نماذج الادارة الستراتيجية

مثلما تعددت مفاهيم الادارة الستراتيجية، تعددت كذلك النماذج النظرية التي تصف عملياتها. وبصفة عامة يمكن القول ان هناك نموذجين رئيسين لعملية الادارة الستراتيجية هما (Hitt et al., 2004;2011):

نموذج المنظمة الصناعية  Industrial organization model

يستند هذا النموذج، الذي ظل سائداً حتى عقد الثمانينيات من القرن الماضي، الى اربعة افتراضات اساسية من وجهة النظر الاقتصادية. وتتمثل هذه الافتراضات بالاتي:

- تعد البيئة الخارجية المحدد الاساس لستراتيجية المنظمة وليس مواردها.

- تتحكم اغلب المنظمات التي تعمل في صناعة ما او قطاع محدد منها بمجموعة متماثلة من الموارد وتتبع ستراتيجيات متشابهة في تخصيص تلك الموارد (المجاميع الستراتيجية).

- يمكن ان تنتقل الموارد بين المنظمات المتماثلة، وبسبب هذه الخاصية فان التفاوت في تلك الموارد بين المنظمات سيكون على الامد القصير فقط.

- تمتاز القرارات التي تتخذها ادارة المنظمة بالعقلانية والرشد لتحقيق اقصى قدر ممكن من العوائد (Seth & Thomas,1994).

وبناءً على ما تقدم فان قطاع الصناعة الذي تعمل فيه المنظمة يمتلك التأثير الاكبر في الخيارات الستراتيجية التي تقررها ادارة المنظمة (Bowman & Helfat, 2001) ، وان قدرة المنظمة على المنافسة وفقاً لهذا النموذج يمكن تحسينها فقط عندما تتمكن من اختيار الصناعة التي تحقق لها اقصى قدر من الارباح وتتعلم الكيفية التي تستثمر فيها مواردها المتاحة لتنفيذ الستراتيجية التي تتناسب مع خصائص الصناعة التي تعمل فيها.

وقد تعرّض نموذج المنظمة الصناعية الى الانتقاد بشكل خاص في غياب العدد الكافي من الدراسات التطبيقية التي تثبت أن هيكل الصناعة هو المحدد الأساس لنجاح المنظمات فالدراسات التطبيقية التي اجراها بعض الباحثين حول الموضوع اشارت الى ان ما نسبته 6-30 % فقط من الاختلاف في اداء المنظمات يعود الى العوامل الخارجية المتصلة بهيكل الصناعة (Mauri and Michael , 1998). ومن هنا انبثق التساؤل عن الاسباب الاخرى الكامنة وراء الاختلاف في اداء المنظمات من غير الاسباب المرتبطة بخصائص الصناعة. وقد عزت اجابات بعض الباحثين ذلك الى ان بعض من هذا الاختلاف يعود الى الخطأ العشوائي، والمتغيرات الاقتصادية غير القابلة للقياس، وعضوية المجاميع الستراتيجية، والصدفة (Powell, 1996; Mehra, 1996 ;Hansen &Wernerfelt, 1989). وان الجزء الاكبر من ذلك الاختلاف يعود الى العوامل الداخلية الخاصة بالمنظمة والتي تتمثل في مواردها وقابلياتها التنظيمية (McGhan 1991;Hill & Deeds 1996 ; Rumelt et al. ، 1999). ومن هنا فقد اخذ الاطار المعدل لنظرية المنظمة الصناعية بنظر الاعتبار تأثير سلوك المنظمة في العلاقة بين هيكل الصناعة واداء المنظمة. وطبقاً لوجهة نظر Hitt وزملاؤه فان نموذج القوى الخمسة لPorter هو الاداة التحليلية الافضل التي تستعمل لمساعدة المنظمة في هذا المجال.

يقوم نموذج Porter على افتراض ان ربحية الصناعة هي دالة التفاعل بين العوامل الخمسة للمنافسة وهي الموردون، والمشترون، والمنافسة بين المنظمات، والمنتجات البديلة، والمنافسون المحتملون. ويتوجب على المنظمة وفقاً لهذا النموذج دراسة واقع المنافسة في القطاع الذي تعمل فيه ، واختيار الستراتيجية التي تضمن لها مركزاً تنافسياً في السوق استناداً الى الخصائص التنظيمية في الصناعة. وبلغة هذا النموذج فان المنظمة يمكن ان تحقق ارباحاً اعلى من المعدل من خلال :

- تصنيع منتجات او تقديم خدمات بكلفة اقل من المنافسين من خلال ستراتيجية قيادة التكلفة Cost – leadership strategy.

- تصنيع منتجات او تقديم خدمات ذات جودة عالية ومميزة لفئة من الزبائن لاسيما الذين لديهم الاستعداد لدفع اسعار اعلى من خلال ستراتيجية التمايز Differentiation strategy.

ومن وجهة نظر (Porter , 1981)، فان المزية التنافسية للمنظمة يمكن المحافظة عليها من خلال إقامة الحواجز أو العوائق Barriers أمام المنافسين الآخرين عن طريق اقتصاديات الحجم ، تاثير منحنى الخبرة، تمايز المنتج وغيرها، وعلى المنظمة بعد ذلك ان تستمر في وضع تلك الحواجز من خلال اعادة استثمار الارباح  لمنع دخول المنافسين المحتملين والشكل (2-1) يوضح نموذج المنظمة الصناعية.