أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-1-2016
2107
التاريخ: 11-1-2016
2521
التاريخ: 15-1-2016
2066
التاريخ: 13/10/2022
1222
|
يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في كلمة من أروع ما قيل في التربية:
(من كان عنده صبي فليتصاب له)(1).
ويقول الإمام علي (عليه السلام) كذلك: (من كان له ولد صبا)(2).
هل رأيت كيف يلعب الصبي مع صبي آخر بقد عمره؟
لا شك ان هذا المنظر يتراءى لك في اليوم - لربما ـ أكثر من مرة وأنت في البيت، أو خارجاً الى عملك ـ في الطريق ـ أو عائداً منه.
فالطرقات والأزقة لا تكاد تخلو من وجود الأطفال وهم يلعبون وخاصة في بلادنا ذات المناطق الاجتماعية والأحياء المتآلفة.
تصـور وكأنك في زقاق أو شارع أو في ملعب الأطفال، وانظر كيف يتعامل الصبي مع الصبيان، وكيف يلعب الطفل مع من هم في سنه.
أو أرفع بصرك ـ قليلاً ـ عن هذه السطور وأبصر أطفالك إن كانوا إلى جنبك، أو تكلف قليلاً وأشرف عليهم من فوق الشرفة إن كانوا يلعبون في الحديقة أو في الساحة الأمامية للبيت.
انظر كيف يتصابى الطفل مع الأطفال.. ثم حاول أن تتصابي معهم، وتكون كأحدهم.
إذن المطلوب أن تكون صبياً مع الصبيان وطفلاً مع ولدك حين اللعب، ولكن مع فارق واحد هو أنك كبير، ولا نريدك أن تكون صغيراً أبداً!
قد يتساءل هنا بعض الآباء عن ضرورة التصابي، وأعتقد أن البعض قد يأخذ المسألة هذه بنوع من عدم الاهتمام.
ولكنني.. وبكـل ثقـة أمنيهم وأعدهم خيراً أنهم سينظرون الى هذه المسألة بمزيد من الأهمية وإدراجها ضمن منهجهم في التربية.
وذلك خلال الإطلاع على نتائج التصابي الخيرة مع الأبناء، وهي كما يلي، بعد أن تورد ملاحظتين نرى من الضروري الإشارة إليهما:
الملاحظة الأولى: لا تحسب أن نزولك الى الأطفال وتصابيـك معهم سینال من شأنك وعظمة شخصك.
وكن على علم ان العـظيم ـ فعـلاً ـ لا يمكن أن يسقط من على قمـة عظمته، بمجرد نزوله الى الأطفال وتصابيه معهم.
وإن ذلك الذي يتصابى مع الأطفال ذلك الرجل العظيم، لأن الجبل لا يخشى العواصف، بينما الجبـل المصنوع من الورق يخشى حتى نسيم الصباح.
وخذ مثالاً: النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وهو أكبر الأنبياء وأعظم رجل عرفته البشرية جمعاء.
يقول الحديث الشريف: (عن يعلي العامري انه خرج من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى طعام دعي إليه، فإذا هو بحسين (عليه السلام) يلعب مع الصبيان، فاستقبـل النبي (صلى الله عليه وآله) أمام القوم، ثم بسط يديه. فطفر الصبي ها هنا مرة وها هنا مرة، وجعل رسول الله يضاحكه حتى أخذه، فجعل إحـدى يديه تحت ذقنه والأخرى تحت قفاه، ووضع فاه على فيه وقبله(3).
(وكان (صلى الله عليه وآله) يقدم من السفر فيتلقاه الصبيـان فيقف لهم، ثم يأمر بهم فيرفعون إليه، فيرفع منهم بين يديه ومن خلفـه ويـأمـر أصحابه أن يحملوا بعضهم.
فربما يتفاخر الصبيـان بـعـد ذلك، فيقول بعضهم لبعض: حملني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين يديه، وحملك أنت وراءه، ويقول بعضهم أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم).
الملاحظة الثانية: لا تنسى أن التصابي مع الأطفال يـزيـد في تواضعك، ويبعدك عن حالة الزهو والكبرياء المقيتة، واعلم انه قد تبين للكثير من الباحثين في علم النفس، أن الأشخاص المصابين بعقدة التكبـر يصدون عن التصابي مع أبنائهم واللعب معهم.
والإنسان المتكبر يحاول ـ دائماً ـ اجتناب الأطفال، بل ويستنكف من الجلوس الى جنبهم. كما ويحاول تحقيرهم وإهانتهم بعمد.
ـ والآن دعنا نرى نتائج التصابي واللعب مع الأبناء وهي كما يلي:
1ـ أطفالك.. خير وسيلة للترفيه.
يقول طبيب متخصص بالأمراض العصبية: جاءني ذات يوم مريض يشكو توتراً في نفسه وأعصابه، ولما عرفت انه يمتهن عمل السياقة في مدينة كبيرة، كتبت له بعض الدواء، ونصحته باللجوء الى الـراحـة والـتـرفـيـه المستمر.
بيد أنه تأفف وقال ببأس:
ـ لقد ذهبت الى الكثير من الأطبـاء ـ قبلك ـ ونصحوني بنفس هـذه النصيحة.. ولكن ظروفي لا تسمح لي بالذهاب الى الحدائق والمنتزهات بشكل مستمر.
وهو بذلك وضعني أمام الأمر الواقع، فأخـذت أفكر بجـد وأبحث عن الحل المناسب، وبعد لحظات اهتديت الى فكرة، وسرعان ما ترجمتها الى جواب فقلت للمريض المائل أمامي:
ـ هل لك أطفال؟
- نعم
- كم عددهم؟
ـ ثلاث أولاد وبنتان
قلت:
ـ هل تلعب مع أطفالك؟
قال:
لا.. في الحقيقة إنني حالما أعـود الى البيت ـ ليـلاً ـ ألجأ الى فـراشي. وأطلب من زوجتي إبعـاد أطفـالي عني بعد أن أكتفي بتقبيلهم والجلوس معهم قليلاً!
عندئذ نصحته بعكس ذلك، وأمرته بالتقرب كثيراً الى أطفاله واللعب معهم كل يوم.
وبعد مضي ثلاثة أسابيع اتصل بي هذا الرجـل ليخبرني بشفائه بعـد أن وجد في أطفاله خير وسيلة للترفيه.
ويقول أحد الآباء: (ان خير منفس لكربي وهمومي ـ دائماً ـ هو حينما ألجأ الى أطفالي وأقضي معهم بعض الوقت في ملاعبتهم ومناغاتهم).
وقد وجدت بالتجربة: إن خير دواء هـو الأنس الأطفـال والضحك معهم، في الأوضاع القائمة، فهم الذين يجلون الغمة من الصدور ويدخلون الفرح والسرور الى القلوب. ولك في أولادك خير مثال.
2ـ توطيد الحب وتمتين العلاقة.
هل رأيت الأب الذي يلاعب أبناءه؟
وهل رأيت الذي يصد عنهم؟
ترى أيهما الذي يكسب أبناءه ويمتن الحب معهم؟ بالتأكيد هو الأول.
وقد أثبتت التجارب حسب ما يقول الآباء الناجحون في التربية ـ إن من أفضل الوسائل لكسب الأبناء هي التصابي واللعب معهم.
3ـ طرد العقد النفسية.
لقد تبين أن الكثير من المصابين بالأمراض والعقد النفسية هم الأطفال المهملون الذين يعيشون وسط أجـواء يسودهـا الضنك وينعدم فيها المرح، حيث الآباء الصارمون المصابون بالجفاف في الأسلوب.
بينما الطفل الذي يرى رعاية كاملة واهتمام بالغ بشخصيته من قبل والديه، فيجدهم يلاعبونه وينزلون اليه ويتصابـون معه، يكون طفلاً منشـرح النفس يخلو من أي بذور للعقد النفسية.
4- تنمية الثقة فيهم..
الثقة بالنفس صفة أساسية لبناء الإنسان السليم، لذلك عكف الآباء والمسؤولون عن تربية الأطفال في دور الحضانة والمدارس، على تنمية هذه الصفة ووجدوا أن من الطرق المؤدية الى هذا السبيل، هو أشعار الأطفال بأهميتهم.
وذلك لم يتحقق بإلقاء المحاضرات، أو بـالقـول لهم: (أنكم ذو أهمية بالغة) وإنما يكون ذلك بالاهتمام بألعابهم.
وقبل ذلك.. باللعب والتصابي معهم. وهل هنالك أفضـل طـريقـة لإشعار الطفل بأهمية ما يصنعه من طريقة النزول إليه واللعب معه؟
ومن هنا نجد الإسلام يؤكد على التصابي مع الأبناء، ويعير اهتماماً بالغاً لألعابهم.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (دع ابنك يلعب سبع سنين).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الوسائل ج15، ص203.
2ـ فروع الكافي ج6، ص50.
3ـ المستدرك ج2، صفحة 626.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|