أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-01
1788
التاريخ: 13-10-2014
4358
التاريخ: 2023-03-30
1266
التاريخ: 16-11-2014
2638
|
هل حجية تفسير القرآن فعلية أم شأنية
السؤال حول تفسير القرآن بالقرآن قد كان مفاده هو أن هذا التفسير على فرض حجيته، فهل ان حجيته (فعلية) أم (شأنية). وفي الجواب يجب أن يقال: إن القرآن (النتيجة الحاصلة من تفسير القرآن بالقرآن) ليس جزءاً من حجة ولا هو نصف دليل كي يكون في أصل اعتباره وحجيته محتاجاً إلى ضميمة، وبدون انضمام تلك الإضافة يصبح كشهادة العدل الواحد الذي تكون حجيته مؤهلة للاعتبار وشأنية وليست فعلية، لأن تلك الضميمة هي السنة، والسنة أولاً: مدينة للقرآن في أصل حجيتها. وثانياً: لا تكون معتبرة وحجة إلا عندما يعرض محتواها على القرآن ويثبت عدم اختلافها مع القرآن بأي وجه من الوجوه (في خصوص السنة غير القطعية). إذن فمن المؤكد أن نتيجة البحث القرآني و يجب أن تكون حجة بالفعل قبل عرض الحديث عليها وذات اعتبار مستقل وغير محتاجة إلى ضميمة، حتى يتيسر أن تكون ميزانا لتقييم السنة. إذن فحجية القرآن كحجية شهادة العدلين التي تعرف اصطلاحا (بالبينة العادلة)، فعلية ومستقلة وصالحة للاستدلال.
إن القرآن الكريم مستقل في أصل الحجية، ومستقل في تبيين الخطوط . العامة لمعارف الدين أيضا، أي أن حجيته ذاتية، وهو يقبل التفسير بنفسه، وإن كانت الأفكار والمعلومات الخارجية مؤثرة في فهم القرآن على نحو المبدأ القابلي: والمخاطبون بالقرآن لكي يستطيعوا استثمار ظواهر القرآن والانتفاع بها، فإنهم لا يحتاجون إلى ثروة أوسع من العلوم الأساسية المؤثرة في فهم القرآن ومن القلب غير المعتم بظلمة الذنوب.
إن استقلال القرآن الكريم في الحجة وتبيين المعارف، وكذلك إتقان طريقة تفسير القرآن بالقرآن يمكن إثباتهما بعدد من الأدلة:
1. إن القرآن الكريم وكما مر في الفصل الأول يعرف نفسه بأنه نور: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15] ، {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} [الأعراف: 157] وأجلى صفات النور هو أنه واضح نير بنفسه وموضح أيضا لغيره أي انه في كونه بينا في نفسه ومبينا للأشياء الأخرى غير محتاج للغير.
إن مقتضى كون القرآن نورة هو أنه لا يحتاج إلى الآخر لا في كونه نيرة بنفسه ولا في إنارته لغيره، لأنه لو كان محتاجة إلى مبين آخر، فإن ذلك المبين سيكون هو الأصل وسيكون القرآن الكريم فرعا وتابعا له، وكون القرآن فرع وتابعا لا يتلاءم مع كونه نورا.
من جهة أخرى فمما لاريب فيه، ان الكثير من معارف القرآن تحصل : بواسطة ضم آيتين أو أكثر، ولا يتيستر الوصول إلى تلك المعرفة بواسطة الآية الواحدة بمفردها. فكون القرآن نورا يوجب أن يتم البحث سوية في جميع الآيات التي تبين الحدود والقيود والقرائن المتعلقة بموضوع ما، كي لا يبقى في القرآن موضوع معتم ومبهم في أي قسم من الأقسام.
2. إن إحدى صفات القرآن الكريم هي: (تبيان لكل شيء): {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] فالكتاب المبين لجميع العلوم والمعارف الضرورية والمفيدة للبشر أو المبين لجميع حقائق عالم الخلق، لا يحتاج إلى الآخر في تبيين نفسه، بل هو في بيان نفسه معتمد على ذاته، وبعض آياته يبين البعض الآخر ويفسرها، وإلا فالكتاب الذي لا يكون تبيانا لنفسه، كيف يمكنه أن يكون تبيانا لكل شيء آخر؟
وينبغي الانتباه إلى أن المقصود من قولنا: (إن القرآن من حيث إنه تبيان كل شيء فهو مبين لنفسه أيضا) ليس هو أن كل آية بما أنها تبيان كل شيء فهي مبينة لنفسها أيضا، بل المقصود من ذلك هو أن (مجموع القرآن) بما أنه تبيان لكل شيء فهو تبيان لنفسه أيضا. وعليه فإن نقص كل آية يكتمل حتما بآية أخرى وعن طريق الجمع النهائي لجميع الآيات المتناسبة مع بعضها في اللفظ والمعنى ينبثق المعنى الواضح لتلك الآيات.
3. إن القرآن الكريم وإلى جانب دعوته الناس إلى التدبر، فهو يدعي الانتساب إلى الله سبحانه وأنه منزه من أي نوع من أنواع الاختلاف والتناقض الداخلي.
وإن الله سبحانه نحوين من البيان حول الانسجام والتوافق الشامل الموجود في القرآن بعضه مع البعض الآخر: أحدهما: ناظر إلى عدم اختلاف آيات القرآن المجيد فيما بينها، والآخر: يتعلق بانعطاف آيات القرآن على بعضها وميل بعضها إلى البعض، أما البيان الأول فيستفاد من الآية: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] لأن مفاد الآية المذكورة دعوة الجميع إلى التدبر التام في جميع الكتاب الذي نزل خلال ما يقرب من ربع قرن في الظروف الصعبة والمواتية، وفي الحرب والسلم وفي الغربة والوطن وفي السراء والضراء وفي الشدة والرخاء وفي الهزيمة والنصر، وبالنتيجة فإنه قد نزل منسجماً وعلى نسق واحد في ظروف سياسية وعسكرية واجتماعية مختلفة. و تحليل القياس الاستثنائي المستفاد من هذه الآية وتقرير تلازم المقدم والتالي وتقريب بطلان التالي واستنتاج بطلان المقدم من ابطال التالي يكون بالاستمداد من العقل البرهاني الذي هو من المصادر الغنية والقوية لتفسير القرآن الكريم، وهو من داخل الدين لا من خارجه كما سيأتي بيانه في فصل التفسير بالرأي. فالمقصود هو أن الآية المذكورة تحث على التدبر في كل القرآن، وتطرح دعوى عدم الاختلاف على نحو السالبة الكلية، وتعتبر نتيجة ذلك التدبر الشامل إثبات صحة هذه الدعوى، وترفق الادعاء المذكور بتلك البينة والشهادة الصادقة.
أما البيان الثاني الله سبحانه فهو مستنبط من الآية: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر: 23] ، لأن محتوى الآية الكريمة المذكورة هو أن جميع آيات القرآن المجيد تكون من جهة شبيهة بعضها بالبعض ومتجانسة ومتسقة، ومن جهة أخرى هي منثنية ومنعطفة ومتمايلة بعضها على بعض. ومعنى انثناء وانعطاف وميل مواضيع الكتاب العلمي هو أن أي موضوع فيه يصبح مشروحاً أو أبسط شرحاً بواسطة الموضوع الآخر أو يصبح به واضحاً أو أشد وضوحاً. ومثل هذا الكتاب الذي تكون جميع آياته متمايلة بعضها مع البعض هو بالتأكيد مفسر ومبين بعضه لبعض، وهو المفصل والشارح الداخلي لنفسه.
إن الدعوة إلى التدبر وادعاء النزاهة من الاختلاف كما هو ناطق على عمومية فهم القرآن، فإنه من أفضل الشواهد على استقلال القرآن في الحجية وتبيين المعارف وأيضاً على صحة وكفاءة أسلوب تفسير القرآن بالقرآن، لأن آيات القرآن لو كانت منقطعة الصلة فيما بينها وكان كل منها ناظراً إلى مطلب خاص، ولم تكن تربط بينها علاقات مثل الإطلاق والتقييد، التعميم والتخصيص، التأييد والتبيين والشرح والتفصيل، لما كان أي منها موافقاً ولا مخالفاً للآخر، حيث لا يوجد فيما بينها عامل مشترك ولا علاقة دلالية كلامية وقولية، والموافقة والمخالفة فرع العلاقة والترابط والميل المشترك، في حال ان ادعاء كون الآيات منسجمة يشعر بوجود الارتباط والعلاقة، كما أن دعوى نفي الاختلاف هي من قبيل عدم الملكة. فلابد إذا من وجود ترابط فيما بين الآيات. وحينئذ يمكن القول: إن مثل هذا الكتاب لو كان محتاجاً في بيان مسائله إلى غيره لأصبح برهان هذه الآية الكريمة واستدلالها غير تام.
توضيح ذلك: هو أن مخالفي القرآن إذا كانوا يدعون وجود الاختلاف فيه، ولم يمكن دفع شبهاتهم عن طريق الدلالة اللفظية للقرآن الكريم وبأسلوب تفسير القرآن بالقرآن، فلن يجدي أي طريق آخر لحل هذا الاختلاف المتوهم، كالإرجاع إلى النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) ونفي النبي هذا الاختلاف الداخلي دون شاهد من ألفاظ القرآن، وبيانه المراد من الآية بنحو ليس فيه تقابل بين الآيات، فالمخالفون الذين لا يعتقدون بعصمة النبي(صلى الله عليه واله وسلم) وصدقه سوف لن يقتنعوا بذلك.
وبعبارة أخرى فإن رفع الاختلاف المتوهم بواسطة مرجع كالنبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) إنما يقنع المعتقدين بنبوته وعصمته فحسب. في حين أن المحور الأصلي والمخاطبين الأساسيين في خطاب هذه الآية هم المخالفون لدعوى الرسول الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم ) والمنكرون لصحة دعوته، وهم الأفراد الذين لا يؤمنون بنبوته وعصمته ولا يقبلون حكمه دون شاهد من القرآن.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|