أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
2396
التاريخ: 10-10-2014
1516
التاريخ: 2024-08-27
225
التاريخ: 30-04-2015
1103
|
لدينا قراءات من السبعة رُميت بالشذوذ ؛ لمخالفتها القياس ، أو وقوعها موضع إنكار عامَّة المسلمين ، ممّا يدل على أنَّها اختيارات اجتهادية رآها أصحابها خطأً ، أو لقلَّة المعرفة بمقاييس الكلام الصحيح ، ومن ثمَّ رفَضَها الأئمَّة المحقِّقون والحفّاظ الضابطون ، فاتَّسمت بالشذوذ ، ومَنعَ الفقهاء من القراءة بها في الصلاة أو في غيرها بسِمة كونها قرآناً .
من ذلك : الجمْع بين الساكنَين في تاءات البزّي صاحب قراءة ابن كثير من السبعة ، كان يشدّد التاء التي تكون في أوائل الأفعال المستقبلة في حال الوصل ، في أحد وثلاثين موضعاً من القرآن نحو {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} [البقرة : 267] (1) .
ومن ذلك أيضاً : إدغام أبي عمرو إذا اجتمع مِثلان ، أمّا في كلمة واحدة ففي
موضعين : أحدهما {مَّنَاسِكَكُمْ} [ البقرة : 200] ، والثاني {مَا سَلَكَكُمْ} [ المدثر : 42] .
وأمّا إذا كانا في كلمتين فإنَّه كان يدغم الأوَّل في الثاني سواء سكَن ما قبْله ، أو تحرَّك في جميع القرآن ، نحو قوله : {فِيهِ هُدًى} [ البقرة : 2] ، {شَهْرُ رَمَضَانَ} [ البقرة : 185] ، {أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ} [ البقرة : 254] ، {لاَ أَبْرَحُ حَتَّى} [ الكهف : 60] ، {يَشْفَعُ عِنْدَهُ} [ البقرة : 255] (2) .
وقراءة حمزة : {فَمَا اسْطَاعُوا} [ الكهف : 97] ، حيث قلَب التاء طاء وأسكنها فأدغمها في الطاء مع سكون السين أيضاً ، وهي قراءة شاذَّة (3) .
وقراءة أبي عمرو : {بَارِئِكُمْ} [ البقرة : 54] بسكون الهمزة ، و( يأمركم ) و( تأمرهم ) و( يأمرهم ) و( ينصركم ) و( يشعركم ) ، حيث وقع في القرآن كلّ ذلك باختلاس ضمَّة الراء ، وهي قراءة شاذَّة (4) .
وقراءة ابن كثير : {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [ لقمان : 13] بسكون الياء (5) .
وقراءة قنبل ـ صاحب قراءة ابن كثير : {سَبأ} [ النمل : 22] بسكون الهمزة (6) .
وقراءة حمزة : {مَكرُ السيىء} [ فاطر : 43] بإسكان الهمز في الوصل (7) .
وقراءة قنبل : {يرتعي} [ يوسف : 12] بإثبات الياء بعد العين (8) .
وقراءته : {يتّقي ويصبر} [ يوسف : 90] بإثبات الياء بعد القاف (9) .
وقراءة هشام ـ صاحب قراءة ابن عامر ـ : {أفئيدةً من الناس} [ إبراهيم : 37] بإثبات الياء بعد الهمزة (10) .
وقراءة نافع وابن كثير وابن عامر {ليكة} [ الشعراء : 176]و[ ص : 13] بلام مفتوحة ـ من غير همز بعدها ولا ألف قبلها ـ وفتح التاء ، وقرأ الباقون ( الأيكة ) بالألف واللام مع الهمزة وخفْض التاء (11) .
وقرأ قنبل : {سأقيها} [ النمل : 44] بهمزة ساكنة بعد السين بدل الألف (12) .
وقرأ حمزة : {والأرحام} [ النساء : 1] بالخفْض (13) .
وقرأ ابن عامر : {كن فيكون} (14) بالنصب ، وتابعه الكسائي في النحْل ويس فقط (15) .
وقرأ حمزة ـ أيضاً ـ كما مرَّ : ( قتل أولادهم )[ الأنعام 137] (16) بالفصل بين المضافين (17) .
هذه وأمثالها كثير يجدها الباحث في كتُب القراءات (18) ، فكم للسبعة ورُواتهم من شواذّ خرجت عن ضابطة القراءة الصحيحة المقبولة ، فكانت موضع إنكار العلماء قاطبة ، فلا يصحّ كونها قرآناً كما لا تجوز قراءتها في الصلاة .
* * *
تعاليل وحُجج اجتهادية :
ذكر أبو محمّد مكّي بن أبي طالب في كتابه الكبير ( الكشف عن وجوه القراءات السبع ) ، حُججاً وتعاليل لمختلف القراءات (18) بصورة مستوعبة ، كان اعتمدَها القرّاء في اختياراتهم ، كلٌّ حسب اجتهاده الخاصّ وملاحظته الخاصَّة من غير اعتبار نقلٍ أو سماع ، نذكر منها نماذج :
1 ـ قوله تعالى : {آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ} [ يوسف : 7] ، قرأه ابن كثير بالتوحيد ( آية للسائلين ) ، جعل شأن يوسف كلَّه آية واحدة على الجملة ، وإن كان في التفصيل آيات كما قال : {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [ المؤمنون : 50] فوحّد ، وإن كان شأنهما التفصيل .
وقرأ الباقون بالجمْع ؛ لاختلاف أحوال يوسف ، ولانتقاله من حال إلى حال ، ففي كلِّ حالة جرَت عليه آية ، فجمع لذلك .
قال أبو محمّد : وهو الاختيار ؛ لأنَّ الجماعة عليه (19) .
2 ـ قوله تعالى : {فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ} [ يوسف : 10] ، قرأ نافع وحده بالجمْع ( غيابات الجبّ ) ؛ لأنَّ كلَّ ما غاب عن النظر من الجبّ فهو غيابة ، فقد أُلقي في غيابات من الجبّ ، وقرأ الباقون بالتوحيد ؛ لأنَّ يوسف لم يُلقَ إلاّ في غيابةٍ واحدة .
3 ـ قوله تعالى : {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [ يوسف : 12] ، قرأ الكوفيّون ونافع بالياء فيهما ، وقرأ الباقون بالنون ، وعن ابن كثير أنَّه قرأ ( نرتع ) بالنون و( يلعب ) بالياء ، وكسر الحرميّان العين من ( يرتع ) وأسكَنها الباقون .
وحجَّة مَن قرأ بالياء أنَّه أسند الفعل إلى يوسف ، وحُسن الإخبار عنه باللعب لصغره ؛ لأنَّه مرفوع عنه ، فيه اللّوم .
وحجَّة مَن قرأ بالنّون أنَّه حمَله على الإخبار من إخوة يوسف عن أنفسهم ، إذ لم يكونوا أنبياء في ذلك الوقت ، واللعب بغير الباطل جائز .
وحجَّة ابن كثير أنَّ ( يلعب ) مُسنَد إلى يوسف ، و( نرتع ) إلى إخوته .
وحجَّة مَن قرأ بإسكان العين أنَّه جعله من ( رتع يرتع ) إذا رعى ، فأسكَن العين للجزْم جواباً للطلب في قوله : ( أَرْسِلْهُ مَعَنَا ) .
وحجَّة مَن كسر العين أنّه جعله من ( رعى يرعي ) ، فإنَّ لامَه ياء فكان حذفها علامة للجزْم (20) .
4 ـ قوله تعالى : {الْمُخْلَصِينَ} [ يوسف : 24] ، قرأ نافع وأهل الكوفة بفتح اللام ، حيث وقع فيما فيه ألف ولام مبنيّاً للمفعول ؛ لأنَّ الله أخلصهم ، أي اختارهم لعبادته ، وقرأ الباقون بكسر اللام مبنيّاً ؛ لأنَّهم هم أخلصوا أنفسهم للعبادة .
قال أبو محمَّد : وفتح اللام أحبُّ إليّ ؛ لأنَّهم لم يخلصوا أنفسهم لعبادة الله ، إلاّ من بعد أن اختارهم الله لذلك وأخلصهم (21) .
5 ـ قوله تعالى : {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [ الرعد : 4] قرأ حفص ، وابن كثير ، وأبو عمرو بالرفع في الكلمات الأربع ، عطفاً على ( قطع ) ، وقرأ الباقون بالخفْض عطفاً على ( أعناب ) فهو أقرب إليه من ( قطع ) (22) .
6 ـ قال أبو علي : حجَّة مَن فتح الياء في مثل : {وَتَدْعُونَنِي إلى النَّارِ} [ غافر : 41] أنَّ أصل هذه الياء الحرَكة ؛ لأنَّها بإزاء الكاف للمخاطَب ، فكما فُتحت الكاف كذلك تُفتَح الياء ، وحجَّة مَن أسكَن : أنَّ الفتحة مع الياء قد كُرهت في الكلام كما كُرهت الحركتان الأُخرَيان فيها ... (23) .
7 ـ قوله تعالى : ( تَنبُتُ بِالدُّهْنِ )[ المؤمنون : 20] ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو بضمّ التاء وكسر الباء ، وقرأ الباقون بفتح التاء وضمّ الباء .
قال أبو محمّد : حجّة مَن ضمّ التاء أنّه جعله رباعياً ، وجعل الباء في ( بالدُهن ) زائدة ، لكن دلَّت الباء على ملازمة الإنبات للدُهن ، كما قال : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ )[ العلق : 1] ، وحجَّة مَن فتح التاء أنَّه جعله ثلاثياً ، والباء في ( بالدُهن ) للتعدية ، قال : والاختيار الفتح ؛ لأنّ الجماعة عليه (24) .
تلك نماذج سبعة كافية للدلالة على مبلغ مداخلة الاجتهاد في اختيار القراءات ، وقلّما نجد استنادهم إلى سماعٍ أو نقْل .
وتقدّم حديث البزّي في رجوعه عن قراءة ( ميت ) مخفَّفاً ، لمّا تبيَّن له أنَّه مخطئ في الاختيار (25) ؛ ولولا اعتماده على الاجتهاد لمَا صحَّ له الرجوع .
_________________________
(1) الكشف : ج1 ، ص314 ، وتقدّم في ص 263.
(2) التيسير للداني : ص20 وتقدّم في ص263 .
(3) الكشف : ج2 ، ص80 .
(4) النشر : ج2 ، ص212 .
(5) التيسير : ص176 .
(6) التيسير : ص176 .
(7) التيسير : ص182 .
(8) التيسير : ص131 .
(9) التيسير : ص131 .
(10) التيسير : ص135 .
(11) الإتحاف : ص333 .
(12) النشر : ج2 ، ص338 .
(13) التيسير : ص 93 .
(14) البقرة : 117 ، آل عمران : 47 و59 ، الأنعام : 73 ، النحل : 40 ، مريم : 35 ، يس : 82 ، غافر : 68 .
(15) التيسير : ص76 .
(16) القراءة المشهورة ( شركاؤهم ) ... .
(17) النشر : ج2 ، ص 263 .
(18) كالتيسير لأبي عمرو الداني ، والنشر لابن الجزري ( راجع بالخصوص : ج1 ، ص10 منه ) ، والكشف لمكّي بن أبي طالب ، وإتحاف فضلاء البشر للدمياطي ، وأمثالها ، وراجع تصريح أبي شامة على شذوذ هذه القراءات في كتابه ( المرشد الوجيز ) : ص174 ـ 176 .
(18) وهكذا أبو علي الفارسي في كتابه المبسَّط ( الحجّة في عِلل القراءات السبع ) في جزأين وغيره .
(19) الكشف : ج2 ، ص5 .
(20) الكشف : ج2 ، ص5 ـ 7 .
(21) الكشف : ج2 ، ص9 ـ 10 .
(22) الكشف : ج2 ، ص19 .
(23) الحجّة لأبي علي : ج1 ، ص314 ـ 315 .
(24) الكشف : ج2 ، ص127 .
(25) راجع الصفحة : 264 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|