أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-3-2022
1994
التاريخ: 6-10-2016
1607
التاريخ: 6-6-2020
2018
التاريخ: 6-10-2016
2209
|
لا نبالغ إذا قلنا ان كل ما حدث من مظالم وجرائم ، وما مرت على البشرية من ويلات ودمار كانت من جراء اتباع الاهواء. فما قتل ابن ادم اخاه لا لهوى في نفسه . وما حورب الأنبياء من طغاة عصورهم إلا استجابة للأهواء المسيطرة عليهم.
وما أوذي رسول الله (صلى الله عليه واله) إلا لأهواء الجاهلية . وما نوزع امير المؤمنين علي (عليه السلام) على منصب الإمامة إلا لأهواء القوم كما وصف (عليه السلام) ذلك بقوله : (فإنها [الخلافة] كانت إثره شحت عليه نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله)(1)، وما قطع رأس الحسين (عليه السلام) وسبيت عياله إلا لأهواء ونزوات بني امية. وما سجن موسى بن جعفر (عليه السلام) وقتل في السجن إلا لأهواء هارون العباسي الذي أفصح لولده المأمون عن تلك الحقيقة فقال : (و والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، فإن الملك العقيم) (2) والكلمة الجامعة لذلك قول امير المؤمنين (عليه السلام) : (إنما بدأ وقوع الفتن اهواء تتبع وأحكام تبتدع)(3).
ومن خلال تتبع الآيات الكريمة واستقراء معانيها نستطيع ان نحدد مفاسد إتباع الهوى بالنقاط التالية:
أولاً : اتباع الهوى يؤدي إلى الاستكبار، يقول تعالى : { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87] فهنا ظاهر ان سبب استكبار بني اسرائيل على رسل الله تعالى هو هوى النفس لأن الرسل جاءوهم بالحق، وانفسهم تهوى الباطل ، وفي قوله تعالى :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 6، 7]
بيان دقيق لهذه الحقيقة، حيث ان سبب فرارهم عن الحق، وعدم سماعهم له هوا تباع الهوى بالانشغال في لهو الحديث وهكذا يؤدي اتباع الهوى إلى الاستكبار على الحق وعدم قبوله ، وهذا ما أوضحته سورة نوح بقوله تعالى عن لسان نوح :
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } [نوح: 7]
وواضح ان سبب استكبارهم هو اتباع الهوى.
ثانياً : تكذيب أهل الحق : وهم الانبياء والمرسلون والأوصياء والصالحون يقول تعالى
{ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87]
وذلك لأنهم يريدون ان يطوعون الدعاة إلى الله وفق أهواءهم ومشتهياتهم (ومحاولة إخضاع الهداة والشرائع للهوى الطارئ، والنزوة المنقلة ظاهرة تبدوا كلما فسدت الفطرة ، وانطمست فيها عدالة المنطق الإنساني ذاته المنطق الذي يقتضي ان ترجع الشريعة إلى مصدر ثابت – غير المصدر الإنساني المتقلب – مصدر لا يميل مع الهوى، ولا تغلبه النزوة. وان يرجع الناس إلى ذلك الميزان الثابت الذي لا يتأرجح مع الرضا والغضب، والصحة والمرض، والنزوة، والهوى، لا أن يخضعوا الميزان ذاته للنزوة والهوى)(4).
ثالثاً : يمنع الإنسان عن السمو والارتباع عن حضيض التراب إلى نور السماء يقول تعالى في وصف من اتبع هواه {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176] فالذي منع هذا الرجل الذي آتاه الله آياته عن الارتفاع والسمو هو اتباع الهوى إذن اتباع الهوى يمنع الإنسان عن السمو الروحي ، والفكري، والنفسي فالإنسان لا يمكن ان تسمو روحه، وتتوسع آفاقه الفكرية والنفسية ما لم يتحرر مع قيود الهوى، وثقل المادة ، وأو ضار الطين ، الدنيا وسيلة لا غاية ، فإذا تحولت إلى غاية عنده فلا يستطيع ان يبصر ما وراءها ، ولذا عبر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن المخلد إليها بالأعمى حيث يقول عليه السلام : (وإنما الدنيا منتهى بصر الأعمى لا يبصر مما ورائها شيئاً)(5) ويقول عليه السلام) : (من بصر بها بصرته ، ومن أبصر إليها أعمته)(6).
رابعاً : يؤدي إلى الغفلة، والإعراض عن الحق، وتجاوز الحدود الشرعية : يقول تعالى { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]
خامساً : يؤدي إلى البعد عن الله ، والتعرض لنقمته : قوله تعالى {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: 37]
ويقول تعالى {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120]
سادساً : الضلال عن سبيل الله : قوله تعالى {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]
وقوله تعالى : {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50].
سابعاً : واخيراً لا آخراً إن اتباع الهوى يؤدي إلى فساد كوني شامل قوله تعالى : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 71]
فلو اتبع الحق اهواء الناس المختلفة والمتباينة والمتضاربة لأدى ذلك إلى فساد كوني شامل يخرب الارض والسماء يقول العلامة الطباطبائي : (فلو اتبع الحق اهواءهم فاقتضى لهم من الشرع ما تجازف به اهواءهم لم يكن ذلك إلا بتغيير اجزاء الكون عما هي عليه، وتبدل العلل والأسباب غيرها ، وتغيير الروابط المنتظمة إلى روابط جزافية مختلة متدافعة توافق مقتضياتها مجازفات أهواءهم وفي ذلك فساد الأرض ومن فيهن في أنفسها والتدبير الجاري فيها ؛ لأن كينونتها وتدبيرها مختلطان غير متمايزين، والخلق والأمر متصلان غير منفصلين.
وهذا هو الذي يشير إليه قوله : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 71] (7) فأي إفساد بعد هذا ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة خطبة : 162.
(2) المحدث المجلسي، بحار الانوار : 48/131.
(3) نهج البلاغة خطبة : 50.
(4) سيد قطب، في ضلال القرآن : 1/116.
(5) نهج البلاغة خطبة : 133.
(6) المصدر نفسه خطبة : 82.
(7) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 15/47.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|