أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
2678
التاريخ: 2024-08-22
329
التاريخ: 23-10-2017
2941
التاريخ: 27/12/2022
1216
|
هنالك مثل فارسي يقول: «لا يصبح الفصل ربيعا بتفتح وردة واحدة».
ومعنى ذلك أن الأمر الحسن ينبغي أن يتكاثر حتى يترك أثره المطلوب، فمن دون تراكم الأشياء الصالحة لا يحدث التحول النافع.. وهذا ينطبق على الجوانب الاقتصادية كما ينطبق على الأمور المعنوية، ويصدق في القضايا السياسية، كما يصدق في الأعمال الخيرية..
إن جودة العمل مطلوبة بلا شك، ولكن كثرته أيضاً شرط لتحقيق النتائج المرجوة، ولهذا فإن المؤلف لا يكون مشهورا عن طريق طباعة كتاب واحد، ولا يكون الخطيب مؤثراً في الناس إذا خطب لمرات معدودة، ولا يصبح المرء شاعراً إذا لم ينظم إلا قصائد معدودة.
ولابد أن نؤكد على أن من لا يتفرغ للشيء لا يكون متخصصاً فيه، ومن لا يعطي من نفسه الكثير لا يحصل على الكثير، ويخطئ من يكتفي بعمل صالح واحد وينتظر نتائج باهرة منه.
يجب أن لا نمل من تكرار الخيرات، ولا كثرة الحسنات والصالحات، ولا زيادة الانجازات لأن كثرة الخير مطلوب، كما أن الشر قليله مرفوض.
لنتعلم هذا الدرس من السيدة (آن لاندرس) المحررة في زاوية النصائح التي كانت تكتبها سبع مرات في الأسبوع، حتى نشرت من عام ١٩٥٥ إلى عام ١٩٨٤ ما مجموعه (١٠٥٨٥) عموداً أجابت فيها على (٢١,٧٥٥) رسالة من رسائل القراء، وكل صاحب رسالة كان يكتب عنوانه الخاص كانت تصل إليه ردود خاصة منها إلى منزله، وقد بلغ مجموع تلك الردود الخاصة (٨,٣٨٣,٠٢٣) رسالة.
ولأن هذه المرأة استمرت تسدي النصح طوال أكثر من ثلاثة عقود، فقد أطبقت شهرتها الآفاق ولم تعد كتبها تعرف الحدود، وانتشر قراؤها في كل العالم فالإحصائيات تقول أن زاويتها تقرأ يومياً من قبل (٧٠) مليون شخص، وتطبع زاويتها فيما لا يقل عن ألف صحيفة في العالم.
ولم يقتصر تفاعل الناس على قراءة زاويتها، بل كانوا ينفذون ما تقوله بشكل حرفي، فقد حدث في عام ١٩٧١م أن ناقش مجلس الشيوخ الأمريكي مرسوماً يتعلق بالأبحاث السرطانية ليرصد له (٣٧٩) مليون دولاراً، فكتبت «آن لاندرس» مؤيدة المرسوم وختمت زاويتها بقولها : «ارسلوا هذا المقال إلى أعضاء مجلس الشيوخ مذيلاً بأسمائكم»، فغرق مجلس الشيوخ في واشنطن بأكثر من مليون رسالة، وفيما بعد نشرت الصحف صورة لغرفة البريد في مجلس الشيوخ وهي مليئة بأكياس الطرود البريدية مع لافتة كتب عليها : أخرجوا «آن لاندرس» من هنا.
وقد منحتها تسع جامعات شهادات فخرية، بعد أن حاضرت من على منبرها، كما كتبت في العديد من الصحف.
إن عمل المرأة هذه نموذج لما يجب أن تكون عليه الأعمال النافعة فهي تتسلم يومياً ما يقارب الألف رسالة وهي تجيب عليها فيما بعد، ولها عاداتها الخاصة في حياتها اليومية فهي تقول : «أنا أستيقظ في الثامنة أو في الثامنة والنصف صباحاً، وأؤدي تمارين رياضية لمدة خمسة وأربعين دقيقة على الأقل، ومع فطور الصباح أقرأ الصحف والمجلات، وأبدأ عملي في الساعة الحادية عشرة» .
وتتضمن ثلث الرسائل اليومية آلاف الطلبات بإرسال الكتيبات التي ألفتها لاندرس مثل (المراهقون والجنس) و(الإدمان) و(حقائق عن المخدرات). . وهذه الطلبات لا تحتاج إلى رد خاص، إذ أن مساعديها الثمانية يرسلون الطلبات إلى أصحابها بالبريد، وتبقى نحو (٦٦٠) رسالة، ٤٠% منها تحمل العنوان والاسم وهي التي تستحق الرد والإجابة، فتظل (٢٦٤) رسالة لتقرأها (لاندرس) وترد عليها بشكل مباشر.
وهكذا تقضي (لاندرس) النهار في القراءة والكتابة في شقتها، وفي آخر النهار تذهب لزيارة أصحابها أو أقربائها أو تستقبل أولادها وأحفادها في المنزل، وترقد (لاندرس) في منتصف الليل، لأنها تعتقد إن الانسجام مع العصر يتطلب الكثير من النشاط.
يا ترى، لو نجري مقايسة بين (لاندرس) ونسائنا في العالم العربي لوجدنا فروقاً كبيرة، منها : أن نسائنا لا تهتم عادة بالأمور الاجتماعية والثقافية، وتبرر المرأة العربية عدم إهتمامها بذلك بانشغالها بالبيت والأولاد، والحال أن كل نساء العالم لديهن مثل هذه الإنشغالات، ولكنهن علاوة على ذلك يعملن في المؤسسات الخيرية، والمنظمات الإنسانية، والنقابات النسوية، ومنهن من استطاع أن يفعل الكثير من خلال تنظيمهن لوقتهن، وانخراطهن في الأنشطة الاجتماعية وعملهن الدؤوب.
هناك مثل فرنسي يقول : (إن عندليباً واحداً لا يصنع الربيع).. ويصدق هذا المثل على من يهتم بركن واحد من الحياة ويهمل بقية الأركان، فالذي يريد أن يتقن الرياضيات لابد وأن يدرك مبادئ الحساب وأولياته كالجمع والطرح وعلاقة الوسطين بالطرفين، ويفهم تسلسل المعادلات المعقدة، ويفهم الجبر والتفاضل والتكامل، وحساب المثلثات، حتى يوصله المنطق الواقعي إلى إدراك علم الرياضيات بشكل شامل. وهذا ينطبق على سائر العلوم والفنون.
ومن هنا فإن من يريد أن يدرك آيات القرآن الكريم، ويجد لذة ومتعة في قراءته، فلابد أن يكون ملماً باللغة العربية وأحكامها في الإعراب والصرف والبلاغة، ومستوعباً لمفردات التفسير وترجمة المعاني، ومطلعاً على العلوم الاجتماعية والطبيعية، حتى يستطيع أن يدرك بعض مدلولات الكلام الإلهي.
وهكذا فإن على المرء أن يعمل الكثير سواء في مجال العلم، أو في مجال العمل لكي ينجز شيئاً هاماً في هذه الحياة.
فعلى كل حال لابد من زرع أشجار كثيرة لنصنع بها مزرعة كاملة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|