أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1897
التاريخ: 24-11-2015
2026
التاريخ: 31-5-2016
2985
التاريخ: 24-11-2015
2001
|
يقول تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75]
إنّ الطمع يكون تارة محط ترغيب؛ مثل: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]، {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82]، وطوراً مورد ترهيب؛ نظير: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32] فمحور الرغبة والرهبة في مثل هذه الموارد هو خصوصية المتعلق؛ لأنَّ الطمع في الشيء المحبوب مطلوب أما الطمع في الشيء المبغوض فهو منفور. لكن ما جاء في الآية مورد البحث ليس هو بلحاظ أصل المتعلق بل بلحاظ خصيصة المورد؛ من هنا فإن النفي المستفاد من الآية لطرد الطمع هو إرشاد إلى كون هذا الطمع لا أثر له وليس ناظراً إلى حرمته؛ ولذا فإن له صبغة التسلي والتشفي، وليس النهي المولوي والتكليف التحريمي.
ومن أجل تبيين الإرشاد المذكور فإنه بصرف النظر عما قيل آنفاً يمكن القول: إن هناك عاملين أصيلين للانحراف يهددان اليهود ويحدان من تقدمهم: الأول هو النزعة الحسية، والثاني هو الدافع القومي والعرقي والتعصب الجاهلي؛ فإن فكر النزعة الحسية المتحجر كان السبب في تخلف هؤلاء القوم على صعيد المعارف العقلية والشهودية الراقية، وإن الدافع العرقي والحمية القومية لديهم كانت من وراء توجههم إلى الاحتكار وعدم قبولهم لرأي الآخرين أو مراعاتهم لحقوقهم، حتى وإن بلغت مرحلة الحس والتجربة الحسية؛ أي حتى إذا كانت حقوق الآخرين المسلمة محسوسة من قبل اليهود ولم يخل أي مانع دون إدراكها من الناحية الفكرية، فإن معضلة الدافع ستبقى سدا منيعاً أمام قبولهم.
إن محذور انحرافهم عن خط موسی الكليم (عليه السلام) في حقل الفكر كان مشهوداً، ومعضلة ضلالتهم عن نهج النبي الكريم في نطاق الدافع هو معروف. ويستشف من القرآن الكريم والأحاديث الواردة في هذا المجال:
1. أنه ما دام مضمون دعوى موسى الكليم او دعوته لم تصل إلى مرتبة الحس والتجربة الحسية لديهم فهم ما كانوا به مؤمنين.
2. إن طائفة منهم استنكفوا من الإيمان حتى بعد أن أصبحت معجزات كليم الله (عليهم السلام) محسوسة.
3. إنَّ جماعة منهم ضلوا بعد سماعهم لكلام الله تعالى (بالواسطة التكوينية لموسى الكليم أو من لسانه).
4. إن مجموعة منهم عمدوا ـ بعد تلاوتهم لآيات الله في التوراة ـ إلى تحريف أحكامها الفقهية.
5. إن البعض الآخر منهم وبعد تدبرهم في التوراة أقدموا عن علم على تحريف الأحكام الكلامية الخاصة بنبوة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه واله وسلم) وقبلوا أصل الدين على أنه ظاهرة عرقية وقومية لا بعنوان كونه أمراً إلهياً يفوق المستوى القومي.
الآن ان اتضحت بعض الآراء المعرفية لليهود وبعض أوصافهم النفسانية انكشف السر في إنكار الطمع المشار إليه؛ وذلك إما لابتلائهم هم أنفسهم بالتحريف، كالأحبار والرهبان الذين عاصروا نزول القرآن الكريم وبدلوا أحكامه الكلامية المتعلقة بحضرة النبي الكريم وغيروا أحكامه الفقهية ذات الصلة برجم الزاني المحصن أو كانوا أبناء هؤلاء العلماء النازعين إلى التحريف، أو كانوا من أبناء السبعين رجلاً الذين رافقوا موسى الكليم (عليه السلام). وعلى أي تقدير فإنّ هؤلاء كانوا تابعين لعلماء بالعين للدين بحيث يقول فيهم القرآن الكريم: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79] فأنى للذي اتبع أهل التحريف أن يؤمن بالدين الأصيل بعد أن سلم زمام تعقله وتعبده للمحرفين؟!
قد يكون المقصود من المحرفين هم الذين كانوا مع موسى الكليم (عليه السلام) ممن حرفوا كلام الله تعالى من بعد ما سمعوه كما قال الطبري [1] ، وقد ذهب الشيخ الطوسي (رحمه الله) إلى أن السامعين هم المرافقون لكليم الله خاصة [2] معتبراً عنوان «سمع» من قوله: «يسمعون» مؤيداً لذلك؛ ذلك أنه لو كان السماع مجرد استماع التوراة من لسان موسی الكليم (عليه السلام) فلن يكون هذا الوصف خاصاً بجماعة معينة ولاستلزم عدم ذكر هذا القيد كما هو الحال في مواطن أخرى من القرآن الكريم تحدث فيها عن التحريف من دون استعمال عنوان «سمع» حيث يعد قيداً زائداً. كما من الممكن أن يراد من المحرفين علماء التوراة فحسب؛ كما روى القرطبي عن بعضهم [3]؛ إذ أن سماع كلام الله عز وجل من دون واسطة مختص بالكليم : {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144].
على أساس ما مضى وما سيأتي من الآيات فإن ما هو بمثابة تعليل أو تبيين لنفي أرضية الطمع وما يدفعه فعلاً هو أن اليهود، طبقاً للآيات السابقة، كانوا مبتلين بقسوة القلوب {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 74] ووفقاً للآيات التالية: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14] فهم مبتلون بنفاق القلوب. وجماعة كهؤلاء لن يكونوا أبدأ محط الطمع المذكور، أي الرغبة الشديدة في إيمانهم، ولين قلوبهم، وخلوص نيتهم، ووفاقهم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|