أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2021
1972
التاريخ: 23-12-2019
2048
التاريخ: 26-8-2021
2112
التاريخ: 15-6-2019
8291
|
ثانياً : سياسة الخصخصة في الأردن ومأسستها
يعود التفكير في سياسة الخصخصة في الأردن إلى منتصف ثمانينيات القرن الماضي والسنوات التالية لها، ولا سيما في عامي الأزمة الاقتصادية 1988-1989 التي حاقت بالاقتصاد الأردني، بسبب مثابرة الحكومة على الإنفاق العام بمستويات مبالغ فيها على الرغم من تقلص المعونات المالية من دول الخليج العربية في إثر انحسار طفرة أسعار النفط في بداية الثمانينيات.
تمثلت الأزمة في تراجع معدلات النموّ الاقتصادي، وتفاقم عجز الموازنة العامة وحجم المديونية الخارجية، ثم نفاد احتياطي العملات الأجنبية ، وانهيار سعر صرف الدينار إلى مستوى يقل عن قيمة صادرات المملكة لشهر واحد. نتج من الأزمة اضطرار الحكومة إلى الاستعانة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتزام برنامج إعادة هيكلة الاقتصاد الذي قام على سياسات "توافق واشنطن" الليبرالية بما فيها ضبط عجز الموازنة وتحرير التجارة الخارجية وجدولة المديونية. كما اشتملت هذه السياسات على النصح بخصخصة المنشآت الإنتاجية المملوكة للدولة، بما فيها المرافق العامة، مستندة إلى مظاهر ضعف الأداء في بعض مؤسسات ومنشآت القطاع العام والأعباء المالية التي تحملتها خزينة الدولة جراء ذلك. فعلى سبيل المثال، كانت مؤسسة عالية - الخطوط الجوية الملكية الأردنية تعاني عجزاً مالياً كبيراً ناتجاً بشكل أساس من تضخم الكلف التشغيلية ، وما ترتب عن ذلك من تنامي حجم مديونيتها التي تكفلها الحكومة. وحتى الشركات التي لم تكن تعاني مشكلات مالية، عانت ضعفاً واضحاً في الأداء على حساب متلقي الخدمة، فشركة الإتصالات الأردنية ما كانت قادرة على مواكبة المتطلبات والتطلعات المتنامية للمستهلكين والاقتصاد الوطني، إضافة إلى ظاهرة الاحتكار والمشكلات الفنية الأخرى التي يعانيها القطاع وتؤثر بشكل سلبي ومباشر في متلقي الخدمة .
اتخذت سياسة الخصخصة صورة مؤسسية في عام 1996 بإنشاء "الوحدة التنفيذية للتخاصية" في رئاسة الوزراء بمعونة من البنك الدولي، وأنيطت بها مهمة ترشيح المنشآت الحكومية التي تعتبر مؤهلة للخصخصة واخضاعها لدراسات التقويم وإجراءات التنفيذ التي تتطلبها العملية ، خلال هذه الفترة ، بدأ العمل في هيكلة عدد من المؤسسات تمهيداً لخصخصتها، واكتسبت عملية الخصخصة زخماً كبيراً في السنوات الأخيرة من التسعينيات والسنوات المبكرة من القرن الحالي، إذ جرى تنفيذها في عدد كبير من القطاعات وبأساليب متعددة .
استكمل الإطار المؤسسي لسياسة الخصخصة بصدور قانون التخاصية رقم (25) لعام 2000، وإنشاء مجلس التخاصية وإتباع الهيئة التنفيذية للتخاصية لهذا المجلس، وإنشاء صندوق عوائد التخاصية مع تحديد استخدامات هذه العوائد. عرفت التخاصية بأنها اعتماد نهج اقتصادي يتمثل في تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي ليشمل مشروعات القطاع العام التي تقتضي طبيعتها إدارتها على أسس تجارية، وأوضح القانون أن من مقاصدها رفع كفاءة المشروعات الاقتصادية وزيادة إنتاجيتها وقدرتها التنافسية والمساهمة في تشجيع الاستثمارات المحلية والعربية والدولية بتوفير مناخ استثماري جاذب لها، وحفز الادخارات الخاصة وتوجيهها نحو الاستثمار الطويل المدى تعزيزاً لسوق رأس المال المحلي والاقتصاد الوطني، إضافة إلى تخفيف العبء المالي عن الخزينة العامة بوقف التزامها تقديم المساعدات والقروض للمشروعات المتعثرة والخاسرة وإدارة المشروعات الاقتصادية بأساليب حديثة، بما في ذلك استخدام التقنيات المتطورة وتمكين هذه المشروعات من المنافسة في الأسواق العالمية.
تولى مجلس التخاصية عدداً من المهمات والصلاحيات، أهمها وضع السياسات العامة وتحديد المنشآت التابعة للقطاع العام أو التي تساهم فيها الحكومة المرشحة للخصخصة أو إعادة الهيكلة، والموافقة على قرارات البيع أو التأجير للقطاع الخاص أو تخويل هذا القطاع حق الإدارة والتشغيل التي تتخذ تنفيذاً لعمليات التخاصية، واختيار الشركات المؤهلة لدراسة عمليات إعادة الهيكلة أو إجراءات الخصخصة أو تنفيذها، وكذلك التنسيب لمجلس الوزراء بتأسيس هيئات تنظيم مستقلة تتولى تنظيم القطاعات بعد خصخصتها بما يحقق الهدف من الخصخصة.
نص القانون على أن أموال "صندوق عوائد التخاصية" تستخدم للأغراض الآتية :
- سداد الديون التي تتحملها الحكومة والمترتبة على المؤسسات أو المشروعات التي تتم إعادة هيكلتها واجراء التخاصية عليها وتغطية النفقات المترتبة على ذلك.
- شراء الديون المترتبة على الحكومة للاستفادة مما يأتي لها من خصم على هذه الديون أو لتسديدها عن طريق المبادلة أو أي طريقة أخرى يقرها المجلس ويوافق عليها مجلس الوزراء .
- الاستثمار في الأصول المالية.
- تمويل النشاطات الاقتصادية والاستثمارات الجديدة في قطاعات البنية التحتية ذات المردود الاقتصادي والاجتماعي المجدي، التي تساعد في تحقيق التنمية المستدامة على أن تدرج في قانون الموازنة العامة.
- إعادة تأهيل وتدريب العاملين في المؤسسات والهيئات التي تتم إعادة هيكلتها أو خصخصتها وتسوية حقوقهم المالية المترتبة تجاه هذه الجهات.
- شراء سنوات خدمة للموظفين في المؤسسات التي تتم خصخصتها ، والذين سيتم إخضاعهم لقانون الضمان الاجتماعي .
شملت عمليات الخصخصة في الأردن منذ أواخر التسعينيات وحتى الآن بيع ملكية الحكومة في 15 شركة ومؤسسة تعمل في مجالات متنوعة تتركز في الأنشطة التعدينية والنقل الجوي والاتصالات، وهي الآتية :
- شركة مصانع الأسمنت الأردنية.
- شركة البوتاس العربية.
- شركة مناجم الفوسفات الأردنية.
- شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية.
- شركة الأسواق الحرة الأردنية .
- الشركة الأردنية لصيانة الطائرات.
- الشركة الأردنية لصيانة محركات الطائرات.
- الشركة الأردنية لتموين الطائرات.
- الشركة الأردنية لتدريب الطيران والتدريب التشبيهي.
- شركة أكاديمية الطيران الملكية الأردنية.
- شركة كلية الملكة نور الفنية للطيران المدني.
- شركة الاتصالات الأردنية.
- شركة توليد الكهرباء المركزية.
- شركة توزيع الكهرباء.
- شركة توزيع كهرباء إربد.
كما شملت إجراءات الخصخصة أربع عمليات بيع الرخص أو اتفاقات البناء و/ أو الإدارة والتشغيل، ثلاثة منها في أنشطة البنية التحتية واللوجستية، الرابعة تتعلق بمنح رخصة لتقديم خدمة الاتصالات النقالة. والعمليات الأربع هي الآتية :
- شركة مياهنا (المسؤولة عن توزيع المياه في العاصمة).
- اتفاقية مطار الملكة علياء الدولي.
- ميناء الحاويات في العقبة.
- منح رخصة شركة أمنية (الاتصالات النقالة).
انفردت الأردن بأنها الدولة العربية الوحيدة التي أجرت مراجعة تفصيلية شاملة لتجربة الخصخصة وتقويماً دقيقاً لسلامتها وآثارها في الاقتصاد والمجتمع. ففي عام 2013، وبناءً على توجيه ملكي، شكلت الحكومة الأردنية لجنة مستقلة من الخبراء المحليين والدوليين في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية لمراجعة سياسات وعمليات الخصخصة التي جرت في الاقتصاد والوقوف على آثارها الاقتصادية والاجتماعية وتحديد نقاط الضعف والنجاح وإطلاع المواطنين على نتائجها بكل شفافية، والاستفادة من الدروس المستقاة، وتضمينها في عملية رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية. شُكّلَت اللجنة المستقلة من عدد من الخبراء المحليين ممن لم تكن لهم صلة مباشرة بعمليات الخصخصة، سواءً تعلّق ذلك بإقرار سياساتها أم تنفيذ عملياتها، ومن ممثلين لمؤسستين دوليتين: مؤسسة التمويل الدولية وبنك الإعمار الأوروبي، للاستفادة من خبراتهم الدولية الواسعة واطلاعهم على الكثير من تجارب الخصخصة العالمية .
حددت الشروط المرجعية لعمل اللجنة عدداً من الأسئلة التي يجب على اللجنة الإجابة عنها بوضوح يجلي حيثيات الخصخصة وأهم الاعتبارات والتبعات التي اكتنفت عملياتها المختلفة وإجراءاتها. وهذه الأسئلة:
- ما هي المبررات التي دعت الحكومات الأردنية إلى تبني الخصخصة كخيار اقتصادي؟
- ما مدى سلامة الإجراءات المتبعة في عمليات الخصخصة من الناحية القانونية والمالية والإدارية؟
- ما مدى كفاءة وشفافية ونزاهة تقدير الأسعار من بدل الأسهم والحصص في المنشآت التي جرت خصخصتها؟
- ما مدى تحسن أداء المنشأت التي جرت خصخصتها والإيرادات الحكومية المتحققة منها؟
- هل رافقت عمليات الخصخصة برامج نوعية عامة وما مدى مراعاتها أسس الشفافية والمكاشفة؟
- ما الآثار الاقتصادية الكلية من حيث الأثر في النمو الاقتصادي والإيرادات والدين العام ونوعية الخدمات المقدمة؟
- ما مدى تأثر مستويات أجور العاملين والأسس والمعايير التي اعتمدت في عمليات التسريح؟
ـ ما مدى أوجه استخدام عوائد الخصخصة وقانونيتها ؟
يبين المبحث السادس في هذا الفصل أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها اللجنة في تقويم تجربة الخصخصة في الأردن .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|