أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2022
1785
التاريخ: 18-1-2016
2333
التاريخ: 20-4-2016
2108
التاريخ: 15-1-2016
2067
|
يعتبر الجانب العاطفي من أعظم الجوانب في علاقة الطفل بوالديه، والطفل لا يمكن اعتباره فرداً عادياً من أفراد المجتمع يمكن التعامل معه بطريقة عادية، إنه أمانة إلهية أودعها الله الوالدين، ولذا فإن من واجبهما قبول هذه الأمانة العظيمة وتحملهما المسؤولية في ذلك.
إن الزواج ومن ثم إنجاب الاطفال لا يمكن اعتباره فخرا للمرء، وإذا كان هناك ما يفتخر به فهو تربية هؤلاء الأطفال تربية حسنة وتقديمهما إلى المجتمع كأفراد صالحين لائقين بمقامهم كخلفاء لله في الأرض.
ويعتبر المحيط العائلي أفضل وأعظم مدرسة لتربية النشء حيث يتلقى فيها الأطفال أولى دروس الحياة، في حين يتحول سلوك الوالدين وتصرفاتهم ومواقفهم إلى نماذج ملهمة لهم، ولذا فإن كل يوم يمر عليهم هو في الحقيقة درس لهم؛ ولذا فإن على الوالدين مراعاة هذا الجانب والابتعاد عن كل ما يسيء إلى هذا الجو ومراقبته فكرياً وأخلاقياً.
يعتبر الأطفال الأسرة عالمهم الكبير ودنياهم الواسعة حيث يسبحون في عوالمهم الزاخرة بالأماني والأحلام الوردية، ولذا فإن الأسرة بالنسبة للطفل تعتبر القاعدة الأساسية للانطلاق نحو المستقبل، وفيها تتحدد توجيهاته وترتسم ملامح شخصيته.
فإذا حصل اضطراب في محيط الاسرة انعكست آثاره مباشرة في نفس الطفل وروحه؛ وما أكثر الأطفال الذين ذهبوا ضحية للنزاعات الزوجية، ذلك أن عدم الاستمرار والاضطراب يدمر أول ما يدمر شعور الأطفال بالأمن ويزرع في قلوبهم الخوف، الأمر الذي يزلزل شخصيتهم، وبالتالي يعرضهم إلى الضياع.
إن مرحلة الطفولة هي أحلى وأجمل المراحل في حياة الإنسان، وأنه مما يدعو إلى الأسف أن يقوم الوالدان، ومن خلال نزاعاتهما، بالإساءة إلى أطفالهم والقضاء على تلك البسمات البريئة التي ترتسم على شفاههم ليحل محلها القلق والخوف والضياع.
النموذج السيء:
يتعلم الأطفال منا أولى دروس الحياة، كما تعتبر حياة الأسرة بالنسبة لهم مدرسة يتعلمون فيها كل شيء، حيث تتراكم في نفوسهم القيم والمواقف والمشاعر والعواطف من خلال سلوكنا وتصرفاتنا؛ ولذا فإننا سنكون نماذج وأمثلة يقتدون بها ويقلدونها، حتى لو حاولنا منعهم عن ذلك وفي هذه السن الحرجة فإن الأطفال سيكونون أشبه بأجهزة تسجيل دقيقة تضبط كل أقوالنا ومواقفنا، ولذا فإننا سنكون نماذج سيئة إذ أسأنا التصرف قولا وعملا.
إن الحياة الزوجية التي يسودها الإضطراب والنزاع وعدم الاستقرار ستخلق أطفالا مضطربين ومهزوزين نفسيا؛ وفي هذه الحالة يتحمل الوالدان مسؤولية ما ينشأ عن ذلك من أضرار في بناء وتكوين شخصية أبنائهم.
آلام الاضطراب:
يعاني الأطفال الذين يترعرعون في محيط مضطرب آلاما عنيفة، فتختفي تلك النظرات البريئة والابتسامات المشرقة ليحل محلها إحساس بالحزن الممزوج بالخوف والقلق والدموع؛ ولهذا يرتفع صوت الأطفال بالبكاء، كلما اشتعل النزاع بين الوالدين؛ إن صرخاتهم هي بمثابة استغاثة للخلاص من الخطر المحدق بهم.
إن أولى حاجات الصغار في هذه المرحلة الحساسة هي الشعور بالأمن والطمأنينة، ولهذا فهم يتلمسون خطاهم نحو المحيط الدافئ المفعم بالحنان والحب، وأن ما يثير فزعهم ورعبهم هو رؤيتهم مظاهر العنف أو النزاع في المنزل، الذي ينبغي أن يكون عشا دافئا يضم قلوبهم الصغيرة ويلفها بالعطف والمحبة والصفاء.
إن الطفل ليشعر بالألم يعتصر قلبه لدى رؤية والده وهو يصرخ أو لدى رؤية امه وهي تنتحب؛ وكم رأينا بعضهم يشكو ذلك بالرغم من سنه الصغيرة التي قد لا تتجاوز الأربع أو الخمس سنوات، ومع ذلك فهو يتمتم؛ ليتني لم أكن موجوداً.. ليتني كنت ابنا لفلان.. وغير ذلك.
إن النزاع في الحياة الزوجية هو بمثابة خنجر مسموم يطعن قلب الطفل ويسبب له آلاماً مبرحة، وعندها تنطفئ آماله وتنتهي أحلامه.
مسألة الإنفصال:
قد تصل الأمور في نظر أحد الزوجين أو كلاهما إلى الطريق المسدود ويحدث الطلاق، وعندها ينفرط عقد الأسرة ويذهب كل في طريقه في حين يقف الأطفال في مفترق الطرق لا يعرفون أين ستكون وجهتهم ومع من يذهبون؟! عيونهم على الأب وقلوبهم مع الأم، وفي تلك اللحظة المشؤومة، لحظة الطلاق، يحدث ذلك التمزق العاطفي في أعماق الأطفال.
ولا يقتصر أثر الطلاق والانفصال بين الزوجين فقط، بل إن الأمر يتعدى إلى الأطفال أيضا، فلابد أن يعرف الوالدان بأن شيئاً قد مس العلاقة بينهما وبين أبنائهما، ولابد أن يشعر الأب أو الأم بأن أطفالهما لم يعودا ملكاً خاصاً بهما فلكل نصيبه في ذلك أما الأطفال فإنهم ينتظرون لقاءهم مع الوالدين كما لو كانوا في مهمة رسمية، حيث تتولى المحاكم ترتيب هكذا لقاءات. ولا ينبغي أن نعتبر ذلك أمراً طبيعياً لدى الطفل يمر دون أن يحدث آثاره في نفسيته، بل لابد وأن تظهر نتائجه السلبية في المستقبل.
الاثار النفسية:
ليس من الإنصاف أن يحترق الأطفال بنار نزاعاتكم، وليس من العدل أبدا أن يشعروا بالمرارة والحرمان وهم في هذه السن المبكرة حيث كل شيء بالنسبة لهم هو مجرد عالم وردي جميل وأطياف ملونة.
إن الأطفال الذين ينشأون في أسرة مضطربة قلقة يسودها النزاع لابد وأن يشبوا مهزوزين نفسيا، يطل من عيونهم البريئة إحساس بالرعب وشعور بالحرمان حتى لو حاول الوالدان تقديم النصائح لهم فإن ذلك سوف يكون عديم الجدوى.
الإبتعاد عن الأم:
ربما يتحمل الطفل بعده عن والده، أما أن يجد نفسه بعيداً عن أمه ذلك الحضن الدافئ والصدر الحنون، فإن ذلك سيكون بالنسبة له كارثة لا يمكن تحملها أبدا؛ ذلك أن الطفل يهرع إلى أحضان أمه لدى أقل إحساس بالخطر وعندها يشعر بالأمن والطمأنينة تغمران قلبه. وعندما يواجه الطفل عدوانا ما فإنه يسرع باللجوء إلى والدته وتقديم شكواه ضد ذلك الظلم الذي حاق به؛ إذن لا يمكن للطفل أن يتحمل بعده عن أمه وافتقاده لحنانها؛ ولو حصل ذلك جراء حادث ما فإنه سوف يعكس في نفسه آثاراً وتراكمات ومضاعفات تؤثر تأثيراً بالغاً في تكوينه الأخلاقي والروحي.
ولقد أثبتت الدراسات بأن أكثر من 80% من الإضطرابات العاطفية والنفسية لدى الأطفال إنما نشأت بسبب بعدهم أو فقدهم لأمهاتهم سواء أكان موتاً أو طلاقاً بل وحتى سفراً طويلاً.
نعم. إن المشكلة الكبرى هي الطلاق، ذلك أنها تحرم الطفل من ذلك النبع الفياض بالحب والحنان.
وإنه لنوع من الأنانية أن يسعى كل من الزوجين إلى حل مشكلاتهما عن طريق الطلاق دون أن يحسبا أي حساب للمشاكل المعقدة التي سوف تواجه أطفالهما من جراء ذلك.
ولا يمكن للطفل أبداً أن يغفر لوالديه ما سبباه له من بؤس وحرمان.
الضياع:
ينشد الاطفال بطبعهم وفطرتهم المكان الآمن المفعم بالاستقرار لكي ينموا ويكبروا؛ فهناك إحساس فطري بالخطر، ولذا فإنهم يجدوا الطمأنينة في أحضان والديهم.
أما عندما يحدث الطلاق وينفرط عقد الأسرة فإنه يغمرهم إحساس بالضياع، يجتاح تلك القلوب الصغيرة، وعندها يجد الأطفال أنفسهم بلا معين وقد امتلأت نفوسهم بمشاعر المهانة والإذلال، ذلك أن أياً كان من الناس لا يمكن أن يحل مكان الأم أو الأب في رعايتهم والعطف عليهم وتربيتهم التربية اللائقة.
وإنه نوع من القسوة عندما يقدم الزوجان على الطلاق وتدمير ذلك العش الدافئ الذي ينعم به أطفالهم وتشريدهم هنا وهناك وتعريضهم إلى خطر الضياع والانحراف.
إن على المرء أن لا يكون أنانياً في بحثه عن الراحة والاستقرار فيحل مشاكله بطريقة مدمرة تنشأ عنها مشكلات عديدة له ولغيره ممن لم يرتكبوا ذنباً في ذلك.
الأبوة:
ما الذي حدا بك - أيها الأب المحترم - لكي تفقد صبرك وتحملك فتقدم على الطلاق؟ هل تظن بأن مشاكلك قد انتهت أو أنك وجدت الحل الجذري والنهائي لكل متاعبك؟ أما تفكر في المستقبل؟ وهل أن هذه الدنيا تستأهل كل ذلك؟ تستأهل التضحية بأطفالك الذين تتركهم يتلقون تلك الصدمة حيارى ينظرون إلى المستقبل بعيون قلقة وقلوب خائفة.
إن الرجولة لتتناقض مع هكذا عمل، كما أن الأبوة المخلصة الحقة تتنافى معه، إنها تفترض العكس؛ تفترض التضحية والصبر من أجل حماية الصغار وتربيتهم لكي ينشأوا رجالاً صالحين.
وأنتِ أيتها الام:
هل تنسجم أمومتك مع تركك أطفالك وهم في أمس الحاجة إليك وإلى عطفك وحبك. إن سمو الأمومة وعلو مقام الأم هو أكبر من ذلك، أكبر من جميع الآلام والمصائب، من جميع المحن والمتاعب؛ فالأطفال ينظرون إلى أمهم كحضن دافئ ينشدون فيه كل ما ينشدون فيه كل ما ينشدونه من المحبة والعطف والحنان.
فالأم لا تغذو أطفالها اللبن فقط بل تغذوهم الحب والعاطفة، وهي مسألة تحتل الأولوية في ذلك. وفي مقابل هذه الأهمية وهذه المسؤولية فإن على المرأة أن تنهض بدورها متجاوزة جميع المشاكل والعقبات. وعلى الأم أن يكون همها الأول هو مستقبل أطفالها، فالأمومة هي المدرسة الأولى والمهمة في تربية الطفل وتعليمه المبادئ والأسس التي ينطلق منها نحو المستقبل المشرق.
حديث اخير:
وحديثنا الأخير هنا هو مع أولئك الذين أدت ظروف الطلاق إلى أن يحلوا مكان الأب أو الأم في رعاية الصغار، عليهم ألا يعتبروا هؤلاء الضحايا مجرد مزاحمين.. عليهم ألا يفرقوا في معاملتهم أسوة بأبنائهم.. إنهم في الحقيقة أمانة إلهية في أعناقهم.. إنهم أطفالهم، فقدوا عشهم فلجأوا إليكم ينشدون ما افتقدوه من الدفء والحنان.
إن الله سبحانه قد أمرنا بالإحسان إلى أسرانا في الحروب فكيف بهؤلاء الأطفال الأبرياء؟!
إن ضربهم أو إهانتهم ستكون عميقة الأثر في نفوسهم الغضة وقلوبهم الطرية؛ إنهم أمانة الله في أعناقكم وأنتم مسؤولون عنها يوم القيامة، فأدوا إليهم حقوقهم في المحبة والعطف والأمان.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|