أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015
1637
التاريخ: 25-03-2015
1631
التاريخ: 24-09-2015
1640
التاريخ: 14-9-2020
13207
|
وهو
أن يأتي المتكلم بنادرة حلوة، أو مجنة مستطرفة، وهو يقع في الجد والهزل ومن لطيف
ما جاء منه في الجد وبديعه قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ
كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) فانظر مبالغته سبحانه وتعالى في وصف
المنافقين بالجبن والخوف حيث أخبر عنهم بالخبر الصادق أنهم عند الخوف تدور أعينهم
عند النظر كحالة من يغشى عليه من الموت، ولو اقتصر سبحانه وتعالى على قوله: (كَالَّذِي
يُغْشَى عَلَيْهِ) كان كافياً في المقصود، لكن أراد الزيادة على المقدار الذي قصد
من المبالغة، فأوغل بقوله سبحانه: (مِنَ الْمَوْتِ) إذ حالة المغشى عليه من الموت
أشد من حالة غيره، ولا شك في أن المنافقين من الجبن والخوف من الموت بهذه المثابة،
وذلك الذي دعاهم إلى النفاق، فإن من كان قوي النفس شجاع القلب، لا يرتضي النفاق،
إذ هو لا يخشى الموت ولا يخافه، وفي هذا الكلام من طريف التندير لمن يتدبره ما
يبهرج كل نادرة.
وأما
ما جاء منه في الهزل فكقول أبي تمام فيمن سرق له شعراً، وهو محمد بن يزيد الرقى [خفيف]:
من
بنو بحدل من ابن الحباب ... من بنو تغلب غداة الكلاب
من
طفيل من عامر أو من الحا ... رث أم من عتيبة بن شهاب
إنما
الضيغم الهصور أبو الأشـ ... ـبال هتاك كل خيس وغاب
من
عدت خيله على سرح شعري ... وهو للحين راتع في كتاب
يا
عذارى الكلام صرتن من بعـ ... ـدي سبايا تبعن في
الأعراب
لو
ترى منطقي أسيراً لأصبحـ ... ت أسيراً ذا عبرة واكتئاب
ثم
ختمها بقوله:
طال
رغبي إليك مما أقاسيـ ... ـه ورغبي يا رب فاحفظ ثيابي
وكقوله
في هجاء موسى بن إبراهيم الرافقي [كامل]:
عجباً
لقوم يسمعون مدائحي ... لك لم يقولوا قم فأنت مصاب
نبزوا
بكذاب مسيلمة فقد ... غلطوا ومانوا بل أنا الكذاب
وما
رويت ألطف من قول ضياء الدين موسى بن ملهم الكاتب في الرشيد عمر الفوي وكان به داء
الثعلب وهو من نوادر ما قيل في أقرع [وافر]:
أقول
لمعشر غلطوا وغضوا ... من الشيخ الرشيد وأنكروه
هو
ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى يضع العمامة تعرفوه
والفرق
بين التندير وما قبله من باب التهكم وما يلتبس بالتهكم من الهزل الذي يراد به الجد
أن التندير ظاهره وباطنه هزل بخلاف البابين، والله أعلم.