أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-2-2022
1676
التاريخ: 28-8-2020
2907
التاريخ: 19-6-2022
1745
التاريخ: 24-10-2019
1773
|
كما أنّ المزاج المعتدل يجب حفظ اعتداله باستعمال ما يلائمه من الأغذية المعتدلة، والاحتراز عمّا ينافيه، فكذا ينبغي لصاحب الأخلاق المعتدلة حفظ اعتدالها باستعمال ملائماتها ومقتضياتها والتجنّب التامّ عن منافياتها، فإنّ الخير والشرّ متعاندان، ولكلّ منهما جنود وأعوان، فمن وفّق لتحصيل الأوّل فعمدة ما يوجب حفظه تقويته بما يلائمه ويقتضي بقاءه، والاحتراز عمّا يوجب زواله وفناءه بالمواظبة على مصاحبة من يماثله في اقتناء فضائل العلم والعمل، أو من هو أعلى منه في ذلك وأكمل، والتأسّي به في أخلاقه وآرائه والاقتداء به في سلوكه مع خالقه وشركائه، والاجتناب عن مجالسة من يصرف عمره في اقتناء الشهوات الحسيّة ونيل اللذّات البهيميّة من أولي النفوس الخسيسة وذوي الأخلاق الخبيثة والاحتراز عن مخالطتهم ومجالستهم ومودّتهم ومصادقتهم واستماع محاوراتهم ومشاهدة سكناتهم وحركاتهم، فإنّ سهام مكائد الشياطين الإنسيّة وصنوف حيلهم ومخائلهم في تحسين القبائح المحاسن أسرع وأنفذ في النفس من سائر آلات الشرّ، وتسلّطهم على قهر العاقلة أقوى من تسلّط الشياطين الاخر.. عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقارن يقتدي
مع أنّ الصحبة مؤثّرة بذاتها، وكلّ شيء يميل إلى ما يلائمه ويشتاق إلى ما يجانسه.
وقد عرفت أنّ أعوان الشر أكثر، ودواعيه أوفر، وجنوده أغلب، وكسر صولته ودفع شوكته أصعب، مع أنّ الطبيعة به أوفق فهو بصرف الهمّة نحو قمع بنيانه وإزالة سلطانه ولو بمعين خارجي أليق، ولا كذلك الخير؛ لقلّة جنوده وأعوانه وصعوبة مسلكه ومخالفته لمقتضى الطبيعة، فهو بالتقوية والاستمداد بممدّ خارجي أحرى وأحقّ، ولذا حُفّت الجنّة بالمكاره والنار بالشهوات.
ثم إنّ إبقاء أحد الضدّين كما يمكن بتقويته والسعي في الاتيان بملائماته والاحتراز عن مناقضاته، فكذا يمكن بالسعي في إفناء ضدّه وكسر صولته وإزالة شوكته بالرياضة والمجاهدة، فإنّه كما يوجب تقوّي أحد المتعاندين ضعف الآخر، فكذا السعي في قلع الآخر وقمعه يوجب تقوّيه المستلزم لبقائه بلا مزاحم يعوقه عن عمله وتدبيره المفوّض إليه، وهو إنّما يتحقّق بإعمال القوى والآلات في آثار فضائل الملكات من شرائف الأعمال ومحاسن الأفعال وعدم إهمالها حتّى تستريح وتكسل فيما هو مفوّض إليها من الأشغال.
ومبالغة القوم في سلوك هذا الطريق أكثر واهتمامهم فيه أشدّ وأوفر، فإنّ إهمال القوّة النظريّة عن النظر في الحقائق العلميّة يؤدي إلى البله والبلادة وانقطاع موادّ عالم القدس عنه، وتعطيل القوّة العملية عن الأعمال الفاضلة يوجب ألف النفس بالكسل والبطالة وانسلاخه عن الصورة الانسانيّة والرجوع إلى المرتبة البهيميّة، وهو الانتكاس الحقيقي، وإعمالهما يوجب تصقيلاً لمرآة قلبه على سبيل الاستمرار، فيترقّى يوماً فيوماً بقبولها للصور العالية وتمكّنها من تحصيل المجهولات النظريّة وتذكار معلوماتها الفعليّة على سبيل القدرة والاختيار، ويبعد عن آفة النسيان ويتشرّف بشرف المشاهدة والعيان.
ومن كثرة الأعمال الصالحة الموجبة لاستحكام الملكات الفاضلة وشدّة ارتباطه ولعلاقته بها يبعد عن آفة النقص والزوال والتبدّل بما يضادّه من الأعمال، لكن يجب أن تكون أعماله المذكورة طرّاً منوطة بالفكر والنظر الدقيق، ملحوظة بعين التحقيق حتّى لا يغفل عمّا هو بصدده من ارتكاب الفضائل واجتناب الرذائل، فلو غفل وصدر عنها ما يخالفه أدّبها بارتكاب ضدّه بعد لومه وتوبيخه، فلو أكل ما يضرّه أدّب نفسه بالصوم، أو غضب في غير محله أدّبها بإيقاعها في مثله مع الصبر، أو ارتكاب ما يشقّ عليها من الصدقة والنذر، أو عرّضها لإهانة السفهاء كسراً لجاهها، ولا بدّ له من الاحتراز عمّا يهيّج الغضب والشهوة رؤية وسماعاً وتخيلّاً، ولو حرّكتهما الطّبيعة اكتفى في تسكينهما يقدر الضرورة أو الرخصة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|