أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-6-2017
2735
التاريخ: 10-11-2017
4577
التاريخ: 5-6-2017
2990
التاريخ: 20-4-2016
2551
|
يذكر سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي أن في كتب السيرة والتاريخ كنوزاً أدبية، ولكنها تكاد تكون ضائعة وتحتاج إلى من يبحث عنها، ويستعرضها من جديد(1).
وهذه الحقيقة يدركها كل من قرأ في (كتب السيرة، والتاريخ، وكتب الطبقات والتراجم والرحلات، وفي الكتب التي ألفت في الإصلاح والدين والأخلاق والاجتماع. وفي كتب الوعظ والتصوف، وفي الكتب التي سجل فيها المؤلفون خواطرهم وتجارب حياتهم، وملاحظاتهم وانطباعاتهم ورووا فيها قصة حياتهم)(2).
ومن يتمعن في كثير من النصوص في هذه الكتب يتذوق جمال القطع الأدبية التي تزخر بها، فضلا عما فيها من أحداث وأخبار ومشاهد وصور من تاريخنا تسهم في تربية أطفالنا وتنشئة أجيالنا(3).
وأذكر على سبيل المثال تلك الرواية التي حدثنا فيها الصحابي الكريم كعب بن مالك - عن تخلفه في موقعة تبوك مع صاحبيه(4)، ثم ما تبع ذلك من مقاطعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والمسلمين لهم حتى نزول آية التوبة(5)، والرواية قطعة أدبية رائعة، ولوحة فنية جميلة، وقصة واقعية مؤثرة(6)، ولو وردت هذه الرواية في كتب الأمم الأخرى لبرزت من عيون الأدب العالمي الذي يتحدث عن همسات النفوس، وخلجات المشاعر، ووساوس الأعماق وصراع النفس.
فالسيرة العطرة معين عذب للأدب العالمي بعامة، والأدب الإسلامي بخاصة، وفيها ما يخص الكبار وما يصلح للصغار. وفيها ما يخص الرجل والمرأة، وما يهم كل الناس وكل الأمزجة وكل المجتمعات. وهي تصور حياة واقعية، تزخر بالمشاهد والمآثر، وهي لا تزال إلى اليوم وستبقى تحمل ذلك النبض الإنساني الصادق، والصورة البشرية المؤثرة، إنها وقائع وأحداث، وصور ومناهج وأحكام، وأوصاف وحوارات، وتاريخ يتحرك بصدق وحرارة.
معين زاخر بشتى الموضوعات والأغراض والأنواع والأساليب، ومع ذلك ما تزال هذه الكنوز رهينة الكتب، والروايات.. وإذا بدأنا نرى بعض الكتابات التي استمدت موضوعاتها من السيرة، فإنه ما يزال هناك مجالات كثيرة للكتابة فيها ولعرض صور جديدة منها، وما يزال هناك بعد كبير عن الصورة التي نتطلع إليها في عرض السيرة بالأسلوب الملائم، والطرائق المناسبة لمراحل العمر المختلفة.
وإن أدباءنا ما زالوا بعيدين عن استغلال السيرة والاستفادة منها، وإخراج مكنوناتها في إبداعاتهم المختلفة. لا عن طريق السرد والنظم والحكايات، وإنما عن طريق تمثل هذه الأحداث وفهمها ثم الأخذ من معينها لإبداعاتهم المختلفة.
والأطفال أكثر حاجة من الكبار لفهم سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومعرفة جزئيات حياته وحياة صحابته؛ لكي تصبح هذه السيرة قدوة ونبراساً لهم، ولكن هذه الحاجة لا يشبعها سرد الوقائع واستعراض الأحداث، وإنما تحتاج إلى أديب ينقل هؤلاء الأطفال إلى تلك الحياة، ليعيشوا وسطها، وليتفاعلوا معها، أو من ينقل تلك الحياة إليهم لكي يمعنوا فيها، ويتملّوا منها، ويقبسوا منها ما ينير لهم طريق حياتهم(7).
إن المعين طيب وغزير ولكنه يحتاج إلى الإبداعات المتميزة والأساليب المبتكرة، والأخذ الحسن لتقديمه للأطفال بصورة مناسبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ نظرات في الأدب / 34.
2ـ المصدر السابق.
3ـ أليس من الغريب والسذاجة أن نقبل من المستغربين والعلمانيين استخدام الأساطير، والروايات الخرافية التي امتلأت بها كتبهم وتاريخهم، وأن نعد ما ينسجون حول هذه الأساطير من خرافات وأوهام، نوعاً من الأدب والفكر، وسمة من سمات الإبداع، وأن تؤلف الكتب للبحث عن أثر ذلك في الإبداع، بينما يخجل بعض المهزومين من العودة إلى كتاب الله (عز وجل)، وإلى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو الأخذ من تراثنا الحي، ويعد ذلك نوعاً من التخلف والرجعية، ويهتمون بدلاً من ذلك بكتب الأساطير الشعبية، أو الكتب التي تركها أصحابها لتشويه صورة المسلمين ومحاربة الدولة الإسلامية مثل (ألف ليلة وليلة).
4ـ الثلاثة الذين تخلفوا وتاب الله عليهم هم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع العامري، وهلال بن أمية الواقفي.
5ـ رويت قصة التخلف والتوبة في كتب الحديث (صحيح البخاري وصحيح مسلم من حديث الزهري ومسند الإمام أحمد والترمذي والنسائي، وأبو داود، وفي السيرة والمغازي وكتب التفسير والتاريخ).
6ـ كعب بن مالك الأنصاري، الصحابي الشاعر الأديب: للدكتور محمد علي الهاشمي ط1 / 369 ـ 389، وقد كتب عنها الأديب محمد موفق سليمة في ثلاثياته.
7ـ انظر ما كتبه الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه (في الطريق إلى المدينة)، عن أثر السيرة الحية في نفوس الصغار، فصل (الكتاب الذي لا أنسى فضله).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|