أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2022
1627
التاريخ: 2024-08-10
309
التاريخ: 12-7-2022
2713
التاريخ: 20-9-2016
4707
|
وقع الكلام في أنّ حديث لا ضرر هل يشمل الأحكام العدمية أو يختصّ بالأحكام الوجودية، فوجوب الوضوء مثلا حكم وجودي و لا إشكال في شمول الحديث له حالة الضرر، و أمّا عدم ثبوت حقّ الطلاق لغير الزوج- عند عدم قيامه بالإنفاق على الزوجة، أو عند حبس الزوج لفترة طويلة تستوجب تضرّر الزوجة- فهو حكم عدمي، و عدم انتفائه في الحالات المذكورة و أمثالها يستوجب الضرر، فهل يمكن تطبيق الحديث عليه و من ثمّ ليثبت حقّ الطلاق لغير الزوج؟
اختار السيّد اليزدي في ملحقات العروة ثبوت حقّ الطلاق للحاكم، لأنّ عدم ثبوته له يستلزم الضرر، فينتفي ذلك العدم بحديث لا ضرر و بالتالي يثبت الوجود، أي يثبت حقّ الطلاق للحاكم (١).
ومثال ثان لذلك: إذا حبس شخص شخصا آخر حرّا يوما أو يومين وفات بذلك عمله، انّ المشهور قالوا بعدم الضمان و يختصّ الضمان بمن حبس عبد الغير أو حبس أجير الغير، فإنّ منافع العبد والأجير فاتت بسبب الحبس فيمكن تطبيق قاعدة من أتلف مال الغير فهو له ضامن و هذا بخلاف الحرّ فإنّه ليس بمال فلا تشمله قاعدة من أتلف مال الغير، بل إذا كان هناك مدرك للضمان فهو يختصّ بقاعدة لا ضرر بناء على شمولها للأحكام العدمية، فيقال: إنّ عدم ضمان منافع الحرّ المحبوس ضرر عليه فيلزم ضمانها بحديث لا ضرر بناء على شموله الأحكام العدمية.
ومثال ثالث لذلك: ما إذا كان العبد تحت الشدّة و المولى يؤذيه كثيرا، فإنّ عدم انعتاقه ضرر عليه فيلزم انعتاقه تطبيقا لحديث لا ضرر بناء على شموله للأحكام العدمية.
و قد يستدلّ على عدم شمول الحديث للأحكام العدمية بما يلي :
١- ما أفاده الشيخ النائيني (2)، من أنّ حديث لا ضرر ناظر إلى الأحكام التي جعلها الشارع و شرّعها لينفيها حالة الضرر، و عدم الحكم ليس أمرا مجعولا من قبله ليشمله الحديث، و إنّما هو عدم جعل لا جعل للعدم.
و السيّد الخوئي في مصباح الاصول (3) سلّم نظر الحديث إلى خصوص الأحكام المجعولة، و لكنّه دفع ذلك بأنّ عدم جعل الحكم في الموضع القابل للجعل نحو جعل للعدم، و كأنّ الشارع قد جعل عدم الحكم.
وما أفاده لا يخلو من تكلّف.
والمناسب أن يقال : لا موجب لتخصيص نظر الحديث إلى خصوص الأحكام المجعولة، فان ذلك بلا موجب، إذ المقصود نفي الضرر اللازم من الموقف الشرعي، ففي عالم التشريع لم يتّخذ الشارع موقفا يلزم منه الضرر على المكلّفين، و من الواضح أنّ عدم حكم الشارع بثبوت حقّ الطلاق للزوجة، أو للحاكم الشرعي موقف من قبل الشارع يلزم منه الضرر على الزوجة، و هكذا بالنسبة إلى بقية الأمثلة.
هذا مضافا إلى أنّ بعض الأمثلة المتقدّمة يمكن تصوير الحكم فيها وجوديا، كما هو الحال في مثال الزوجية، فإنّ ثبوت حقّ الطلاق للزوج و كونه خاصّا به بشكل مطلق يستلزم الضرر في الحالات المتقدّمة فيكون منفيا.
و هكذا يمكن تصوير الحكم وجوديا في مثال العبد، فان حكم الشارع ببقاء الرقيه بشكل مطلق و في كل الحالات يستلزم الضرر.
٢- ما أفاده الشيخ النائيني أيضا من أنّ لازم شمول الحديث للأحكام العدمية تأسيس فقه جديد، إذ يلزم صيرورة أمر الطلاق بيد الزوجة في حالة تضرّرها، فمن حقّها أن تطلّق نفسها و لو لم يطلّقها الزوج، و هذا غريب لم يعهد من أحد القول به.
وفيه: انّ ما ذكره ليس إلّا مجرّد شعار و إعلام، فقد نقل هو (قدّس سرّه) أنّ السيّد الطباطبائي اليزدي في ملحقّات العروة يرى: إمكان الحكم بثبوت حقّ الطلاق لغير الزوج تمسّكا بحديث لا ضرر.
و المناسب أن يقال بشمول الحديث للأحكام العدمية و الالتزام بما يؤدّي إليه من نتائج فيما إذا لم يكن هناك إجماع على خلافها، و مجرّد عدم كونها معروفة بين الفقهاء لا يمنع من التمسّك بعموم الحديث.
٣- انّ حديث لا ضرر حديث نفي و ليس حديث إثبات، فهو كأنّه يقول: أنا أنفي الأحكام التي يستلزم ثبوتها الضرر، و لا يقول: أنا أثبت الأحكام التي يستلزم عدمها الضرر.
و فيه: إنّا نسلّم ظهوره في النفي دون الإثبات حيث عبّر بكلمة «لا» النافية، إلّا أنّه ينفي الضرر من زاوية عالم التشريع، فكأنّه يقول لا يلزم ضرر من ناحية مواقفي التشريعيّة في عالم التشريع، و واضح أنّ نفي الضرر من هذه الزاوية له مصداقان، أحدهما: نفي الحكم الذي يستلزم ثبوته الضرر و الآخر: إثبات الحكم الذي يستلزم عدمه الضرر. فإثبات الحكم الذي يستلزم عدمه الضرر إذن مصداق للمدلول المباشري، و لا ندّعي كونه مدلولا مباشريّا.
٤- انّه بناء على شمول الحديث للأحكام العدمية يكون مفيدا بيان تشريع أحكام يستلزم عدمها الضرر. و من المناسب للإنسان العرفي إذا أراد بيان تشريع أحكام وجودية أن يعبّر بنفس الحكم الوجودي، و يقول: شرّعت هذا الحكم الوجودي، و ليس من المناسب الاستعانة بنفي النفي، فإنّ نفي النفي و إن كان إثباتا، إلّا أنّه ليس طريقة عرفية لإفادة الحكم الوجودي.
و في مقامنا لو كان عدم ثبوت حقّ الطلاق للزوجة ضررياً و مشمولًا للحديث لكان لازم ذلك دلالة الحديث على نفي عدم ثبوت حقّ الطلاق للزوجة، الذي هو عبارة اخرى عن ثبوت حقّ الطلاق للزوجة، و مثل هذه الطريقة ليست عرفية، فليس من المناسب بيان ثبوت حقّ الطلاق للزوجة بنفي النفي، فالحديث بناء على شموله للأحكام العدمية يكون قد استعان بهذه الطريقة التي هي ليست عرفية.
و فيه: انّ الحديث بلسانه المباشري ينفي الضرر من زاوية الموقف التشريعي لا أكثر، لكن نفي الضرر من هذه الزاوية قد يتطابق بحسب النتيجة مع نفي النفي، فنفي النفي ليس مدلولا للدليل بشكل مباشر حتى يقال: إنّ ذلك أمر غير عرفي؛ و إنّما هو قضية متطابقة بحسب النتيجة مع مفاد الدليل المباشري، و الذي هو مستهجن كون مفاد الدليل بشكل مباشر نفي النفى، أمّا مجرّد التطابق فليس بمستهجن.
____________
(١) و لم يستند السيّد اليزدي إلى حديث لا ضرر فقط، بل تمسّك بالروايات الخاصّة أيضا.
(2) رسالة لا ضرر: ٢٢٠.
(3) مصباح الاصول ٢: ٥٦٠.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|