أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2017
3365
التاريخ: 14-2-2019
2219
التاريخ: 4-3-2019
2616
التاريخ: 12-4-2016
3688
|
حياة عليّ ( عليه السّلام ) هي حياة النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) والرسالة الإسلامية ، فالمواقف المهمّة والصعبة في الكثير من الصراعات والأزمات والمنعطفات التي وقف فيها عليّ بكلّ بسالة وشجاعة مع رسول اللّه حتى آخر لحظات عمره الشريف تكشف عن مدى القرب والاتصال والتلاحم المصيري بين الرسول وعليّ ، وتفهّمنا جيّدا من خلال الآيات والروايات وحوادث التأريخ أنّ عليّا هو الامتداد الطبيعي لرسول الإسلام ( صلّى اللّه عليه وآله ) وهو المؤهّل لقيادة الامّة الإسلامية بعد الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) وليس ثمة إنسان آخر .
لقد أودع النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) عليّا ( عليه السّلام ) أسرار النبوّة وتفاصيل الرسالة وحمّله عبء مسؤولية رعايتها وصيانتها ، حتى أنّه أوكل اليه أمر تجهيزه ودفنه دون غيره ، لعلمه وثقته بأنّ عليّا ( عليه السّلام ) سينفّذ أوامره ولا يحيد عنها قيد أنملة ولا يتردّد طرفة عين ، ولم يكن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) يطمئنّ لغيره هذا الاطمئنان .
وكان النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) يصرّ على تبيان خلافة عليّ ( عليه السّلام ) وأنّه الوصيّ من بعده حتى في آخر لحظات حياته المباركة مضافا إلى كلّ التصريحات والتلميحات التي أبداها في شتى المناسبات ومختلف المواقف .
لمّا رجع النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) من حجّه إلى « يثرب » ، أقام فيها أيّاما حتى اعتلّت صحّته واشتدّ به ألم المرض ، وكان ( صلّى اللّه عليه وآله ) يقول : « ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السمّ »[1] وتقاطر المسلمون عليه يعودونه وفي نفوسهم القلق والأسى وفي أذهانهم الحيرة والتساؤل عن مصير الأيّام الآتية والرسالة السماوية ، فنعى ( صلّى اللّه عليه وآله ) إليهم نفسه وأوصاهم بما يضمن لهم استمرار مسيرة الرّسالة وتحقيق السعادة والنجاح ، فقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : « أيّها الناس ! يوشك أن اقبض قبضا سريعا فينطلق بي وقدّمت إليكم القول معذرة إليكم الا إنّي مخلّف فيكم كتاب اللّه عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي » ثمّ أخذ بيد عليّ ( عليه السّلام ) وقال : « هذا عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض » .
وأراد ( صلّى اللّه عليه وآله ) أن يتمّم مساعيه لكي يهيء الأمور لتنصيب عليّ خليفة من بعده من دون أن تؤثّر عليه قوى التنافس أو مؤامرات المغرضين ودسائس المنحرفين ، فقد أجمع المؤرّخون على أنّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في الأيّام الأخيرة من حياته المباركة لم يكن يعنيه شيء أكثر من تجهيز جيش يضمّ أكبر عدد من المسلمين بما في ذلك أبو بكر وعمر ووجوه المهاجرين والأنصار ، وأمّر عليهم أسامة بن زيد وإرساله إلى الحدود الشمالية لمنطقة الجزيرة العربية واستثنى عليّا ( عليه السّلام ) .
ولكنّ عددا من الصحابة لم يرق لهم أمر النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فتثاقلوا عن الخروج في جيش اسامة واعتذروا بأعذار واهية ، وانطلقت ألسنتهم بالنقد اللاذع والاعتراض المرّ على تأمير اسامة ، فخرج ( صلّى اللّه عليه وآله ) - رغم كلّ الآلام - وخطب فيهم وحثّهم على الانضواء تحت قيادة اسامة ، وقد بدا عليه الانفعال والتصلّب ، واستمرّ يلحّ على إنفاذ الجيش والخروج نحو هدفه ، وقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : أنفذوا جيش اسامة ، لعن اللّه من تخلّف عن جيش اسامة [2].
ونجد هنا غرابة في الموقف ، وهي إلحاح الرسول على ضرورة مسير جيش اسامة إلى الوجهة التي وجّهها إيّاه على الرغم من مرضه وعلمه بدنوّ أجله ، فلو كان لأحد ممّن كان تحت إمرة اسامة أهميّة في حالة وفاة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) ؛ لاستثناه .
وأعجب من ذلك هو تلكّؤ القوم وتملّصهم عن تنفيذ أمر النبيّ ، فكأن هناك أمرا خفيا يريدون إبرامه[3].
ويبدو أنّ الرسول استشفّ من التحركات التي صدرت من الصحابة أنّهم يبغون لأهل بيته الغوائل ويتربّصون بهم الدوائر ، وأنّهم مجمعون على صرف الخلافة عنهم ، فرأى ( صلّى اللّه عليه وآله ) أن يصون امّته عن الانحراف ويحميها من الفتن ، فأراد أن يحاول معهم محاولة جديدة لتثبيت ولاية عليّ ( عليه السّلام ) وخلافته له ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقال :
« إئتوني بالكتف والدواة أكتب إليكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا » .
فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبيّ أن يتنازع - فقالوا : ما شأنه ؟ أهجر ؟
استفهموه . فذهبوا يردّدون عليه القول : فقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : دعوني فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني اليه ، وأوصاهم بثلاث ، قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالثة عمدا أو قال : فنسيتها[4] .
رأي :
دوّن أكثر المؤرّخين هذا الحديث في كتبهم على هذا النحو ، ولم يذكروا من وصاياه إلّا وصيّتين وسكتوا عن الثالثة أو تناسوها مجاراة للحاكمين الّذين تقمّصوا الخلافة بعد الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، في حين أنّه لم يسبق لأحد من الرواة لأحاديثه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أن نسي شيئا أو فاته دون أن يدوّنه حتى يمكن القول بأنّهم أحصوا حتى أنفاسه ( صلّى اللّه عليه وآله ) فكيف نسي الحاضرون على كثرتهم وازدحامهم عنده وصيّته الثالثة وهو في حالة الوداع لهم ؟ وهم ينتظرون كلّ كلمة تصدر منه تهدّئ من روعهم وتبعث الأمل في نفوسهم نحو المستقبل ؟ ولولا أنّ الثالثة تأكيد لنصوصه ( صلّى اللّه عليه وآله ) السابقة على خلافة عليّ ( عليه السّلام ) ؛ لم ينسها أو لم يتغافل عنها أحد من الرواة أولئك[5] !
[1] المستدرك على الصحيحين : 3 / 58 .
[2] السيرة الحلبية : 3 / 34 .
[3] وممّا يؤكّد هذا الظنّ أنّ الصحابة الذين أبوا الخروج في جيش اسامة كانوا يخشون تكرار الموقف الذي حصل في غزوة تبوك عندما استخلف النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) عليّا في المدينة ومن ثمّ تصريحه « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي » ممّا أثار الريب والحسد في نفوسهم .
بل إنّهم أدركوا أنّ الأمر في هذه المرّة يحمل أبعادا أخرى تتعدّى مسألة الخروج مع جيش اسامة ، خاصة بعد أن رأوا الرسول يصرّ على خروجهم ويستثني عليّا ، وعلامات المرض تشتد عليه ، وفي هذه الفترة كان ( صلّى اللّه عليه وآله ) يكرّر عليهم بأنّي أوشك أن ادعى فأجيب .
[4] الطبقات الكبرى لابن سعد : 4 / 60 ، وتأريخ الطبري : 2 / 436 ط مؤسسة الأعلمي ، والكامل في التأريخ لابن الأثير : 2 / 320 ، والإرشاد للمفيد : 1 / 184 .
[5] سيرة الأئمة الاثني عشر ، للحسني : 1 / 255 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|