المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6287 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

قاعدة « التجاوز »
18-9-2016
OXIDATION OF PARAFFINS (Fatty Acids and Fatty Alcohols)
21-8-2017
إحتجاج النبي صلى الله عليه وآله وسلم على اليهود بقسوة القلوب ومعجزة الجبل
24-9-2019
معنى كملة لمح‌
15-12-2015
Permil
28-10-2019
طرق الزراعة الحديثة- تسميد التربة
1-10-2018


تمييز المشتركات وتعيين المبهمات / عمّار بن مروان.  
  
954   11:00 صباحاً   التاريخ: 2023-06-14
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج2، ص 448 ـ 461.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

عمّار بن مروان (1):

روى الشيخ (2) بإسناده عن موسى بن القاسم عن الحسن بن محمد عن محمد بن زياد عن عمار بن مروان عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ((حدُّ العقيق أوله المسلخ، وآخره ذات عرق)).

وهذه الرواية لم يعبر عنها بما يدل على اعتبارها في كلمات غير واحد منهم صاحب الحدائق (قدس سره) (3). ولم يستبعد السيد الأستاذ (قدس سره) (4) أن يكون ذلك من جهة الحسن بن محمد، لعدم تمييز المراد به، مع أن المقصود به هو الحسن بن محمد بن سماعة الثقة، فلا وجه للتوقف في السند من جهته.

ولكن لا أظن أنه قد خفي على مثل صاحب الحدائق (قدس سره) أن الحسن بن محمد الذي يروي عن محمد بن زياد هو الحسن بن محمد بن سماعة، فإنه من الواضحات لدى الممارس، بالنظر إلى كثرة رواياته عنه كما أشار إليه السيد الأستاذ (قدس سره) بنفسه.

والظاهر أن منشأ عدم تعبيره (قدس سره) عن الرواية بما يدل على اعتبارها هو اشتمال السند على عمار بن مروان، من جهة البناء على تعدده وتردده بين اليشكري الذي وثقه النجاشي (5) والكلبي الذي ذكره الصدوق في المشيخة (6) ولم يوجد له توثيق.

ويشهد لذلك ما لوحظ من تعبيره في بعض آخر (7) من روايات عمار بن مروان بـ(الصحيح عن عمار بن مروان) أو بـ(سند قوي إلى عمار بن مروان) مما يدل على توقفه في عمار بن مروان نفسه.

وكيف كان فلا ينبغي الريب في أن الإشكال في سند هذه الرواية ينحصر في اشتماله على عمار بن مروان، وفي الجواب عنه وجوه:

الوجه الأول: أن عمار بن مروان وإن كان متعدداً إلا أن المراد به هنا هو اليشكري الثقة، بقرينة كون الراوي عنه هو محمد بن زياد ــ وهو محمد بن أبي عمير ــ فإن الظاهر أنه كان يروي عن اليشكري لشواهد..

الشاهد الأول: روى الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير عن عمار بن مروان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبى حضره الموت فقلت له: أوصِ. فقال: هذا ابني ــ يعني عمرو ــ فما صنع فهو جائز. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ((فقد أوصى أبوك وأوجز)). قال: قلت: فإنه أمر وأوصى لك بكذا وكذا. فقال: ((أجز)). قلت: فأوصى بنسمة مؤمنة عارفة، فلما أعتقناها بان أنها لغير رشدة. فقال: ((قد أجزأت عنه إنما مثل ذلك مثل رجل اشترى أضحية على أنها سمينة فوجدها مهزولة، فقد أجزأت عنه)).

هكذا ورد الخبر في الطبعة النجفية من الفقيه (8)، ولكن في الطبعة الطهرانية (9): (يعني عمر) بدل (يعني عمرو)، ومثله ما في الكافي (10) والتهذيب (11).

والظاهر صحة الأول، المطابق لنسخة المجلسي الأول (رحمه الله) (12) من الفقيه، بقرينة أنّ النجاشي (13) ترجم لعمار بن مروان اليشكري وقال: (وأخوه عمرو)، وقد وردت روايات لعمرو بن مروان في جوامع الحديث (14).

وعلى ذلك يتعيّن أن يكون عمّار بن مروان الذي يروي عنه ابن أبي عمير هو اليشكري.

ولكن قد يرجح أن يكون لفظ (عمر) أو (عمرو) في متن الرواية محرفاً عن عمار، أي أن والد عمار عيّن عماراً وصياً له، وعلى ذلك فلا يستفاد من الرواية كون عمار بن مروان المذكور في سندها هو اليشكري. وذلك لقول الإمام (عليه السلام): ((أجز)) ــ كما في الفقيه ــ أو ((أجره)) ــ كما في الكافي ــ أو ((أجزه)) ــ كما في التهذيب ــ وعلى كل تقدير يدل على أنه كان هو الوصي، ولذلك خاطبه الإمام بذلك وإلا لم يكن محلاً لتوجيه الخطاب إليه، بل كان ينبغي أن يقول (عليه السلام): يجيزه الوصي أو نحو ذلك. ويمكن الجواب عن ذلك بأنّ المذكور في صدر الرواية وفق نقل الصدوق: (فقلت له: أوصِ. فقال: هذا ابني يعني عمرو)، ولو كان المراد تعيين عماراً وصياً لكان ينبغي أن يقول: (أنت ابني ما تصنع فهو جائز). وأما وفق نقل الكليني والشيخ فلفظ الرواية هكذا: (فقيل له: أوصِ. فقال: هذا ابني يعني عمر)، ومعلوم أن قوله: (يعني عمر) هو من كلام عمار فلو كان المراد نفسه لكان ينبغي أن يقول: (فقال هذا ابني يعنيني)، فهذا قرينة واضحة على أنه لم يكن الوصي هو عماراً بل أخاه.

وأما مخاطبة الإمام (عليه السلام) لعمار بقوله: ((أجز)) أو ((أجره)) أو ((أجزه)) فقد استظهر العلامة المجلسي الثاني (قدس سره) (15) أن يكون من جهة أن الوصي أمره أي عماراً بكذا وكذا لأبي عبد الله (عليه السلام). والقرينة عليه هو أن المفروض في الرواية أن والد عمار لم يذكر إلا قوله: (هذا ابني فما صنع فهو جائز)، وقد قال أبو عبد الله (عليه السلام) أنه أوصى وأوجز، فكيف يجتمع هذا مع كون من أمر بكذا وكذا لأبي عبد الله (عليه السلام) هو الموصي؟!

ولكن هذا التوجيه لا ينسجم مع لفظ الرواية في الفقيه، فإن فيه هكذا: (فإنه أمر وأوصى لك بكذا وكذا)، على خلاف لفظي الكافي والتهذيب حيث ورد فيهما هكذا: (فإنه أمر لك بكذا وكذا) الذي يحتمل فيه رجوع الضمير إلى الوصي، وإن كان هذا الاحتمال خلاف الظاهر بمقتضى السياق.

بل لا يناسب التوجيه المذكور ذيل الرواية حسب نقل المشايخ الثلاثة جميعاً، فإن فيه هكذا: (فأوصى بنسمة مؤمنة عارفة) مما هو كالصريح في اشتمال الوصية على بعض التفاصيل، وعلى ذلك فلا بد أن يكون قول الإمام (عليه السلام): ((قد أوصى أبوك وأوجز)) مبنياً على اقتصار مروان والد عمار على الجملة المذكورة، ولكن عمار بيّن لاحقاً للإمام (عليه السلام) أنه لم يقتصر عليها. وعلى ذلك فالأولى أن يقال: إن خطاب الإمام (عليه السلام) لعمار بقوله: ((أجز)) أو ((أجره)) أو نحو ذلك هو من جهة أن عمار كان يشترك مع أخيه عمرو في تنفيذ الوصية.

ويناسبه قوله: (فلما أعتقناها) حيث استخدم ضمير الجمع الظاهر في كون المتصدي للعتق هو وأخوه.

فالنتيجة: أن الاستشهاد بالرواية المذكورة لكون الذي يروي عنه ابن أبي عمير هو عمار بن مروان اليشكري تام.

الشاهد الثاني: أن اليشكري كان من الطبقة الخامسة من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) بقرينة كون الراوي لكتابه هو محمد بن سنان (16)، فيناسب أن يروي عنه ابن أبي عمير وأمثاله ــ كجعفر بن بشير وابن فضال ــ الذين هم من الطبقة السادسة. وأما الكلبي فالظاهر أنه كان من الطبقة الرابعة من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، بقرينة أن الراوي عنه في سند الصدوق في المشيخة (17) هو أبو أيوب الخزاز الذي هو من الطبقة الخامسة، وقد وجدت رواية لعمار بن مروان عن أبي جعفر (عليه السلام) (18) وهي مما يقتضي أن يكون من الطبقة الرابعة.

وعلى ذلك فاليشكري والكلبي من طبقتين مختلفتين، فإذا كان الراوي عن عمار بن مروان ــ بهذا العنوان ــ من الطبقة الخامسة كالخزاز وهشام بن سالم (19) وعلي بن رئاب (20) وعبد الكريم بن عمرو (21) فالمراد به الكلبي، وإن كان من الطبقة السادسة كابن أبي عمير يتعيّن أن يكون المراد به هو اليشكري.

الشاهد الثالث: أنّه قد نصّ النجاشي ــ كما تقدم آنفاً ــ أن محمد بن سنان روى كتاب عمار بن مروان اليشكري، وقد لوحظت روايات متعددة لمحمد بن سنان عن عمار بن مروان عن زيد الشحام (22)، فيعلم أن عمار بن مروان الذي يروي عن زيد الشحام هو اليشكري أيضاً، وقد وردت بعض الروايات لابن أبي عمير عن عمار بن مروان عن زيد الشحام (23)، فيثبت بذلك أن عمار بن مروان الذي يروي عنه ابن أبي عمير هو اليشكري أيضاً، وهذا هو المطلوب.

ولكن يمكن المناقشة في الشاهدين الثاني والثالث:

أمّا الشاهد الثاني فلأنّ ما ذكر من اختلاف الطبقة لم يثبت، فإنّ محمد بن سنان كما روى عن اليشكري كذلك روى عن الكلبي كما سيأتي.

وأما رواية عمار بن مروان عن أبي جعفر (عليه السلام) فهي أيضاً غير ثابتة، فإن الرواية المذكورة قد وردت بنفسها في مصدر آخر (24) وفيها (سألت أبا عبد الله (عليه السلام)) بدل (سألت أبا جعفر (عليه السلام)).

وبذلك يظهر الحال في الشاهد الأخير، فإن محمد بن سنان كما تقدم قد روى عن الاثنين، فلا يمكن التأكد من أن عمار بن مروان الذي يروي عن زيد الشحام هو اليشكري دون الكلبي.

ومهما يكن فلا ينبغي الإشكال في أن عمار بن مروان الذي يروي عنه ابن أبي عمير هو اليشكري للشاهد الأول المتقدم.

ولكن قد يتوهم (25) عكس ذلك وأن عمار بن مروان الذي يروي عنه ابن أبي عمير هو الكلبي، بدعوى أن الصدوق ذكر الكلبي في المشيخة، وذكر عمار بن مروان ــ بهذا العنوان ــ في عدة موارد من متن الفقيه (26)، مما يعني أن هذا العنوان ينصرف عنده إلى الكلبي، وحيث إنّ الراوي عنه في بعض تلك الموارد (27) هو ابن أبي عمير يثبت كونه راوياً عن الكلبي.

ولكن هذا الكلام ضعيف، فإن السند المذكور في المشيخة سند إلى رواية معينة ابتدأها الصدوق باسم عمار بن مروان الكلبي (28)، ولم يبتدأ باسم عمار بن مروان في شيء من الموارد الأخرى بل هو مذكور فيها في وسط السند، ويجوز أنه لم يكن مشخصاً عنده وإنما أورده بالعنوان الذي وجده في مصادر تلك الروايات.

وبالجملة: لا قرينة على رواية ابن أبي عمير عن عمار بن مروان الكلبي بل القرينة على روايته عن عمار بن مروان اليشكري وعلى ذلك فالرواية المبحوث عنها معتبرة.

هذا كله على غير مبنى من يقول بوثاقة مشايخ ابن أبي عمير، وأمّا على هذا المبنى ــ كما هو المختار ــ فلا حاجة إلى إثبات رواية محمد بن أبي عمير عن اليشكري، بل يكفي في البناء على وثاقة عمار الواقع في سند الرواية المبحوث عنهاــ وإن كان هو الكلبي ــ كون محمد بن زياد الراوي عنه هو ابن أبي عمير، فإن مقتضاه وثاقته على كل تقدير كما هو ظاهر.

والمتحصّل مما تقدم أنه بناءً على كون المراد بمحمد بن زياد في السند المذكور هو ابن أبي عمير يتم القول باعتباره.

والسيد الأستاذ (قدس سره) قد بنى على ذلك في المقام بذلك، ولكن ذكر خلافه في كتاب المعجم ــ وفاقاً للسيد التفريشي (رحمه الله) (29) ــ قائلاً (30): إنّه لا يبعد أن يكون المراد بمحمد بن زياد في موارد كثيرة من الروايات التي رواها الحسن بن محمد بن سماعة عنه هو محمد بن الحسن بن زياد العطار.

واستند (قدس سره) في ذلك إلى أن النجاشي ترجم للعطار ووثقه ثم روى بإسناده عن حُميد أنه قال (31): (حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا محمد بن زياد بكتابه)، بدعوى أنه يظهر من ذيل كلامه أن محمد بن الحسن بن زياد قد يطلق عليه محمد بن زياد أيضاً، ويروي عنه الحسن بن محمد وهو ابن سماعة بهذا العنوان كما ثبتت روايته عنه بعنوان محمد بن الحسن بن زياد العطار (32).

أي أنّ فيما ذكره النجاشي قرينة على أنّ المراد بـ(محمد بن زياد) الذي يروي عنه الحسن بن محمد بن سماعة هو محمد بن الحسن بن زياد، فهو منسوب فيه إلى جده، كما هو المتعارف بين الرواة، وعلى ذلك فلا يتم ما ذكر من الوجه الأول لتصحيح سند الرواية المبحوث عنها.

أقول: الأرجح سقوط لفظة (بن الحسن) من ذيل عبارة النجاشي في النسخة الواصلة إلينا، فإنه لو كان يريد بيان أن محمد بن الحسن بن زياد قد يعبّر عنه بمحمد بن زياد لكان ينبغي له أن يذكر ذلك بقوله: (وقد ينسب إلى جده) أو بقوله: (وقد يقال له: محمد بن زياد) كما قال في محمد بن جعفر بن عون الأسدي (33): (يُقال له: محمد بن أبي عبد الله)، وأما أن يذكره بعنوان محمد بن زياد عند ذكر الطريق إلى كتابه لإفادة المعنى المذكور فهو غير مناسب جداً.

وبالجملة: لا قرينة على كون المراد بمحمد بن زياد هو محمد بن الحسن بن زياد ــ الذي هو في حدِّ ذاته أمر على خلاف الظاهر ــ بل القرينة على خلافه وأن المراد به محمد بن أبي عمير، وهي ما ورد في بعض الموارد (34) من رواية الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد بن عيسى الذي هو ابن أبي عمير يقيناً، فإن هذا المورد يصلح أن يعدّ قرينة على أن المراد بمحمد بن زياد في سائر موارد رواية ابن سماعة عنه هو ابن أبي عمير لا غيره، فتدبر.

والحاصل: أن ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) في المقام من أن محمد بن زياد هو ابن أبي عمير هو الصحيح دون ما اختاره في كتاب المعجم وفاقاً للسيد التفريشي.

وعلى ذلك يتضح تمامية الوجه الأول المتقدم في دفع الإشكال عن سند الرواية المبحوث عنها.

الوجه الثاني: ما بنى عليه السيد الأستاذ (قدس سره) هنا وفي كتابي الخمس والصلاة (35) من أنّ عمار بن مروان وإن كان متعدداً أحدهما اليشكري الثقة والآخر الكلبي المجهول، إلا أنه لا ينبغي التأمل في أن المراد به هنا هو الأول، لانصراف اللفظ عند الإطلاق إلى من هو الأشهر الأعرف الذي له أصل أو كتاب دون الشاذ غير المعروف.

ولكن مرَّ مراراً أنّ هذا الوجه لا يعتمد عليه، فإنه لم يثبت أن كل صاحب كتاب أو أصل فهو أعرف وأشهر من غيره ممن لا يكون صاحب كتاب، بل ثبت عكس ذلك في موارد متعددة، فكم من صاحب كتاب ذُكر اسمه في الفهارس ولا نجد له حتى رواية واحدة في جوامع الحديث، وفي المقابل هناك العديد ممن له عشرات الروايات وليس بصاحب كتاب.

الوجه الثالث: ما جزم به المولى الأردبيلي (قدس سره) (36) من أنّ عمار بن مروان ليس متعدداً، بل هو شخص واحد وثقه النجاشي، فيعتمد على جميع الروايات التي وقع في طريقها.

ولكن أشكل عليه السيد الأستاذ (قدس سره) (37) وغيره (38) بأنّه لا قرينة على الاتحاد، بل القرينة على خلافه، وهي كون أحدهما ملقباً بالكلبي، وظاهره كونه عربياً من بني كلب، في حين أن الثاني لقب باليشكري، وصُرِّح بكونه مولى لبني يشكر، أي أنه لم يكن عربياً.

وأيضاً أحدهما ــ وهو اليشكري ــ يروي عنه محمد بن سنان غالباً والحسن بن محبوب أحياناً، في حين أن الآخر ــ وهو الكلبي ــ يروي عنه الحسن بن محبوب بواسطة أبي أيوب الخزاز كما في سند المشيخة إليه، فيظهر أنهما من طبقتين مختلفتين.

مضافاً إلى أنّه قد ذُكر أنّ لليشكري كتاباً ولم يُذكر ذلك للكلبي، فمحاولة الأردبيلي إرجاع الثاني إلى الأول مما لا وجه له بعد الامتياز من حيث الراوي والكتاب والشهرة.

أقول: أمّا أنّه لا قرينة على الاتحاد ففيه أن القرينة عليه هي أن النجاشي (39) روى كتاب اليشكري عن محمد بن سنان عنه ــ كما مرَّ آنفاً ــ ويوجد لمحمد بن سنان بعض الروايات (40) عن عمار بن مروان الكلبي بهذا العنوان. ومن المستبعد جداً وجود شخصين يسميان بـ(عمار بن مروان) في طبقة واحدة ــ مع أنه من الأسماء النادرة في الرواة في جميع الطبقات ــ وقد روى عن كليهما محمد بن سنان من دون تمييز أحدهما عن الآخر بلقبه إلا في النادر من الموارد، وأما في المعظم فالمذكور هو (عمار بن مروان) من غير لقب، فإن هذا غير معهود ممن له شيخان يتفقان في الاسم واسم الأب كما لا يخفى.

فهذا شاهد قوي على أنه لم يكن هناك إلا شخص واحد يسمى بعمار بن مروان ولم تكن أية حاجة إلى ذكر لقبه عند النقل عنه لتعيّنه ومعروفيته لدى الأصحاب، حتى إنه كان يعرّف به بعض أصحابه فيقال: (فلان صاحب عمار بن مروان) كما ورد في الفهارس وكتب الرجال (41).

وقد يتوهم (42) وجود شاهد آخر على الاتحاد، وهو أن الشيخ قد روى كتاب اليشكري عن طريق الصدوق، ومن المستبعد أن يكون ما عنونه في المشيخة بعنوان (عمار بن مروان الكلبي) غير اليشكري، ومع ذلك لم يذكره ويذكر طريقه إلى شخص غير معروف وينقل في كتابه الروايات عنه بلا لقب الكلبي، فإنّ هذا غير محتمل عادة.

ولكن هذا الكلام في غير محله، لما تقدّم من أنّ السند المذكور في المشيخة إنّما هو سند إلى رواية معيّنة وجدها الصدوق في بعض مصادره فأوردها في الفقيه لإفتائه بمضمونها، وأمّا سائر الموارد التي ذكر فيها عمّار بن مروان فهي في أواسط الأسانيد ولعلّه لم يشخص المراد به فيها، وأما رواية الشيخ كتاب اليشكري عن طريقه فمصدره فيها هو فهرسته ــ كما يعلم بالتتبع ــ ومن المعلوم أن الفهارس تشتمل على أسماء الكتب التي يرويها أصحابها وإن لم يطلعوا على نسخها فلا غرابة في أن الصدوق روى كتاب اليشكري في فهرسته ولكنه حيث لم يطلع عليه لم يستخرج منه رواية في الفقيه.

وبالجملة: ما ذكر لا يصلح قرينة على اتحاد اليشكري والكلبي بل القرينة عليه هو ما تقدّم.

وأمّا ما ذكر قرينة على عدم الاتحاد من رواية الحسن بن محبوب عن الكلبي بواسطة أبي أيوب الخزاز وعن اليشكري بلا واسطة، فليس بتام، فإنه لم نجد رواية للحسن بن محبوب عن اليشكري بلا واسطة.

نعم أورد في الخصال (43) رواية عن الحسن بن محبوب عن عمار بن مروان بلا واسطة ولكن لم يقيد فيه بـ(اليشكري)، ولما كان المتعارف رواية ابن محبوب عن عمار بن مروان من غير تقييد بواسطة أبي أيوب الخزاز (44) أو بواسطة ابن رئاب (45) أو هشام بن سالم (46) فمن المطمأن به سقوط الواسطة بينهما في نسخة الخصال المذكورة.

وممّا يشهد على أنّ عمار بن مروان الذي يروي عنه أبو أيّوب الخزاز هو من يروي عنه محمد بن سنان أن رواية واحدة أوردها الكليني (47) عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان قد أوردها الصدوق (48) مبتدءاً باسم عمار بن مروان الكلبي، وسنده إليه في المشيخة ينتهي إلى أبي أيوب الخزاز.

وأمّا ما ذكر من التنافي بين كون عمار بن مروان كلبياً ويشكرياً بالولاء فهو إنما يتوجه إذا كان المراد من كونه كلبياً هو أنه منهم نسباً، ويحتمل أن المراد أنه كان منهم بالولاء كالحسين بن علوان الذي يوصف في الأسانيد بالكلبي (49) مع أنه كان منهم بالولاء كما صرح به الشيخ والنجاشي (50) إن قلت: ولكن كيف يكون مولى لبني كلب ولبني يشكر في الوقت نفسه؟ قلت: لعلّ ذلك كان مع اختلاف الوقت، أي أنه كان مولى لبني كلب ثم انتقل بولائه إلى بني يشكر، كما ذكر النجاشي نظير ذلك في عدد من الرواة كثعلبة بن ميمون (51) من أنه كان مولى بني أسد ثم مولى بني سلامة، وصفوان بن مهران (52) الذي كان مولى بني أسد ثم مولى بني كاهل.

ويحتمل أن يكون توصيف عمار بن مروان بالكلبي تارة وباليشكري أخرى من اختلاف أنظار الرجاليين في كون ولائه لأي من القبيلتين، فتدبر.

والنتيجة: أنّه لا يمكن الاعتماد على ما ذكر من الاختلاف في النسبة قرينة واضحة على التعدّد.

بقيت الإشارة إلى أنه قد حكي عن كتاب ابن الغضائري أنه ترجم لعمار بن مروان اليشكري قائلاً (53): (عمار بن مروان الثوباني، مولى بني ثوبان موالي بني يشكر، كوفي. يروي عن أبي الحسن وأبي عبد الله (عليهما السلام)). وعلّق بعضهم (54) على ذلك بأنه ليس في هذه الترجمة تضعيف وهو خلاف وضع كتاب ابن الغضائري. فإنه كما صرح به السيد ابن طاووس (55) في مقدمة كتابه (حلِّ الإشكال) مختص بذكر الضعفاء. ولذلك قد يقال: إنّ مجرّد ترجمة ابن الغضائري لعمار بن مروان اليشكري في هذا الكتاب دليل على تضعيفه إياه.

ولكن الصحيح أنّه ليس كذلك، وتوضيحه: أن ما يعرف برجال ابن الغضائري الموجود بأيدينا اليوم هو ما انتزعه المولى عبد الله التستري من نسخة كتاب حلِّ الإشكال للسيد ابن طاووس، وكانت تلك النسخة قريبة إلى الاندراس وقد وقع التلف في الكثير من مواضعها، ولذلك لم يتيسر للتستري نقل جميع ما حكاه ابن طاووس عن ابن الغضائري (56).

والظاهر أنّ خلّوه عما يشير إلى حال عمار بن مروان إنما هو من هذه الجهة، أي أنّه وقع تلف في الموضع فاكتفى بذكر ما قبله.

ولا سبيل إلى الجزم بأن ابن الغضائري كان قد قدح في عمار بن مروان بما يخلّ بوثاقته، فإن الملاحظ أن كتابه لا يختص بذكر من يبني على تضعيفهم بل وعلى ذكر من ضعفهم غيره ممن لا يوافق على تضعيفهم.

مثلاً: ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن خالد البرقي (57): (طعن القميون عليه، وليس الطعن فيه إنما الطعن فيمن يروي عنه).

وذكر في ترجمة أحمد بن الحسين بن سعيد (58): (قال القمّيّون: كان غالياً. وحديثه ــ فيما رأيته ــ سالم، والله أعلم).

وذكر في ترجمة الحسين بن شاذويه (59): (زعم القمّيّون أنّه كان غالياً. ورأيت له كتاباً في الصلاة سديداً، والله أعلم).

وذكر في ترجمة زيد النرسي وزيد الزرّاد (60): (قال أبو جعفر ابن بابويه: إن كتابهما موضوع، وضعه محمد بن موسى السمان. وغلط أبو جعفر في هذا القول، فإني رأيت كتبهما مسموعة عن محمد بن أبي عمير).

وذكر في ترجمة محمد بن أورمة (61): (اتهمه القميون بالغلو. وحديثه نقي لا فساد فيه، وما رأيت شيئاً ينسب إليه تضطرب فيه النفس، إلا أوراقاً في تفسير الباطن وما يليق بحديثه، وأظنها موضوعة عليه) (62). وبالجملة: ترجمة ابن الغضائري لعمار بن مروان اليشكري في كتاب الضعفاء لا يدل بوجه على تبنيه ضعفه. ولعله كان قد ذكر فيه أنه كان ثقة في نفسه ولكن أكثر الرواية عن بعض الضعفاء كالمنخّل بن جميل الذي اتفقوا على ضعفه، فإن هناك العديد من الروايات لعمار بن مروان عن المنخل عن جابر (63)، وفي بعضها سقط اسم المنخّل من السند (64).

وممّا يؤكّد عدم تضمن كتاب ابن الغضائري جرحاً في عمار بن مروان هو عدم الإشارة إليه في كتابي العلامة وابن داود، فليتأمل.

والحاصل: أنّه لا دليل على تضعيف عمّار بن مروان في مقابل توثيقه من قبل النجاشي، فمقتضى الصناعة البناء على وثاقته.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  بحوث في شرح مناسك الحج ج:10 ص:401.
  2.  تهذيب الأحكام ج:5 ص:56.
  3.  الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ج:14 ص:438.
  4.  مستند العروة الوثقى (كتاب الحج) ج:2 ص:21 (مخطوط).
  5. رجال النجاشي ص:291.
  6. من لا يحضره الفقيه ج:4 ص:98 (المشيخة).
  7. لاحظ الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ج:11 ص:380، ج:12 ص:364.
  8. من لا يحضره الفقيه ج:4 ص:172.
  9. من لا يحضره الفقيه ج:4 ص:232.
  10.   الكافي ج:7 ص:62.
  11. تهذيب الأحكام ج:9 ص:236.
  12. لاحظ روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه ج:11 ص:138.
  13. رجال النجاشي ص:291.
  14. لاحظ الكافي ج:2 ص:462، ج:6 ص:410، وثواب الأعمال وعقاب الأعمال ص:260.
  15.   ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار ج:15 ص:169.
  16. رجال النجاشي ص:291.
  17. من لا يحضره الفقيه ج:4 ص:98 (المشيخة).
  18. الكافي ج:5 ص:126. تهذيب الأحكام ج:6 ص:368.
  19. لاحظ الكافي ج:7 ص:393.
  20. لاحظ الكافي ج:5 ص:126.
  21. لاحظ الكافي ج:8 ص:221.
  22. الكافي ج:2 ص:137، 222، 252، ج:3 ص:220.
  23. الكافي ج:3 ص:101.
  24. معاني الأخبار ص:211.
  25. كتاب الخمس ج:1 ص:213.
  26. من لا يحضره الفقيه ج:2 ص:92، ج:3 ص:26، ج:4 ص:172، 175.
  27. من لا يحضره الفقيه ج:4 ص:172.
  28. من لا يحضره الفقيه ج:2 ص:180.
  29. نقد الرجال ج:4 ص:174.
  30. معجم رجال الحديث ج:15 ص:241.
  31. رجال النجاشي ص:369.
  32. لاحظ الكافي ج:7 ص:126، وتهذيب الأحكام ج:2 ص:254.
  33. رجال النجاشي ص:373.
  34. لاحظ الكافي ج:6 ص:56.
  35. لاحظ مستند العروة الوثقى (كتاب الحج) ج:2 ص:21 (مخطوط)، و(كتاب الخمس) ص:73ــ74، و(كتاب الصلاة) ج:8 ص:102.
  36. جامع الرواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والإسناد ج:1 ص:612.
  37. معجم رجال الحديث ج:12 ص:280. مستند العروة الوثقى (كتاب الخمس) ص:74.
  38. لاحظ قاموس الرجال ج:8 ص:14.
  39. رجال النجاشي ص:291.
  40. لاحظ المحاسن ج:1 ص:265.
  41. لاحظ فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:187، ورجال الطوسي ص:452، ورجال النجاشي ص:457.
  42. كتاب الخمس ج:1 ص:214.
  43. الخصال ص:290.
  44. لاحظ تهذيب الأحكام ج:4 ص:220. معاني الأخبار ص:211. من لا يحضره الفقيه ج:2 ص:92.
  45. لاحظ الكافي ج:5 ص:126.
  46. لاحظ الكافي ج:7 ص:393.
  47. لاحظ الكافي ج:2 ص:669.
  48. لاحظ من لا يحضره الفقيه ج:2 ص:274.
  49. الكافي ج:1 ص:450. تهذيب الأحكام ج:1 ص:269. الأمالي للشيخ الطوسي ص:585.
  50. رجال الشيخ الطوسي ص:184. رجال النجاشي ص:52.
  51. رجال النجاشي ص:117.
  52. رجال النجاشي ص:198.
  53. الرجال لابن الغضائري ص:74.
  54. الرجال لابن الغضائري ص:74 التعليقة:4.
  55. لاحظ التحرير الطاووسي ص:4.
  56. لاحظ لمزيد التفصيل ص:77.
  57. الرجال لابن الغضائري ص:39.
  58. الرجال لابن الغضائري ص:40.
  59. الرجال لابن الغضائري ص:53.
  60. الرجال لابن الغضائري ص:62.
  61. الرجال لابن الغضائري ص:93.
  62. ولاحظ للمزيد ما حكاه العلامة (قدس سره) في الخلاصة عن ابن الغضائري في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي والحسين بن القاسم بن محمد وليث بن البختري وهشام بن إبراهيم العباسي.
  63. لاحظ الكافي ج:1 ص:228، 272، 417، 418.
  64. لاحظ الكافي ج:1 ص:401، 438، ج:4 ص:549.

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)