المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الخوف وسوء التربية  
  
1136   09:32 صباحاً   التاريخ: 2023-08-20
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص179ــ182
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-9-2019 2491
التاريخ: 2023-03-16 1015
التاريخ: 16-5-2022 1661
التاريخ: 2024-05-20 783

يرجع سبب بعض المخاوف التي يعاني منها الشباب إلى الصفات المكتسبة الناجمة عن سوء التربية لهم خلال مرحلة الطفولة. فقسوة الآباء والأمهات غير المبررة على أبنائهم وكذلك حنانهم المفرط عليهم وغير ذلك من ظروف سيئة تحيط بالأسرة، لها أثرها السيء في نفسية الطفل ، ويتحول هذا الأثر خلال مرحلة الشباب إلى صفات مذمومة منها الخوف من المعاشرة الاجتماعية والفشل في محاولة التكيف مع المحيط .

«ثمة حقيقة تتوضح معالمها أكثر يوماً بعد يوم ، وهي أن الاحساسات والحوادث والتجارب التي يمر بها الإنسان خلال طفولته لها أثرها البالغ في حياته المستقبلية وشخصيته. ويمكن الجزم بأن هذه الاحساسات والحوادث والتجارب تعتبر أساس سلامة الإنسان أو سقمه وسعادته أو شقائه طوال حياته».

«فالطفل يصنع خلال السنوات الأولى من عمره أساس حياته ، وهذا الأساس يكتمل بمجرد أن يقوى الطفل على ترك مهده تماماً كالغرسة الجديدة عندما تشتل في الأرض ، فهي تنمو حسبما شتلت مستقيمة كانت أم منحرفة. إنه قانون طبيعي لا تستثنى منه حتى حياة الإنسان»(1).

وهنا نورد بعض الامثلة التي تبين بوضوح ان جانباً من مخاوف الشباب إزاء التكيف الاجتماعي ومسالة إثبات الشخصية مرده سوء التربية التي تلقاها هؤلاء الشباب خلال طفولتهم.

التربية على أساس الخوف والرجاء:

إن التربية الصحيحة والمثمرة هي تلك التي تقوم على أساس الخوف والرجاء. بمعنى أن يشعر الإنسان الذي يخضع لتربية صالحة بأنه يستحق المكافأة إذا ما أدى واجبه بنحو حسن، ويستحق العقاب إذا ما تخلف عن أداء الواجب. فالأمل بالمكافأة يدفع الإنسان إلى تأدية واجباته ويزيد من سعيه ونشاطه، والخوف من العقاب يمنعه من التخلف والتمرد .

وعلى هذا الأساس قام المنهاج التربوي للإسلام ، وعلى كل مسلم يشعر بالمسؤولية ان يضع نفسه بين الخوف والرجاء ، بمعنى ان لا يقنط دائماً من الرحمة الإلهية ولا يتصور نفسه مصاناً من العذاب الإلهي.

قال ابو عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) : كان أبي يقول إنه ليس من عبد مؤمن إلآ وفي قلبه نوران نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزذ على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا(2) .

الموازنة بين الخوف والرجاء :

يترك انعدام الموازنة بين الخوف والرجاء آثاراً سلبية على الإنسان ، حيث يشكل عائقاً امام سلوكه المسلك الصحيح في أداء مسؤولياته العلمية والعملية.

فإذا زاد الخوف عن الرجاء عاش الإنسان يائساً قانطاً ، أما إذا زاد الرجاء عن الخوف فإن الإنسان يصاب بالغرور واللامبالاة .

وهنا لا بد من السؤال هل يتوجب على المربين الاجتماعيين مراعاة الاعتماد على هذين العاملين بنحو متساو في تنفيذ مناهجهم التربوية والتعليمية، أم انهم يستطيعون الاعتماد على احدهما أكثر من الآخر ؟ .

التنويه من عوامل التقدم:

لقد توصل علماء التربية والتعليم بعد اختبارات وتحاليل نفسية دقيقة إلى ان رجاء المكافأة يدفع بالمرء إلى المثابرة أكثر من خوف العقاب، وأن التنويه يعد من عوامل تقدم الإنسان على عكس التوبيخ . ولو استطاع المربون الاعتماد على هذا العامل فإنهم سينجحون حتماً في تنفيذ مناهجهم التربوية.

المقارنة بين التنويه والتوبيخ :

«يقول نورمان . ل . مان» : أيهما أنجع في دفع المرء نحو العطاء والمثابرة مدحه على عمل حسن قام به أم توبيخه بسبب خطأ ارتكبه ؟ . والجواب نستقيه من أفضل اختبار جرى في هذا المجال حتى الآن» .

(تم تقسيم 106 فتيات من الصفين الرابع والسادس ابتدائي إلى أربعة أقسام، ولوحظ أن القدرة الحسابية لدى الأقسام الأربعة متساوية ، وطلب من جميع الأقسام حل ما تستطيع من مجموع 30 سؤالاً خلال 15 دقيقة. واستمر الاختبار لمدة خمسة أيام ، كانت توجه التوبيخات إلى القسم الأول على سوء أجوبته (دون الأخذ بنظر الاعتبار نتيجة عمله) ، ولم يكن هذا القسم يعلم عدد الأسئلة التي أجاب عليها بشكل صحيح أما القسم الثاني فقد وجهت إليه التنويهات على حسن أجوبته دون الاهتمام بمدى صحتها ، وترك القسم الثالث دون أن يوجه إليه شيء لكنه كان شاهدا على ما يجري لغيره من الأقسام ، أما القسم الرابع فلم يكن يعلم بما يجري للأقسام الأخرى لأنه وضع في غرفة منفصلة.

وجاءت النتيجة على الشكل التالي : معدل الأسئلة التي أجابت عليها كل الأقسام في اليوم الأول كان متساوياً ، اي إثني عشر سؤالاً ، وفي اليوم الثاني كان القسمان اللذان وجهت إليهم التنويهات والتوبيخات متساويين من حيث الاجابة، إذ أجاب كل منهما على 16 سؤالاً ، أما في اليوم الثالث فقد تقدم القسم الذي وجهت إليه التنويهات في عدد الاجابات بينما تراجع القسم الثاني الذي وجهت إليه التوبيخات ، ولم يحقق القسمان الآخران تقدماً يذكر في هذا المجال»(3).

_______________________________

(1) عقدة الحقارة، ص 9.

(2) الكافي 03 ص67.

(3) مبادئ علم النفس، ص 228. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.