أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-2-2020
2047
التاريخ: 6-7-2019
2290
التاريخ: 16-8-2021
2125
التاريخ: 29-6-2022
1325
|
سادساً : التجربة الأردنية في الخصخصة : استنتاجات وتوجهات للمستقبل
ثمة جملة من الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من واقع التجربة الأردنية، التي يعكس جانب منها أيضاً أهم التوصيات التي خرجت بها اللجنة الوطنية لتقويم الخصخصة في الأردن :
1 ـ الخصخصـة أداة لتحقيق أهداف السياسة الاجتماعية والاقتصادية
ليست الخصخصة غاية مرغوبة في ذاتها، وليست بالضرورة الوسيلة الفضلي للإصلاح الاقتصادي. فإذا ما ارتؤيَ انتهاجها وسيلة لهذا الإصلاح، فيتعين أن يرتكز هذا على مبررات ودوافع موضوعية، كأن يتبين أن الخصخصة هي الأداة الأكثر نجاعة للتعامل مع اختلالات و مشکلات محددة (تحديات)، أو تمهد الطريق لتحقيق مكاسب ومنافع عامة يُرجى تحقيقها في المستقبل (فرص). ولا يجوز التعامل مع الخصخصة على أنها وصفة جاهزة صالحة لكل زمان ومكان. ففي بعض الحالات، ربما يكون من الأفضل الإبقاء على الملكية و/ أو على الإدارة العامة للمنشآت، على اعتبار أن المكاسب المتحققة منها بوضعها القائم تفوق تلك المرجوة منها في حال خصخصتها.
2- إدارة عملية الخصخصة هي التي تحدد آفاق نجاحها
تشير التجربة الأردنية إلى أهمية دقة وسلامة وشفافية الإجراءات التنفيذية العمليات الخصخصة في تحديد مدى نجاحها في تحقيق الأهداف المرجوة من هذه العمليات. تعد حالة خصخصة الفوسفات مثالاً صارخاً على الفشل الذي يمكن أن يلحق بأداء وفاعلية المنشآت التي خضعت للخصخصة، في حال إخفاق القائمين عليها في اتباع الممارسات الفضلى والإجراءات السليمة. فالتخلي عن قاعدة الشريك الاستراتيجي وتجميد المسار التنافسي لعطاء الخصخصة، واللجوء إلى التفاوض الانتقائي مع أحد المستثمرين، وممارسات خاطئة أخرى، كل ذلك ألقى بظلاله على عدالة المردود المالي للعملية وعلى كفاءة أداء المنشأة بعد خصخصتها. في المقابل، تكللت العمليات التي اقتربت من الممارسات الفضلى للخصخصة بالنجاح على الصعيد الداخلي للمنشأة وعلى الأطراف الأخرى المعنية والمرتبطة بالعملية، كجمهور المستهلكين والخزينة العامة. والأمثلة على ذلك تشمل خصخصة شركة الاتصالات ومعظم الشركات الخدمية المساندة المنبثقة عن شركة طيران الملكية الأردنية ومطار الملكة علياء.
3ـ أساليب الخصخصة الناجعة لا تنحصر في خصخصة الملكية
يجب أن يكون اللجوء إلى خصخصة الملكية خياراً للخصخصة، لكنه ليس أسلوبها الوحيد، فطبيعة عمل بعض الأنشطة وخصائصها وأهميتها ربما تستدعي أفضلية اللجوء إلى أساليب وأنماط أخرى للخصخصة، كخصخصة الإدارة والتشغيل. وكثيراً ما تكون هذه الأنماط أو الأساليب الأكثر ملاءمة لأنشطة البنية التحتية، وتحديداً الأنشطة الشبكية التي يمكن إناطة إدارتها وتشغيلها بمنشآت كفؤة في القطاع الخاص، وفق شروط تعاقدية تضمن الارتقاء بأدائها وفاعليتها من دون الاستغناء عن ملكيتها، باعتبارها أنشطة استراتيجية أو احتكارات طبيعية تستدعي الاحتفاظ بملكيتها.
الأرجح هو أن خصخصة الملكية خيار غير ملائم لمنشآت الموارد الطبيعية والمرافق العامة. وأثبتت تجربة خصخصة شركة الفوسفات الأردنية أن خصخصة المؤسسات التي تعمل على استغلال الموارد الطبيعية الوطنية تتطلب وجود تصور واضح عن الآفاق المستقبلية لهذه الموارد ومردوداتها المالية وغيرها من الاعتبارات المهمة، وبما أن التنبؤ بمستقبل مثل هذه الأنشطة وأسعار منتوجاتها يكتنفه درجة عالية من اللايقين، فربما يكون من الملائم التفكير بأساليب أخرى للخصخصة كالإدارة والتشغيل والابتعاد عن خصخصة الملكية. وإذا كان ثمة اعتبارات خاصة تدعم التوجه نحو خصخصة الملكية، فيفترض وجود ترتیبات وشروط تعاقدية خاصة تسمح للدولة الاستفادة من أي اتجاهات تصاعدية ربما تشهدها أسعار منتوجات هذه الأنشطة في المستقبل. فعلى سبيل المثال، من الممكن تصمیم ضرائب أو رسوم خاصة (Royalties) نتيح للدولة المشاركة في أي أرباح غير متوقعة في المستقبل، وغير مرتبطة بتحسن كفاءة وفاعلية تشغيل هذه الأنشطة وإدارتها.
4- الخصخصة تتطلب حكمانية ملائمة لنجاحها
تؤكد التجربة الأردنية على المستوى المؤسسي أهمية توافر نسق الحكم الرشيد الذي يحدد نطاق المسؤوليات والصلاحيات للقائمين عليها، على نحو يضمن تنفيذ عمليات الخصخصة بكفاءة ونزاهة، ويعظم من منافعها للاقتصاد والمجتمع. فحالات الاجتهاد في الصلاحيات والقرارات التي اكتنَفت بعض العمليات من دون الاستناد إلى قواعد قانونية وتشريعية واضحة، ما أتاح المجال لتجاوزات جوهرية وغير مسؤولة. كما أن تنفيذ عمليات الخصخصة في ظل إطار هش من الحكمانية أضاع الفرصة أمام المساءلة القانونية لبعض القائمين عليها، ممن أساءوا التصرف بالصلاحيات التي مُنحت إليهم. فجميع القضايا والملاحقات القانونية التي طاولت عدداً من المسؤولين عن عملية الخصخصة في الأردن، انتهت من دون وجود بيّنات كافية لإدانتهم ومن دون القدرة على تحديد المسؤوليات عن الأخطاء التي ارتكبت في أثناء عملية التنفيذ. بناءً عليه، لا بد من تأكيد ضرورة تهيئة بيئة تشريعية ملائمة وأطر مؤسسية فاعلة واسس ومعايير واضحة قادرة على قيادة عمليات الخصخصة في اتجاهها الصحيح .
5- ربما تكون الخصخصة حكيمة ومطلوبة لكن ليست بالضرورة ملحة وعاجلة
يؤكد واقع التجربة الأردنية أن خصخصة بعض الأنشطة والمؤسسات كانت حاجة وضرورة للارتقاء بأدائها وفاعليتها وتحسين مردودها الاقتصادي، إلا أن تنفيذ الخصخصة يتطلب صبراً وإيقاعاً متزناً. فالرغبة الملحة في إجراء هذا التغيير في نمط الملكية و/ أو الإدارة لا تستدعي تسرعاً ورعونة في التنفيذ، فتجربة الأردن في عدد من العمليات (الفوسفات والاتصالات وغيرهما) تؤكد أن سرعة الإيقاع يرافقها في العادة تخلّ عن المنهج الصحيح لتنفيذ الخصخصة، واختلال في معاييرها وأسسها، الأمر الذي يؤثر سلباً في المردودات المرجوة منها. كما يتطلب نجاح عمليات الخصخصة المختلفة أوضاعاً اقتصادية وسياسية ملائمة لتنفيذها. فتنفيذ عمليات الخصخصة في أوضاع اقتصادية وسياسية استثنائية وصعبة يحول دون استقطاب المستثمرين الملائمين والحصول على مردودات مالية وشروط إيجابية لمصلحة الدولة .
6- إدارة الخصخصة لا تنتهي بتنفيذ إجراءاتها
لا تنحصر سيرورة الإدارة السليمة لعمليات الخصخصة في الإجراءات التي تسبق وتنتهي عند تنفيذها، فالأهم من ذلك كيفية التعامل اللاحق مع الأنشطة التي جرت خصخصتها، والمنظومة التشريعة والتنظيمية التي تحكم عملها، ولا سيما في الأنشطة التي تنقصها اعتبارات المنافسة وتتمتع بوجه من وجوه الاحتكار. تقدم لنا التجربة الأردنية تجربتين: الأولى تجربة تنظيم قطاع الاتصالات التي تمكنت من تكريس المنافسة بين المشغلين على نحو انعكس إيجاباً على المستهلكين ، ودفع القطاع في الاتجاه الملائم للنمو والتطور؛ والثانية اقترنت بعدد من المشكلات والتحديات، ولا سيما المالية منها، فتمثل بتجربة قطاع الكهرباء، الذي ما زالت بنيته التسعيرية مبنية على آلية "علاوة التكاليف" التي يكتنفها الكثير من الاختلالات، وهو ما يرجح انعکاسه سلباً على هيكل تكاليف أنشطة الكهرباء، ولا سيما الخاصة بالتوليد والتوزيع ويحول دون تحقق شروط المنافسة فيها.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|