أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2015
5747
التاريخ: 17-9-2019
4599
التاريخ: 5-7-2019
6954
التاريخ: 17-9-2019
3572
|
من ينعم النظر في الأمثال الجاهلية يجد طائفة منها توفر لها ضروب من القيم التصويرية والموسيقية، ففيها أحيانا تشبيه واستعارة وكناية وتمثيل، وفيها أحيانا أخرى صقل وسجع وتنميق، ونحن نصطلح على تسمية هذه القيم الفنية التي تقابلنا في نصوص الأدب الجاهلي نثره، وشعره باسم الصنعة، وقد تسربت إلى الأمثال بعض هذه القيم التي كانت تشيع في نثر الجاهليين وشعرهم، وليس معنى ذلك أنهم حققوا لأمثالهم جميعا ضروبا مختلفة من هذه القيم، فذلك إنما يظهر في القلة القليلة، أما الكثرة فمغسولة من كل فن وبيان، ومرجع ذلك إلى أن الأمثال تجري في لغة التخاطب، وأحاديث الناس اليومية العادية، وقلما نمق أصحاب هذه الأحاديث لغتهم، أو حاولوا أن يوفروا لها ضروبا من الجمال الفني البديع، ومن ثم كان كثير من الأمثال الجاهلية يخلو خلوا تاما من المهارة البيانية، وقد مر بنا أن طائفة منها تخرج على الأصول الصرفية والنحوية، ومن أجل ذلك قالوا: إنه يجوز فيها من الحذف، والضرورات ما لا يجوز في سائر الكلام(1).
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا: إن الأصل في الأمثال أن لا تكون مصقولة، ولا مصنوعة؛ لأنها من لغة الشعب، وقلما نمق الشعب في لغته، غير أن كثيرا ما تصدر الأمثال عن الطبقة الراقية في الأمة: طبقة الشعراء والخطباء، فتحقق لها هذه الطبقة ضروبا من عنايتها العامة بفنها، وهذا هو مصدر الاختلاط في الحكم على الأمثال، فبينما نجد أمثالًا غير مصقولة نجد أخرى تفنن أصحابها في صوغها، وإخراجها في أسلوب بليغ على شاكلة تلك الأمثال:
أنقى من مرآة الغريبة -كالمستجير من الرمضاء(2) بالنار- إن البغاث بأرضنا يستنسر(3)وراء الأكمة ما وراءها- حلب الدهر أشطره(4)يخبط خبط عشواء(5) تطلب أثرا بعد عين(6) في الجريرة تشترك العشيرة(7) عند الصباح يحمد القوم السري(8) تحت الرغوة اللبن(9) الصريح -هدنة على دخن(10)حال الجريض دون القريض(11) رب صلف تحت الراعدة(12) وقد يأتيك بالأخبار من لم تزود(13) استنوق الجمل(14) كذى العريكوى غيره وهو راتع(15) لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر- لا تكن كالعنز تبحث عن المدية -لو ذات سوار لطمتني(16) المكثار كحاطب الليل(17) المنية ولا الدنية(18).
وما من ريب في أن هذه الأمثال تستحوذ على ضروب من الجمال الفني يرجع بعضها إلى اختيار ألفاظها، وصيغها ويرجع بعضا الآخر إلى ما تعتمد عليه من تصوير، أو سجع وتوفيق، وهذا هو معنى ما نذهب إليه من الأمثال الجاهلية تحتوي في بعض جوانبها آثارا من الصنعة، ولعل ذلك ما جعل الفارابي يقول: إنها من أبلغ الحكمة(19)، ويقول ابن المقفع إنها آنق للسمع(20)، بينما يقول النظام: إنها "نهاية البلاغة لما تشتمل عليه من حسن التشبيه، وجودة الكناية"(21).
وطبيعي أن تظهر الصنعة في بعض الأمثال الجاهلية، فقد كان العرب حينئذ مشغوفين بالبيان والبلاغة، وصور القرآن الكريم فيهم هذا الجانب، فقال جل شأنه: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} ، وقال: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} ، وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.{
وفي جميع آثار نثرهم، وشعرهم نجد آثار هذه الرغبة الملحة في استمالتهم الأسماع بجمال منطقهم وخلابة ألسنتهم، وقد دفعتهم تلك الرغبة دفعا إلى تحسين كلامهم، وتحبير ألفاظهم حتى في أمثالهم، وهيأ لذلك أن كثيرا من بلغائهم، وفصحائهم أسهموا في صناعة هذه الأمثال، فكان طبيعيا أن تظهر فيها خصائصهم الفنية التي يستظهرونها في بيانهم، وتدبيج عباراتهم حين ينظمون، أو يخطبون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-المزهر للسيوطي 1/ 487.
2-الرمضاء: الأرض شديدة الحرارة.
3- البغاث: ضعاف الطير. يضرب مثلا للشخص يكون ضعيفا، ثم يقوى كالنسور في عالم الطير.
4- الأشطر: جمع شطر، وهي أخلاف الناقة. يضرب مثلا لمن عرك الدهر.
5-العشواء: الناقة ضعيفة البصر. يضرب مثلا في التعثر.
6-يضرب في فوت الحاجة.
7- الجريرة: الجناية.
8-السرى: السير ليلا.
9- الصريح: الخالص.
10- دخن: حقد.
11- الجريض: غصص الموت، والقريض الشعر.
12- الراعدة: السحابة، والصلف: قلة الخير والمطر. يضرب مثلا في البخل مع السعة.
13- تزود: تعطه الزاد.
14- استنوق: أصبح ناقة. يضرب مثلا لمن يظن أن فيه شجاعة ثم يظهر جبنه، وكذلك لمن يظن أن عنده رأيا، ويظهر عجزه.
15- العر: الحرب، وكانوا يداوونه في إبلهم بالكي.
16- ذات السوار: المرأة. يضربه الرجل الشريف في ظلم الحسيس له.
17-المكثار: المكثر من الكلام، وشبه يحاطب الليل؛ لأنه ربما نهشته حية أو عقرب.
18-الدنية: العمل الدنيء.
19- المزهر 1/ 486.
20- الأدب الصغير بتحقيق أحمد زكي ص28.
21- مجمع الأمثال 1/ 5.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|