أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2016
4318
التاريخ: 2-6-2016
5493
التاريخ: 16-10-2017
5489
التاريخ: 14-3-2017
3687
|
يختلف مفهوم سوء النية في نطاق الضمان الاتفاقي المخفف والمعفى منه في القوانين المقارنة فهو في القانون المدني العراقي والمصري يتبلور ( بتعمد المدين إخفاء سبب الضمان غشا واضرارا بالدائن بالضمان حتى ولو كان المدين بالضمان يعلمه فالمدين لا يعد سيئ النية ولو كان يعلم بسبب الضمان طالما انه لم يتعمد اخفاءه عن الدائن أي لم يرتكب غشا في حالة وجود شرط الاعفاء او التخفيف (1) ، وان مثل هكذا مفهوم هو مستل من النصوص القانونية التي تطرقت له ، اذ نصت من المادة (556 /3) من القانون المدني العراقي على انه " ويقع باطلا كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد اخفاء حق المستحق" ، في حين نصت المادة (3/445) من القانون المدني المصري على ذلك ، إذ جاء فيها " يقع باطلا كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد اخفاء حق الاجنبي ، ومن خلال النصين سالفي الذكر يتضح لنا جليا لا يعتد بالاتفاق على تخفيف الضمان أو اسقاطه ولا يكون له أي أثر إذا كان المدين يعلم وقت العقد بسبب الضمان وتعمد اخفاء هذا السبب عن الدائن بالضمان غشا منه واضرارا بهذا الأخير ، فسيء النية يتحمل وبال سوء نيته التي اتخذت مظهر اخفاء الحقيقة عن المتعاقد الآخر .
اما مفهوم سوء النية في نطاق الضمان الاتفاقي المخفف والمعفى منه في القانون المدني الفرنسي فيتبلور في العلم بالعيب الذي يشوب الشيء المبيع وقت العقد في حالة وجود شرط الاعفاء او التخفيف من الضمان الاتفاقي ) ، وهذا ما نصت عليه المادة (1643) من القانون المدني الفرنسي التي جاء فيها ان " البائع ملزم بضمان العيوب الخفية وان لم يكن على علم بها إلا إذا اتفق في هذه الحال على عدم التزامه باي ضمان (2) ، وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في قراراتها ، اذ جاء في قرار لها ( ان المحكمة التي تتحقق من ان رجلا ممتهنا يمكنه بسهولة كشف العيوب لا بل يتوجب عليه كشفها تقضي بحق ان العيوب هذه لا تشكل عيوبا خفية ) (3) ، وجاء في قرار اخر لمحكمة النقض الفرنسية ) ان قضاة الموضوع الذين تأكدوا من انه لم يثبت وجود سوء النية لدى البائعين لا يمكنهم من دون تشويه الحقيقة ان يرفضوا تطبيق عدم الضمان الذي ينص على ان المشتري يأخذ العقار بوضعه القائم مع كل عيوبه والنواقص فيه الظاهرة والخفية ) (4) ، وفي قرار اخر للمحكمة نفسها جاء فيه ) عدم فاعلية بند عدم ضمان العيوب الخفية عندما يثبت ان البائع كان قد علم بالعيب) (5)
هذا ولشرط التخفيف من الضمان صور عدة منها قصر الضمان على إصلاح المبيع دون اي تعويضات، اذ قد يدرج المدين بالضمان وهو البائع في عقد البيع شرطا في العقد الذي يبرمه مع المتعاقد الاخر وهو المشتري ينص على انه في حالة ظهور عيب أو خلل في محل العقد ، فان ضمان البائع يقتصر على إصلاح الخلل وما يقتضيه هذا الإصلاح من استبدال لبعض الأجزاء المعيبة ، بحيث لا يجوز للمشتري أن يطالب البائع بأي تعويضات مهما كان سببها أي حتى في حالة لو كان العيب قد تسبب بوقوع حادث نتجت عنه اضرار مادية أو جسمانية (6) وهذا ما نصت عليه محكمة النقض الفرنسية في قرار لها جاء فيه " بان قصر الضمان على إصلاح او تغيير القطع المعيبة يعتبر من قبيل الشروط المحددة للضمان التي لا تصح الا اذا كان البائع يجهل وجود العيب في المبيع ) (7) ، وغيرها من الصور الاخرى كشرط عدم ضمان الملحقات (8) ، الذي يرتد في اصله الى نص المادة (536) من القانون المدني العراقي والمتعلق بالالتزام بالتسليم في عقد البيع ينص على انه " على البائع أن يسلم المبيع وتوابعه إلى المشتري عند نقده الثمن ........ والمادة (432) من القانون المدني المصري على أنه " يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما اعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء ، وذلك طبقا لما تقضي به طبيعة الاشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ".
اما بالنسبة لصور الاعفاء من الضمان فقد يرد على نحو الاتفاق الصريح على الاعفاء من ضمان التعرض والاستحقاق ، وقد يكون الاعفاء واردا على ضمان العيوب الخفية، فاذا اتفق الدائن والمدين بالضمان صراحة على الإعفاء من ضمان الاستحقاق ، فهذا الشرط يعد صحيحا مادام المدين بالضمان حسن النية لم يتعمد اخفاء سبب الاستحقاق ، وهو ما نصت عليه المادة ( 557 / 1 ) من القانون المدني العراقي التي جاء فيها ( اذا اتفق على عدم الضمان بقي البائع مع ذلك مسؤولا عن اي استحقاق ينشأ عن فعله ، ويقع باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك )(9)، والمادة ( 1628 ) من القانون المدني الفرنسي التي جاء فيها ( حتى لو اشترط البائع عدم التزامه باي ضمان فانه يبقى مع ذلك ملزما بضمان فعله الشخصي ويعتبر كل اتفاق مخالف باطلا )(10) ، هذا الشرط الصريح بالإعفاء من ضمان الاستحقاق لا يعفي المدين من ضمان الاستحقاق الناشئ عن فعله الشخصي ، واذا نشأ الاستحقاق عن فعل الغير فأن المدين يكون مسؤولا عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق كما في القانون المدني المصري أو عن رد الثمن إلى الدائن كما في القانون المدني العراقي والقانون المدني الفرنسي.
ومما يجدر ملاحظته هنا ان المشرع العراقي وبالضد تماما من المشرع الفرنسي قد ذهب باتجاه تحديد مدى الاتفاق الصريح على الاعفاء من ضمان العيوب الخفية ، إذ نصت المادة (567) من القانون المدني العراقي على انه " اذا اشترط البائع براءته من كل عيب أو من كل عيب موجود بالمبيع صح البيع والشرط وان لم يسم العيوب ولكن في الحالة الأولى يبرأ البائع من العيب الموجود وقت العقد ومن العيب الحادث بعده قبل القبض وفي الحالة الثانية يبرأ من الموجود دون الحادث ". ، وما يفهم من هذا النص أن بإمكان البائع ان يخصص زمنيا التزامه بالضمان سواء للعيب القائم قبل البيع او اثناء البيع وقبل التسليم .
ومن صور الاعفاء الاخرى تتمثل في إدراج شرط في العقد ينص على ان " البيع قد تم تحت مسؤولية المشتري .. ويعني هذا الشرط أن المشتري وهو الدائن بالضمان قد نزل عن حقه في الرجوع على البائع بضمان العيوب الخفية التي قد توجد بالشيء المبيع أو انه يقدر أن المبيع خال من العيوب فلا يكون له حق الرجوع اصلا. أي أن المشتري يعد بموجب هذا الشرط قد قبل المبيع بالرغم من احتمال وجود العيب (11).
اما بالنسبة لموقف الفقه الاسلامي من الاتفاق على تعديل احكام الضمان فيبدو ان التعديل ان لم يكن باتفاق الطرفين فهو غير جائز بناء على مبدأ ( اصالة اللزوم ) في العقد والذي يجد اساسه في النص القرآني ( يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود ) (12) ، اي اوفوا بما عاهدتم وتعاقدتم عليه ، كذلك قول النبي محمد (ص) ( في حديثه ( المؤمنون عند شروطهم الا شرطا احل حراما او حرم حلالا ) (13) وان لزوم عقد البيع وسائر العقود الأخرى محل اجماع عند فقهاء المسلمين ، اذ ذهب بعض الامامية الى وجوب بقاء العقد وعدم ترك العمل بموضوع العقد ، اي ان يظل المتعاقد بانيا عليه مستمرا على العمل بموضوعه ويستدلون بما روي عن الامام علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) في قول له جاء فيه ( أفبعد ان كتبناه تنقضه ان هذا لا يحل ) وقول آخر له ( عليه السلام ) قاله لمن انكر عليه التحكيم وسأله الرجوع عنه ( ويحكم ابعد الرضا والميثاق والعهد نرجع اليس الله تعالى قد قال " اوفوا بالعقود " وقال " واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها ( اذ ان في هذا لزوما شرعيا في الالتزام بالشروط التعاقدية لا يسوغ الخروج عنه ونقضه من احد العاقدين (14) اذ يضل الشرط سواء كان مخففا او معفيا من الضمان معتبرا ما لم يكن مخالفا لثوابت الشريعة الاسلامية الغراء .
_____________
1 - جلال الدين محمد صبرة ، مصدر سابق ، ص 453
2 - Art ( 1643) : " Il est tenu des vices caches, quand méme il ne les aurait pas dans ce cas, il n ait stipulé quil ne sera obligé á aucune connus, à moins que, garantie'.ére
3- Cass. Civ.1 Ch 18 dec, 1962, Bull.civ III, no 554.
4- Cass. Civ, 3ére Ch, 12 nov, 1975,, Bull.civ III, no 33. no 12.
5-Cass. Civ.1 ére Ch, 3 Mar, 2007, Bull.civ III
6- د. امير احمد عزيز سيد النمر، ص 338.
7- Cass. Civ .1 ére Ch 17 mai, 1965, Bull.civ Ill , no 14.
8- على سبيل المثال شرط عدم ضمان الملحقات والذي يدرج شرط عدم ضمان الملحقات في بعض انواع البيوع خاصة ، بيوع السيارات ، اذ يشترط البائع فيها عدم شمول ضمانه للعيوب الخفية لما بالملحقات أو يسمى التوابع. إلا أن الصعوبة التي تواجه إدراج هذا الشرط هي ، مسألة تحديد ما يعد من الملحقات وما لا يعد كذلك فيلاحظ على هذا التحديد أنه ليس امرا يسيرا ، ففي بعض الاحيان لا يستدعي الأمر أن تذكر بنود العقد بعض الأجزاء التي تعتبرها من الملحقات كإطارات السيارات والبطارية الكهربائية إلا أن ذلك يكون على سبيل المثال لا الحصر ولذلك يظل مفهوم الملحقات أمرا غامضا وغير محدد. فضلا عن ذلك فإن المنتجين يعنون في حكم الملحقات للشيء المبيع الاجزاء التي ليست من صنعهم وإنما تكون من صنع منتج اخر قام بتوريدها لهم وتولوا هم تركيبها ضمن عملية تصنيع وتركيب أجزاء المبيع بشكل كلي، فملحقات الشيء المبيع هي كل ما أعد بصفة دائمة لاستعماله وذلك ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك. فملحقات السيارة كمبيع وفقا لهذا المعيار تشمل رخصها وأدوات إصلاحها ومستندات تملكها والاطار الاحتياطي لها . وبالرجوع إلى الملحقات التي ذكرها الشرط الذي نحن بصدده نجدها تمثل في الحقيقة اجزاء من السيارة ذاتها أي من المبيع ذاته ومن ثم فأنها تعتبر من الملحقات طبقا لما أوردته النصوص اعلاه فشرط عدم ضمان الملحقات لا يقتصر على ذكر الاجزاء البسيطة ذات الاهمية الثانوية أو الاستعمال المحدود كالمصابيح أو ماسحات الزجاج وانما يذكر أجزاء لا يمكن أن يكمل الشيء المبيع بدونها كنظام الفرامل والاطارات في السيارة، أن شرط عدم ضمان الملحقات لا يستند إلى معیار موضوعي دقيق يحدد أو يبين ما المقصود بالملحقات ، بل يكون هذا التحديد تحكميا ومفروضا على المشتري من قبل منتجي السيارات أو من قبل موزعيها الذين يتقيدون في عقودهم مع عملائهم بالشروط العامة النموذجية التي حددها لهم المنتجون . للاطلاع ينظر محمد لبيب شنب ود. مجدي صبحي خليل ، شرح احكام عقد البيع ، الطبعة الأولى ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، مصر ، 1968، ص73.
9- المادة (1/446) من القانون المدني المصري .
10-Art 1628 (Quoiqu'il soit dit que le vendeur ne sera soumis à aucune garantie, il demeure cependant tenu de celle qui résulte d'un fait qui lui est personnel : toute convention contraire est nulle ).
11- د. حسن عبد الباسط جميعي ، شروط التخفيف والاعفاء ، ص 50 .
12- سورة المائدة ، الآية 1
13- ينظر الحافظ ابي الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ، تفسير القرآن العظيم – تفسير بن كثير - المجلد الثالث ، الطبعة الثانية ، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، 1999 ، ص 7 - 8 .
14- ينظر : محسن الطبطبائي الحكيم ، نهج الفقاهة، دون ذكر طبعة أو سنة نشر ، مطبعة انتشارات ، قم المقدسة ، ایران ، ص 49 - 51 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|