أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
557
التاريخ: 20-11-2014
456
التاريخ: 5-07-2015
1428
التاريخ: 9-08-2015
630
|
قال: ( ومنها : الألم واللذّة ، وهما نوعان من الإدراك تخصّصا بإضافة تختلف بالقياس ).
أقول: من
الكيفيّات النفسانيّة الألم واللذّة ، ومرجعهما إلى الإدراك ، وهما نوعان منه
تخصّصا بإضافة تختلف بالقياس ؛ لأنّ اللذّة عبارة عن إدراك الملائم من حيث هو
ملائم ، والألم إدراك المنافر من حيث هو منافر ، فهما نوعان من الإدراك يخصّص كلّ
واحد منهما بإضافته إلى الملاءمة والمنافرة ، وهما أمران يختلفان بالقياس إلى
الأشخاص ؛ إذ قد يكون الشيء ملائما لشخص ومنافرا للآخر.
وعن
الإمام الرازي (1) أنّه لم يثبت أنّ اللذّة نفس إدراك الملائم أو غيره ، وبتقدير
المغايرة هل هي معلولة أم لا؟ وبتقدير المعلوليّة هل يمكن حصولها بطريق آخر أم لا ؟
وأنّ الألم ليس هو نفس إدراك المنافر ولا هو كاف في حصوله ، كما في سوء المزاج
بغلبة الرطوبة ، فتدبّر.
قال : (
وليست اللذّة خروجا عن الحالة الطبيعيّة لا غير ).
أقول :
نقل عن محمّد بن زكريّا الطبيب أنّ اللذّة ليست إلاّ العود إلى الحالة الطبيعيّة
بعد الخروج عنها (2) ، وهو معنى الخلاص عن الألم ، كالأكل للجوع والجماع لدغدغة
شهوة المنيّ.
وفيه :
أنّه من أسباب اللذّة ؛ إذ بالعود إلى الحالة الملائمة يحصل إدراكها ؛ فإنّا نجد
من أنفسنا حالة نسمّيها باللذّة.
وأيضا قد
تحصل اللذّة من غير سابقة ألم أو حالة غير طبيعيّة ، كما في مطالعة جمال أو مصادفة
مال من غير طلب ولو على الإجمال.
فيرد عليه
:
أوّلا :
منع أنّ اللّذة دفع الألم.
وثانيا :
منع الانحصار فيه.
ولكن في
عبارة الكتاب إشكال وخروج عن الصواب ؛ فإنّ الصحيح أن يقول : « إلى » مكان « عن »
أو نحو ذلك.
اللهمّ
إلاّ أن تكون « عن » بمعناها ، كما تكون بمعنى « بعد » في قوله تعالى : {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}
[الانشقاق: 19] ونحوه.
قال : (
وقد يستند الألم إلى التفرّق ).
أقول :
للألم ـ كما عن الشيخ (3) وغيره (4) ـ سببان : أحدهما : تفرّق الاتّصال ، فإنّ
مقطوع اليد يحسّ بالألم بسبب تفرّق اتّصالها عن البدن.
وقد نازع
في ذلك بعض المتأخّرين (5) ـ على ما حكي ـ بأنّ التفرّق أمر عدميّ ، فلا يكون علّة
للوجوديّ.
وفيه نظر
؛ لأنّ التفرّق ليس عدما ، بل المراد الإعدام وإزالة الاتّصال ، وإن كان في
العبارة مسامحة.
ولو سلّم
فليس عدما محضا ، فجاز التعليل به.
على أنّ
التفرّق إنّما كان علّة بالعرض ، فإنّ العلّة بالذات هي سوء المزاج.
الثاني :
سوء المزاج المختلف ؛ لأنّ سوء المزاج المتّفق لا يقتضي التألّم.
بيان ذلك
: أنّ سوء المزاج قسمان : متّفق ؛ ومختلف.
فالمتّفق
مزاج غير طبيعي يرد عليه ولا يبطله ، بل يزيده ويتمكّن فيه بحيث يصير كأنّه المزاج
الطبيعي.
والمختلف
مزاج غير طبيعيّ يرد عليه ويبطله ولكن يخرجه عن الاعتدال ، وهو المؤلم دون الأوّل
؛ ولهذا يجد صاحب الغبّ (6) التهابا منافرا لا يجده المدقوق.
وممّا
ذكرنا يظهر اندفاع ما حكي عن الإمام الرازي (7) من إنكار كون الألم بسبب تفرّق
الاتّصال تمسّكا بأنّ من قطع يده بسكّين حديد في غاية الغاية لم يحسّ الألم إلاّ
بعد زمان ، وأنّ الغذاء إذا صار جزءا من المغتذي يفرّق اتّصال أجزائه.
قال : (
وكلّ واحد منهما : حسّيّ ، وعقليّ وهو أقوى ).
أقول :
يريد قسمة اللذّة والألم بالنسبة إلى الحسّ والعقل ، وذلك أنّ جماعة (8) أنكروا
العقليّ منهما.
والحقّ
خلافه ؛ لأنّا نلتذّ بالمعارف ، وهي لذّات عقليّة لا تعلّق للحسّ بها ، ونتألّم
بفقدانها ، بل هذه اللذّة أقوى من اللذّة الحسّيّة ؛ ولهذا يترك اللذّة الحسّيّة
لأجل اللذّة الوهميّة ، فكيف العقليّة.
وأيضا
فإنّ الحسّ إنّما يدرك ظواهر الأجسام ولا تعلّق له بالأمور الكلّيّة ، والعقل يدرك
باطن الشيء ويميّز الذاتيّات والعوارض ، ويفرّق بين الجنس والفصل ، ويكون إدراكه
أتمّ فتكون اللذّة فيه أقوى؛ ولهذا يترك الطلاّب المستلذّات الحسّية الجسميّة بالمطالعة
، ويقول من أدرك مسألة عالية غامضة جليلة : « أين أبناء الملوك تلذّ هذه اللذّة »
(9).
__________________
(1) « المباحث المشرقيّة » 1 : 516.
(2) انظر : « شرح المواقف » 6 : 137 ؛ « شرح المقاصد » 2 : 366 ؛ « شوارق
الإلهام» : 444. ونسب العلاّمة في « نهاية المرام » 2 : 277 هذا الكلام إلى القيل.
ولمزيد الاطّلاع حول تفسير ذلك راجع « المحصّل » 257 ؛ « المباحث المشرقيّة
» 1 : 512 ـ 513 ؛ « نقد المحصّل » : 171 ؛ « نهاية المرام » 2 : 276 ـ 277 ؛ « كشف
المراد » : 351 ؛ « مناهج اليقين » : 121.
(3) « الشفاء » الطبيعيّات 2 : 60 ـ 61 ؛ « المباحثات » : 69 ، الرقم
97.
(4) لغير الشيخ في المقام أقوال : منها : أنّ السبب الذاتي هو تفرّق الاتصال
، نقلا عن جالينوس وأكثر الأطبّاء أو جميعهم والأوائل والمعتزلة أو بعضهم مثل القاضي
عبد الجبار.
ومنها أنّ السبب الذاتي هو المزاج ، وإليه مال الفخر الرازي وجمع من المتأخّرين.
ومنها : أنّ كلاّ منهما يصلح سببا بالذات.
انظر : « المغني » 9 : 137 و 160 ؛ 13 : 272 ؛ « المباحث المشرقيّة »
1 : 518 ؛ « المحصّل » : 258 ؛ « نقد المحصّل » : 171 ـ 172 ؛ « مناهج اليقين » :
121 ـ 122 ؛ « نهاية المرام » 2 : 287 ـ 292 ؛ « شرح المواقف » 6 : 138 ـ 144 ؛ « إرشاد
الطالبين » : 130 ـ 132 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 278 ـ 279 ؛ « شوارق الإلهام »
: 444 ـ 445.
(5) هو الفخر الرازي في « المحصّل » : 258.
(6) أي صاحب الحمّى التي تجيء يوما وتذهب يوما.
(7) انظر : « المباحث المشرقيّة » 1 : 515 ـ 516.
(8) نسبه في « الإشارات والتنبيهات » إلى الأوهام العامّيّة ، كما في
« شرح الإشارات والتنبيهات » 3 : 334 ، ونسبه في « شوارق الإلهام » : 445 إلى من هو
من أهل الظاهر.
(9) نقله في « آداب المتعلّمين » ضمن « جامع المقدّمات » 2 : 56 عن
محمّد بن الحسن الطوسي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|