أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
2505
التاريخ: 27-6-2016
36331
التاريخ: 5-6-2017
3461
التاريخ: 20-4-2016
2327
|
القاعدة الأولى: الإعتدال العاطفي:
في الصداقة، هل من الصحيح أن يكون الحب مفرطاً؟
وفي الخصومة هل من الصواب أن يكون البغض زائدا عن حد الإعتدال؟
بلا تردد أن الاعتدال في الأمور هو الأسلوب السليم، وكما تقول الحكمة الإسلامية الشهيرة: (خير الأمور أوسطها)(1)، ومن الأمور الهامة في الحياة حب الأصدقاء وودهم، والذي يجب أن يكون عميقاً وصميماً، وغير مفرط في نفس الوقت.
ويسأل السائل:
إذا كانت الصداقة قائمة على الحب، والميل العاطفي، فما الحكمة في ان هذا الحب، وهذه العاطفة يجب أن يكونا خارجين عن حد الإعتدال والتوازن وتكون الإجابة كالتالي:
1ـ مع وجود الصداقة، يحتمل أن يكون هناك تباغض أو افتراق، فإذا ما أفرط المرء في حب صديقه، فقد يحدث أن ينفصل هذا الأخير عن الأول، وبالتالي ينصدم الأول بشيء لم يتوقعه، أما إذا اعتدل الصديق في حبه لصديقه فإنه بذلك يضع في حسابه أن صديقه ـ ولسبب ما ـ قد يبغضه، هذا إضافة الى ان التوسط والاعتدال هو الحد المطلوب في الحب والميل العاطفي.
2ـ الأمر الآخر أن الحب المفرط قد يتحول الى حب اعمى وإذا ما تحول الى ذلك فإن الصديق يتعامل مع صديقه وكأنه قديس فلا ينصحه ولا يبين له اخطاءه، وهذا خلاف الصداقة الحقيقية.
3 - إن الإعتدال في الحب والتوازن العاطفي يجعل الإنسان معتدلا في بغضه ايضاً الأمر الذي يساعد على تخصيص مساحة احتياطية من الحب تجاه البغيض، من اجل ان تعود المياه الى مجاريها، واستمرار الصداقة في يوم من الأيام.
وفي هذه المعاني يقول الإمام علي (عليه السلام): (أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما) (2).
القاعدة الثانية: اغتنام فرصة اقبال الناس:
كلنا يعلم أن لأكثر الطيور مواسم تقبل فيها، فعلى سبيل المثال: قد تغيب البلابل عن منطقة ما في فصل الشتاء، ولكنها مع اطلالة الربيع تبدأ بالخروج او الإقبال، فتملأ الأجواء تغريدا والحاناً.
ومع أدراك هذه الحقيقة، فما الذي يفعله الصيادون من أجل الصيد؟ إنهم ينتهزون فرصة موسم الطيور واقبالها فيتناولون افخاخهم وحبائلهم، ويتوجهون شطر الأماكن الخصبة للصيد، فيكون صيدهم سميناً.
وهكذا الحال بالنسبة للناس فهم يشبهون الطيور ـ الى حد ما ـ في إقبالهم وإدبارهم، فإذا ما أقبل على المرء انسانٌ أهلٌ للمصادقة، فالجدير به أن يغتنم فرصة اقباله عليه، دون أن يتردد في ذلك، فيصطاده كمـا يصطاد الصيـاد ظبياً لائحـاً مقبلا. وحال إقبال الناس عليه ليضع في اعتباره أن الشيطان قد يأتي اليه، ويهمس في أذنه قائلا: أنك لست بحاجة الى اصدقاء، فأنت غني عنهم، فليحذر كيد الشيطان، أو قد يقول المرء في نفسه: ان الناس يقبلون عليّ، ويرغبون في مصادقتي، ولكني لا أرغب في مصادقتهم، وهذا خلاف المبادئ الحقيقية للصداقة التي تدعو الإنسان الى التواضع، واغتنام فرصة اقبال الناس، والاكثار من الإخوان والأصدقاء.
وفي هذه المعاني يقول الإمام علي (عليه السلام): (زُهدك في راغب فيك نقصان حظ ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس) (3).
فإذا اراد المرء أن يكون من المحظوظين السعداء، فلا يزهدن في من يرغب فيه، ويقبل عليه، وليغتنم فرصة رغبته فيه، وإقباله عليه، وليؤاخه وليصادقه.
القاعدة الثالثة: الإحتفاظ بالأصدقاء القدامى:
الأصدقاء القدامى كالتحف النادرة التي كلما تعاقبت عليها الليالي والأيام، ازداد الإنسان حبا فيها ومحافظة عليها، وهم كرأس المال الأول للإنسان، أرأيت ان كان للمرء رأس مال أولي فإنه به يصنع استثماراته الجديدة والمستقبلية، وإذا كان الأمر كذلك، فهل من الحكمة أن يفرط في التحف النادرة او أن يتم التخلص منها بإهمالها، أو رميها؟!.
هل من الصحيح أن يهمل الإنسان رأس ماله ويضيعه ؟! کلا!
إن الصداقة مهما كانت قديمة فهي دائما جديدة، كماء النهر فهو دائما جديد، وان أعجز العاجزين هو ذلك الذي لم يكتسب صديقا له في الحياة، وأعجز منه، ذلك الذي اكتسب أصدقاء، ففرط فيهم، وضيعهم.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم) (4).
ويقول الشاعر:
الأخـلاء في الرخاء كثير وإذا ما بلوت كانـوا قليلا
وإذا ما أصبت خلا حفيظا راعياً للإخاء براً وصولاً
فتمسك بحبله أبـد الـدهـر وأكــرم بـه أخـا وخـلـيـلاً
فهلا نكثر من الأصدقاء الجدد، ونحافظ على ما ظفرنا به من أصدقائنا القدامى؟
القاعدة الرابعة: استعمال الوصل في مقابل القطع:
أرأيت النحل في خلاياه؟
إن المرء ليجد حالة التواصل متمثلة في أعلى مستوياتها، فأفراد النّحل وان كانوا يزاحمون بعضهم بعضا، ويستعملون نوعاً من الشدة فيما بينهم، فيلسعون بعضهم بعضاً إلا أن حالة التواصل سرعان ما تعود فيما بينهم، وكأن شيئاً لم يكن.
وإذا كانت تلك شاكلة النحل، أفليس من الخليق ببني الإنسان الذين هم مكرمون على جميع الخلائق، ومتميزون عليهم بالعقول، أن يستعملوا أسلوب الصلة في مقابل القطيعة، والإحسان في مقابل الإساءة؟
إن الصداقة قد تتعرض لما من شأنه أن يسبب التقاطع، ولكن ما هو الأسلوب الأمثل لرأب الصدع؟
هل التمادي في الخصومة، والقطيعة، واللجاجة، أم تقديم الحب، والتنازل، والاحسان؟
وما من شك انه لا أفضل من اسلوب الوصل في مقابل القطع، والاحسان في مقابل الإساءة فهو الأفضل في التعامل بين الإخوان والاصدقاء وبين عموم الناس، وعن طريق هذا الأسلوب يحقق المرء المستعمل له امور:
1ـ أنه لا يدع فرصة للأغلال النفسية أن تعشعش في نفسه، وفي نفس صديقه المتقاطع معه، فينسفها نسفا، {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا} [طه: 106] (5).
2ـ تقديم التنازل، وبالتالي التحكم في الأنا، والابتعاد عن التعصب الأعمى.
3ـ عودة الصداقة الى مرافئها.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (احمل نفسك من اخيك عند صرمه على الصلة إذا قطعك) (6).
ويقول (عليه السلام): (عاتب اخاك بالإحسان اليه واردد شره بالإنعام عليه) (7).
ويقول الشاعر: ولا تقطع أخاً من أجل ذنب فإن الذنب يغفره الـكـريـم.
القاعدة الخامسة: الإصلاح بين الأصدقاء:
ما الذي يشاهده المرء أو وضع أمام ناظريه كاس ماء هادئ رسبت في قاعه حبيبات من التراب.
ما يشاهده هو رواق الماء. ولكن ماذا لـو حرك الكأس تحريكـا خفيفاً واهتزت حبيبات التراب، الا يرى شيئا من تلك الحبيبات يبدأ بالتقليل من صفاء الماء؟، أجل.
وهكذا الحال بالنسبة للصداقة، فالأصل فيها هو الصّدق، والحب، والوئام، والوحدة، والإتفاق. كما تتوافق ذرات الماء الرائق مع بعضها البعض. فقد يحدث اختلافا، أو سوء تفاهم بين صديقين ـ لسبب ما ـ لأن الإنسان ليس معصوما من أن يخطئ وهو لا يتعامل مع تماثيل حجرية، وانما مع بشر.
وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يتم التصرف حيال الاختلافات بين الأصدقاء؟، كيف يتم الإصلاح بينهم؟
في كثير من الأحيان يتنازل الأصدقاء، ويمتصون الإختلافات التي قد تنشأ بينهم، وقد يكون التنازل من طرفين، وقد يكون من طرف واحد، والمحصلة: يعود الأصدقاء الى الحالة الطبيعية الصافية كما تعود جزيئات الماء التي اصابها شيء من التعكر، الى حالة الرواق.
ويُعتبر الطرفان المختلفان هما المسؤول الأول عن ارجاع الصداقة الى حالتها الطبيعية. أما لو لم يبادر اي منهما الى الصلح وفض الأختلاف، وفتح صفحة جديدة، فهنا يأتي دور الطرف الثالث (الوسيط او الشفيع) في تقديم باقة من الورد، او رفع غصن من الزيتون من اجل الإصلاح، ووسيلة الاصلاح، الكلمة الطيبة؟، وذلك بأن ننقل كلاما طيباً عن كل منهما للآخر، والكذب الأبيض، وكل وسيلة خيرة تؤدي الى الإصلاح، ورجوع مياه الصداقة الى مجاريها.
يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام)(8).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (كل كذب مسؤول عنه يوم القيامة إلا ثلاثة: رجل كائد في حربه، فهو موضوع عنه، ورجل أصلح بين اثنين، يلقى هذا بغير ما يلقى هذا، ورجل وعد أهله شيئاً، ولا يريد أن يتم لهم عليه، يريد بذلك دفعاً) (9).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الامام الكاظم (عليه السلام)، بحار الانوار، ج76، ص292.
(2) نهج البلاغة، ص522.
(3) المصدر السابق، ص555.
(4) المصدر السابق، ص470.
(5) النسف: هو الدّك والقلع من الأصل، والقاع الصفصف: الأرض المستوية.
(6) تحف العقول، صرمه: انقطاعه وهجره.
(7) نهج البلاغة، ص500.
(8) ميزان الحكمة.
(9) المصدر السابق.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|