أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-9-2016
2043
التاريخ: 7-7-2019
1620
التاريخ: 18-9-2016
1398
التاريخ: 20-4-2022
1860
|
قد يتصوّر ان القاعدة المذكورة بديهية لا تحتاج إلى دليل إذ من الواضح ان من تعذّر عليه قضاء قسم من دينه وتمكن من قضاء قسمه الآخر فلا يسقط وجوب قضاء الثاني بتعذّر الأوّل ، وهل يحتمل احتياج اثبات مثل ذلك إلى دليل؟!
بيد ان التصور المذكور خاطئ لأن ما ذكر وجيه في الافراد الواجبة بوجوبات مستقلة، وقد أشرنا الى عدم نظر القاعدة إلى ذلك بل للمركب الذي يتألف من أجزاء متعددة وجب مجموعها بوجوب واحد من دون استقلالية ، ومن الجلي ان ثبوت الوجوب للناقص بعد ما لم يكن هو المتعلّق له يحتاج إلى دليل.
والمعروف الاستدلال لها بروايات ثلاث :
الرواية الاولى :
ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من ان «الميسور لا يسقط بالمعسور».
هكذا المشهور على الألسن إلاّ ان الوارد : «لا يترك الميسور بالمعسور» [١].
ولعل دلالة الرواية واضحة إذ هي تدل باطلاقها على ان كل ميسور بما في ذلك اجزاء المركب الواحد لا تسقط بالمعسور ولا تختص بالواجبات الاستقلالية.
وقد اشكل عليه بعدّة اشكالات :
أ ـ ان الرواية ناظرة إلى الافراد المتعددة الواجب كل واحد منها بوجوب مستقل لا للمركب من أجزاء متعددة التي وجبت بوجوب واحد ، والمهم اثبات نظرها الى الثاني وانه بتعذّر بعض الأجزاء لا يسقط وجوب الباقي دون الأوّل.
والوجه في كونها ناظرة الى الأوّل التعبير الوارد فيها بكلمة «يسقط» فان السقوط فرع الثبوت السابق ، فمن وجب عليه صوم شهر وتعذّر عليه صوم عشرة أيّام فالعشرون الباقية يصح أن يقال عنها لا يسقط وجوبها الثابت لها سابقا ، فان كلّ يوم قد ثبت له وجوب مستقل ، وذلك الوجوب المستقل لا يسقط بتعذر صوم العشرة ، اما الأجزاء الواجبة بوجوب واحد فلا يصح مثل التعبير المذكور فيها لأن الأجزاء الباقية لم يثبت لها الوجوب سابقا كي يقال هو لا يسقط عنها بتعذّر بعض الأجزاء.
أجل كانت هي واجبة سابقا بوجوب ضمني وفي داخل وجوب المركب التام إلاّ ان ذلك قد سقط جزما عند سقوط الأمر بالكل لأنّه تابع له وفي ضمنه ، والمدعى ليس هو اثبات بقاء ذلك الوجوب الضمني فانه قد سقط ولا يحتمل بقاؤه وانما المدعى ثبوت وجوب نفسي استقلالي له ، وهذا الوجوب لم يكن ثابتا سابقا كي يحكم عليه بعدم السقوط ، وما كان ثابتا قد سقط جزما.
وهذا الاشكال قد تبنّاه السيّد الخوئي [2] وعلى أساسه ناقش دلالة الرواية. ومن قبله ناقش الشيخ النراقي بذلك [3].
والشيخ الأعظم في الرسائل [4] قد تعرّض لهذا الاشكال وأجاب عنه بجوابين كلاهما متين :
الأوّل : ان الرواية لم تقل لا يسقط حكم الميسور بسقوط حكم المعسور ليقال ان حكم الميسور الذي يراد ابقاؤه لم يكن ثابتا سابقا وما كان ثابتا قد سقط بل قالت نفس الميسور يبقى ثابتا.
الثاني : ان الوجوب الذي يراد اثباته وان لم يكن ثابتا سابقا وما كان ثابتا سابقا قد سقط جزما إلاّ ان التفرقة بين الوجوبين وان احدهما ضمني سقط جزما والآخر استقلالي لم يكن ثابتا سابقا مبتنية على الدقة وإلاّ فالنظرة العرفية ترى الوجوب واحدا وترى ان الوجوب إذا لم يثبت للباقي فالتعبير عنه بأنّه قد سقط وجيه بالرغم من انّه بحسب الدقة لم يكن ثابتا سابقا.
هاتان مناقشتان للشيخ الأعظم.
ويمكن أن نضيف إلى ذلك : ان التعبير بجملة «لا يسقط» لم يثبت ورودها في الرواية وانّما ذلك متداول على الألسن بلا مستند بل الوارد : «لا يترك الميسور بالمعسور» على ما أشرنا إلى ذلك سابقا.
ب ـ ما تبناه الآخوند في كفاية الاصول من احتمال نظر الرواية الى الافراد المتعددة التي وجب كل واحد منها بوجوب مستقل وليس الى المركب من أجزاء التي وجبت بوجوب واحد [5].
وفيه : ان هذا الاحتمال لا يعتنى له بعد ثبوت الاطلاق.
ج ـ ما ذكر في الكفاية أيضا من ان جملة «لا يسقط» لا بدّ من حملها على الرجحان دون اللزوم لأنّ الرواية شاملة للمستحبات أيضا ولا اختصاص لها بالواجبات [6].
وفيه : ان المقصود عدم سقوط الميسور بما له من الحكم فان كان مستحبا فيبقى الاستحباب وان كان وجوبا يبقى الوجوب.
ومن كل هذا اتضح ان دلالة الرواية على المطلوب تامة إلاّ ان المشكلة تبقى في سندها فانّها لم ترو إلاّ في كتاب عوالي اللئالي عن أمير المؤمنين عليه السلام بشكل مرسل. والكتاب المذكور معروف بالضعف فكيف إذا اجتمع معه الارسال.
ولا يمكن التخلّص من الضعف السندي المذكور إلاّ بما ذكره الشيخ الأعظم في الرسائل وبعض من تأخّر عنه من الانجبار باشتهار التمسّك بها بين الأصحاب.
وتمكن المناقشة بأن الشهرة انّما تكون جابرة لو كانت ثابتة بين المتقدّمين دون ما لو كانت خاصة بالمتأخرين ، فان ما يمكن أن يورث الاطمئنان بحقانية الرواية هو الشهرة بين المتقدّمين دون الشهرة بين المتأخرين ، وفي المقام لم يشتهر التمسك بالرواية بين المتقدّمين كالشيخ الكليني والصدوق والطوسي فان أول من ذكرها هو ابن أبي جمهور الاحسائي في كتاب عوالي اللآلي الذي هو من أعلام القرن التاسع ومتأخر عن العلاّمة الحلّي.
الرواية الثانية والثالثة :
واستدل أيضا بالحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» ، وبالحديث الوارد عن أمير المؤمنين عليه السلام : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه».
وكلاهما ضعيف السند إذ لم يرويا إلاّ في كتاب عوالي اللآلي [7] بشكل مرسل لا مجال لدعوى الانجبار فيه على ما تقدّم.
وبعد ضعف السند لا تبقى حاجة إلى البحث عن تمامية الدلالة وعدمها.
________
[١] عوالي اللآلي ٤ : ٥٨.
[2] مصباح الاصول ٢ : ٤٨٥.
[3] عوائد الأيّام : ٩٠.
[4] الطبع القديم : ٢٩٤.
[5] كفاية الاصول / الجزء الأوّل / مبحث قاعدة الميسور.
[6] المصدر السابق.
[7] عوالي اللآلي ٤ : ٥٨.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|