أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2014
2562
التاريخ: 20/11/2022
1581
التاريخ: 10-7-2016
8093
التاريخ: 2023-06-12
1195
|
إذا تمثّل الصبر - الذي يُعدّ من منازل السائرين ومقامات الواصلين - في كسوة المثال لظهر بصورة إنسان كريم. يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم): "لو كان الصبر رجلاً لكان رجلاً كريماً" (1).
كما قال (صلى الله عليه واله وسلم): "نعم سلاح المؤمن الصبر والدعاء" (2).
إنّ السر في تأثير الصبر هو أنَّ الموجود المتزمّن هو رهن الزمان. فكما أنّ لحياة الإنسان ومماته حدوداً زمانيّة معيّنة لا تقبل التقديم ولا التأخير (3)، فإنّ لغيرهما من الحوادث ذلك الحكم نفسه أيضاً وإن للأجل المعيّن والأجل المعلق سبيلاً إلى الكثير من الموجودات الزمانية الأخرى.
إن اشتراط حادثة معيّنة بالصبر وانعدامها بغياب الصبر هي من المسائل الكلامية البينة. فمن الممكن أن يقع حدث مع الصبر بصورة معينة في حين أنه لا يظهر من دون الصبر بتلك الصورة المناسبة؛ نظير الدعاء، والصدقة، وصلة الرحم، وأمثال ذلك مما له أثر في تغيير الأحداث القدرية، وإن نفس هذا الموضوع أي تأثير الأمور المذكورة، يقع ضمن القضاء الإلهي القطعي بناءً على ذلك فإن التمتع بالصبر وعدم الاتصاف بالجزع ليس معدوم الأثر في تغيير الأوضاع إلى الوضع المطلوب. ولعلّ من الممكن استنباط هذا الأصل الكلامي من الكلام النوراني للنبي الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) له حيث قال: "إذا رأيتم الأمر لا تستطيعون تغييره فاصبروا حتى يكون الله الذي يغيره"(4).
بل إن نفس الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) قد أمر بالصبر وإقامة الصلاة لمواجهة الحوادث السياسية المرة وما شابهها: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130] الظاهر التسبيح الممزوج بالحمد في الأوقات المشار إليها أنه ناظر إلى الصلوات الخمس التي تقام في الأوقات المذكورة.
وعلى الرغم من أنه لم يتم ذكر الصلاة بعنوان كونها سنداً ومعتمداً لدى مقاومة أفعال المشركين المشينة وأقوالهم اللاذعة بيد أنه، ومن خلال وحدة السياق وتناسب الحكم والموضوع، من الممكن استظهار تأثيرها في التقليل من، أو إزالة، ما يُمارس من ضغوط سياسية وما شاكلها من قبل جبهة المخالفين للإسلام من هذا المنطلق فإن الرسول الأكرم كان إذا حزبته حادثة أليمة أو نزلت به نازلة شديدة فإنه، علاوة على الصبر، كان يلجأ إلى الصلاة وسوف يُشار إلى هذا المعنى في البحث الروائي.
بالطبع إن نزول الصبر يكون مسبوقاً بعناية خاصة ومن الممكن أن لا تكون الصلاة غير ذات أثر في نزوله. فقد روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) أنه قال: "إن الله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر البلاء" (5).
تأسيساً على ذلك، فمن المحتمل أن يكون نزول الإعانة على قدر الانفاق ونزول الصبر على قدر العذاب والصعوبات مشروطاً بالصلاة أو ما شابهها من هذا المنطلق فقد جاء الأمر في الآية محط البحث بالاستعانة بكليهما.
أحياناً يكون للصبر دور في إقامة الصلاة؛ مثل: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] ، {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} [مريم: 65]. بطبيعة الحال إن تأثير أي منهما في محله الخاص أمر قابل للعناية والاهتمام. ولعل ما ذكر في الآية مدار البحث عن الصلاة بعنوان {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} [البقرة: 45]، وما ورد ذكره عن الصبر في موطن آخر بعنوان معيّة الله مع الصابرين: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]، هو من هذا الباب.
ومن الممكن استظهار الاهتمام بالصبر من الآية {... وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [البلد: 17] وذلك لأنه عد من احد عوامل النجاة من الخسران، ومن هنا فإن الواجب المتبادل بين الناجين هوا ن بحث كل منهم الاخرين على الصبر. بالطبع ان الصبر من جهة كونه من انعم الله فإنه ينزل من ناحية ذلك المنعم بالذات؛ كما أن الآية {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127] ناظرة إلى هذا المعنى. فالذي يستعين بالصبر عليه أن يدرك أن الغلظة والمقاومة مُضَمَّنتان في جوهر معنى الصبر؛ كما يقول الشيخ الطوسي رحمه الله: "والصبرة من الحجارة ما اشتد و غلظ" (6)، مثلما ان الاستعانة بالصلاة هي من جهة كونها عمودا. وما يعد محور البحث هنا هو الصبر على القضاء والقدر، اما الصبر على هجران الله جل وعلا فلا هو محمود ولا هو ممدوح، ولا هو مقدور عليه عند العشاق الوالهين، ولا هو مأمور به "صبرت على حرّ نارك فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك؟".
هناك يكون الجزع، والابتهال والأنين، والصراخ والعويل، والبكاء، والدهشة مطلوبة حيث لا للكاتب سبيل إلى ذلك البلاط، ولا للكتابة وهي المسؤولة عن تدوين الوظائف العملية - طريق إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج الفصاحة، ج 2، ص 539.
(2) نهج الفصاحة، ج 2، ص 540.
(3) نهج الفصاحة، ج 1، ص 535.
(4) نهج الفصاحة، ج2، ص 536.
(5) التبيان، ج1، ص202.
(6) البلد الأمين، ص190؛ ومفاتيح الجنان، دعاء كميل بن زياد.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|