أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-03-2015
1858
التاريخ: 1-08-2015
2599
التاريخ: 1-07-2015
1939
التاريخ: 7-2-2018
1462
|
إن قالوا: بم تصفون كلام اللّه تعالى؟ أتصفونه بأنّه مخلوق أم لا تصفونه بذلك؟
قلنا: نصفه بما وصفه اللّه تعالى به، من كونه محدثا على
ما قال تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا
اسْتَمَعُوهُ} [الأنبياء: 2] ، يعنى بالذكر القرآن لا غير، بدلالة قوله «إلّا
استمعوه»، ونصفه بأنّه منزل، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ} [القدر: 1] ، وبأنّه مجعول وعربيّ، قال تعالى: { إِنَّا جَعَلْنَاهُ
قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] ، وبأنّه محكم وحكيم، قال تعالى: {كِتَابٌ
أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود: 1] ، وقال: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ } [يس: 1،
2].
فأما كونه مخلوقا، فلا نطلقه، لما فيه من الإبهام، من
حيث انّه مشترك بين معنيين، أحدهما أنّه واقع مقدّر لمصالح العباد، والآخر أنّه
مفترى مكذوب مضاف إلى غير قائله، كما يقال: هذه قصيدة مخلوقة ومختلقة، إذا أضيفت
إلى غير قائلها. قال اللّه تعالى حاكيا عن الكفّار: {إِنْ هَذَا إِلَّا
اخْتِلَاقٌ} [ص: 7] و{إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ } [الشعراء: 137] ،
عنوا به القرآن، وأنّه ليس كلام اللّه تعالى على ما يقوله محمد، عليه السلام،
فنتحرّز من إطلاق القول فيه بأنّه مخلوق لهذا الإبهام ونقول لمن يسألنا عن كون
القرآن مخلوقا: إن عنيت به أنّه فعله تعالى وفعله مقدّر بحس مصالح العباد، فهو
مخلوق بهذا المعنى؛ وإن أردت المعنى الآخر، فمعاذ اللّه أن يكون مخلوقا بذلك
المعنى.
والقوم ربما يؤوّلون الخلق على معنى آخر، وذلك المعنى هو
كونه حيّا على ما يدلّ عليه ما يحكى عن بعضهم، فانّه يروى أنّه جرى بين واحد من
العدلية، وبين واحد من الصفاتية في خلق القرآن، فجلس ذلك الإنسان الذي كان ينفي
خلق القرآن من الغد للتعزية فقيل له: ما أصابك؟ فأجابهم بأن {قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] توفّى، فجلست للتعزية.
وهذا محال على ما ترى ودالّ على عدم فطنة من يقول ذلك،
فانّا لا نعني بالخلق هذا المعنى ولا هو معلوم من وضع أهل اللسان. وذلك لأنّ الخلق
عندهم يفيد التقدير، قال الشاعر:
ولأنت
تغري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثمّ يغري
يريد: تتمّم ما قدرته وغيرك ما يتمّم ما يقدّره.
وقد اختلف أهل العدل في معنى هذه الكلمة: فذهب
البغداديّون إلى أن الخلق هو الاختراع، فلم يصفوا فعل غير اللّه تعالى بالخلق.
وذهب البصريّون إلى أنّ معناه التقدير، على ما هو معروف
من أهل اللسان ثمّ اختلفوا: فذهب أبو هاشم إلى أنّ معنى التقدير هو الإرادة، وكلّ
فعل يفعل مع الإرادة له فهو مخلوق. وذهب أبو عبد اللّه البصريّ إلى أنّ معنى
التقدير هو التفكّر، وكلّ فعل يفعل عن تفكّر وتدبّر يصفه بأنّه مخلوق، فيلزمه أن
لا يصف أفعال اللّه تعالى بأنّها مخلوقة حقيقة، وإنّما يستعمل فيها المخلوق على
طريق التوسّع والتجوّز ولا شكّ في أنّه حصل تعارف شرعيّ بأنّه لا يطلق اسم الخالق
على غير اللّه تعالى وإن كان اللّه تعالى أثبت الخلق في حقّ غيره، كما قال: {فَتَبَارَكَ
اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] ، وقال لعيسى: {وَإِذْ تَخْلُقُ
مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [المائدة: 110] ، إلّا أنّ الخالق مطلقا لا
يقال إلّا للّه تعالى ...
إن قالوا: أليس اللّه تعالى يقول: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ
وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ... وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ *
خَلَقَ الْإِنْسَانَ} [الرحمن: 1 - 3] ، ... فلو كان القرآن داخلا في الخلق بمعنى
من المعاني لما صحّ هذا الفرق.
قلنا: لا دلالة لكم في الآيتين، إنّما أراد تبارك وتعالى
بالآية الأولى انّه خلق العقلاء وخلق غيرهم لهم، فكلّهم له، وله أنّ يأمرهم ويحكم
عليهم، لأنّهم عبيده، ولا يدلّ على أنّ الأمر ليس فعلا له ولا خلقا له ؛ وأراد في
الآية الثانية إثبات النعمة والامتنان بها على المكلّفين، والامتنان إنّما يحصل
بتعليم القرآن لا بخلقه من دون التعليم.
وكيف يمكن الاستدلال بإفراد الشيء بالذكر على أنّه غير
داخل في الجملة المذكورة أليس اللّه تعالى قال: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ
وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] ، ولم يدلّ على
أنّ جبرئيل وميكائيل ليسا من الملائكة؟
وقال: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ
الْوُسْطَى } [البقرة: 238] ، ولم يدلّ على انّ الصلاة الوسطى ليست من الصلوات؟
قالوا: أليس قد روي عنه عليه السلام: «القرآن كلام اللّه
غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر باللّه العظيم»(1)؟
قلنا: هذا من أخبار الآحاد، فلا يصحّ الاعتماد عليه، ثمّ
هو معارض بما روي عنه عليه السلام انّه قال: «كان اللّه ولا غيره ثم خلق الذكر، والذكر
هو القرآن». وبما روي عنه عليه السلام انّه قال: «ما خلق اللّه من سماء والأرض ولا
سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي».
ثمّ نقول: ولو صحّ هذا الحديث، لكان معناه أنّ القرآن
كلام اللّه تعالى غير مفترى ولا مختلق، بخلاف ما يقوله الكفّار من أنّه من افتراء
محمد عليه السلام، ولا شكّ في انّ من وصف القرآن بذلك كان كافرا فأمّا من قال إنّه
كلام اللّه ووحيه وتنزيله وإنّه أحدثه بحسب مصالح العباد وأنزله على رسوله كيف يكون
كافرا.
__________________________________
(1) سنن
البيهقي ج 10 ص 206 كتاب الشهادات باب ما تردّ به شهادة اهل الأهواء.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|