتاب الحجة، باب مولد الحسن بن علي (عليهما السلام)، ح 1.
(2) الجامع الصغير: 2 / 17.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|