أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-5-2016
9925
التاريخ: 4-6-2016
3537
التاريخ: 1-6-2016
6004
التاريخ: 10-5-2016
18167
|
تأثير البيئة على السلوك
ويقصد بالسلوك: جميع الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجة لاحتكاكه بغيره من الأفراد، أو نتيجة لاتصاله بالبيئة الخارجية. والسلوك بهذا المعنى يعني: كل ما يصدر عن الفرد من عمل حركي أو كلام أو تفكير أو انفعالات أو مشاعر. ويمكن التمييز بين نوعين من سلوك الأفراد: السلوك الفردي والسلوك الاجتماعي. والسلوك الفردي هو السلوك الخاص بفرد معين، أما السلوك الاجتماعي فهو السلوك الذي يتمثل في علاقة الفرد مع غيره من الجماعة. ظهر الاهتمام بدراسة تأثير البيئة على سلوك الإنسان، في إطار علم النفس التجريبي في المجتمعات الأمريكية والغربية منذ وقت مبكر، يرجع إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وقد ظهر ذلك خلال نظرية المجال لكيرت ليفين في الأربعينيات من القرن العشرين (1890-1947) وعمله على الجماعات البشرية وحراكها، فظهر نتيجة لذلك علم النفس البيئي بوصفه دراسة علمية لتأثير البيئة أشكالها على سلوك الإنسان، إذ أن السلوك الإنساني بأبعاده المختلفة ما الا انعكاس لعملية التفاعل المستمر والمتعدد الأبعاد بين الفرد وما يواجهه من مواقف بيئية متنوعة. يجمع هو
وقد أكد (Lewin) وهو من أوائل علماء النفس الذين أكدوا على أهمية الظروف البيئية المحيطة بالإنسان والمجتمع كشرط رئيس لتفسير السلوك الفردي والجماعي للإنسان، وأن السلوك هو نتاج طبيعي للتفاعل بين البيئة والإنسان، إلا أنه من الخطأ الاقتصار على عناصر محددة من البيئة (كالمناخ والمحاصيل الزراعية وموارد المياه...الخ (كمحددات للسلوك الإنساني)، إذ أن الاهتمام يجب أن يوجه إلى الخصائص المادية والاجتماعية كمؤثرات على السلوك، فضلا. عن التعامل مع البيئة باعتبارها مجموعة مركبات يتكون منها الحيز أو المكان الذي يتواجد فيه الإنسان ويتفاعل معه ويمارس فيه أنشطته، وهذه العلاقة تتداخل فيها العمليات الداخلية مثل الإدراك والنمو والتعليم. وتأثير البيئة الاجتماعية على سلوك الإنسان لا يقل أهمية عن تأثير البيئة المادية.
إن العلاقة بين السوك الإنساني والبيئة لا يتمثل بتأثير البيئة على السلوك، وإن الأخير خاضع للمحددات البيئية فحسب، ولكن البيئة في جزء منها هي نتاج لمعالجة الفرد لها، ولذلك فالناس يمارسون بعض التأثيرات على أنماط سلوكهم من خلال أسلوب معالجتهم للبيئة ومن ثم فالناس ليسوا فقط مجرد ممارسين لردود الفعل إزاء المثيرات البيئية، ولكنهم (أي الناس)، قادرون على التفكير والابتكار وتوظيف عملياتهم المعرفية لمعالجة الأحداث والوقائع البيئية.
وقد أكدت العديد من الدراسات على تأثير الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على سكان المدن، وكذلك أثر التعرض للضوضاء على الإنسان، وكذلك تأثير الزحام على ردود الأفعال البشرية وعلى النواحي الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية للإنسان. كما يحدث في بعض القطارات وفي مجالات العمل التي يتعرض فيها العمال لكثير من الضغط .
والجدير ذكره أن البيئة لا تؤثر فقط في سلوك الإنسان، وإنما تؤثر في نموه وتكوينه وبنائه وشخصيته وصحته الجسمية والعقلية والنفسية ومدى إصابته بالمرض أو تمتعه بالصحة والعافية، وتؤثر البيئة كذلك في اتجاهات الإنسان وميوله وأفكاره وآرائه ومعتقداته. وفي سمات شخصيته. وكذلك تأثير الألوان والموسيقى والأشكال وطرق الاتصال أو التفاعل بين عناصر البيئة التي تؤثر في بعضها بعضاً وتؤثر في الإنسان وتتأثر به.
تؤثر البيئة تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على حياة الإنسان، فنوع العمران والحالة الاقتصادية والمهنية ونوعية الغذاء ما هي إلا نتاج البيئة بمكوناتها المختلفة، كما أن السلوك البشري يتأثر بالبيئة، فضلاً عن التأثيرات البيئية في ظهور الأمراض وتحديد أسباب الوفيات. وترتبط البيئة الاجتماعية بكل مكوناتها بالبيئة الطبيعية ارتباطاً وثيقاً، لأن البيئة الطبيعية تحدد طرز المعيشة والمهنة والحرفة السائدة وأنماط السلوك والاستيطان وطرق البناء والنقل والصناعة والغذاء والعلاقات الاجتماعية. فالبيئة الصحراوية على سبيل المثال حددت المهنة إذ شجعت على امتهان حرفة الرعي والتجارة إلى حد ما، وكانت لها نظرتها الاجتماعية المتدنية للحرف المهنية، كما أنها حددت نمط البناء ونوعيته التي جاءت استجابة لخشونة العيش وندرة الموارد. كما أنها ساهمت في استحباب عادات وتقاليد معينة كإكرام الضيف والشجاعة والفروسية في الوقت الذي ظهرت نوعية الجريمة متلائمة مع تلك البيئة فانتشر قطاع الطرق وظهرت الغزوات وأصبحت الغنائم مورداً للعيش، كما أنها أصبحت بيئة إلهام شعري وفكري ومعرفي ومبعثاً للتأمل والفلسفة من خلال صفاء أجوائها واتساع مساحاتها وسكونها ووضوح الشروق وتلألؤ القمر في سمائها والتحاف الإنسان لسمائها صيفاً. كما أن حالات التطرف والصراعات القبلية في الوقت الحاضر تنتشر في المناطق الصحراوية القاحلة والجافة.
ويختلف الأمر في البيئات القروية، حيث مياه الأنهار وغابات النخيل والأشجار والثمار وخصوبة الأراضي، ونوع المساكن التي جاءت نتيجة لنوع البيئة ومكوناتها المادية، وانبثقت من ذلك أنظمة وقوانين وعادات وتقاليد تختلف عما هو سائد في البيئة الصحراوية.
أما البيئة الجبلية الوعرة التي تمتاز بقساوة الحياة، فقد ولدت نمط حياة يختلف عما هو موجود في البيئة الريفية أو الصحراوية. ويظهر ذلك من خلال عادات سكان الجبال ولباسهم وتعاملهم وعاداتهم وتقاليدهم وطرق تنقلهم، والنظم الاجتماعية السائدة لديهم، فضلاً عن التصميم المعماري للمساكن.
إن تعدد البيئات في العراق على سبيل المثال، جعل من القصب والبردي المادة الرئيسة لبناء المسكن بالنسبة لسكنة الأهوار، وذلك بسبب انتشارها في تلك البيئات، في حين أن سكان القرى قديماً كانوا يبنون بيوتهم من الطين ويسقفونها بجذوع النخيل، أما سكان الجبال في شمال العراق فقد اتخذوا من الصخور المتوفرة عندهم مادة رئيسة لبناء البيوت، وذهب سكان البادية إلى بناء بيوتهم من وبر الجمال، كما أن توفر مادة الطين في المشرق العربي أدى إلى استعمال الطين المفخور وغير المفخور والأحجار في التسقيف التي تنجح في بناء القباب، وقد استعمل الطين المفخور في صنع الألواح للكتابة كما هو الحال في الحضارة العراقية القديمة. كما أن طبيعة الأرض حددت شبكات الطرق والممرات التي تتبع تضاريس الأرض، وفي الوقت نفسه، تعكس البيئة التعبير المعماري لمواد البناء المحلية والتقنيات المستعملة وطرق البناء.
بمعنى آخر، فإن نمط البناء والعمارة من حيث الحجم والتفاصيل وعناصر البناء ومواده وشكله ومساحته واتجاهاته الجغرافية، يختلف باختلاف البيئات المسؤولة عن تحديد كل ما يتعلق بالبناء، إذ أن لكل منطقة مقومات هندسية وطرز بناء خاصة بها تتناسب وبيئة تلك المنطقة، وهذا التباين يعود إلى مؤثرات ومتغيرات متداخلة ومتشابكة، مناخية وحضارية واجتماعية وسياسية وعقائدية، تتصل بحياة الناس ونمط معيشتهم واهتماماتهم والقيم الاجتماعية السائدة وواقعهم الاقتصادي؛ فالبناء في المناطق الجبلية الوعرة يختلف تماماً عن البناء في المناطق الساحلية أو المناطق الصحراوية، ولاشك أن هذا التلازم بين البيئة بكل مكوناتها والبناء بكل عناصره قد ساهم بإعطاء هوية معمارية لكل منطقة أو أمة أو شعب.
لم يقتصر تأثير البيئة الطبيعية في أنحاء العراق على مادة البناء، فوسيلة الأخرى اختلفت ما بين السفينة في الأهوار والبغال في الجبال والجمال النقل هي في الصحاري، وأثرت البيئة في كيفية خزن المواد الغذائية وطرق إعداد الطعام ونوعيته، وحتى اللهجات وأسماء الأشخاص والقرى والمدن تأثرت بشكل وبآخر بالبيئة السائدة، ومن الناحية الاجتماعية تأثرت كل منطقة بالعوامل البيئية التي فرضت على أهلها نمطاً اجتماعياً في العلاقات والعادات والتقاليد السائدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)Moore, G. T., (1986), Effects of the spatial definition of behavior setting on of field study, Journal children's behavior, Aquasi- Experimental environmental psychology.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|