أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-07-2015
766
التاريخ: 20-11-2014
735
التاريخ: 1-12-2018
845
التاريخ: 20-11-2014
827
|
ذهبت المجبّرة إلى جواز تكليف اللّه تعالى العبد ما لا يطيقه، بل إلى أنّه قد كلّف الكافر والعاصي ما لا يطيقانه، بل إلى أنّه قد كلّف كلّ من كلّفه ما لا يطيقونه عند التحقيق والتنقير.
أمّا أنّ العاصي والكافر غير مطيقين للإيمان والطاعة
فظاهر وذلك لأنّ عندهم القدرة مع الفعل، فليس في الكافر قدرة الإيمان ولا في
العاصي قدرة الطاعة.
وأمّا المطيع فانّ اللّه تعالى خلق فيه الطاعة، ولا قدرة
للعبد عليها عند جهم، وعند من قال منهم: بأنّ في العبد قدرة، فانّ تلك القدرة ليست
قدرة على إحداث الفعل عندهم.
ومن قال منهم: إنّ العبد مكتسب، وفسر الكسب بأنّه حلول
الفعل في المحلّ مع قدرة متعلّقه به، من دون أن يكون للقدرة تأثير في الفعل، فانّ
العبد لا يقدر على الكسب أيضا، إذ ليس حلول الفعل والقدرة وتعلّق القدرة بالفعل
بالعبد، ولا أثر للعبد في شيء من ذلك. فعلى هذا التحقيق، العبد غير متمكّن من
الكسب أيضا.
ومن فسر الكسب منهم بأنّه صفة للفعل يحصل بقدرة العبد،
فقد أحال على ما لا يعقل على ما بيّن في مواضع من الكتب ...
فصحّ ... أنّ
المؤمن والمطيع أيضا غير قادرين على ما كلفاه عندهم.
وعندنا أنّ اللّه سبحانه وتعالى لا يكلّف العبد ما لا
يطيقه وما لا يقدر عليه والذي يدلّ على ذلك ما قد علمنا ضرورة من قبح تكليف العاجز
الفعل، والزّمن العدو والأعمى نقط المصحف على وجه الصواب. وإنّما قبح هذا التكليف،
لأنّه تكليف لما لا يطيقه ، باعتبار أنّ هؤلاء لو تمكّنوا ممّا كلّفوه لما قبح
تكليفهم هذه الأشياء إذا حصل فيها غرض المثل وهذه العلّة قائمة في تكليف العبد
الإيمان والطاعة، مع فقد قدرته عليهما، فإن التزموا جواز ... تكليف العاجز والزّمن
والأعمى ظهر عنادهم. وقد التزم الأشعريّ جميع ذلك. ومنهم من لا يلتزمه ويفرّق بين
التكليفين بفروق باطلة ...
وقد ذكر بعض الأشاعرة في كتاب صنّفه في أصول الفقه في
باب أنّ الأمر بالشيء هل هو أمر بما لا يتمّ إلّا به، قال: «اتّفق أهل الحقّ على
أنّه يجوز أن يكلّف اللّه عزّ وجلّ من لا يقدر على ما كلّفه.
قال: واختلفوا في أنّه هل يجوز أن يكلّف العاجز والزّمن
والسعي والضّرير نقط المصحف والالبان وخلق الأجسام وخلق مثل القديم وجعل المحدث
قديما والقديم محدثا، فمنع قوم من أهل الحقّ من ذلك، وأجازه آخرون وهم المصيبون
المحقّون.
قال واتّفقوا على أنّه لا يجوز أن يكلّف اللّه عزّ وجلّ
الجماد».
منها: أن أهل الباطل هم القائلون بأن اللّه تعالى كلّف
عباده ما يطيقونه [و] أهل الحق هم القائلون بانّه كلّفهم ما لا يطيقونه .
ومنها: أنّ أهل
الحقّ والصواب من هؤلاء، هم الذين جوّزوا أن يكلّفنا اللّه تعالى المحال، وأهل
الباطل هم الذين لم يجوّز ذلك.
ومنها: إجازته تكليف جعل القديم محدثا والمحدث قديما. وهو
أمر محال لا يتصوّر ولا يتمكن منه قادر من القادرين، لا القديم ولا المحدث ومنعه
من تكليف الجماد، مع أنّ الجماد يتصوّر أن يفعل ما كلّف بتقدير أن يبني البنية
المخصوصة وتوجد فيه الحياة والقدرة على ما كلّف، أمّا جعل القديم محدثا والمحدث
قديما، فمستحيل على سائر الوجوه.
وقد فرق بعضهم بين تكليف الكافر الإيمان، والعاصي
الطاعة، وبين تكلف العاجز والزّمن العدو بوجوه :
منها: أن قالوا إن العاصي وإن لم توجد فيه قدرة الطاعة،
فانّه قد وجد فيه القدرة على ضدّ الطاعة وهي المعصية، والعاجز والزّمن لا قدرة
فيهما، لا على العدو ولا على ضدّه.
وهذا من عجيب ما يفرّق به بين الموضعين، وذلك لأنّ فقد
القدرة على ما كلّفاه قد شملهما.
وزاد العاصي على العاجز والزّمن بأنّ فيه قدرة موجبة
لضدّ ما كلّف، وذلك مانع من وجود ما كلّفه. فتضاعف في حقّه ما يحيل وجود ما كلّفه
منه. والعاجز والزّمن ما حصل فيهما إلّا مانع واحد، وهو فقد القدرة على ما كلّفاه
فلئن يكون تكليف العاصي للطاعة أدخل في القبح أولى وهل هذا إلّا كقول من يقول: لا
يجوز أن يأمر السيّد عبده بأن يسخّن الماء في تنور لا نار فيه تسخّن؟ ولا ثلج فيه
يبرّد؟ ولكن يجوز أن يكلّفه تسخين الماء في تنور لا يكون فيه نار، ويكون فيه ثلج
يبرّده ولا يخفى على ما قيل أنّ المنع من جواز هذا التكليف الثاني أولى وآكد من
المنع من جواز التكليف الأوّل.
ومنها: إن قالوا: العاصي يتوقّع منه الطاعة ويتوهّم، وكذا
الكافر يتوقّع ويتوهّم منه الإيمان، والعاجز والزّمن لا يتوقّع منهما السعي والعدو،
فيقال لهم: أيتوقع من العاصي الطاعة مع فقد قدرته عليه؟ وإن قالوا: إنما يتوقّع
من العاصي الطاعة بتقدير أن يكون فيه القدرة عليها. قلنا: فكذلك يتوقّع من العاجز
والزّمن العدو بتقدير وجود القدرة عليه فيهما.
ومنها: إن قالوا: العاصي تارك للطاعة، والعاجز والزّمن ليسا
تاركين للعدو قلنا: ما معنى قولكم: الكافر تارك للإيمان؟ أ تعنون به أنّه كان في
وسعه وقدرته أن يؤمن فتركه؟ فهذا بخلاف مذهبكم أو تعنون أنّه لم يكن في وسعه
الإيمان، لكنّه مع ذلك تركه؟ فنقول: إن جاز ذلك فليجز أن يكون العاجز والزّمن
تاركين للسعي والعدو، وقد ورد السمع مؤكّدا لما ذكرنا في قوله تعالى:
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا }
[البقرة: 286] ، و{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ، والشرع
ما أوجب القيام في الصلاة على الزمن والممنوع منه ولا أوجب الزكاة إلّا على مالك
النصاب والحجّ إلّا على المستطيع.
احتجّوا في أنّ اللّه تعالى كلّف عباده ما لا يطيقونه
بقوله تعالى: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }
[البقرة: 31] ، فكلّفهم أن يخبروه بأسماء ما كانوا عالمين بها، ولا طريق لهم إلى
علمها، وذلك تكليف ما لا يطاق.
والجواب عن ذلك: أنّ ذلك ليس تكليفا، وإنما هو تقرير
عليهم عجزهم وقصورهم علمهم بالأسماء، وأنّه تعالى هو العالم بكلّ شيء دونهم وتحد
لهم بذلك، ولهذا قال تعالى: «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ»، ولذلك لم يوصف الملائكة
لمّا لم يخبروه تعالى بالأسماء بأنّهم عصاة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|