أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-3-2016
3271
التاريخ: 2-5-2016
3099
التاريخ: 29-01-2015
3185
التاريخ: 23-2-2019
2810
|
علي وليد الكعبة
قال الحاكم النيسابوري : " تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة "[1].
وروى الحافظ ابن المغازلي بإسناده عن موسى بن جعفر عن أبيه ، عن محمّد ابن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السّلام قال : " كنت جالساً مع أبي - ونحن زائرون قبر جدّنا وهناك نسوان كثيرة - إذ أقبلت امرأة منهنّ فقلت لها : من أنت يرحمك الله ؟ قالت : أنا زيدة بنت قريبة بنت العجلان من بني ساعدة - فقلت لها : فهل عندك شيء تحدّثينا ؟ فقالت : أي والله ، حدثتني أمّي أم عمارة بنت عبادة ابن نضلة بن مالك بن العجلان الساعدي ، أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب ، إذ أقبل أبو طالب كئيباً حزيناً ، فقلت له : ما شأنك يا أبا طالب ؟ قال : إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة المخاض ، ثمّ وضع يديه على وجهه ، فبينا هو كذلك إذ أقبل محمّد صلّى الله عليه وآله فقال له : ما شأنك يا عمّ ؟ فقال : إن فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض ، فأخذ بيده وجاء وهي معه ، فجاء بها إلى الكعبة فأجلسها في الكعبة ثم قال : اجلسي على اسم الله ، قال : فطلقت طلقة ، فولدت غلاماً مسروراً نظيفاً منظفاً لم أر كحسن وجهه ، فسمّاه أبو طالب عليّاً ، وحمله النبي حتى أدّاه إلى منزلها . قال علي بن الحسين : فوالله ما سمعت بشيء قط إلا وهذا أحسن منه "[2].
وقال الفقيه ابن الصباغ المالكي المكي : " ولد علي عليه السّلام بمكة المشرفة بداخل البيت الحرام . . . ولم يولد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالا له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته "[3].
وروى الكنجي الشافعي بإسناده عن جابر بن عبد الله قال : " سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ميلاد علي بن أبي طالب ، فقال : لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه السلام ، إن الله تبارك وتعالى خلق علياً من نوري وخلقني من نوره ، وكلانا من نور واحد ، ثم إن الله عزّوجلّ نقلنا من صلب آدم في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكيّة ، فما نقلت من صلب إلاّ ونقل علي معي ، فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم وهي آمنة ، واستودع علياً خير رحم وهي فاطمة بنت أسد ، وكان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم بن دعيب بن الشقبان ، قد عبد الله تعالى مأتين وسبعين سنة ، لم يسأل الله حاجة ، فبعث الله إليه أبا طالب ، فلمّا أبصره المبرم قام إليه وقبّل رأسه وأجلسه بين يديه ثم قال له : من أنت ؟ فقال : رجل من تهامة ، فقال : من أيّ تهامة ؟ فقال : من بني هاشم ، فوثب العابد فقبّل رأسه ثانية ، ثم قال : يا هذا إن العلي الأعلى ألهمني إلهاماً ، قال أبو طالب : وما هو ؟ قال : ولد يولد من ظهرك وهو ولي الله عزّوجّل ، فلما كان الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض فخرج أبو طالب وهو يقول : أيها الناس ، ولد في الكعبة ولي الله عزّوجلّ ، فلما أصبح دخل الكعبة وهو يقول :
يا رب هذا الغسق الدجيّ * والقمر المنبلج المضيّ
بيّن لنا من أمرك الخفيّ * ماذا ترى في اسم ذا الصبيّ
قال : فسمع صوت هاتف يقول :
يا أهل بيت المصطفى النبيّ * خصّصتم بالولد الزكي
إنّ اسمه من شامخ علي * علي اشتقّ من العليّ "[4]
وقال الحافظ الزرندي الحنفي : " روي أنه لما ضربها المخاض ، أدخلها أبو طالب الكعبة بعد العشاء ، فولدت فيها علي بن أبي طالب رضي الله عنه "[5].
وقال محمّد بن طلحة الشافعي : " ولد علي في ليلة الأحد ، الثالثة عشر من شهر رجب سنة تسعمائة وعشر ، من التاريخ الفارسي المضاف إلى الإسكندر ، وكان ملك الفرس يومئذ مستمراً ، وكان ملكهم أبرويز بن هَرمن ، وقيل بالكعبة البيت الحرام ، وكان مولده بعد أن تزوّج رسول الله صلّى الله عليه وآله بخديجة بثلاث سنين ، وكان عمر رسول الله يوم ولادته ثمان وعشرين سنة "[6].
وقال محمّد حبيب الله الشنقيطي : " ومن مناقبه كرّم الله وجهه أنه ولد في داخل الكعبة ، ولم يعرف ذلك لأحد غيره "[7].
وقال الحلبي : " وفي خصائص العشرة للزمخشري به : إنّ النبي صلّى الله عليه وآله تولّى تسميته بعليّ وتغذيته أياماً من ريقه المبارك بمصّه لسانه .
فعن فاطمة بنت أسد أُم علي رضي الله تعالى عنها قالت : لمّا ولدته سمّاه علياً وبصق في فيه ، ثم إنه ألقمه لسانه ، فما زال يمصّه حتى نام . قالت : فلما كان من الغد ، طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد ، فدعونا له محمّداً فألقمه لسانه فنام ، فكان كذلك ما شاء الله عزّوجلّ عليه السّلام " .
وقال الحضرمي : " ولد يوم الجمعة ثالث عشر رجب الفرد الحرام سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، وقيل بخمس وعشرين ، وكانت ولادته بالكعبة المشرفة ، وهو أول من ولد بها بل لم يعلم أن غيره ولد بها "[8].
وقال البدخشي : " وكان ولادة أمير المؤمنين - كرّم الله وجهه - يوم الجمعة ، الثالث عشر من رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، بمكّة في البيت الحرام ، وسمّته أُمه حيدرة ، وسمّاه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً فرضي أبواه بذلك ، ولم يولد في البيت الحرام أحد سواه قبله ولا بعده ، وهي فضيلة خصّه الله بها[9].
قال العلامة الشيخ محمّد علي الغروي الأردوبادي : " إن المنقب في التاريخ والحديث جد عليم ، بأن هذه الفضيلة من الحقائق التي تطابق على إثباتها الرواة وتطامنت النفوس - على اختلاف نزعاتها - على الإخبات بها ، حيث لا يجد الباحث قط غميزة في إسنادها ، ولا طعناً في أصلها ، ولا منتدحاً للكلام على اعتبارها ، وتظافر النقل لها ، وتواتر الأسانيد إليها ، وإن وجد حولها صخباً من شذاذ من الناس وطئه بأخمص حجاه وأهواه إلى هوّة البطلان السحيقة . . . قال شهاب الدين أبو الثناء السيد محمود الآلوسي المفسر ، في شرح عينية عبد الباقي أفندي العمري عند قول الناظم :
أنت العليّ الذي فوق العلى رفعا * ببطن مكّة عند البيت إذ وضعا
وفي كون الأمير كرم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا ، وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة . . . إلى قوله : ولم يشتهر وضع غيره كرم الله وجهه كما اشتهر وضعه ، بل لم تتفق الكلمة عليه ، وأحرى بإمام الأئمة أن يكون وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين ، وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين . . .
وإن اشتهار الحديث في الدنيا وتداوله في كتب الفريقين ، لا يعدوه أن يكون متواتراً على الأقل ، وهو لا يريد الشهرة والتداول في جيله فحسب ، فهو لا يجديه في تبجحه بتلك المأثرة الكريمة بقوله : وما أحرى . . . وقوله : وسبحان . . . وجزمه بذلك لو كانت الشهرة منقطعاً أولها ، فلا محالة أنه يريد ذلك في كلّ جيل ، وهو الذي لا يبارحه التواتر على الأقل "[10].
وقال السيد حيدر الآملي : " واحتجّ آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وجماعة من الأصحاب ، الذين ثبتوا على دين رسول الله وعلى عهده في ولاية علي عليه السلام بعدة من الفضائل ، جعلوها سنداً لهم عند المفاضلة " .
ثم قال عند حديثه عن ولادة علي : " وإنه ولد في الكعبة بالحرم الشريف ، فكان شرف مكة وأصل بكة وبناء عكة ، لامتيازه بولادته في ذلك المقام المنيف ، فلم يسبقه أحد ولا يلحقه أحد بهذه الكرامة ، ولا بلغ أحدٌ ما بلغ من السيادة والنباهة عامة ، وهو بالأصالة صاحب الإمامة الإبراهيمية ، وإن من شيعته لإبراهيم "[11].
وقال عبد المسيح الأنطاكي بهذا الصدد :
في رحبة الكعبة الزهراء قد انبثقت * أنوار طفل وضاءت في مغانيها
واستبشر الناس في زاهي ولادته * قالوا : السعود له لا بدّ لاقيها
قالوا : ابن من فأجيبوا : إنّه ولد * من نسل هاشم من أسمى ذراريها
هنّوا أبا طالب الجواد والده * والأم فاطمة هيّوا نهنّيها
إن الرضيع الذي شام الضيّاء * ببيت الله عزتّه لا عزّ يحكيها
أمّا الوليد فلاقى الأرض مبتسماً * فما رغا رهباً ما كان خاشيها
إلى النساء التي حوليه قد نظرت * عيناه نظرة مستجل خوافيها
وهنّ أعجبن بالمولود شمن به * شبلا ببنيته سبحان بانيها
وقلن : فاطم قد جاءت بحيدرة * يذبّ عن قومه العدوي ويحميها
فراق فاطمة والطفل بين يديها * قولة سمعتها من جواريها
واستبشرت ثم قالت : والدي أسد * فباسمه صرت اسميه بخافيها
ثمّ أبو طالب وافى حليلته * وطفلها وانثنى صفواً يحاليها
وهمّ بالطفل يستجلي ملامحه الزّهر * فألفى المعالي كونت فيها
وقالت الأمّ : يا بشرى بحيدرة * بشرى أبا طالب وافيت أسديها
أجابها : بل علّي إنني لأراه * بالغاً ذروة العليا وراقيها
الله أكبر من تلك الفراسة * بالمولود والوالد المفضال رائيها
قد حققتها الليالي بالوليد فأمسى * بين أهل العلى والمجد عاليها
وعام مولده العام الذي بدأت * بشائر الوحي تأتي من أعاليها
فيه الحجارة والأشجار قد هتفت * للمصطفى وهو رائيها وصاغيها
وإذ درى المصطفى فيه ولادة * مولانا العلي غدا بالبشر يطريها
وبات مستبشراً بالطفل قال به * لنا من النّعم الزهراء ضافيها[12]
أقول : صرّح كثير من علماء السنة بولادة علي بن أبي طالب في الكعبة المعظمة[13] وإن شئت فقارن بين مريم سلام الله عليها حيث أمرت بالخروج من البيت المقدس عند ولادتها عيسى عليه السّلام وبين فاطمة بنت أسد ، حيث أذن لها بدخول الكعبة الشريفة عند ولادتها علياً سلام الله عليها .
وهذا أيضاً من جملة فضائل أمير المؤمنين ومناقبه الموجبة لتقديمه على غيره من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والدالة على قبح تقدم غيره عليه ، فيكون هو الإمام والخليفة الحق من بعده مباشرةً .
عليٌ بمنزلة الكعبة
روى ابن المغازلي بإسناده عن أبي ذر قال : " قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : مثل علي فيكم - أو قال : في هذه الأمة - كمثل الكعبة المستورة - أو المشهورة - النظر إليها عبادة والحج إليها فريضة "[14].
وروى ابن الأثير بإسناده عن علي ، قال : " قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي ، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلّموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم ، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتى يأتوك "[15].
وعن الحكيم الترمذي أنه قال بعد رواية ذلك : " فاتضح منه أن ذلك - يعني جلوسه في بيته - كان منه بإشارة من النبي صلّى الله عليه وآله لا لخوف ولا لعجز "[16].
أي : إنه إذا أعرض الناس عنه ولم يأتمروا بأمره كانوا هم المقصرين ولا تقصير منه ، كما لو أعرض الناس عن الكعبة ولم يقصدوها بل استدبروها ، فذلك لا يضرها ولا ينزّل من قدرها ، والله المستعان .
[1] المستدرك على الصحيحين ، ج 3 ، ص 483 .
[2] المناقب ، ص 7 الحديث 3 .
[3] الفصول المهمّة : 30 .
[4] كفاية الطالب : 406 .
[5] نظم درر السمطين ، ص 80 .
[6] مطالب السّئول في مناقب آل الرّسول ص 27 مخطوط .
[7] كفاية الطالب ص 37 .
[8] وسيلة المال في عد مناقب الآل ، ص 282 مخطوط .
[9] مفتاح النّجاء ص 34 .
[10] عليّ وليد الكعبة ص 1 - 3 .
[11] الكشكول فيما جرى على آل الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ص 84 وص 217 .
[12] القصيدة العلويّة المباركة ، ص 61 .
[13] وإن شئت التفصيل فراجع ( علي وليد الكعبة ) تأليف العلاّمة الشيّخ محمّد علي الغروي الأوردوبادي قدّس سرّه .
[14] المناقب ، ص 107 وروى ذلك ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ، ج 2 ، ص 407 رقم 905 مع فرق يسير .
[15] أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج 4 ، ص 31 .
[16] غاية المرام ، الباب الثّالث والستّون ، الحديث الثّاني عشر من طريق العامّة ص 570 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|