أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-09-2014
5289
التاريخ: 27-6-2022
1541
التاريخ: 11-1-2023
1756
التاريخ: 28/9/2022
1264
|
{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ...}[التوبة / ١٠٠]
إن قال قائل: فإني أترك التعلق بالخبر عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بأن القوم في الجنة لما طعنتم به فيه ، مما لا أجد منه مخلصاً ، ولكن خبروني عن قوله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }.
أليس قد أوجب لأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد جـنات عدن ، ومنع بذلك من تجويز الخطأ عليهم في الدين ، والزلل عن الطريق المستقيم.
فكيف يصح القول مع ذلك بأن الإمامة كانت دونهم لأمير المؤمنين(عليه السلام) وأنهم دفعوه بالتقدم عليه عن حق وجب له على اليقين ، وهل هذا إلا متناقض؟!
قيل له: إن الله سبحانه لا يعد أحداً بالثواب إلا على شرط الإخلاص والمـوافـاة بما يتوجه الوعد بالثواب عليه ، وأجل من أن يعزى ظاهر اللفظ بالوعد عن الشروط ، لما في العقل من الدليل على ذلك والبرهان.
وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، فالحاجة ماسة إلى ثبوت أفعال من ذكرت في السبق والطاعة لله تعالى في امتثال أوامره ظاهراً على وجه الإخلاص ، ثم الموافاة بها على ما ذكرناه ، حتى يتحقق لهم الوعد بالرضوان والنعيم المقيم ، وهذا لم يقم عليه دليـل ، ولا تثبت لمن ذكرت حجة توجب العلم واليقين ، فلا معنى للتعلق بظاهر الآية فيه ، مع أن الوعد من الله تعالى بالرضوان ، إنما توجه إلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، دون أن يكون متوجها إلى التالين الأولين.
والذين سميتهم من المتقدمين على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومن ضممت إليهم في الذكر ، لم يكونوا من الأولين في السبق ، و إنما كانوا من التالين للأولين ، والتالين للتالين. والسابقون الأولون من المهاجرين ، هم: أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وجعفر بن أبـي طـالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وخباب ، وزيد بن حارثة ، وعمار وطبقتهم.
ومن الأنصار النقباء المعروفون ، كأبي أيوب ، وسعد بن معاذ ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، ومن كان في طبقتهم من الأنصار.
فأما أصحابك ، فهم الطبقة الثانية ممن ذكرناه ، والوعد إنما حصل للمتقدمين في الإيمان دونهم على ما بيناه ، وهذا يسقط ما توهمت.
فصل
ثم يقال له: قد وعد الله المؤمنين والمؤمنات في الجملة مثل ما وعد به السابقين من المهاجرين والأنصار ، ولم يوجب ذلك نفي الغلط عن كل من استحق اسـم الإيمان ، ولا إيجاب العصمة له من الضلال ، ولا القطع له بالجنة على كل حال.
قال الله (عزوجل): {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72].
فإن وجب للمتقدمين على أمير المؤمنين (عليه السلام) الثواب على كـل حـال ، لاستحقاقهم الوصف بأنهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، على ما ادعيت لهم فـي المقال ، فإنه يجب مثل ذلك لكل من استحق اسـم الإيـمـان فـي حـال مـنا الأحوال بما تلوناه ، وهذا ما لا يذهب إليه أحد من أهل الإسلام.
ويقال له أيضاً: قد وعد الله الصادقين مثل ذلك ، فقطع لهم بالمغفرة والرضـوان ، فقال سبحانه: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: 119].
فهل يجب لذلك أن يقطع على كل من صـدق فـي مـقالـه بـالعصمة مـن الضـلال ، ويوجب له الثواب المقيم ، و إن ضم إلى فعله قبائح الأفعال؟! فإن قال: نعم ، خرج عن ملة الإسلام ، و إن قال: لا يجب ذلك لعلة من العلل.
قيل له في آية السابقين: مثل ما قال ، فإنه لا يجد فرقاً.
ويقال له أيضاً: ما تصنع في قول الله تعالى: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157] ؟!
أتقول: إن كل من صبر على مصاب فـاستـرجـع مـقطوع لـه بـالعصمة والأمـان مـن العذاب ، و إن كان مخالفاً لك في الاعتقاد ، بل مخالفاً للإسلام؟!
فإن قال: نعم ، ظهر خزيه ، و إن قال: لا يجب ذلك ، وذهب في الآية إلى الخصوص دون الاشتراط ، سقط معتمده من عموم آية السابقين ، ولم يبق معه ظاهر فيما اشتبه به الأمر عليه في إمامة أمير المؤمنين ، وخطأ المتقدمين عليه حسب ما ذكرناه.
وهذا باب إن بسطنا القول فيه ، واستوفينا الكلام في معانيه ، طال به الخطاب ، وفيما اختصرناه كفاية لذوي الألباب.
فصل
فإن قال في أصل الجواب: إنه لا يجوز تخصيص السابقين الأولين ، ولا الاشتراط فيهم ، لأنه سبحانه قد اشترط في التابعين ، وخصهم بقوله: {والذين اتبعوهم بإحسان}.
فلو كان في السابقين الأولين من يقع منه غير الحسن الجميل ، لما أطلق الرضا عنهم في الذكر ذلك الإطلاق ، واشترط فيمن وصله بهم من التابعين.
قيل له: أول ما في هذا الباب ، أنك أوجبت للسابقين بهذا الكلام العصمة مـن الذنوب ، ورفعت عنهم جواز الخطأ وما يلحقهم به من العيوب ، والأمة مجمعة عـلى خلاف ذلك لمن زعمت أن الآية فيه صريحة ، لأن الشيعة تذهب إلى تخطئة المتقدمين على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والمعتزلة والشيعة وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث يضللون طلحة والزبير في قتالهم لأمير المؤمنين ، والخوارج تخطى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وتبرأ منه ومن عثمان ، وطلحة والزبير ومن كان في حيز هما ، وتكفرهم بحربهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وولايتهم عثمان بن عفان.
فيعلم أن إيجاب العصمة لمن يزعم أ عم أن الله تعالى عناه في الآية بالرضوان باطل ، والقول به خروج عن الإجماع.
على أن قوله تعالى: { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } ليس هو شرطاً في التابعين ، وإنما هو وصف للاتباع ، وتمييز له من ضروبه التي لا يوجب شيء منها الرحمة والغفران ، وهذا مما لا يبطل الخصوص في السابقين ، والشرط في أفعالهم على ما ذكرناه.
مع أنا قد بينا أن المراد بـالسابقين الأوليـن ، هـم الطـبقة الأولى مـن المهاجرين والأنصار ، وذكرنا أعيانهم ، وليس من المتقدمين على أمير المؤمنين(عليه السلام) ، والمخالفين عليه من كان من الأولين ، و إن كان فيهم جماعة من التالين ، ولسنا ندفع ظاهر الأولين من القوم ، وأنهم من أهل الثواب وجنات النعيم على عمومهم دون الخصوص ، وهذا أيضاً يسقط تعلقهم بما ذكروه في التابعين ، على أنه لا يمتنع أن يكـون الشـرط فـي التابعين شرطاً في السابقين ، ويكتفى به بذكر السابقين للاختصار ، ولأن وروده في الذكر على الاقتران.
ويجري ذلك مجري قوله تعالى: { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62].
وقوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].
ويقال له أيضاً: أليس الله تعالى يقول: { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ } [المدثر: 38 ، 39].
وفي الأنفس من لم يرده ، ولم يستثنه لفظاً ، وهم: الأطفال والبله والبهائم والمجانين؟! وإنما يدل استثناؤهم لفظاً على استثناء أهل العقول.
فبم ينكر أن يكون الشرط في السابقين مثل الشرط في التابعين ، وأن اللفظ من ذكر السابقين موجود في التابعين؟ وهذا بين لمن تدبره.
على أن الذي ذكرناه في الخبر ، وبينا أنه لا يجوز من الحكيم تعالى أن يقطع بالجنة إلا على شرط الإخلاص ، لما تحظره الحكمة من الإغراء بالذنوب ، يـبطـل ظـنهـم فـي تأويل هذه الآية ، وكل ما يتعلقون به من غيرها في القطع على أمان أصحابهم من النار ، للإجماع على ارتفاع العصمة عنهم ، وأنـهـم كـانـوا مـمـن يـجوز عـليـه اقـتراف الآثام ، وركوب الخلاف لله تعالى على العمد والنسيان ، وقد تقدم ذلك فيما سلف ، فلا حاجة بنا إلى الإطالة فيه(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الإفصاح: 77، والمصنفات 8: 77.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|