الوظيفة الصناعية

الوظيفة الصناعية إحدى الوظائف المدنية الهامة، التي تميز المدينة الحديثة. فالمدن التي نمت نموا سريعا في المرحلة الحديثة، هي بدون شك التي قامت بها الصناعة، وكما تؤدي الصناعة إلى قيام المدن، فإن المدن نفسها توجد الصناعات. وقد كانت الصناعة في مراحلها الأولى قروية في الغالب، وظلت على ذلك حتى القرن 18 م. ثم أصبحت ألصق بالمدينة في عصر الفحم والحديد. وأدت إلى تضخم المدن في عصر الكهرباء، وآلة الاحتراق الداخلي والمعادن الخفيفة. ويعزى ذلك إلى أن صناعة الآلات وغيرها من مطالب الحياة اليومية، لم تؤد في مراحلها الأولى للعيش في المدينة، وذلك لأن الصناعة على خلاف التجارة، أمكن ممارستها في المنزل، وعلى مستوى القرية بعد فترة طويلة من التطور ولم تكن هناك بعد حاجة للتجمع. ولكن مع التطور الصناعي الحديث، تطلب الوضع بل شجع على التجمع؛ لتمكين الصناع المهرة من الحصول على المواد الخام التي لا تتوافر محليا في كثير من الأحيان؛ وليضمنوا سوقا لإنتاجهم المطرد، والذي فاض عن حاجة القرية.

ولهذا يمكننا القول بأن الصناعة قامت على التجارة في العصور القديمة والوسطى أما في العصر الحديث، فقد نمت الصناعات الحضرية واتسع سوقها ليتعدى حدود المدينة. وكان ذلك مؤشرا إلى نمو الوظيفة الصناعية واستغلالها. وهكذا تختلف المدن الصناعية عن المدن التجارية، من حيث أنها لم تنم مثلها ببطء؛ لتلبي حاجات أقاليمها المتزايدة سكانيا، وإنما فرضت إلى حد ما على هذه الأقاليم. وهي تنمو إذا ما استطاعت أن تجذب إليها قوة عاملة من الطبقة الفقيرة.