أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-19
992
التاريخ: 21/12/2022
1151
التاريخ: 11-7-2021
1691
التاريخ: 2024-01-19
1030
|
الفصل الثانـي
الفضاء العام والفضاء الخاص في تجارب الدول
عرض الفصل الأول الفضاءات الثلاثة ووصف الحدود بين الفضاءين العام والخاص كما يجب أن تكون من الناحية المبدئية، إلا أنه لم يعرض واقع التجارب العملية للدول، الحافلة بالآثار السلبية والإيجابية التي تحدثها البنى السياسية والاجتماعية في الفضاء الخاص على أحوال الفضاء العام، وما يترتب عن ذلك من نتائج على مستوى الأداء العام للدولة نجاحاً أو فشلاً.
في تفسير واقع التجربة، هناك موقفان نظريان لمدرستين فکريتين(1): الأولى المدرسة النيوماركسية، والثانية المدرسة التنموية الحداثية .
أما المدرسة النيوماركسية، ومن منظريها سمير أمين و جوندر فرانك Gunder Frank ، فترى أن السلوك الاقتصادي للدولة، بما فيه السياسات التنموية، نجاحها أو فشلها، إنما يخدم مصالح الطبقة السائدة في المجتمع.
أما المدرسة التنموية الحداثية، وعمید منظريها صمويل هنتنغتون، فتميز بين الدولة التنموية التي تديرها نخبة اجتماعية ملتزمة بالحداثة التي تحقق لها النجاح، في مقابل نمط آخر من الدول تميز بالفشل بسبب سيطرة المصالح الشخصية عليه. كوريا الجنوبية بقيادة بارك شونغ هي (Park Chung Hee)، وسنغافورة بقيادة لي كوان يو (Lee Kuan Yew) مثالان على الدولة الناجحة، بينما يمثل عدد كبير من الدول الأفريقية جنوب الصحراء الدولة الفاشلة.
تشترك النظريتان في الدعوى أن التركيب الطبقي للمجتمع (الفضاء الخاص) ينتج منه نمط معين من القيادة في الفضاء العام يكون المؤثر في نمط تكوين رأس المال والنمو الاقتصادي.
لكن الواقع أن دولا مشتركة في الظاهر في طبيعة القيادة والتركيب الطبقي للمجتمع واجهت مصائر مختلفة من حيث نمط النمو وتوزيع ثمراته، كالاختلاف بين كوريا الجنوبية وباكستان وغانا في زمن نکروما ومصر في زمن عبد الناصر وإندونيسيا في زمن سوکارنو. كذلك واجهت الدول الاشتراكية، المتشابهة في الظاهر في طبيعة القيادة والنظام الاجتماعي، مصائر مختلفة، كالاختلاف بین دول أوروبا الشرقية التي انتهت إلى الفشل العام من جهة، ومن جهة أخرى الصين التي حققت نجاحاً مذهلاً في سرعة النمو، ما يُوشك أن يجعل اقتصادها أكبر الاقتصادات حجماً في العالم.
يشير كل ذلك إلى أن ربط النتائج الاقتصادية بذلك المستوى من التنظير سطحي لا يفي بالغرض. أوحى ذلك القصور في التفسير بموقف نظري ثالث مختلف يقوم على أن الدولة يمكن أن تكون مستقلة ذاتياً خارج تأثير الصراع الطبقي أو تضارب المصالح الفئوية. وهناك أمثلة حقيقية على الدولة المستقلة ذاتياً التي تعمل من خلال جهاز إداري حكومي (بيروقراطية) معزول عزلاً فاعلاً عن المؤثرات السلبية الواردة من البيئة الاجتماعية. وتعمل على تعزيز هذا النوع من العزل ونجاحه القواعد الصارمة في قبول الموظفين في الخدمة العامة وفي ترفيعهم، واستحداث بيئة عمل حرفية محصنة ضد عوامل الإفساد. وهذا هو الأنموذج الذي مثلته الدول الناجحة تنموياً مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا.
تكمن المشكلة في أننا نستطيع أن نؤرخ لظاهرة عزل الدولة وعزل جهازها الإداري وتحييده عن التأثر بالمصالح. لكن لا نستطيع استحداث هذا العزل وجعله فاعلاً ووافياً بالهدف الأساس وهو الاستقلال الذاتي للدولة وفصل الإمارة عن التجارة، اجتهد بعض التحليلات في ذكر مستوى الرواتب والأجور في الخدمة المدنية كعامل في تحصين الإدارة الحكومية عندما يكون هذا المستوى منافساً لنظيره في القطاع الخاص. لكن ربما يكون هذا العامل شرطاً ضرورياً لنجاح الإدارة العامة المستقلة ذاتياً، إلا أنه غير كافي لتفسير هذا النجاح.
من العوامل التي اعتبرت مكملة لشروط نجاح الدولة في الاستقلال الذاتي هي أن تنشأ الدولة وتترعرع في بيئة تتمتع بـ "رأس مال اجتماعي" كبير، وهذا مفهوم يعود الترويج له إلى روبرت بوتنام(2). يشير هذا المفهوم إلى نضوج حس الولاء المجتمعي/ الوطني وضمور الولاءات الفئوية (الطائفية، القبلية ... إلخ). وهذا النضوج هو نتيجة تطور ثقافي وأخلاقي وحضاري تضرب جذوره في التراث القومي وأخلاقيات المجتمع. ويُعبّر بوتنام عن ذلك بالقول: " إن ما يحدد إلى أين تذهب هو المكان الذي أتيت " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-Rehman Sobhan, ed., Towards a Theory of Governance and Development: Learning(1) from East Asia (Dhaka: Centre for Policy Dialogue; University Press, 1998), chap. 5.
Robert D. Putnam, Making Democracy Hort Civic Traditions in Modern lily ـ2 (Princeton, N Princeton University Press, 1993). Ciled in: Sobhan, ed., chap. 5.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|