عاقبة منافقي عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)

-«رجل منافق مظهر للإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)وآه، وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله»(1).

إشارة: في صدر الإسلام كان جمع يعتد به من المسلمين منافقين، حتى أنه في معركة أحد كان عدد المنافقين يربو على الثلاثمائة (ما يعادل ثلث جيش المسلمين) وقد قفلوا عند منتصف الطريق راجعين، وكانوا يثبطون المجاهدين المتوجهين إلى جبهات القتال عن الحضور في ميدان المعركة. هؤلاء لم يألوا أي جهد في إيجاد العراقيل في طريق النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)والمسلمين. حتى إنهم اتهموا أسرة النبي بأفظع التهم، ألا وهي تهمة الفحشاء (قصة الإفك)؛ لكن بعد رحيل النبي الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم)، وعندما أصبح أمير المؤمنين ع جليس الدار، هدأت الأوضاع فجأة، في حين انه لا كل هؤلاء المنافقين قد ماتوا، ولا انهم جميعا تحولوا إلى التوبة والتقوى. والسر في ذلك يعود إلى أن هؤلاء قد اصطلحوا مع حكام ذلك الزمان، فنالوا ما تصبو إليه قلوبهم.

يقول أميز المؤمنين عليه السلام في هذه الخطبة في حق هؤلاء: «ثم بقوا بعده [بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)] فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله»(2).

وسيتضح تيار النفاق بشكل متفرق في غضون السور والآيات الآتية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1.نهج البلاغة، الخطبة 20.

2. من أحب التفصيل في هذا الموضوع فليرجع إلى كتاب «الحماسة والعرفان"، للمؤلف، ص294-298.