أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2023
1523
التاريخ: 23-3-2017
2053
التاريخ: 2023-04-09
2372
التاريخ: 9-5-2017
1604
|
نشرت هذه النتائج المذهلة في مجلة الفيزياء الألمانية «تسايتشريفت فور فيزيك» سنة 1927، فاستقبلها العلماء النظريون مثل ديراك وبور، الملمون بالمعادلات الجديدة لميكانيكا الكم، باستحسان على الفور، لكن معظم التجريبيين رأى نتائج هايزنبرج تحديا لمهاراتهم. وتخيلوا أنه يدعي أن تجاربهم ليست جيدة بما فيه الكفاية لقياس الموضع والزخم في الوقت نفسه، وحاولوا القيام بتجارب لإثبات خطئه إلا أن ذلك كان هدفًا غير ذي جدوى لأن هذا لم يكن ما قاله هايزنبرج على الإطلاق.
ويظهر أن سوء الفهم هذا الذي لا يزال مستمرا حتى هذه الأيام، سببه ولو جزئيا، الطريقة التي غالبا ما تُدرس بها فكرة عدم اليقين. وقد استخدم هايزنبرج نفسه فكرة ملاحظة الإلكترون للوصول إلى مبدئه. إننا نستطيع أن نرى الأشياء عندما ننظر إليها، وهو الأمر الذي يتضمَّن ارتداد فوتونات الضوء منها إلى أعيننا. والفوتون لا يؤثر كثيرًا على شيء مثل بيت؛ ولذا لن نتوقع أن البيت سيتأثر كثيرًا عندما ننظر إليه. ولكن أمر الإلكترون يختلف كثيرًا. فبداية، حيث إن الإلكترون صغير جدًّا، لا بد أن نستخدم طاقة كهرومغناطيسية ذات طول موجي قصير حتى يمكن رؤيته على الإطلاق (بمساعدة جهاز تجريبي. وأشعة جاما هذه طاقتها كبيرة، وأي فوتونات لأشعة جاما ترتد عن الإلكترون – ويمكن التعرُّف عليها بجهازنا التجريبي - ستغير بطريقة درامية موقع وزخمَ الإلكترون - إذا كان الإلكترون في ذرة ما. ومجرد فعل الرؤية نفسه بواسطة ميكروسكوب خاص بأشعة جاما ربما يدفع هذا الإلكترون خارج الذرة كليا. وكل ذلك صحيح بما فيه الكفاية ويعطي فكرةً عامة عن استحالة قياس الموضع والزخم للإلكترون معًا بدقة. لكن مبدأ عدم اليقين ووفقًا للمعادلات الأساسية لميكانيكا الكم، يدلنا على أنه لا يمكن أن يكون للإلكترون زخم وموقع دقيقان في الوقت نفسه. كان لهذه النتائج آثار بعيدة المدى. وكما قال هايزنبرج في نهاية مقاله في مجلة «تسايتشريفت فور فيزيك»: «لا نستطيع أن نعرف الحاضر بكل تفاصيله كمسألة مبدأ.» وهنا حيث تتحرر نظرية الكم من حتمية الأفكار الكلاسيكية. وبالنسبة إلى نيوتن، فإنه من الممكن التنبؤ بكلِّ ما سيحدث في المستقبل إذا عرفنا موقع وزخم كل جسيم في الكون، أما بالنسبة إلى الفيزيائيين المحدثين فإن فكرة هذا التنبؤ المثالي لا معنى لها؛ حيث إننا لا نستطيع أن نعرف الموقع والزخم حتى لجسيم واحد بالضبط. ونحصل على النتيجة نفسها من كل النسخ المختلفة للمعادلات من الميكانيكا الموجية ومصفوفات هايزنبرج-بورن- جوردان وأعداد q لديراك، هذا مع أن مسلك ديراك الذي تجنَّب بعناية أي مقارنة فيزيائية لعالم الحياة اليومية كان يبدو وكأنه الأكثر ملاءمة. ومن المؤكد أن ديراك قد توصل تقريبًا إلى علاقة عدم اليقين قبل هايزنبرج. وقد أشار في مقال صدر ضمن صحيفة «بروسيدينجز أوف ذا رويال سوسايتي» في ديسمبر 1926 إلى أنه قد يتوقع المرء مع ذلك أن تجيب نظرية الكم عن أي أسئلة تشير إلى القيم العددية لكل من p وq، إلا أنه لكي تجيب عن الأسئلة التي تحتوي فقط p وq فإنها لا بد أن تعطي قيما عددية.
لم يستخدم العلماء مضامين هذه الأفكار إلا في الثلاثينيات من القرن العشرين الفكرة فيما يتصل بمفهوم السببية - الفكرة القائلة بأن كل حدث وراءه بعض الأحداث المحددة - ولغز التنبؤ بالمستقبل أيضًا. وفي الوقت نفسه، ومع أن علاقات عدم اليقين قد جرى استنتاجها من المعادلات الأساسية لميكانيكا الكم، فإن بعض الخبراء المؤثرين قد أخذوا يدرسون نظرية الكم بادئين بعلاقات عدم اليقين ويُعتبر فولفجانج باولي على الأرجح المؤثَّرَ المحوري في هذا الاتجاه. وقد كتب مقالا موسوعيًّا مهما حول نظرية الكم بادئًا بعلاقات عدم اليقين، وشجّع زميله هيرمان فيل ليستهل كتابه «نظرية المجاميع وميكانيكا الكم» بالطريقة نفسها. ظهر هذا الكتاب لأول مرة باللغة الألمانية سنة 1928 ثم بالإنجليزية (بواسطة ميثوين) سنة .1931 ولقد هيَّأ هذا الكتاب ومقال باولي المناخ لجيل من المراجع القياسية في هذا المعنى، وأصبح الطلاب الذين شبوا على هذه المراجع أساتذة بدورهم أحيانًا، ولقنوا تلك التعاليم للأجيال التالية. ونتيجة لذلك صار الطلاب في الجامعات حتى يومنا هذا يتعلمون نظرية الكم في أغلب الأحيان عن طريق علاقات عدم اليقين. (1)
وهذا حدث غريب في التاريخ. وعلى كل، فإن المعادلات الأساسية لنظرية الكم تؤدي إلى علاقات عدم اليقين ولكن إذا بدأنا بعدم اليقين فلن نصل بأي حال من الأحوال إلى المعادلات الأساسية للكم. والأسوأ من ذلك أن الطريقة الوحيدة لتقديم عدم اليقين من دون المعادلات، تكون باستخدام أمثلة مثل استخدام ميكروسكوب أشعة جاما لرصد الإلكترونات، ويجعل هذا الناس على الفور تعتقد أن عدم اليقين يختص بالقيود التجريبية ولا يختص بالحقيقة الأساسية عن طبيعة الكون. وعليك أن تعرف أمرًا واحدًا ومنه تعود لتعرف شيئًا آخر ثم تتحرّك لتكتشف فقط أنك قد توصلت إلى ما تعلمته في البداية. فالعلم ليس بالضرورة منطقيًّا، وبالمثل مدرسوا العلوم. والنتيجة هي أجيال من الطلاب المشوشين والمفاهيم الخاطئة المختلطة بشأن مبدأ عدم اليقين؛ تلك المفاهيم الخاطئة التي لا تشارك أنت فيها، لأنك قد اكتشفت أمورًا في ترتيبها الصحيح، وعلى كل، إذا لم نهتم بالتعقيدات العلمية وأردنا أن ننخرط في غرائب عالمِ الكَم، فإنه من المعقول جدا أن نبدأ باكتشاف هذا العالم بالأمثلة المذهلة حول طبيعته الخاصة للغاية.
هوامش
(1) This does make for a delightful coincidence, though. According to this way of approaching quantum theory, the most important things are the p’s and q’s of the uncertainty relation. Everyone knows the old expression “mind your p’s and q’s,” which means “take care”. The expression probably comes from an admonition to children learning the alphabet, or to printers’ apprentices working with movable type, to watch out for the fiddly bits on the tails of these letters (Brewer’s Dictionary of Phrase and Fable, Cassell, London, 1981), but it could now be taken as the motto of quantum theory. As far as I know, the choice of these letters in the quantum equations was, however, no more than a coincidence
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|