أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-12-2015
2880
التاريخ: 30-01-2015
1761
التاريخ: 28-09-2015
1606
التاريخ: 18-11-2014
1748
|
إنّ التطور السريع، والتقدم الخارق لدين ما، وإيجاده لتحول عظيم وواسع، يمكنه أن يشكل قرينة اخرى على أصالته وحقانيته، لأنّ تأثيراً كهذا يكون ممكناً فقط إذا كانت قواعد هذا الدين مستندة إلى فطرة الحياة وواقعياتها، ومنطبقة مع قوانين الخلق والإبداع، أي نفس القوانين المتحكمة بحياة البشر.
فالقانون غير الفطري، وغير المنسجم مع التركيب النفسي والبدني للإنسان، يتقدم بصعوبة بالغة، وإذا تقدم فبسبب استخدام عوامل سلطوية مشددة، فمثلًا في بداية دعوة الشيوعية لنفسها كان لها تقدم سريع ومثير، ولكننا نعرف جميعاً أنّ ذلك تمّ باللجوء إلى استخدام القوّة وسفك الدماء والدكتاتورية الشديدة، في حين أنّ التقدم الفكري السريع والعميق إذا جرى في عمق أفكار المجتمع كان دلالة على أصالته، ونحن نعلم بأنّ الإسلام قد انتشر في مناطق شاسعة في القرون الاولى من ظهوره بدون أن تطأها أقدام حتى جندي مسلم واحد.
على كل حال إنّ الانتشار السريع للإسلام في ظاهر المجتمع البشري وباطنه، وبمناطق شاسعة من هذا العالم، وذلك في خلال برهة زمنية قصيرة أيضاً، ليس بالشيء الذي يبقى خافياً على أحد، والمثير أنّ هذا الدين ظهر في منطقة نصف متوحشة، وبسط نفوذه على كل العالم المتمدن في ذلك الزمان وفي مدّة وجيزة.
وهذا النفوذ السريع والشامل لازال يشكل لغزاً مُحيّراً للمؤرخين الكبار من غير المسلمين، وكنموذج على ذلك :
1- عندما يصل مؤلفو كتاب (حضارة الغرب ومرتكزاتها في الشرق) وهم ثلاثة من العلماء الغربيين المعروفين- إلى فصل ظهور وانتشار الإسلام، يعترفون بصراحة قائلين : «كل المحاولات التي جرت لمعرفة الإسلام وانتشاره السريع- إلى الحد الذي استطاع أن يبسط ظلاله على القسم الأعظم من العالم المتحضر آنئذٍ في أقل من قرن- وعلى الرغم من كل التفسيرات والتحليلات التي وردت عن هذه الحقبة التاريخية فلا زالت هذه القضية باقية على شكل لغز من الألغاز» (1).
2- كتبت السيدة (فاغلري) العالمة الاوربية المعروفة كتاباً بعنوان (انتشار الإسلام السريع) يمكن اعتباره شاهداً آخر على هذه المسألة، إذ اعتبرت الانتشار السريع للإسلام بأنّه أمر اعجازي، كما أنّ القرآن كتابٌ اعجازىٌّ لا يمكن أبداً لمحمد صلى الله عليه و آله العربي الامي أن يبتدعه.
3- وعبَّر باحث ايطالي في أحد فصول كتابه عن تاريخ الرياضيات حول (الرياضيات عند المسلمين) بأنّها احدى معجزات العرب.
واعتبر أنّ ما أحدثه الإسلام سريعا وعميقاً إلى درجة يعجز المنطق والتعبير العادي عن تفسيره.
ثم يضيف : «إنّ ما ينسبه البعض من المسلمين للمشيئة والقدرة الربانية في ظهور الإسلام وثقافته ... هو في الحقيقة دلالة على أنّ أصل تطور الحضارة البشرية هذا كان غير متلائم مع موازين إمكانات ومقتضيات تلك الأزمنة إلى الحد الذي جعلهم لم يستطيعوا أن يجدوا له تفسيرا سوى مشيئة اللَّه وتقديره» (2).
4- يقول الكاتب الانجليزي الشهير (برنارد شو) في أحد كتبه حول عظمة نبي الإسلام صلى الله عليه و آله : «إنني أنظر دائماً إلى دين محمد صلى الله عليه و آله باحترام كبير، لأنّه يتمتع بحركة وطراوة عجيبة، وأعتقد بأنّ الإسلام هو الدين الوحيد الذي يتطابق مع أدوار الحياة المختلفة، ويتلائم مع كل عصر وزمان ... نحن ننظر إلى القرآن ككتاب لمحمد صلى الله عليه و آله بنفس التعظيم والثقة التي ينظر فيها المسلمون له ويعتبرونه كتاب اللَّه» (3).
5- يتنبأ هذا العالم الانجليزي (برنارد شو) في مقال عن جاذبية الإسلام وانتشاره ويقول : «إنّ الإسلام وبما يمتلكه من نفوذ معنوي يزيد باضطراد من اتباعه خاصةً في البلدان الاوربية» (4).
وإذا أردنا جمع شهادات المؤرخين المسلمين وغير المسلمين حول هذا الموضوع فإنّها تشكل كتابا ضخماً، لذا نكتفي بهذا المقدار :
1- الأخلاق والصفات الخاصة الاخرى لنبي الإسلام صلى الله عليه و آله بذاتها شاهد معبر على أنّه يبتغي هدفاً مقدساً، وينفذ مهمّة إلهية، ولم تلاحظ أي علامة من علامات المدعين الكاذبين ومنتهزي الفرص المنتفعين في أخلاقياته.
وأشارت كل كتب التاريخ تقريباً- سواء التواريخ التي كتبها المسلمون أو غير المسلمين- إلى قضية نزاهته وأمانته وإلى ذلك الحد الذي يعرف فيه كل الناس هذه الصفات حتى في الجاهلية ويلقبونه ب (الأمين)، بل وبعد ظهور الإسلام كذلك كان معارضوه وأعداؤه يودعونه أماناتهم، ولهذا السبب عندما أراد النبي صلى الله عليه و آله الهجرة إلى المدينة بعد مضي (13) عاماً من ظهور الإسلام أمر علياً عليه السلام أن يبقى في مكة ليعيد للناس أماناتهم ثم يهاجر إلى المدينة.
ومن المناسب أن نتأمل في هذا الحديث عن لسان الآخرين، لنرى ما لدى أولئك الذين هم غرباء عنه في الظاهر من شهادات صريحة عن هذا الموضوع :
ينقل عن كتاب (الاعتذار إلى محمد صلى الله عليه و آله) للإنجليزي (جان ديفن بورت) قوله : «بلا شك إذا لم نأت به «محمد» كواحد من نوادر العالم وكأطهر نابغة استطاع الكون تربيتهم حتى الآن، فيجب أن نعتبرهُ من أعظم البشر، والشخصية الوحيدة التي يمكن لقارة آسيا أن تفتخر بوجود هكذا ابن لها» (5).
2- في كتاب (محمد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله) نقلًا عن كتاب (الإسلام من وجهة نظر فولتير) أن (نابليون) قال منتقداً (مسرحية فولتير) التي وردت فيها اهانات لساحة الرسول صلى الله عليه و آله : «إنّ فولتير خان التاريخ والوجدان الإنساني لأنّه أنكر السجايا السامية لمحمد صلى الله عليه و آله، وصور هذا الرجل العظيم الذي سلط نوراً إلهياً على وجوه العاملين، على صورة موجود آخر» (6).
3- وصدفة أنّ (فولتير) نفسه غير رأيه بهذه المسرحية المهينة أواخر عمره واعترف صراحة بالقول : «يوجد في محمد شيء يدفع الجميع لاحترامه، وأنني أسأت كثيراً بحق محمد» (7).
4- جاء في كتاب (دائرة المعارف البريطانية) في ذيل كلمة (القرآن) : «يعتبر محمد من بين الرجال والشخصيات الدينية العظيمة في العالم، أكثر الشخصيات توفيقا وظفراً، وكانت رسالته مرادفة للنجاح والانتصار» (8).
5- يقول الفرنسي (غوستاف لوبون) مؤلف الكتاب المعروف (حضارة الإسلام والعرب) : «إنّ بساطة ووضوح اصول العقائد الإسلامية بالإضافة إلى التعامل مع الناس بالعدل والاحسان الذي طبع وجه الدين الإسلامي بطابعه المنير صار سبباً في أن يبسط نفوذه على وجه الأرض كلها».
6- يقول (لامارتين) الشاعر الفرنسي المعروف بعد بيان مفصل في مدح نبي الإسلام صلى الله عليه و آله : «هذا هو محمد الذي لو أردنا أن نزنَ عظمته بأي ميزان فإننا سوف نضطر للقول : بأنّه ما من رجل في العالم أعظم من محمد» (9).
7- طبيب وكاتب لبناني مسيحي معروف اعتبر في أشعاره التي نظمها عن (نبي الإسلام) صلى الله عليه و آله بأنّه أفضل مدبر وحكيم وعالم، ورب للكرم والكلام، ورجل العقل والسياسة، وبطل ميدان المعارك، ووصفه بصفات ليس لها نظير (10).
8- مع أنّ البعض من مؤرخي الغرب المغرضين والمنتفعين حاولوا أن يعطوا صورة عن نبي الإسلام صلى الله عليه و آله مخالفة للواقع، ولكن الرد عليهم هو نفس الرد الذي كتبه أحد من باحثيهم باسم (يوحنا واكنبرت) الذي انتقد في كتابه (محمد والإسلام) الكتاب المتعصبين والمغرضين الذين كتبوا عن نبي الإسلام صلى الله عليه و آله خلافاً للحقيقة، يقول : «بالقدر الذي يعود فيه الشخص إلى الحقائق المعتبرة تاريخياً، والمصادر الموثقة والصحيحة التي كتبت عن أقوال وأفعال وحالات محمد فسوف يبدو في نظره شاتمو هذا النبي أمثال (ماركس) و (برايدر) وسائر هؤلاء الأشخاص توافه وحقراء وضعفاء جدّاً» (11).
ملخص القول : ليس أصدقاؤه واتباعه فحسب، بل ومخالفوه والبعيدون عنه تحدثوا عن صفاته وسجاياه وملكاته الأخلاقية الفاضلة، وبرامج حياته الشخصية والاجتماعية القيمة بالقدر الذي لو جمعت أقوالهم هذه لشكلت عدة كتب كبيرة.
من مجموع هذه القرائن العشر التي كان لنا في كل منها إشارة عابرة، يمكن أن نستنتج بأنّه كان نبيّاً صادقاً ورسولًا حقيقياً ومبعوثاً من اللَّه العظيم، ولا يوجد في ذلك أدنى شك أو تردد وحتى لو غضضنا النظر عن كل معجزاته وخوارق العادات التي جاء بها.
هذا الدليل يعتبر كافياً لوحده، بل وكما أشرنا سابقاً أيضاً أنّ هذا الدليل بالنسبة للعلماء أسمى وأعلى من المعجزات.
_____________________
(1) حضارة الغرب ومرتكزاتها في الشرق، فصل ظهور الإسلام وانتشاره.
(2) قاموس دارسي الشؤون الإسلامية الأجانب، ج 1، ص 60، تأليف حسين عبد اللهي خوروش (باللغة الفارسية).
(3) المصدر السابق، ج 1، ص 74.
(4) المصدر السابق، ج 2، ص 505.
(5) عذر التقصير إلى ساحة محمد والقرآن، ص 14 (فارسي).
(6) محمد رسول اللَّه، ص 142.
(7) محمد رسول اللّه، ص 143.
(8) دائرة المعارف البريطانية، مادة (قرآن).
(9) نقلًا عن كتاب (تاريخ تركيا) حسب كتاب (قاموس دارسي الشؤون الإسلامية، الاجانب) ص 61 (فارسي).
(10) قاموس دارسي الشؤون الإسلامية الاجانب، ص 534 (فارسي).
(11) محمد من وجهة نظر الآخرين، نقلًا عن قاموس دارسي الشؤون الإسلامية، الاجانب، ج 1، ص 164 (فارسي).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|