أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-03
1138
التاريخ: 23-9-2019
1555
التاريخ: 6-5-2021
1766
التاريخ: 23-4-2019
1824
|
في كتاب الغربيين أناس يحاولون إلى اليوم أن يقللوا من خدمة العرب للحضارة؛ فمنهم من يزعم أن العرب نقلوا عن القدماء وحرفوا ما نقلوا ومنهم من يدعي بصورة مجملة أن هذه المدنية التي أبدعها العرب لا تستحق هذه العناية، وأن اليونان والرومان هم أساتذة الغربيين وحدهم، والعرب لا فضل لهم عليهم في شيء. ومنهم من يحاول أن يصغر ما وسعته المماحكة من تأثيرات مدنية العرب فيقول: إنهم أتقنوا أصنافًا (1) من العلم لا تحتاج إلى تفكير كالتاريخ والجغرافيا، وأنهم سقطوا في الكتب السريانية على مواد وافرة فاقتبسوها، دون أن يكون لهم في باب النقد كبير أمر، مدعين أن العربي عاجز عن استخراج شيء من عنده، وأنه نقل واحتذى وقلد وغير الصور، وأنه لم يعرف الشعر القصصي ولا الشعر التمثيلي؛ لأنهما يتطلبان اختراعًا لا وجود له عند العرب، وأن الإسلام الذي هو عصارة العقل العربي قد فلج الأفكار. هذه بعض منازع الشعوبيين خصوم العرب من الإفرنج، الجاهلين أقدارهم، العاملين على الحط من مدنيتهم، فاستمعوا لما يقوله المنصفون، فقد قال درابر (2): «من موجب الأسف أن الأدب الأوربي حاول أن ينسينا واجباتنا العلمية نحو المسلمين؛ فقد حان الوقت الذي ينبغي لنا أن نعرفهم إن قلة الإنصاف المبنية على الأحقاد الدينية، وعلى العنجهية القومية، لا تدوم أبد الدهر. وفي التاريخ العام: (3) إذا وجب أن يُذكر لكل واحد قسطه من العمل، لا يسع المنصف أن ينكر أن قسط العرب منه كان أعظم من قسط غيرهم، فلم يكونوا واسطة نقلت إلى الشعوب الجاهلة في إفريقية وآسيا وأوروبا اللاتينية معارف الشرق الأدنى والأقصى وصنائعه واختراعاته، بل أحسنوا استخدام المواد المبعثرة التي كانوا يلتقطونها من كل مكان، ومن مجموع هذه المواد المختلفة التي صبت فتمازجت تمازجا متجانسًا، أبدعوا مدنية حية مطبوعة بطابع قرائحهم وعقولهم، وهي ذات وحدة خاصة وصفات فائقة. هذا مثال من أقوال بعض المنصفين في المدنية العربية، وهناك فئات غير قليلة تتابعهم على آرائهم أما ذاك الشعوبي فيحاول أن لا يجعل للعرب مزية لاشتغالهم بالتاريخ والجغرافيا؛ لأنهما علمان لا يحتاجان إلى تفكير بزعمه السخيف، وقبله أُعجب كثير من علماء المشرقيات الذين تفهموا هذه الحضارة من كتبها، وأكبروا عمل المقدسي وابن حوقل وياقوت والمسعودي والطبري وابن الأثير والإدريسي وابن خرداذبة والبلاذري واليعقوبي والخوارزمي وابن الفقيه وابن رسته وابن فضلان وقدامة والبلخي والبيروني والبكري وشيخ الربوة وأبي الفداء وابن جبير وابن سعيد وابن سعد وابن فضل الله وابن أبي أصيبعة وابن القفطي وابن خلكان والصفدي وابن الخطيب وابن بسام وابن عساكر وابن طباطبا وابن بشكوال إلى عشرات غيرهم كتبوا في هذين العلمين وكتبهم موجودة مطبوعة لا تحتاج إلا لمن يقرؤها، واستفاد منها الغربيون فوائد جلى ونوهوا بها في كل فرصة (4) ، وما نظن أمم أوروبا كلها أخرجت في فن التاريخ حتى اليوم كثيرًا من عيار ابن خلدون واضع فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع. يقول جوتيه: إن الشريف الإدريسي الجغرافي كان أستاذ الجغرافيا الذي علم أوروبا هذا العلم لا بطليموس ودام معلمًا لها مدة ثلاثة قرون، ولم يكن لأوروبا مصور للعالم إلا ما رسمه الإدريسي، وهو خلاصة علوم العرب في هذا الفن، ولم يقع الإدريسي في الأغلاط التي وقع فيها بطليموس في هذا الباب، قال: من دار حول إفريقية؟ فاسكودي جاما، ومن كشف أميركا؟ خريستوف كولمبس ، ومن السهل أن يدرك أن هذين الكشفين اللذين فاقا جميع ما تقدمهما قد تما على أيدي بحارة من العرب، وكان تحقيقهما متعذرا بدون ارتقاء علم الجغرافيا عند العرب، وتم هذان الكشفان العظيمان بعقول العرب وموادهم وأشخاصهم تحت إمرة النصارى، إلى آخر ما قال.
...................................................
1- الإسلام ونفس المسلم لسرفيه Servier: L' Islam et la psychologie du Musulman.
2- تاريخ الارتقاء العقلي في أوروبا.
3- التاريخ العام للافيس ورامبو Lavisse et Rambaud: Histoire générale.
4- أدبيات الجغرافيا والتاريخ واللغة عند العرب لجويدي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|