أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-05
1017
التاريخ: 2023-03-25
1455
التاريخ: 2023-06-05
1050
التاريخ: 2023-04-20
1106
|
بعد انسحاب النمسا من الحرب بقيت انكلترا لوحدها في مواجهة فرنسا الثورة. حاولت العناصر المعتدلة في البلدين إيجاد حل سلمي للمشاكل المعلقة بينهما. وأرسل الإنكليز وفداً مفاوضاً إلى مدينة ليل في فرنسا. ترأس الوفد الفرنسي المفاوض وزير الخارجية تالليران وكان هذا في أول حياته من رجال الاكليروس التحق بالثورة عند قيامها وخلع ثوبه ثم صار نائباً في البرلمان ثم وزيرا للخارجية في عهد حكومة الإدارة. وكاد الفريقان يصلان إلى اتفاق لولا أن أحداث سنة 1797 في باريس أدت إلى انهيار نفوذ المعتدلين وإبعاد بعض زعمائهم مثل كارنو صاحب الفضل في تحرير فرنسا من الاحتلال الأجنبي زمن لجنة الإنقاذ العام ومنظم جيش الثورة الجديد، وبرتلمي الدبلوماسي البارع صاحب الفضل في مفاوضة بروسيا وعقد صلح معها، أقرت فيها بفتوحات فرنسا في أوروبا. وبتفرد باراس وأصحابه في السيطرة على شؤون الحكم عادت فرنسا لموقف التصلب وأصرت على إنزال الهزيمة بالإنكليز قبل توقيع أي صلح معهم. وبذا فشلت المفاوضات وتوترت العلاقات مجدداً بين البلدين وراحت كل دولة من جانبها تعد العدة للحرب. شكلت فرنسا من جهتها جيشاً خاصاً دعته جيش انكلترا كانت قاعدته شواطئ، فرنسا الشمالية. وبنت سفناً صغيرة لنقل الجيوش عبر القنال الإنكليزي دعت حكومة باريس الجنرال بونابرت، وكان قد عاد من إيطاليا متوجاً بأكاليل النصر بعد توقيعه صلح كامبو فورميو، لقيادة الحملة على الجزر الإنكليزية. كان لنابلوين ولكثير من الخبراء في الشؤون العسكرية والبحرية رأي آخر. كان هؤلاء يعتقدون باستحالة غزو انكلترا نظراً لتفوق أسطولها الكبير، وان من الأفضل وربما كان من الأسهل أن تضرب في خطوط مواصلاتها مما يضعف تجارتها، مورد ثروتها ومصدر قوتها. وقد اختار نابوليون مصر للاعتبارات عديدة منها وقوع هذه البلاد على طريق الهند الرئيسية مما ولما كان الأسطول البريطاني بقيادة الأميرال نلسون والذي كان يتعقب الأسطول الفرنسي منذ خروجه من المرافئ الفرنسية قد فاجأ هذا الأخير في أبي قير في أول آب (أغسطس) وقضى عليه، فقد قطعت طرق الاتصال بين فرنسا وجيوشها في الشرق مما اضطر نابوليون للمبادرة لتنظيم شؤون مصر والاعتماد على مواردها قام العلماء الفرنسيون الذين صحبهم معه في حملته بدراسة أوضاع البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبالعمل على تنظيم إدارتها واقتصادها وفق أساليب الحضارة الأوروبية الحديثة. وفيما كان الفرنسيون منهمكين في أمور التنظيم الداخلي علم بونابرت بأن الديبلوماسيين الإنكليز في الآستانة قد أقنعوا الأتراك بدخول الحرب وبإرسال حملتين إلى مصر واحدة برية والثانية بحرية تهاجم شواطئ مصر ومرافئها بصورة مباشرة وبتأييد ومساعدة الأسطول البريطاني في البحر المتوسط. رأى نابوليون أن يأخذ هو زمام المبادرة ويسرع باحتلال فلسطين وسوريا باعتبار أنها الطريق البرية الوحيدة التي يمكن للجيوش العثمانية أن تسلكها في طريقها إلى مصر. هاجم مدن فلسطين في شباط (فبراير) سنة 1799 محرزاً بعض الانتصارات إلا أنه وقف أمام أسوار عكا عاجزاً عن قهرها. حاصر المدينة المذكورة شهورا دون نتيجة ذلك لأن قائدها أحمد باشا الجزار كان قد أحكم تحصينها ولأن الأسطول البريطاني بقيادة سيدني سميث في المتوسط كان يمده بصورة متواصلة بالمؤن والعتاد. ولما طال الحصار وفتك الطاعون بالجنود الفرنسيين عاد وحده إلى القاهرة مسجلا بذلك أول هزيمة مني بها في حياته الحافلة بالانتصارات والأمجاد. حين وصلت الحملة البحرية التركية في تموز (يوليو) إلى شواطئ مصر فاجأها الفرنسيون وقضوا عليها عند مرفأ أبي قير وسجل بونابرت بذلك نصراً هاماً عوض به ما لحق بسمعته بسبب هزيمة عكا. في هذه الأثناء كانت الأوضاع في فرنسا آخذة في التدهور بسبب فساد حكومة الإدارة واختلاف أعضائها ودسائسهم ومؤامراتهم على بعضهم البعض. هذا على الصعيد الداخلي أما على صعيد علاقات فرنسا الخارجية فإن الانكليز كانوا قد وفقوا إلى تأليف تحالف دولي جديد ضد فرنسا ساعد على قيامه أخبار الهزائم التي مني بها بونابرت في فلسطين. وفي حملة قصيرة أمكن للمتحالفين في صيف سنة 1799 أن يأخذوا من الجمهورية الفرنسية كل الأراضي التي كان قد استولى عليها نابوليون سابقاً في إيطاليا. وكان هذا التحالف الذي يعرف في تاريخ فرنسا باسم التحالف الدولي الثاني يضم روسيا الحاقدة على بونابرت لاحتلاله جزيرة مالطة التي كانت تتمتع آنذاك بحماية القيصر الروسي المعنوية ولتدخلـه في الشرق بصورة خاصة في شؤون الامبراطورية العثمانية، وتركيا التي احتل نابوليون أملاكها في مصر. وكذلك ضم التحالف المذكور انكلترا والنمسا التي رأت في هزائم الفرنسيين في مصر وغياب نابوليون فرصة نادرة تستعيد فيها نفوذها في الأراضي الإيطالية وتثأر لهزائمها العسكرية على يد الجنرال بونابرت. وإذ علم نابوليون بهذه التطورات فقد عجل بالعودة إلى بلاده وغادر مصر في آب (أغسطس) ووصل إلى فرنسا في تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1799 تاركاً للجنود الفرنسيين بقيادة الجنرال كليبير أن يتدبروا أمر خروجهم من مصر بشكل مشرف ومقبول.
وكان لهذه الحملة العسكرية فائدة عظيمة من الناحية الحضارية والعلمية والثقافية. ذلك أن الفرنسيين عملوا أثناء وجودهم في مصر على إذكاء الحركة الفكرية، وضع علماؤهم كتبا ومؤلفات عن أوضاع مصر. كما أسسوا أول مجمع علمي في الشرق الأوسط. وجاؤوا من أوروبا بالمطابع الحديثة فكان لهم أثر يذكر وفضل يشكر في بعث الحركة الثقافية والأدبية في المشرق العربي بعد أن كان قد طال رقودها. وإلى هؤلاء أيضاً يعود الفضل في إقامة أول اتصال مباشر بين حضارة أوروبا الحديثة ذات الانجازات العلمية الضخمة وبين بلدان الشرق الأوسط.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|