أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2021
4028
التاريخ: 5-11-2017
2088
التاريخ: 27-5-2017
2626
التاريخ: 15-6-2018
2455
|
بعث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (وليس أحد من العرب يقرأ كتابًا)، ولم يجد الرسول لإفشاء العلم في الناس إلا أن يكثر فيهم سواد من يقرأ ويكتب، وأن يحملهم على تعلم الكتابة، فكان إذا أسر جماعة من العرب وصادف فيهم أناسًا يقرءون ويكتبون، ولم يكن لأحدهم مال يفتدي به نفسه يأمره أن يعلم عشرة من أولاد المسلمين القراءة والكتابة، وبهذه الطريقة فشت الكتابة في قريش وغيرها، وكان يقول: قيدوا العلم بالكتابة، وفي رواية بالكتاب. هذا النبي الأمي، والأمية فيه فضيلة؛ لأنها أدل على صدق ما جاء به أنه من عند الله لا من عنده، وكيف يكون من عنده وهو لا يكتب ولا يقرأ ولا يقول الشعر ولا ينشده.» (1) وأمر الرسول(صلى الله عليه وآل وسلم) زيد بن ثابت أن يتعلم لسان اليهود، وتعلم (2) زيد هذا بالفارسية من رسول كسرى، وبالرومية من حاجب النبي، وبالحبشية من خادم النبي، وبالقبطية من خادمه، وهذا كان مبدأ تعلم العرب لغات غير لغتهم، ويُروى، وهي رواية غريبة، أنه كان لعبد الله بن الزبير (3) مائة غلام يتكلم كل واحد منهم بلغة غير لغة الآخر فكان يكلم كل واحد منهم بلغته، وكانوا يسمون القرَّاء (4) من يقرءون الكتاب وليسوا أميين؛ لأن الأمية صفة عامة في الصحابة، فقيل لحملة القرآن يومئذ : قراء إشارة إلى هذا، فهم قراء لكتاب الله والسنة المأثورة عن رسوله ، وهؤلاء بدءوا عقبى الفتوح ينتشرون في الأمصار. كانت أول بعثة علمية أرسلت من الحجاز إلى الشام في إمارة يزيد بن أبي سفيان، كتب هذا إلى عمر بن الخطاب أن أهل الشام قد كثروا وربلوا (5) وملئوا المدائن واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم، فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم، فأرسل إليه معاذا(6) وعبادة وأبا الدرداء، فصار الأول والثاني إلى فلسطين، وصار الثالث إلى دمشق، وكان الفضل الأوَّل في اقتراح إنفاذ هذا المشروع العظيم لأحد أبناء أبي سفيان النجباء، كما كان الفضل الأعظم لعثمان بنسخ صحف القرآن في المصاحف، فأرسلت المصاحف التي كُتبت منه إلى الكوفة والبصرة ودمشق ومكة والمدينة وضعت في جوامع الأمصار يقرأ فيها القراء ويرجع إليها الحفاظ، وأبقى عثمان لنفسه مصحفًا عُرف بالمصحف الإمام، وغير الناس يقرءون في مصحف عثمان نيفا وأربعين سنة إلى أيام عبد الملك بن مروان، ثم كثر التصحيف في العراق ففزع الحجاج ابن يوسف إلى كتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات فوضعوا النقط أفرادًا وأزواجًا، وخالفوا بين أماكنها فأصبح الناس لا يكتبون إلا منقوطًا ثم أحدثوا الإعجام، وكان عثمان كسائر بني أمية وبني عبد شمس في الغاية من الغيرة على بث الفضائل في الناس، يكرم صاحبها أيا كان، وذكروا وهو من البراهين على حبه للعلم، أن حرملة بن المنذر الطائي(7) كان شاعرًا نصرانيا أدرك الجاهلية والإسلام، وكان من وزراء الملوك ولملوك العجم خاصة، وكان عاما. بسيرهم، فكان عثمان يقربه على ذلك ويدني مجلسه. وتوسع معاوية في طلب العلم فقال يومًا وددت أن عندنا من يحدثنا عما مضى من الزمن، هل يشبه ما نحن فيه اليوم، فقيل له: إن بحضرموت رجلًا معمرًا اسمه أمد بن أبد الحضرمي فأتى به، وورد عليه من اليمن عبيد بن شرية من المعمرين، وكان آية باهرة في معرفة تاريخ اليمن وملوك العرب والعجم، يرويها مشفوعة بالقصائد الرنانة، فأمر معاوية كتابه (8) أن يدوِّنوا ما يتحدث به عبيد بن شرية في كل مجلس سمر فيه معاوية، وكان يعجب بما يلقيه عليه عبيد، ويستزيده من إيراد الشعر؛ لأن الشعر كما قال معاوية: ديوان العرب والدليل على أحاديثها وأفعالها والحاكم بينهم في الجاهلية، فكان بدء تدوين التاريخ على يد معاوية، واستصفى معاوية أيضًا كعب الأحبار وهو من حمير من آل ذي رعين أسلم وجاء الشام مع عمر بن الخطاب في فتح القدس، فجعله معاوية من مستشاريه لكثرة علمه، وكان يروي أشياء عن الجاهلية والإسلام، وبعض ما نُسب إليه معدود في الإسرائيليات. وكان سعيد بن عريض بن عادياء ابن أخي السموءل (9) بن عادياء من يهود الحجاز شاعرًا يفد على معاوية فيدخل عليه وهو على طنفسة ونعلاه في رجله، وهو متوشح بملحفة، (10) فيكثر معاوية الترحيب به ويدني مجلسه ويأخذ بيده. وإذا كان هذا النبوغ يظهر من معاوية ويزيد من أبناء أبي سفيان، فإن أباهما أبا سفيان وجدهما حربًا نقلا الخط العربي إلى الحجاز، وهذا من أعظم مآثر بني أمية على العرب، بل إن السنة، أي أحاديث الرسول لم تدوّن آخر المائة الأولى إلا بأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الأموي؛ فقد كتب إلى عامله على المدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن انظر ما كان من حديث رسول الله أو سنته فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء.
.............................................
1- في مجموعة الحفيد للهروي بحث في أمية الرسول.
2- العقد الفريد لابن عبد ربه.
3- تاريخ دمشق لابن عساكر.
4- مقدمة ابن خلدون.
5- ربلوا: كثروا ونموا.
6- قال ابن حزم: إن جميع المؤرخين من أئمتنا السالفين والباقين دون محاشاة أحد، بل تيقنا إجماعهم على ذلك، متفقون على أن ينسبوا الرجل إلى مكان هجرته التي استقر بها، ولم يرحل عنها رحيل ترك لسكناها إلى أن مات، فإن ذكروا الكوفيين من الصحابة صدروا بعلي وابن مسعود وحذيفة، وإنما سكن ً علي الكوفة أربعة أعوام وأشهر ً ا أو نحوها، وقد بقي 58 عام ً ا وأشهرا بمكة والمدينة، وإن ذكروا البصريين بدأوا بعمران بن الحصين وأنس بن مالك وهشام بن عامر وأبي بكرة، وهؤلاء مواليدهم وعامة زمن أكثرهم وأكثر مقامهم بالحجاز وتهامة والطائف، وجمهرة أعمارهم خلت هنالك، وإن ذكروا الشاميين َّنوهوا بعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ ومعاوية، والأمر في هؤلاء كالأمر فيمن قبلهم، وكذلك في المصريين عمرو بن العاص وخارجة بن حذافة العدوي، وفي املكيني عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير، والحكم في هؤلاء كالحكم فيمن قصصنا فيمن هاجر إلينا من سائر البلاد، فنحن أحق به وهو منا بحكم جميع أولي الأمر منا الذين إجماعهم فرض اتباعه، وخلافه محرم اقترافه، ومن هاجر منا إلى غرينا فلا حظ لنا فيه، المكان الذي اختاره أسعد به.
7- تاريخ دمشق لابن عساكر.
8- أخبار عبيد بن شرية الجرهمي، والفهرست لابن النديم.
9- نص ابن قتيبة على أن عادياء بالهمز.
10- اللحاف: اللباس فوق سائر اللباس من دثار البرد ونحوه كالملحفة والملحف بكسرهما.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|