أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-06
![]()
التاريخ: 4-12-2016
![]()
التاريخ: 12-7-2019
![]()
التاريخ: 11-6-2020
![]() |
كان من المعجزات الفذة في تاريخ العالم أن شعبًا حديث النشأة ولا عهد له بالحضارة العالمية ينهض فجأة، ويخرج من نطاق الصحراء المحصورة، وتتَّحد عناصره بعد أن كانت متنافرة مشتتة، ثم يُشهر أسلحته - التي طالما مزقت أشلاء القبائل نفسها -على الأمم القاصية والدانية فيقهرها قويها وضعيفها، وفي عشرات السنين استطاع هذا الشعب – الذي كان بعيدًا عن مظان القوة والملك - أن يمحو قوة كل مَن عداه من الشعوب من صحيفة الوجود، ولم تقف همته القعساء في تلك الفترة الوجيزة حتى وقف عند أبواب القسطنطينية. لقد كانت نهضة الإسلام أسرع في الانتشار من نار الحراج تلتهب وتلتهم كل ما يصادفها، وما زالت حتى بلغت شواطئ المحيط الأطلسي غربا. ولم تكن تلك الحركة المشتعلة والنهضة التي لم يسبقها مثال سوى ثمرة جهود رجل واحد، هو النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو لم تكن الأمم الأوروبية وغيرها قد تمكنت من إدراك حقيقته؛ لشدة ما ذعرت من سرعة تقدمه، وانهيار بنائها، واندحار جنودها، وانطفاء أنوارها حيال اندفاع تياره وشدة بأسه وبطشه ونوره الجديد الباهر، فلما عجز ملوكهم وقوادهم ووزراؤهم عن مقاومته في ميادين الوغى والسياسة، انبرى كتابهم وشعراؤهم لهجائه والنيل منه؛ فقالوا ما قالوا وسبوا وطعنوا وقذفوا وشتموا ما شاء لهم الغيظ والحقد والحسرة على ممالكهم الضائعة وتيجانهم الطائحة وشملهم المشتت. وبقي أهل الرأي فيهم في حيرة يتساءلون عن علة ظهور الإسلام بهذا المظهر العظيم، وكيف أن صوت النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده أيقظ شعبًا من سُباته، بل خموده الذي تطاولت عليه القرون؟! وكان لفيف منهم انهم النبي بالادعاء، فلما رأوا المتانة في الأخلاق، والشدة في الحروب، والدقة في التدبير وشهدوا القوة في جميع مظاهرها المادية والمعنوية، خضعوا لها، وما فتئت القوة في نظرهم الحجة التي لا تُرد والوسيلة البالغة. وبعد أن كانوا يقولون: «إن الإسلام حليف الشيطان وثمرة جهود إبليس ومظهر الغضب الرباني على الجنس الإنساني.» (مجموعة التواريخ، تأليف دي تيرو، الكتاب الأول الفصل الأول) سكتوا ولم يدروا كيف يعللون ما حاروا في فهمه؛ فعدلوا عن القذف والشتم وتحولوا إلى الدرس والبحث والتنقيب لعلهم يهتدون إلى تفسير ذلك الحادث التاريخي، والذي كان من شأنه إخضاع الملايين لصوت رجل واحد كان منهم ونشأ بين ظهرانيهم وترجمة حاله معلومة لديهم. وكان من مؤرخي الإفرنج من بدأ يهمس بأن النبي لو كان دعيًّا أو منتحلاً أو طالب مجد لنفسه على حساب الرب الذي يدعو إليه، ما وصل إلى أعماق تلك القلوب التي كانت بالأمس متحجرة، ولا استطاع هو مهما أوتي من حذق وبراعة أن يضرب على الأوتار الحساسة في قلوبهم ونفوسهم، لا سيما وأنه جاء لهم بمعتقدات تخالف معتقداتهم وتصدم ميولهم وشهواتهم وتقف حجر عثرة في سبيل آمالهم الدنيوية. ولم يقتصر أثره في شعبه الذي ناصبه العداء من اللحظة الأولى، بل امتد أثره إلى الشعوب الأخرى التي لم تكن تربطها بالنبي العربي رابطة دم ولا جنس ولا ماض في جاهلية أو إسلام. وكما أن الفجر يتلوه الصباح، كذلك الهمس يتلوه الجهر؛ فأخذ بعض علمائهم يجهرون بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم نبي مرسل؛ فقال نولدکه وهير جرنجيه: إنه صادق. وقال جولد زيهر وولز: «إنه أنجح الأنبياء.» لقد كانت نهضة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة والمدينة على مدى بضع سنين ثورة شعواء على الجهل والظلم والاستبداد في سائر أنحاء العالم، ولم تكن مكة والمدينة سوى قريتين صغيرتين في جزيرة العرب، وقد تمكنت الأفكار التي بزغت من اختراق أعظم العواصم وأعرقها في المدنية؛ فتسللت تلك الأفكار المحمدية إلى مصر ودمشق وبيزنطة وطهران ودهلي وبكين ولم تَثْنِ عزمها شواطئ البحار؛ فخاضت الفكرة الإسلامية غمارها، واستولت على كثير من مدائن أوروبا في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا، فما كان أعظم. سر القريتين اللتين بهرتا العالم منذ القرن السابع المسيحي. ومما زاد علماء الأغيار ومؤرخيهم انبهارًا أنهم رأوا حول النبي جيلًا كاملا من الرجال الكاملين...
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
ملاكات العتبة العباسية المقدسة تُنهي أعمال غسل حرم مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وفرشه
|
|
|