أقرأ أيضاً
التاريخ: 25/12/2022
1558
التاريخ: 16-5-2022
2187
التاريخ: 26/10/2022
1510
التاريخ: 2024-08-18
267
|
اعلم أن الشكر من أفضل الأعمال، وهو ينتظم من علم وحال وعمل. فالعلم هو الأصل فيورث الحال، والحال يورث العمل، والعلم هو معرفة النعمة من المنعم، والحال هو الفرح الحاصل بإنعامه، والعمل هو القيام بما هو مقصود المنعم ومحبوبه، ويتعلق ذلك العمل بالقلب وبالجوارح وباللسان.
وينبغي لمن أراد شكر الله أن يعلم بأن النعم كلها من الله تعالى، والوسائط مسخرون سخرهم لك برحمته وألقى في قلوبهم من الاعتقاد والرأفة ما صاروا به مضطرين إلى الإيصال إليك، وهذا هو الشكر بالقلب.
وأما الفرح بالنعم مع هيئة الخضوع والتواضع فهو أيضاً في نفسه شكر على حدة، كما أن المعرفة شكر، فإن كان فرحك بالنعم خاصة لا بالنعمة ولا بالإنعام بل من حيث إنك تقدر النعمة على التوصل إلى القرب من المنعم فهو المرتبة العليا من الشكر، وإمارته ألا تفرح بنعم الدنيا إلا من حيث أنها مزرعة الآخرة ومعينة عليها، وتفرح بهذا المقدار وتحزن بكل نعمة تلهيك عن ذكر الله، وهذا أيضاً شكر بالقلب.
وأما العمل بموجب الفرح الحاصل من معرفة المنعم فهو يتعلق بالقلب واللسان والجوارح: أما بالقلب فقصد الخير وإضماره لكافة الخلق، وأما باللسان فبإظهار الشكر لله بالتحميدات الدالة عليه، وأما بالجوارح فاستعمال نعم الله في طاعته والتوقي من الاستعانة بها على معصيته، حتى إن شكر العينين أن يستر كل عيب يراه بمسلم، وشكر الأذنين أن يستر كل عيب يسمعه لمسلم، فيدخل هذا وأمثاله في جملة شكر نعمة هذه الأعضاء (1).
بل قال أرباب المعرفة (2): إن من كفر نعمة العين فقد كفر نعمة الشمس أيضاً، إذ الإبصار إنما يتم بها، وإنما خلقتا ليبصر بهما ما ينفعه في دينه ودنياه ويتقي بهما ما يضره فيهما، بل المراد من الخلق الأرض والسماء وخلق الدنيا وأسبابها أن يستعين الخلق بها على الوصول إلى الله، ولا وصول إليه إلا بمحبته والأنس به في الدنيا والتجافي عن غرورها (3)، ولا أنس إلا بدوام الذكر، ولا محبة إلا بالمعرفة الحاصلة بدوام الفكر (4)، ولا يمكن الدوام على الذكر والفكر إلا ببقاء البدن، ولا يبقى البدن إلا بالأرض والماء والهواء، ولا يتم ذلك إلا بخلق الأرض والسماء وخلق سائر الأعضاء، وكل ذلك لأجل البدن، والبدن مطية (5) النفس، والراجع إلى الله هي المطمئنة (6) بطول العبادة والمعرفة، فكل من استعمل شيئاً في غير طاعة الله فقد كفر نعمة الله في جميع الأسباب التي لابد منها لإقدامه على تلك المعصية، ولذا كان الشاكر الحقيقي قليلاً، قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 153 ــ 154، الباب الثاني في الرضا وطريق تحصيله، الفصل الثالث في الشكر وطريق تحصيله. المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7/ 144ــ 149، كتاب الصبر والشكر، بيان حد الشكر وحقيقته. إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 72 ــ 74، كتاب الصبر والشكر، بيان حد الشكر وحقيقته.
(2) القائل هو: محمد بن مرتضى المشهور بالملا محسن الفيض الكاشاني.
(3) غرت: استغفلت. وغرته الدنيا غرورا من باب قعد: خدعته بزينتها.
مجمع البحرين، الطريحي: 3/ 303، مادة "غرر".
(4) قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الفكر إحدى الهدايتين".
غرر الحكم، الآمدي: 1/ 56 / ح541.
(5) المطا وزن عسى: الظهر، والجمع أمطاء، ومنه قيل: البعير "مطية".
مجمع البحرين، الطريحي: 4/ 211، مادة "مطو".
(6) إشارة إلى قوله تعالى: ((يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)) سورة الفجر/ 27.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|