أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2017
1932
التاريخ: 2024-02-17
850
التاريخ: 2023-03-22
1218
التاريخ: 5-12-2021
1559
|
من المسائل التي يتراءى للبعض ان المرأة قد اجحف حقها هي مسألة انها تلتزم بالحداد على وفاة زوجها دون ان يلتزم الرجل بالحداد على وفاة زوجته ، وهي من المسائل المثيرة بالفعل حيث ان الجواب عن مسألة عدة الطلاق واضحة كل الوضوح ، وانها جاءت لأجل التأكد من خلو الرحم من الجنين ، وحتى لا تختلط المياه (1) ويكون في ذلك فساد الانساب والمواريث والمصارف ، كما ورد في حديث الامام الرضا (عليه السلام) (2) ، وربما اضيف في المطلقة الرجعة امر اخر الا وهو اعطاء الفرصة للتراجع عن قرار الطلاق والعودة الى العش الزوجي مرة ثانية حيث في هذه الفترة متسع من الوقت للتفكير برواء عن نتائج هذا القرار ، واما في مسالة موت الرجل ماذا يمكن ان يكون الدافع يا ترى من وراء ان المرأة عليها ان تعتد لزوجها وتبقى في حالة الحداد فترة من الزمن دون ان يفرض على الرجل فيما اذا فقد شريكة حياته ؟
في البداية لابد من بيان المسألة بشكل واضح وبشيء من التفصيل : وهو ان المرأة إذا توفي عنها زوجها فان عليها ان تبقى فترة 130 يوما « اربعة اشهر وعشرة ايام » في حداد متواصل على زوجها حيث لا يجوز لها الزواج الا بعد هذه الفترة الزمنية ، كما يجب عليها ان تبقى في حالة حداد وحزن على زوجها بان لا تتزين حسب العرف السائد في بيئتها ، وقد فرضه الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (3) وهذه المسالة لا خلاف فيها بين جميع الفقهاء ، في كل المذاهب الاسلامية ، ويبدو من الاحاديث الواردة في هذا الباب ان العدة والحداد هو مجرد احترام للزوج لان الحكم جاء في جميع الحالات الزوجية ، ولا مجال للقول بانه لعدم اختلاط المياه ، لان اليائس والصغيرة وعدم المدخول بها مجمع عليه بانها لابد لها من الالتزام بهذا الغرض ، وعلى فرض القول بعدم اختلاط المياه يأتي السؤال التالي : لماذا شرع الله للمطلقة مائة يوما واضاف هنا ثلاثين يوما ؟ وفي الحقيقة لابد وان نعترف باننا لم نتوصل الى كنه هذا الحكم واسبابه الحقيقية (4) ومن المعلوم ان نسبة المجهولات عندها لا تحصى ، ومنها لماذا التحديد بهذه الفترة الزمنية 130 يوما ، ولكن الذي يمكن ان يقال هنا : بان الحداد يرتبط بقيمومة الرجل في الحياة الزوجية وفي الاسرة ، واعتبار قمة الهرم الزوجي حيث كانت تقع عليه مسؤولية الادارة والانفاق ، فأراد الله ان يكرمه في نهاية حياته في قبال ما تحمله من أعباء ادارية واقتصادية بل ومعنوية ايضا أيام حياته ، ولا بد من النظر الى هذه المسالة بروح من الواقعية حيث ان عمود البيت الزوجي يتهاوى بفقد الرجل الزوج والاب ، وهذه المسالة لها ارتباط بالعديد من الامور التي ترافق حياة الاسرة ، وعلى رأسها القيمومة التي سبق وقلنا لابد وان يكون طرف الخيط بيد احد الزوجين ، ولا خيار أمامنا الا لتحميل الرجل كل المسؤوليات الجسام لقدرته على التحمل دون المرأة ومن هذا المنطلق نجد الاعراف منذ القدم تحمل الرجل الزوج والاب حيث ينسب اليه دون المرأة حسب مقتضيات جميع الاديان والمذاهب وجميع الانظمة والاعراف قديما وحديثا ، القطرية منها والدولية .. هذا ما يمكن فهمه بشكل منفصل عن مسألة حداد المرأة على زوجها ، واما الفلسفة من وراء تحديد المدة المفروضة عليها ربما نتوصل الى ذلك فيما بعد (5) ، ولكننا نعرض عن الحديث عنها هنا ، لأنها خارجة عن الموضوع .
وأخيراً لابد من الاشارة الى ان الاسلام قد خفف عن الزوجة الحداد الذي كان مفروضا عليها ايام الجاهلية حيث كانت تعتزل الناس في شر مكان من البيت لابسة ادنى اخلاق ثيابها ، فتظل كذلك حولا كاملا لا تغير ثوبها ولا تغتسل ولا تقلم اظافرها ، حتى اذا انقضى الحول ، القت من مكانها بعرة تنبئ به اهلها بانتهاء الحول ، فاذا خرجت تمسح بأول حيوان تجدع من كلب او داجن او حمار ، وقد يموت ما تتمسح به من نتنها (6) .
_____________________
(1) خلط المياه : هو تعبير مجازي حيث لا يمكن خلط المياه ، بل المراد عدم معرفة الاب بالشكل الطبيعي .
(2) راجع علل الشرائع : 2/218 .
(3) سورة البقرة ، الآية : 234 ، ولا مجال للقول بان الازواج يشمل الجنسين لان في استخدام ضمير المؤنث في التربص والانفس دلالة بانها من طرف الزوجة لا الزوج .
(4) يرجى الرجوع الى أصول الكافي ، باب علة اختلاف عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها ــ المعدة ــ .
(5) لقد وردت بهذا الشأن عدد من الروايات وملخصها في ذلك : ان عدة المتوفى عنها زوجها هو في قبال مدة ايلاء الرجل لها والذي لا يتجاوز اربعة أشهر ، كما ان الزوج لا يحق له الابتعاد عن زوجته سفرا اكثر من اربعة اشهر ، وهذه الفترة غاية تحمل المرأة من عدم ممارسة الجنس في الاعم الاغلب ، بالإضافة الى ان التأثر النفسي في التي توفي عنها زوجها يبدأ بالتلاشي بعد هذه الفترة ــ راجع علل الشرائع : 2/222 ، مضافا الى ان مسألة تعدد الزوجات هو من اختصاص الرجل دون المرأة ، فمع التعدد يجد الرجل حرجا في ذلك ان توفيت احداهن بعد الاخرى ، وكل هذه الامور تحتاج الى دراسة معمقة ، ربما تمكنا من القيام بذلك مستقبلا .
(6) راجع حقوق النساء في الاسلام لمحمد رشيد رضا : 172 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|