المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8332 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



قاعدة « على اليد‌ »  
  
2057   01:45 صباحاً   التاريخ: 2-6-2022
المؤلف : الشيخ محمد باقر الإيرواني
الكتاب أو المصدر : دروس تمهيدية في القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج2، ص 133
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2022 2310
التاريخ: 25-5-2022 2186
التاريخ: 19-9-2016 3856
التاريخ: 22-6-2018 3189

هناك قواعد تداولها الفقهاء في باب الضمان بصفتها مستندات لإثباته من قبيل «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» ، وقاعدة الغرور ، وقاعدة الاقدام على الضمان ، وقاعدة الأمر بالاتلاف.

 

 

ومن جملة تلك القواعد بل من أهمّها قاعدة على اليد التي هي من القواعد المشهورة ويتداول ذكرها في مبحث الغصب ومبحث المقبوض بالعقد الفاسد ومبحث تعاقب الأيدي وعند التعرض لقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

 

ففي مبحث الغصب يتعرّض الى ان الغاصب وكل من تعاقبت يده على المغصوب ضامن له لقاعدة على اليد.

 

وعلى المنوال المذكور يتعرض لها في مبحث المقبوض بالعقد الفاسد باعتبار انّه باق على ملك مالكه السابق فكل من تعاقبت يده عليه يكون ضامنا له لقاعدة على اليد.

 

وفي قاعدة ما يضمن ... يتعرّض إلى قاعدة على اليد بصفتها مدركا لها.

 

وقد تكرّر من الشيخ الأعظم قدس‌ سره في مكاسبه الاشارة إليها في بعض الأبحاث المذكورة، ولكننا لا نقرأ في الكتاب المذكور ولا غيره من الكتب الفقهية أو الاصولية بحثا مستقلاّ ومتكاملا عنها بالرغم من شدّة الحاجة إليها وكثرة التمسّك بها.

 

أجل تعرض لها الشيخ النراقي في عوائده [١] ببحث مختصر لا يشفي الغليل.

 

ونمنهج الحديث عنها ضمن النقاط التالية :

١ ـ مضمون القاعدة.

٢ ـ مدرك القاعدة.

٣ ـ حكم وضعي أو تكليفي.

٤ ـ ضمان المنافع والاعمال.

٥ ـ المثل أو القيمة وبدل الحيلولة واجرة الرد.

٦ ـ عموم القاعدة للجاهل والصغير.

٧ ـ استثناء يد الامانة والاحسان.

٨ ـ أسباب اخرى للضمان.

٩ ـ تطبيقات.

 

١ ـ مضمون القاعدة‌ :

يقصد من قاعدة على اليد ان كل من استولى على مال غيره ووقع‌ تحت يده كان ضامنا له وان لم يتلف أو تلف عند غيره.

 

فاذا ركب شخص سيارة غيره من دون كسب موافقته كان ضامنا لها وملزما بإرجاعها إليه سالمة. فاذا تعيّب بعض أجهزتها أو سرقت منه ولو مع تحفظه الكامل عليها أو حدث زلزال فتلفت أو ... كان ضامنا لها في كل الحالات المذكورة.

 

وطبيعي في حالة اتلافها عن قصد وتعمّد يكون الضمان ثابتا لها بالاولى ولكن لا من باب القاعدة المذكورة بل لقاعدة اخرى يصطلح عليها قاعدة الاتلاف ، أي ان من أتلف مال الغير فهو له ضامن.

 

اذن دائرة قاعدة على اليد تنحصر بما اذا لم يفرض تحقّق الاتلاف من قبل المستولي على العين عن قصد وتعمّد وإلاّ كان مدرك الضمان قاعدة الاتلاف دونها.

 

كما ينبغي الالتفات الى انّه في حالة تعاقب الأيدي على العين تكون كل واحدة منها ضامنة لقاعدة على اليد ، ومن حق المالك الرجوع على كل واحدة منها وان كان التلف متحققا عند غيرها. فلو فرض ان الأيدي المتعاقبة كانت ثلاثا وتحقق التلف عند الثالثة فمن حق المالك الرجوع على الاولى أو الثانية أيضا فضلا عن الثالثة لتحقق الضمان باليد في حق كل واحدة منها.

 

كما انه في حالة بقاء العين سالمة عند الأول يكون ملزما بارجاعها وعليه كامل نفقات الارجاع لقاعدة على اليد.

 

وبهذا كلّه اتضح الفارق بين قاعدة على اليد وقاعدة الاتلاف.

 

يبقى علينا أن نستوضح الفارق بين قاعدة على اليد وقاعدة اليد التي تقدّمت الاشارة إليها في أبحاث سابقة.

 

ان الفارق هو انّه في قاعدة اليد لا يراد اثبات الضمان بل يراد اثبات امارية اليد على الملكية وان من كانت له يد على شي‌ء فذلك امارة على كونه مالكا له ، وهذا بخلافه في قاعدة على اليد فانه يراد اثبات ان المستولي على مال غيره هو ضامن له.

 

وعليه توجد لدينا قواعد ثلاث : قاعدة على اليد وقاعدة اليد وقاعدة الاتلاف ، وقد اتضح الفارق بين كل واحدة والاخرى.

 

٢ ـ مدرك القاعدة‌ :

المدرك المعروف للقاعدة المذكورة هو الحديث المشهور عن النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم : «على اليد ما أخذت حتى تؤدي».

 

وليس للحديث المذكور أثر في معاجمنا الحديثية المعروفة. وأوّل من سجّله هو الاحسائي في عواليه [2] ، ومن ثم نقله عنه المحدّث النوري في مستدركه [3].

 

أجل هو ممّا يستشهد به فقهاؤنا كثيرا في كتبهم الفقهية الاستدلالية. وأوّل من وجدناه يتمسّك به الشيخ الطوسي في خلافه [4] ثم تابعه على ذلك من تأخّر عنه.

 

والظاهر ان المصدر الأصلي للحديث هو المعاجم الحديثية للجمهور فقد رواه كثير منهم كأحمد بن حنبل في مسنده والحاكم في مستدركه وابن ماجه في سننه والبيهقي في سننه والترمذي في‌ صحيحه وابي داود السجستاني في سننه [5] وغيرهم.

 

والكل رواه بسند ينتهي الى الحسن عن سمرة عن النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم.

 

والمقصود من الحسن هو الحسن البصري المعروف بالعداء لأمير المؤمنين عليه ‌السلام ، فابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ينقل :كان الحسن البصري يبغض عليّا عليه‌ السلام ويذمّه ومن المخذلين عن نصرته وقد أنكر على أمير المؤمنين عليه‌ السلام إراقته الدماء الكثيرة فقال له : أو ساءك ذلك؟ قال : نعم ، فقال أبو الحسن عليه‌ السلام : لا زلت مسوءا ، فما رؤي الحسن البصري بعد هذا إلاّ مهموما عابسا إلى أن مات [6].

 

واما سمرة بن جندب فهو عامل زياد على البصرة المعروف بالشقاء والوقوف في وجه النبيّ صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم في قصة العذق والأنصاري المشتملة على قضية «لا ضرر ولا ضرار» حيث قال له النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم اترك هذا العذق ولك بدله عذق في الجنّة الدال على ضمان النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم لأمرين : دخوله الجنة وحصوله على عذق فيها ولكنه لشقائه أبى حتى ضمان النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم له دخول الجنّة.

 

وهو الخارج لحرب الامام الحسين عليه ‌السلام والمتنازل أمام دراهم معاوية مقابل ادّعاء نزول بعض آيات الوعيد في حقّ أمير المؤمنين عليه ‌السلام وبعض آيات الوعد في حق ابن ملجم لعنه الله تعالى.

 

واضافة الى هذا يوجد تشكيك في أصل سماع الحسن من سمرة‌ فقيل لم يسمع منه غير حديث واحد وهو حديث العقيقة.

 

وبعد كون سند الحديث بهذه المنزلة لا يبقى إلاّ أن يقال بانجبار ضعفه بالشهرة كما قال الشيخ النراقي : «ان اشتهارها بين الأصحاب وتداولها في كتبهم وتلقيهم لها بالقبول واستدلالهم بها في موارد غير عديدة يجبر ضعفها ويكفي عن مئونة البحث في سندها» [7].

 

بيد انّه أشرنا عند البحث عن قاعدة السلطنة ان المقصود من الشهرة ان كان هو الروائية فهي غير محققة لعدم تواجد الرواية في المعاجم الحديثية ، وان كان هو الفتوائية فهي جابرة لو كانت بين القدماء ـ حيث انّهم الطبقة المقاربة لعصر صدور النصوص ـ ولا يكفي تحققها بين المتأخرين فقط. والشهرة في المقام هي بين المتأخرين فقط لأنّه لم يستند الى الرواية من المتقدّمين سوى الشيخ قدس ‌سره ، والمقدار المذكور لا يحقق شهرة الفتوى على طبق الرواية بين المتقدمين.

 

بل ان عمل الشيخ في الخلاف برواية لا يكشف عن صحتها حتى في نظر الشيخ لاحتمال ان يكون تمسكه بها من باب الزام العامة برواياتهم وقواعدهم لان كتاب الخلاف مؤلف لبيان موارد الخلاف بين الشيعة وغيرهم.

 

هذا مضافا الى احتمال أن يكون استناد من استند اليها لا لأجل الوثوق بصدورها بل لكون مضمونها مضمونا عقلائيا مسلّما لا يحتاج الى رواية صحيحة.

 

وعليه فالتمسك لإثبات القاعدة بالحديث المذكور أمر قابل للتأمل.

 

والمناسب الاستدلال عليها بالسيرة العقلائية فانّها انعقدت على ان كل من استولى على مال غيره فهو ضامن له.

 

ونحن وان سلمنا بمضمون الحديث السابق من خلال السيرة إلاّ ان الثمرة تظهر في بعض تعابير الحديث التي قد يستفاد منها بعض الأحكام بخلافه بناء على السيرة فان تلك الأحكام قد لا يمكن اثباتها كما سيتضح ذلك خلال ما يأتي إن شاء الله تعالى.

 

وهل يمكن الاستدلال على القاعدة بما دلّ على احترام أموال المسلم من قبيل صحيحة الحلبي ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌ السلام : «هل تجوز شهادة أهل ملة من غير أهل ملتهم؟ قال : نعم ، إذا لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم انّه لا يصلح ذهاب حق أحد» [8] ، فان التعليل في الذيل يدل على الاحترام المطلوب اثباته.

 

ومن قبيل صحيحة أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌ السلام : «سباب المؤمن فسوق ... وحرمة ماله كحرمة دمه» [9].

 

ومن قبيل صحيحة ابي اسامة زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه ‌السلام : «ان رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم وقف بمنى حتى قضى مناسكها في حجّة الوداع ... فقال : أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا : هذا اليوم ، فقال : فأي شهر أعظم حرمة؟ فقالوا : هذا الشهر ، قال : فأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا : هذا البلد ، قال : فان دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم‌ هذا في بلدكم هذا الى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلغت؟ قالوا : نعم ، قال : اللهمّ اشهد ، ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها الى من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلاّ بطيبة نفسه ولا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفّارا» [10].

 

والاستدلال بذلك قابل للتأمّل ، إذ الحديث الأوّل والثاني يدلان على ان المال لو تلف فلا بدّ من ضمانه ولا يمكن تحقق التلف بدون ضمان لأنّه يلزم ذهاب الحق هدرا وهو مناف لحرمة مال المؤمن ، وهذا المقدار أضيق بكثير من المضمون الذي يراد اثباته بقاعدة اليد ، فان المراد اثباته بها تحقق الضمان بمجرّد وضع اليد وان لم يتحقق تلف أو تحقق عند انسان آخر.

 

والحديث الثالث ناظر الى الحكم التكليفي وان التصرف لا يجوز بدون طيب نفس صاحب المال وليس ناظرا الى الحكم الوضعي ، وهو الضمان.

 

وعليه فالمدرك منحصر بالسيرة العقلائية الممضية بسبب عدم الردع. ولا بدّ في كل مورد من ملاحظة حدود السيرة لا حدود الحديث وألفاظه.

 

٣ ـ حكم وضعي أو تكليفي‌ :

لا اشكال في ان المراد من اليد في القاعدة الكناية عن الاستيلاء وان من استولى على شي‌ء فهو عليه الى ان يتحقق منه الردّ الكامل.

 

وانّما عبّر باليد لأنّها الوسيلة عادة لتحقق الاستيلاء.

 

والمهم تحقيق المقصود من التعبير ب «على اليد» فما المقصود من كونه عليها؟ فهل المقصود الاشارة بذلك الى الحكم التكليفي أو الى الحكم الوضعي؟

 

ظاهر الشيخ النراقي في عوائد الايام احتمال كون المقصود هو الحكم التكليفي ، أي على اليد حفظ ما أخذت إلى زمان ادائه ، ومعه فلا يكون الحديث ناظرا الى الحكم الوضعي ، وهو الضمان.

 

وكأن الشيخ الأعظم قدس ‌سره في مبحث المقبوض بالعقد الفاسد ناظر الى ذلك حينما ذكر ان الحمل على إرادة الحكم التكليفي وجيه لو كانت النسبة الى فعل من أفعال المكلف بأن قيل هكذا : على اليد حفظ ما أخذته ، انّه في مثل ذلك يتولّد ظهور في ارادة الحكم التكليفي ، بخلاف ما لو كانت النسبة إلى نفس المال ـ كما هو الحال في الحديث ـ فان الكلام يكون ظاهرا آنذاك في إرادة الضمان ، فحينما يقال : عليك دينار فالمراد : انّك ضامن ومشغول الذمّة بدينار [1١].

 

هذا ما أفاده الشيخ الأعظم قدس ‌سره.

 

والمناسب ان يقال : بعد ان حصرنا المدرك بالسيرة العقلائية فليس لنا الا الرجوع اليها، وهي تقتضي الضمان لا مجرّد الحكم التكليفي ، فمن استولى على سيارة غيره مثلا ودفعها إلى ثان جاز لدى العقلاء رجوع صاحبها الى الأوّل ومطالبته بها.

 

٤ ـ ضمان المنافع والاعمال‌ :

وقع البحث في ان قاعدة على اليد هل تشمل المنافع والاعمال أو لا؟ فمثلا لو استولى شخص على سيارة غيره بدون اذنه وأرجعها بعد يوم دون حدوث أي نقصان فيها ولكنه انتفع منها بركوبها في مسافة قصيرة فهل يمكن التمسك بقاعدة على اليد لإثبات ضمان المنفعة في الفترة المذكورة؟

 

ويصطلح على مثل المنفعة المذكورة بالمنفعة المستوفاة في مقابل ابقاء السيارة بلا انتفاع منها طيلة الفترة.

 

ويصطلح على المنافع التي يمر الزمن دون استفادة منها بالمنافع غير المستوفاة.

 

وقد وقع البحث في ان قاعدة على اليد هل تدل على ضمان المنافع المستوفاة وغير المستوفاة أو لا؟

 

وهكذا الكلام بالنسبة إلى الأعمال ، فلو فرض ان شخصا قدّم قطعة قماش إلى خيّاط فخاطها ثم انكشف انّها ليست له وقد اشتبه في تقديمها إلى الخيّاط. ان الاجارة في مثل ذلك فاسدة ، ولكن هل يمكن اثبات ضمان عمل الخيّاط بقاعدة على اليد؟

 

استشكل في شمول القاعدة لمثل ذلك اما لأنّ عنوان الأخذ لا يصدق إلاّ بالنسبة الى الاعيان دون المنافع والاعمال أو لأن الذيل المذكور في القاعدة هو «حتى تؤدي» ، والاداء حيث لا يمكن تحققه بالنسبة الى غير الاعيان فتختص القاعدة بها.

 

ونعود هنا من جديد لنقول : ان المناسب الرجوع الى السيرة‌ العقلائية دون القاعدة بألفاظها الخاصة لضعف سند الحديث.

 

وإذا رجعنا الى السيرة فلا يبعد قضاؤها بالضمان في المنافع لأنها مال فوّت على صاحبه. وهكذا في الأعمال باعتبار تحقق الأمر بعمل الخياطة ، والأمر بالعمل بنفسه موجب من موجبات الضمان في نظر العقلاء كما ستأتي الإشارة إليه.

 

٥ ـ المثل أو القيمة وبدل الحيلولة واجرة الرد‌ :

لا اشكال في ان العين المأخوذة من الغير بدون كسب موافقته يلزم ردّها كاملة إليه. ولو تلفت فبناء على قاعدة على اليد وقاعدة لا يصلح ذهاب حق أحد هدرا لزوم ضمان التالف. وهل يلزم الضمان بالمثل أو بالقيمة؟

 

قد يقال المناسب لقاعدة على اليد ضمان المثل فان تعذّر فالقيمة.

 

ثم انّه على تقدير تعذر المثل فهل المدار على قيمة العين يوم الاستيلاء عليها أو يوم تعذر المثل أو يوم المطالبة أو يوم الدفع والاداء؟

 

قد يقال : المناسب لقاعدة على اليد كون المدار على قيمة يوم الاداء لأن العين بالاستيلاء عليها بدون اذن تكون بنفسها ثابتة في الذمّة حتى مع تعذر المثل ، فان القاعدة تقول : على اليد ما أخذت ، أي ان نفس ما أخذته ثابت في الذمّة وتنشغل به الى ان تؤديه فهو باق في الذمة حتى بعد تعذر المثل ولا ينتقل الى القيمة إذ لا موجب لذلك فان مقتضى اطلاق على اليد ما أخذت بقاء ما استولي عليه في ذمّة المستولي حتى بعد تلفه بل وحتى بعد تعذّر المثل ، أجل عند تلف العين‌ وتعذر مثلها لا بدّ من الانتقال الى القيمة آنذاك لأنّها البديل الممكن فتثبت قيمة المثل حين المطالبة وارادة الدفع.

 

كما ان هناك سؤالا آخر ، وهو ان العين لو كانت موجودة وليست بتالفة ولكن تعذر الوصول اليها كالخاتم الذي يقع في البحر فهل يلزم ضمان بدل الحيلولة ، بمعنى ان المستولي على الخاتم بلا اذن صاحبه هل يلزمه دفع خاتم مماثل للسابق كبديل عن الحيلولة الحاصلة في فترة يوم أو يومين إلى ان يخرجه الغواصون؟

 

وبكلمة اخرى : نفترض ان العين لم يتحقق تلفها وبالامكان ردّها بعد يوم أو يومين فهل يلزم دفع البديل في الفترة المذكورة؟

 

ولربما يستدل بقاعدة على اليد على ضمان بدل الحيلولة.

 

وهناك تساؤل ثالث أو رابع وهو ان العين إذا كانت موجودة وبالامكان ردّها ولكن كان ردّها يحتاج الى اجور فهل الاجور على المستولي بلا اذن؟

 

قد يقال : نعم هي عليه لقاعدة على اليد.

 

وبالجملة : ان قاعدة على اليد قد يتمسك بها لإثبات وجوب المثل مع وجوده أو القيمة مع عدمه. وهكذا قد يتمسك بها لإثبات وجوب بدل الحيلولة واجور الردّ.

 

هذا والمناسب في ضوء ما ذكرناه الرجوع إلى السيرة العقلائية وهي تقتضي وجوب المثل مع امكانه والقيمة مع عدمه. ولا يبعد انها تقتضي اعتبار قيمة يوم الدفع وتقتضي أيضا تعلّق الاجور بالمستولي على العين.

 

واما بدل الحيلولة ففي اقتضائها لذلك تأمل ، ومع الشك يرجع الى البراءة.

 

٦ ـ عموم القاعدة للجاهل والصغير‌ :

بعد وضوح ضمان من وضع يده على مال الغير إذا كان عالما بالغا قد يتساءل عن الضمان لو كان جاهلا بكونه مال الغير أو كان غير بالغ فهل يكون ضامنا أيضا أو لا؟

 

قد يجاب بأن الأحكام حيث تختص بالعالم البالغ فمن المناسب عدم استقرار الضمان في المقام.

 

وما ذكر قابل للتأمّل لأن الحكم بالضمان حكم وضعي وهو لا مانع من شموله للجاهل والصغير وانما الذي لا يشملهما هو الحكم التكليفي بالخصوص.

 

وعليه فوجوب الرد مثلا لا يشمل غير البالغ بخلاف الضمان لو تحقق التلف عنده فانه لا محذور في شموله له ، غايته يكون المكلف بالدفع من أموال الصبي هو وليه.

 

وهكذا الحال فيمن وضع يده على مال الغير وهو جاهل بذلك متخيلا انّه ملكه فانّه ضامن له لو تلف عنده بل ولو لم يتلف أيضا ، كل ذلك للسيرة العقلائية وليس لحديث على اليد لعدم تمامية سنده.

 

٧ ـ استثناء يد الامانة والاحسان‌ :

ان كل من استولى على مال غيره كان ضامنا له اما لحديث على اليد أو للسيرة العقلائية. ويستثنى من ذلك نحوان من اليد : يد الأمانة ويد الاحسان.

 

اما يد الأمانة فلا اشكال في عدم ضمانها حتى مع تحقق التلف عندها ، وذلك اما لأن السيرة العقلائية التي هي المدرك لضمان اليد ضيقة من الأول ومحدودة من البداية بحدود اليد غير الامانية ، فان العقلاء إذا ائتمنوا شخصا وأودعوا عنده مالا وتلف لديه فلا يحكمون عليه بالضمان إلاّ إذا فرّط وتعدى.

 

أو للروايات الخاصة القاضية بأن يد الأمانة لا تكون ضامنة إلاّ مع التعدي والتفريط كما في صحيحة مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام : «انّ رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم قال : ليس لك ان تتهم من قد ائتمنته ...» [12].

 

والصحيحة المذكورة تدل بوضوح على الضمان مع تحقق التعدي والتفريط.

 

ثم ان الأمانة تارة تكون مالكية واخرى شرعية.

 

والمراد بالاولى الأمانة التي يقوم بها مالك الشي‌ء نفسه ، وبالثانية الأمانة التي يقوم بها الشارع من قبل المالك ، كما هو الحال في اللقطة ، فان الشارع ما دام قد جوّز التقاط الشي‌ء الضائع فلازم ذلك جعله الملتقط أمينا على الشي‌ء ومن ثمّ تكون أمانته من قبل الشارع امانة شرعية.

 

والأمين في كلتا الحالتين لا يكون ضامنا ما دام لم يفرط.

 

هذا كلّه في يد الامانة.

 

واما يد الاحسان فهي ليست ضامنة أيضا لقوله تعالى : { مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] .

 

أجل يد الاحسان هي في واقعها مصداق من مصاديق يد الامانة وليست شيئا مغايرا لها. وذكرها بالخصوص لأجل اشارة الآية الكريمة لها بالخصوص.

 

والذي ينبغي الالتفات إليه ان اليد لا يصدق عليها كونها محسنة إلاّ إذا كان التصرف مأذونا به من قبل المالك ، فمن اودع عنده مال وأخذ يتاجر به لغرض تحصيل الأرباح للمالك من دون ان يأذن المالك بذلك وخسر في تجارته يكون ضامنا بالرغم من كون غرضه الاحسان لصاحب المال ، وليس ذلك إلاّ لعدم صدق عنوان الاحسان بعد عدم اذن المالك.

 

ثم انّه بعد استثناء يد الامانة والاحسان يبقى تحت القاعدة كل يد لم تكن من أحد القسمين حتى وان لم تكن يد غصب كاليد التي تستولي على شي‌ء جهلا بكونه لغيرها.

 

وبذلك يتضح عدم اختصاص الضمان باليد العدوانية ، بل قد يصطلح على كل يد غير امانية باليد العدوانية.

 

٨ ـ أسباب اخرى للضمان‌ :

للضمان أسباب متعددة كانت من جملتها اليد. وهناك أسباب اخرى له يجدر الالتفات إليها من جملتها :

 

أ ـ الاتلاف ، فان من أتلف مال غيره فهو له ضامن حتى لو لم يكن صاحب يد عليه ،كمن رمى زجاجة الغير بحصاة وكسرها فإنّه ضامن لها لإتلافها وليس لليد لعدم تحققها.

 

والمستند في ذلك ليس حديث «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» فان ذلك لم يثبت كونه حديثا حتى على سبيل الارسال بل المستند المهم لذلك السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع.

 

ب ـ الأمر بالعمل ، فان من أمر غيره بعمل معيّن ولم يتبانيا على التبرع فهو ضامن متى ما قام الغير بالعمل ، فلو فرض ان شخصا قال للبنّاء : ابن داري أو قال للحمّال: احمل متاعي الى البيت أو قال للخيّاط : خط ثوبي أو قال للطبيب : عالج ولدي المريض وما شاكل ذلك كان ذلك موجبا لضمان الآمر حتى ولو لم تتحقق اجارة ونحوها.

 

والمستند في ذلك هو السيرة العقلائية أيضا الممضاة بعدم الردع.

 

وهذا السبب للضمان قد لا نجد له اشارة في كلمات الاعلام خصوصا المتقدّمين منهم ولكن الأمر كما ذكرنا للسيرة العقلائية.

 

ج ـ الاقدام على الضمان. وقد نقل الشيخ الأعظم في المكاسب هذا السبب للضمان كتوجيه لقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفساده ، فالبيع إذا كان صحيحا فيه ضمان ، بمعنى انّه لو تلف المبيع عند المشتري يكون تلفه من كيسه ولا حقّ له في الرجوع على البائع حتى ولو لم يكن التلف عن تفريط ، وكذلك الحال لو اتضح فساد البيع لسبب وآخر فان تلف المبيع يكون على المشتري ولو لم يكن عن تفريط. ولكن لما ذا ذلك والحال ان المبيع مع افتراض فساد البيع ليس ملكا للمشتري ليكون تلفه منه بل هو ملك البائع؟

 

ان سبب ذلك على ما ذكر الشهيد الثاني في المسالك [13] والشيخ الطوسي في المبسوط [14] هو التمسك بقاعدة الاقدام على الضمان.

 

هذا ولكن القاعدة المذكورة على ما أشار إليه الشيخ الأعظم : «مطلب يحتاج الى دليل» [15].

 

والسيرة العقلائية لم يثبت انعقادها على الضمان بمجرّد الاقدام من دون تحقق الاتلاف أو اليد أو الأمر بالعمل.

 

د ـ الغرور ، بمعنى ان من غرّ غيره وأوقعه في الضمان يكون هو الضامن ويستقر عليه. فلو فرض ان شخصا قدّم طعاما إلى غيره موحيا له انّه ملكه وقد أباح له أكله فاذا أكله واتضح بعد ذلك انّه لغير من قدّمه فمن حقّ المالك الرجوع على الآكل لقاعدة الاتلاف ولكن الآكل بدوره له الحق في الرجوع على من قدّمه له لقاعدة الغرور.

 

ويأتي البحث عن هذه القاعدة بشكل مستقل إن شاء الله تعالى.

 

ه ـ التسبيب لخسارة الغير. ويأتي التحدّث عن ذلك ضمن قاعدة الغرور.

 

٩ ـ تطبيقات‌ :

١ ـ لو دفعت قطعة قماش الى خيّاط فتجاوز الحد المقرّر له اشتباها وتحقق منه تلف القماش بمعنى نقصان قيمته فهل يكون ضامنا بعد الالتفات الى كون يده يد أمانة؟

 

٢ ـ شخص دفع الى غيره خمسا باعتقاد انّه متعلّق بذمّته ثم‌ اتضح اشتباهه وعدم تعلّقه بذمّته. وفي مثل ذلك تارة نفترض بقاء الخمس واخرى نفترض تلفه ، وعلى كلا التقديرين تارة نفترض علم المدفوع إليه بواقع الحال واخرى نفترض جهله. ما هو الحكم من حيث الضمان في الحالات المذكورة؟

 

٣ ـ إذا دخل شخص بيته فرأى فيه طعاما فأكله باعتقاد انّه راجع إليه ثم اتضح انّه لغيره فهل يكون ضامنا ولماذا؟

 

٤ ـ شخص دفعت إليه أموال كأجور لعبادات استيجارية وسرقت منه بعد ان وضعها في بيته ، على من تكون الخسارة؟

 

٥ ـ شخص تعلّق بذمّته الخمس وفرزه في مال معين ، وفي الطريق سرق منه قبل ايصاله الى مصرفه أو يفرض انّه دفعه لشخص ثقة ليوصله الى مصرفه وفرض سرقته من ذلك الثقة فعلى من الخسارة في الحالتين المذكورتين؟

 

٦ ـ إذا غصب شخص شيئا من غيره وانتقل ذلك الشي‌ء الى شخص ثان ، من هو الضامن في الحالة المذكورة؟

 

٧ ـ لو فتح شخص باب دار غيره ودخل سارق وأخذ ما فيها ، على من يكون الضمان؟

 

٨ ـ لو غصب شخص أرضا وزرع فيها حبّا فلمن يكون الناتج وما ذا يستحق صاحب الأرض.

 

٩ ـ إذا كان لشخص دين على آخر وامتنع من ادائه وصرف في سبيل تحصيله مقدارا من المال فعلى من تكون خسارة ذلك المقدار؟

 

١٠ ـ إذا دفع الغاصب الشي‌ء الذي غصبه لشخص ثان ، وهذا الثاني دفعه بدوره الى الشخص الأوّل الغاصب فالمالك يرجع على من؟

 

___________

 

[١] عوائد الأيّام : ١٠٨.

[2] عوالي اللآلي ١ : ٢٢٤ حديث ١٠٦.

[3] مستدرك الوسائل ١٧ : ٨٨.

[4] الخلاف : كتاب الغصب : مسألة ٢٢.

[5] مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٨ ، ١٢ ، ١٣. مستدرك الحاكم ٢ : ١٣ ، سنن ابن ماجه ٢ : ٨٠٢ حديث٢٤٠٠ ، سنن البيهقي ٦ : ٩٥ ، صحيح الترمذي بشرح ابن العربي ٦ : ٢١ ، سنن أبي داود السجستاني ٣ : ٢٩٦.

[6] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ٣٦٨ طبعة مصر الاولى.

[7] عوائد الأيام : ١٠٩.

[8] وسائل الشيعة باب ٢٠ من أحكام الوصايا حديث ٣.

[9] اصول الكافي ٢ : ٣٥٩ باب السباب حديث ٢.

[10] وسائل الشيعة باب ١ من أبواب القصاص في النفس حديث ٣.

[1١] كتاب المكاسب : ١٨٠ ، منشورات دار الحكمة.

[12] وسائل الشيعة باب ٤ من أحكام الوديعة حديث ١٠.

[13] مسالك الافهام ١ : ٢٣٣.

[14] المبسوط ٢ : ١٢٦ ، ٣ : ٨٥ ، ٨٩.

[15] كتاب المكاسب : منشورات دار الحكمة ، ١٩١.

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.