أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-08
644
التاريخ: 2024-07-22
391
التاريخ: 2024-02-28
826
التاريخ: 2023-07-31
1369
|
الجعفريّات (الأشعثيّات) (1):
ويمكن المناقشة في اعتبار هذا الكتاب من جهتين:
(الجهة الأولى): أنّه مرويّ عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن جده الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، وموسى بن إسماعيل لم يذكر بمدح ولا توثيق في كتب الرجال، وكان السيد الأستاذ (قدس سره) يعتمد في توثيقه على ورود اسمه في أسانيد كامل الزيارات (2)، ولكنّه عدل عن ذلك في أواخر حياته المباركة وخصّ التوثيق المذكور في مقدمة الكامل بمشايخ المؤلف محمد بن جعفر بن قولويه.
والصحيح أنّه لا علاقة له بجميع مشايخه أيضاً كما نبّه على ذلك سيدي الأستاذ الوالد (دامت بركاته) (3)، وقد مرّ تفصيل ذلك في الفصل الثاني.
وبالجملة: موسى بن إسماعيل لم يُوثّق كما لم يُمدح بما يقتضي الاعتماد على روايته، نعم استفاد المحدّث النوري مدحه بما يقرب من التوثيق من كلام السيد ابن طاووس في كتاب الإقبال، ونصّه هكذا: (رأيت ورويت من كتاب الجعفريّات وهي ألف حديث بإسناد واحد عظيم الشأن إلى مولانا موسى بن جعفر عن مولانا جعفر بن محمد عن مولانا محمد بن علي عن مولانا علي بن الحسين عن مولانا الحسين بن علي عن مولانا علي بن أبي طالب (عليهم السلام)..) (4).
ووجه الاستفادة أنّ قوله: (عظيم الشأن) مسوق لمدح إسماعيل وابنه موسى ومحمد بن الأشعث لا الذين فوقهم (صلوات الله عليهم) (5).
أقول: ظاهر سياق العبارة وإن كان يقتضي كونها في مقام مدح من وقعوا في السند قبل الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) ولكن توصيف السند بأنّه عظيم الشأن بلحاظ هؤلاء بعيد، فإنّه يوصف به السند المشتمل على جمع من الأعاظم الذين لهم مكانة عليا في العلم والدين ومن المؤكّد أن هؤلاء لم يكونوا بهذه المثابة، فالمظنون قوياً أنّه أراد مدح من فوقهم من الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فتأمّل.
والحاصل: أنّ موسى بن إسماعيل لا دليل على اعتبار رواياته (6)، ولم يظهر أنّ دوره في رواية كتاب أبيه تشريفي محض لئلا تكون حاجة إلى إثبات وثاقته ويعتمد على الكتاب المنقول بطريقه.
نعم ذكر ابن الغضائري في ترجمة سهل بن أحمد الديباجي أنه لا بأس بما رواه من الأشعثيات (7)، والأشعثيّات هي الجعفريّات سُمّيت بها لأنّ محمد بن محمد الأشعث رواها عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وسهل الديباجي رواها عن محمد بن الأشعث واعتبار رواية الديباجي لها يفيد ضمناً اعتبار السند الذي رواها به، فتأمّل.
هذا حال موسى بن إسماعيل، وأمّا والده إسماعيل ابن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) فهو مشمول لإطلاق كلام المفيد من أن لكل من أولاده عليه السلام فضلاً ومنقبة مشهورة (8)، وقيل: إنّ هذا مدح معتدّ به، فتأمّل.
(الجهة الثانية): أنّ كتاب الجعفريّات أو الأشعثيّات وإن كان من الكتب المشهورة بين العامة والخاصة كما يظهر بمراجعة كتب الفهارس والرجال إلا أنّ المهم إثبات تطابق النسخة الواصلة إلى المحدّث النوري من بلاد الهند مع النسخة الأصل فإنّه خالٍ عن الدليل، بل يمكن إقامة الدليل على خلافه بتقريب أفاده السيد الأستاذ (قدس سره)، وهو أنّ الموجود بأيدينا مشتمل على كتاب الجهاد وكتاب التفسير وكتاب النفقات وكتاب الطب والمأكول وكتاب غير مترجم، وهذه الكتب غير موجودة في ما أورده النجاشي والشيخ من كتب الجعفريّات، وكتاب الطلاق موجود في ما ذكراه وغير موجود في ما هو عندنا، فمن المطمأن به أنّهما متغايران ولا أقل من أنّه لم يثبت الاتحاد وحيث إنّه لا طريق لنا إلى إثبات ذلك فلا يمكن الاعتماد على هذا الكتاب بوجه (9).
ولكن يلاحظ على هذا التقريب بوجوه:
(الأول): أنّ اختلاف نسخ الكتاب الواحد بالزيادة والنقصان كان أمراً متداولاً في مؤلفات السابقين وقلّ ما يوجد كتاب تتفق جميع نسخه، حتى إنّ كتاب الكافي وهو أشهر كتب الإمامية لم يسلم من هذا الاختلاف بين نسختي الصفواني والنعماني، بل يظهر بمقايسة النسخ الموجودة بأيدينا إلى ما نقل عنه في كتاب التوحيد للصدوق والتهذيب للشيخ وجود الاختلاف بين نسخنا ونسختيهما.
وبالجملة: الاختلاف بالزيادة والنقيصة لا يوجب سلب الاعتماد عن النسخ المختلفة.
(الثاني): أنّ كون عدد الكتب المذكورة في الفهارس لبعض المصنفات أقل من عدد الكتب المعنونة في النسخ المتداولة منه لا يدلّ على التغاير بينهما فإنه ربما تسقط أسامي بعض الكتب عند عدّها في الفهارس.
مثلاً: كتاب الكافي يشتمل على كتاب القضايا والأحكام ولم يذكر في عداد كتبه في كتاب النجاشي (10)، ويشتمل أيضاً على كتاب العشرة ولم يذكر في عداد كتبه في فهرست الشيخ (11)، فهل يمكن أن يعدّ ذلك دليلاً على تغاير الكافي الموجود بأيدينا مع ما هو المذكور في الفهارس؟!
وفي المقام يمكن أن يكون عدم ذكر كتاب الجهاد والتفسير والكتاب غير المترجم في عداد كتب الجعفريات في فهرستي الشيخ والنجاشي من هذا القبيل، ولا سيما أنّه لا يظهر كونهما بصدد حصر الكتب التي اشتملت عليها الجعفريات، فقد قال النجاشي في ترجمة إسماعيل بن موسى بن جعفر: (وله كتب يرويها عن أبيه عن آبائه منها كتاب الطهارة..)، ومثلها عبارة الشيخ (قدس سره) ولا دلالة فيهما على الحصر كما هو واضح (12).
ويحتمل في خصوص كتاب التفسير أن يكون من مرويّات موسى بن إسماعيل، وقد تم إدراجه في الجعفريات لاحقاً، فإنّ له كتاباً في ذلك كما ذكر في ترجمته (13).
والحاصل: أنّ سقوط أسامي بعض الكتب من الفهارس أمر شائع لا يصح أن يتخذ دليلاً على اختلاف النسخ المتداولة مع ما ذكر في الفهارس.
(الثالث): أنّ اختلاف ما في الفهارس من عناوين الكتب مع ما هو الموجود في النسخ المتداولة للمصنف ربّما ينشأ من ذكر بعض المقاطع في نسخ المفهرسين بعنوان كتاب مستقل وفي النسخة الواصلة إلينا بعنوان باب من كتاب آخر أو بالعكس.
ومن أمثلة ذلك أنّ الشيخ (قدس سره) عدّ في الفهرست (14) في عداد كتب التهذيب كتاب الأطعمة والأشربة مع أن المذكور في التهذيب المتداول هو (باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه) في ضمن كتاب الصيد والذبائح.
وفيما هو محل البحث ذكر الشيخ كتاب الديات في ضمن كتب الجعفريات مع أن النجاشي لم يذكره وهو مذكور في النسخة الموجودة بأيدينا بعنوان باب الديات في ضمن كتاب الحدود (15).
وبذلك يوجّه أيضاً ذكرهما لكتاب الطلاق مع أنه لا يوجد بهذا العنوان في نسخنا، بل المذكور فيها أبواب متعددة بعناوين مختلفة في أحكام الطلاق في ضمن كتاب النكاح (16).
وهكذا يمكن أن يوجّه ذكر كتاب النفقات في نسخنا (17) مع عدم ذكره في فهرست الشيخ وكتاب النجاشي، فإن الظاهر أنه كان مذكوراً في نسختيهما بعنوان باب النفقات، وهو الأنسب بإيراده في وسط أحكام النكاح.
وهكذا يحتمل أن يكون كتاب الطب والمأكول مذكوراً في نسختيهما باعتبار كونه باباً من كتاب السنن والآداب.
وجدير بالذكر أن النسخة الواصلة إلينا من الجعفريات مختلفة الترتيب، فقد ورد في آخر كتاب الطهارة (18) أحاديث لا علاقة لها بعنوان الباب الذي أدرجت تحته بل لا علاقة لمعظمها بكتاب الطهارة، وأيضاً معظم النصف الثاني من كتاب التفسير (19) لا يرتبط بهذا العنوان، وفي آخر كتاب الرؤيا (20) أحاديث لا صلة لها بالموضوع، وجاء في آخر الكتاب (تم كتاب السنن) مع أن هذا الكتاب مذكور قبل كتاب التفسير والجنائز والدعاء والكتاب غير المترجم وكتاب الطب والمأكول والرؤيا!!
وكيف كان فقد ظهر ممّا تقدّم أنّ الاختلاف الملحوظ في عدد كتب الجعفريات بين ما هو مذكور في الفهارس وما يوجد في النسخة الواصلة إلى المتأخرين لا يصلح أن يجعل شاهداً على التغاير والاختلاف بينها وبين نسخ المفهرسين فضلاً عن أن يجعل دليلاً على التغاير كما رامه السيد الأستاذ (قدس سره).
هذا ويمكن الاستشهاد على صحة النسخة الموجودة بأيدينا بتكرر النقل في كتب الخاصة والعامة عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن آبائه، أو عن كتاب الجعفريات، مما هو موجود بعينه في هذه النسخة ومن ذلك:
1 ــ ما أورده محمد بن محمد بن الأشعث في كتابه (رواية الأبناء عن الآباء من آل رسول الله (عليهم السلام) حسب ما ذكره السيد ابن طاووس والظاهر أنه مقتبس من كتاب الجعفريات) (21).
2 ــ وما نقله ابن قولويه في (كامل الزيارات) عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن آبائه (22).
3 ــ وما نقله عنه ابن قولويه أيضاً في كتاب (الشهادات) على ما يظهر من الشيخ في التهذيب (23).
4 ــ وما نقله عنه محمد بن أحمد بن داود في كتاب (المزار) على ما يظهر من الشيخ في التهذيب أيضاً (24).
5 ــ وما نقله عنه الصدوق في جملة من كتبه (25).
6 ــ وما نقله عنه أبو المفضل الشيباني في كتاب (الدعاء) على ما يظهر من السيد ابن طاووس في فلاح السائل (26).
7 ــ وما نقله عنه السيد فضل الله الراوندي في نوادره، فإنه أخذ معظمها
من الجعفريّات (27).
8 ــ وما نقله السيد ابن طاووس عن الجعفريات في الإقبال (28).
9 ــ وما نقله عن الجعفريات الشهيد الأول في جملة من كتبه (29).
10 ــ وما نقله الشيخ محمد بن علي الجباعيّ جد الشيخ البهائي في مجموعته من الجعفريات عن خط الشهيد الأول، وهو كما قال المحدث النوري يقرب من ثلث الكتاب (30).
11ــ وما نقله عبد الله بن عدي الجرجاني في الكامل (31).
12 ــ وما نقله ابن الجوزي في الموضوعات (32).
13 ــ وما نقله الذهبي في ميزان الاعتدال (33).
14 ــ وما نقله الشيخ محمد بن محمد بن الجزري الشافعي وهو أربعون حديثاً كما ذكره العلامة المجلسي في هامش البحار (34).
ولعلّ المتتبّع يجد غير هذه الموارد أيضاً وهي شاهد قوي على صحة النسخة الواصلة إلى المتأخرين من كتاب الجعفريات، بل ربما يدعى أنه بملاحظتها يحصل الاطمئنان بذلك.
ولكن يشكل ذلك بأن المذكور في كلمات الخاصة والعامة أن كتاب الجعفريات ألف حديث أو ما يقرب من ذلك بإسناد واحد، صرح بذلك السيد ابن طاووس في الإقبال (35) والعلامة في إجازته لبني زهرة (36)، والذهبي في ميزان الاعتدال (37)، مع أن النسخة الموجودة بأيدينا تشتمل على ما يناهز ألفاً وستمائة حديث (38)، بعد استثناء ما رواه محمد بن محمد بن الأشعث من غير طريق موسى بن إسماعيل عن أبيه عن آبائه وهو ما يقرب من عشرين حديثاً (39)، ويصعب توجيه هذا التفاوت الكبير بين الرقمين بعد وضوح أنه خارج عما يسمّى بتدوير الأعداد.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يلاحظ أنّ في هذه النسخة روايات مخالفة لما هو المعلوم من فقه أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، كتصحيح الحلف بالطلاق (40)، وصحة الطلاق الثلاث (41)، وأن المصّة الواحدة تعدّ من الرضاع المحرّم (42)، والترخيص في الغناء والضرب على الطبول (43)، وأن مدة النفاس أربعون يوماً (44)، واختلاف دلالة آية الوضوء في المسح على الرجل أو غسلها حسب اختلاف قراءتها (45)، وأشياء أخرى نظير ذلك.
ومن جهة ثالثة لا ريب في أن هذه النسخة من مرويات رجال العامة، فراويها عن محمد بن محمد بن الأشعث هو (أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي ابن السقا) الذي تكرر اسمه في بداية جملة من أحاديث الكتاب، وقد أضاف إليه بعض الروايات من غير طريق محمد بن محمد بن الأشعث (46).
والرجل ترجم له الذهبي ووصفه بأنّه (الإمام الحافظ الثقة الرحال) وحكى عن السلفي أنّه اتفق أنّه أملى حديث الطائر المشوي الوارد في فضيلة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فلم تحتمله أنفسهم ـ أي أهل واسط ـ فوثبوا به وأقاموه وغسلوا موضعه فمضى ولزم بيته لا يحدّث أحداً من الواسطيّين، ولهذا قلّ حديثه عندهم، وقد مات سنة (373) أو (371) (47).
والراوي عن ابن السقا هو (أبو الحسن أحمد بن المظفر بن يزداد العطار) وهو أيضاً من رجال العامة، وقد ذكر الذهبي اسمه في ترجمة ابن السقا (48).
والراوي عن ابن العطار اثنان:
أحدهما أبو نعيم محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف الواسطي الجُمّاري، الذي ترجم له الذهبي وقال: هو راوي مسند مسدّد عن أحمد بن المظفر العطار، وثقه المحدث خميس توفي في حدود سنة (500) (49).
والراوي الثاني عن ابن العطار هو علي بن محمد بن محمد بن الطيب الجلابي الواسطي صاحب تاريخ واسط.
والراوي عن الجماري والجلابي هو ابن الأخير (أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب بن الجلابي الواسطي المالكي المغازلي المعدل الشروطي) هكذا ذكره الذهبي وقال: قال السمعاني: إن ظاهره الصدق والأمانة ولكن كان الإغلاقي يرميه بأنه ادعى سماع شيء لم يسمعه وقد مات سنة (542) (50).
هؤلاء هم الرجال الذين رووا هذه النسخة، وقد تقدم أنها تزيد على الجعفريات بما يناهز ستمائة رواية، وفيها روايات عديدة تخالف مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
فهل بعد ذلك يمكن الوثوق بهذه النسخة واعتماد كل ما ورد فيها؟!
فظهر ممّا تقدّم أنّ روايات النسخة الواصلة إلى المتأخّرين من الأشعثيّات أو الجعفريّات لا تصلح إلا للتأييد وإخراجها شاهداً لا دليلاً، فتدبّر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|