المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنيميا فقر الدم الانحلالي Hemolytic anemia
2024-12-21
نعلي الملك بسوسنس
2024-12-21
غطاء الأصابع والخواتم والنعال في عهد بسوسنس
2024-12-21
الأساورة في عهد بسوسنس
2024-12-21
تعاويذ القلب في عهد بسوسنس
2024-12-21
الجعارين
2024-12-21



التربية بلغة الصداقة والموعظة  
  
1207   03:05 مساءً   التاريخ: 2023-04-20
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص401 ــ 403
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

إذا سعى الأبوان إلى فرض منهجهما التربوي والتوجيهي عن طريق لغة الصداقة والموعظة أو من خلال اتباع أسلوب المشاورات وتبادل الآراء مع أبنائهما ، فمن المؤكد أنهما سينجحان في التسلل إلى أعماق الأبناء ، وتمرير منهجهما التربوي بشكل سليم ويسير .

وقد أولى الإسلام هذه المسألة النفسية الحساسة بالغ الاهتمام في برامجه التربوية لجيل الشباب، فهناك كثير من الآيات القرآنية والروايات الإسلامية المعتبرة جاءت لتؤكد أهمية تربية الفتيان والشبان على أساس تقديرهم واحترام شخصيتهم.  

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ...} [لقمان: 13].

لقد كان لقمان رجلاً ربانياً وحكيماً مؤمناً نزلت في حقه وبأسمه سورة قرآنية ، تضمنت جانباً من تربيته ومواعظه الحكيمة لابنه .

العظة والنصيحة :

من خلال قراءتنا للقرآن الكريم وبالتحديد سورة لقمان نلمس العناية الإلهية بحديث لقمان وموعظته لابنه ، وهذه العناية تبرز من خلال كلمته «وهو يعظه» .

فلو لم يأت ذكر هذه الكلمة في الآية المذكورة، ونزلت الآية على النحو التالي، وإذ قال لقمان لابنه يا بني، لكانت كاملة ومفهومة، ولكننا كنا جهلنا أسلوب مخاطبة لقمان العارف الحكيم لابنه ، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يوضح هذا الأسلوب بكلمة «وهو يعظه» ، وشاء أن يعرفنا بأن خطاب لقمان لابنه لم يكن يحمل صيغة الأمر والنهي ولا الإهانة والتحقير ولا التملق والتزلف ، بل جاء بلسان العظة والنصح مراعاة منه لشخصية آبنه وعزة نفسه . فليتعلم الآباء والأمهات من هذا الدرس القرآني العظيم كيف يطبقون منهجهم التربوي على أبنائهم بشكل يترك في أعماقهم بالغ الأثر ويحفظ لهم شخصيتهم ويضمن لهم سعادتهم في الحياة .

الأب وواجب الأبوة:

لقد أتبع الأئمة الأطهار سلام الله عليهم أجمعين أيضاً أسلوب العظة والنصح في أداء واجبهم الأبوي تجاه أبنائهم ، ففي كتاب موجه لابنه الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) ، قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : فإني لم آلُك نصيحة وإنك لن تبلغ في النظر لنفسك وإن اجتهدت مبلغ نظري لك(1).

ويستطيع الآباء والأمهات ان يستشفوا من هذ القول الحكيم ، مسألتين نفسيتين في غاية الدقة ، ويتخذوهما أساساً لتربية أبنائهم :

منطق النصح :

أولاً: اتباع منطق النصح والعظة في تربية أبنائهم ، وتجنب منطق القوة والاستبداد الذي يشعر الفتيان بالحطة والحقارة .

ثانياً: اعتبار أنفسهم شركاء في توفير السعادة لأبنائهم ، وإفهام أبنائهم أنهم إنما ينشدون السعادة بدافع من حب الذات ، وأنهم - الآباء والأمهات - إنما ينشدون لهم السعادة بدافع من المحبة والحنان، إذن فهم شركاء، ولهم هدف واحد، هو الاستقامة والفلاح، وعليهم أن يتكاتفوا ويتعاونوا لبلوغ هذا الهدف، كل من موقعه ومسؤوليته.

____________________________

(1) نهج البلاغة، الفيض، ص909. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.