أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2020
1529
التاريخ: 2023-11-10
1312
التاريخ: 2023-09-12
701
التاريخ: 24-12-2015
3921
|
في حصار الطائف (1):
بعد أن فرغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من فتح مكة واستقامت له الأمور فيها، قام بإرسال السرايا نحو القبائل المجاورة لمكة لتطهير المنطقة من عبادة الأوثان ونشر راية التوحيد، وكانت الظروف مهيأةً له بالنسبة لذلك.
وفي ذات يوم بلغه أنّ «هوازن» وأحلافها من «ثقيف» و«جشم» و«نصر» قد ساءهم انتصاره بمكة وقدّرُوا أنّ الدائرة ستدور عليهم، وأنّ المسلمين سيقتحمون عليهم بلادهم، فاجتمعوا فيما بينهم وقرروا القيام بمبادرة عسكرية لصد الهجوم المرتقب من النبي وأصحابه، فبلغ عددهم مجتمعين نحو ثلاثين ألف مقاتل أو أكثر، ونزلوا بسهل «أوطاس» المعروف «بحنين» بقيادة مالك بن عوف.
وتجهّز النبي صلى الله عليه وآله وسلم لملاقاتهم ومعه نحو عشرة آلاف مقاتل، وبدأت الحرب بين الفريقين ونظراً لتفوّق المشركين عددياً، ووجود بعض المنافقين والمتخاذلين ومن أسلموا رهبةً في صفوف المسلمين، فقد رجحت كفّةُ المشركين عسكرياً وحلّت الهزيمة في صفوف المسلمين ولولا ثبات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخروجه إلى المعركة بنفسه وثبات بعض أصحابه معه وتذكير المسلمين ببيعتهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة وحثّهم على مواصلة الكفاح لولا هذا لكانت هزيمتهم محتّمةً والفشل حليفهم، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، فقد انتهت المعركة بنصر المسلمين، وفي ذلك نزلت الآية الكريمة: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا..}.
وقد ظفر المسلمون في هذه الحرب بغنائم كثيرة بلغت إثنين وعشرين ألفاً من الإبل وأربعين ألفاً من الشياه، وأربعة آلاف أوقية من الفضة، وكان عدد الأسرى ستة آلاف أسير، أمّا قائد المشركين مالك بن عوف فقد فَرّ في عدد من ثقيف إلى الطائف، وكانت الطائف مدينةً محصّنةً لها أبواب، وكان أهلها ذَوو خبرةٍ في الحرب وثروات طائلة مكّنتهم أن يجعلوا حصونهم من أمنع الحصون، فجمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الغنائم والأسرى وجعل على حراستها بُديل بن ورقاء وجماعة من المسلمين، وأمر مناديه بالرواح إلى الطائف لمحاصرتها طمعاً في أن يسلم أهلها، فسار المسلمون نحوها ونزلوا في مكانٍ قريب منها، ولمّا أشرف عليهم أهل الطائف هالتهم كثرتهم، فأمطروهم بوابل من النبل وأصابوا عدداً من المسلمين ممّا حدا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمرهم بالانتقال إلى مكان آخر .
أقام المسلمون في ذلك المكان أيّاماً ينتظرون مواجهة ثقيف لهم، لكنّ ثقيف لم تكن بحالةٍ من الاستعداد تمكّنهم من المواجهة بعد هزيمتهم في حنين، فآثرت الانتظار على المواجهة والمكوث داخل الحصن، سيّما وأنّ الحصن منيعٌ والمؤن متوفّرة، وليس لدى المسلمين السلاح الذي يمكّنهم من اقتحام الحصن.
وطال الانتظار بالمسلمين وهنا أشار سلمان الفارسي (رض) باستعمال المنجنيق قائلاً: يا رسول الله، أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم، فإنّا كنّا بأرض فارس ننصب المنجنيقات على الحصون وتُنصَبُ علينا. فنصيب من عدونا ويصيب منا بالمنجنيق، وإن لم يكن المنجنيق طال الثواء (2).
فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعمل منجنيقاً بيده، فنصبه على حصن الطائف وقذفوا به الصخور إلى ما وراء الحصن فلم تعمل فيه، ثم استعملوا نوعاً آخر من الأسلحة كان لبعض القبائل المقيمة بأسفل مكة علم بها وهو الدبابة وهي آلة من جلود البقر يدخلون في جوفها تقيهم النبال والسيوف، ثم يندفعون بها إلى الحصون، ومنها ينفذون إلى ما وراءها، ولكن رجال الطائف كانوا من المهارة بمكان، حيث أرسلوا عليهم سِكَكَ الحديد المحمّاة فلاذوا بالفرار ولم يطل انتظار المسلمين كثيراً فقد أشار النبي عليهم بقطع كرومهم وأشجارهم، وحين ناشدوه الله والرحم كفَّ عن ذلك، ثم أمر مناديه أن ينادي: أيّما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حرٌّ، فنزل إليه نفرٌ منهم، منم أبو بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة فأخبر النبي أنّهم يملكون من المؤن والذخائر ما يكفيهم زمناً طويلاً، فاستدعى رسول الله نوفل بن معاوية الدؤلي واستشاره في أمرهم، فقال نوفل: يا رسول الله، إنّ ثقيفاً كثعلب في جحر، فإن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرَّك .وكان قد مضى على النبي نحواً من خمسة عشر يوماً أو تزيد وقد أصبحوا على أبواب شهر ( ذي القعدة ) وهو من الأشهر الحُرُمْ وقد حرَّمَ الإسلام فيه القتال، فآثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يرجع عنهم ليعود إليهم بعد انقضاء الأشهر الحرم فيما لو أصرّوا على موقفهم المعادي للإسلام لكنّهم عادوا إلى صوابهم وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفداً يعرضون عليه إسلامهم ثم أسلموا. قال أبو عمر: وقد روي أنّ سلمان شهد بدراً وأحُداً وهو عبدٌ يومئذٍ، والأكثر أنّ أول مشاهده الخندق، ولم يفته بعد ذلك مشهد (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الكامل 2 / 266 ـ 267 وسيرة المصطفى 621 بتصرّف.
(2) المغازي للواقدي / 927 والثواء: الإقامة.
(3) شرح النهج 18 / 35.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|