المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6667 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

مميزات و مساوئ العوامل الترسيبية العضوية
2023-09-23
الغنيمة
12-8-2017
alveolar (adj.)
2023-05-16
التزامات المؤمن له
4-5-2017
التوحيد النظري والعملي
2024-07-20
سياسة ابي بكر المالية
22-3-2016


معاير وضوابط كتابة السيرة والحديث.  
  
1785   02:30 صباحاً   التاريخ: 3-5-2021
المؤلف : السيد جعفر مرتضى العاملي.
الكتاب أو المصدر : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله
الجزء والصفحة : ج ١ ، ص 278- 294
القسم : التاريخ / التاريخ والحضارة / التاريخ /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2018 1940
التاريخ: 2024-10-25 32
التاريخ: 19-4-2019 1653
التاريخ: 2023-07-30 921

لا بد من معايير وضوابط :

قد اتضح لدينا : أنه قد كان ثمة خطة خبيثة ، تستهدف النيل من شخصية النبي العظيم والكريم «صلى الله عليه وآله» ، ومن المقدسات الإسلامية ، ومن كل رموز الإسلام وشعائره ، ومبانيه ومآثره ؛ فمن الضروري جدا ـ إذا أردنا تقييم النصوص الروائية والتاريخية النبوية ، وكل قضايا الإسلام ـ أن نعتمد معايير وضوابط قادرة على إعطائنا الصورة الحقيقية ، والأكثر نقاء وصفاء ، ثم هي قادرة على إبعاد ذلك الجانب الموبوء والمريض ، والمزيف عن دائرة اهتماماتنا ، ثم عن محيطنا الفكري ، والعملي بصورة كاملة وشاملة ، فما هي تلك المعايير؟

وما هي حقيقة هاتيك الضوابط؟!

إننا من أجل الإجابة على هذا السؤال نقول بإيجاز واختصار :

 

أدوات البحث الموضوعي والعلمي :

إن من الواضح : أن ما لدينا من علوم إسلامية ، مثل علم الفقه وأصوله ، وعلوم القرآن ، والكلام ، والرجال ، والتاريخ ، والنحو واللغة ، وغير ذلك قد استفدنا في بعضه ـ جزئيا على الأقل ـ من إرشادات العقل وأحكامه ، ومن تتبع ودراسة اللغة العربية ، من جهات وحيثيات مختلفة ، إلا أن معظم ذلك قد جاء من خلال الاستفادة من النص القرآني الكريم ، ومعرفة حقائقه ودقائقه ، وسائر ما يرتبط به ، ثم ما جاء على شكل روايات ، نقلها لنا أناس عن غيرهم ، ونقلها هؤلاء عن آخرين أيضا ..

وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، أو الإمام «عليه السلام» ، أو أي شخص آخر روى الحدث أو عاينه ، أو صدر منه القول أو الموقف.

فإذا أردنا البحث في صحة أو فساد هذا المنقول ، فلا بد لنا من امتلاك أدوات البحث ، واستخدام وسائله.

ونريد أن نوضح هنا : أن وسائل وأدوات البحث العلمي لدى الواعين من أهل الإسلام ، لا تختلف عنها لدى غيرهم من عقلاء البشر جميعا ، فهم يعتمدون نفس المعايير والضوابط التي يعتمدها سائر العقلاء والحكماء من الناس ، إذا أرادوا الوصول إلى ما هو حق وواقع وصحيح ، واستبعاد ما هو مزيف ، أو محرف ، أو مصطنع.

ونحن لا بد لنا من أجل استيفاء البحث من الإشارة إلى بعض تلك الأدوات والوسائل (١) ، فنقول : مما سبق :

قد قدمنا في الفصل السابق نماذج قليلة من معايير وضوابط مزيفة تهدف إلى حفظ الإنحراف ، والإحتفاظ به ، وترسيخه ، وتبريره وتقريره.

ونستطيع أن نستخلص منها مجموعة من القواعد والمنطلقات ، أو فقل : المعايير والأطر ، التي لا بد من مراعاتها ، والإلتزام والتقيد بها في مجالات ومراحل البحث العلمي الموضوعي والنزيه ، في النصوص المختلفة التي تحدثنا عن الدين ، والعقيدة والشريعة ، والسيرة ، والمواقف الجهادية وغيرها ، خصوصا ما كان منها مرتبطا بأقوال ومواقف وأفعال النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» ، والأئمة الطاهرين من أهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

والنقاط التي ذكرناها في ذلك الفصل ، وإن كنا لم نذكرها جميعها ، وكانت كثيرة ومتنوعة ، إلا أننا نعيد التذكير ببعضها كنموذج يوضح ما نرمي إليه ، فنقول :

١ ـ ليس لأحد حق التشريع ، ولا يؤخذ من أحد سوى الله ورسوله ، ثم من أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بأخذ الشريعة منهم ، وهم أهل البيت الأطهار «عليهم السلام» ، الذين هم سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوى ، وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من تمسك بهما إلى يوم القيامة.

٢ ـ إنه لا سنة إلا سنة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وسنة الخلفاء الراشدين ، وهم خصوص الخلفاء الاثني عشر من أهل بيته الأطهار ، الذين أخبر «صلى الله عليه وآله» عنهم ـ كما رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود وأحمد وغيرهم (2).

٣ ـ لا معصوم إلا الأنبياء ، ثم الأئمة الاثنا عشر «عليهم السلام» ، وكل من عداهم يجوز عليه الخطأ ، والسهو ، والنسيان وغيره ، ولا يصح قولهم : إن الأمة معصومة ، فضلا عن عصمة أي كان من الناس.

٤ ـ لا نبوة لأحد بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، كائنا من كان ، فلا يقبل قولهم : الإجماع نبوة بعد نبوة.

٥ ـ إنه لا اجتهاد لأحد مع وجود الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله».

٦ ـ لا اجتهاد في مقابل النص عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، والأئمة الطاهرين «عليهم السلام».

٧ ـ إن حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يعارض بفتوى أو عمل صحابي أو غيره ، بل قول الرسول هو المعيار والميزان.

٨ ـ دعوى اجتهاد جميع الصحابة مردودة ، بل فيهم العالم والجاهل ، والذكي والغبي وو الخ .. فلا تقبل دعوى اجتهاد واحد منهم إلا بشاهد ودليل.

٩ ـ إنه لا قيمة للرأي ولا للاستحسان ، ولا للقياس في التشريع ، فضلا عن تقديم أي من هذه الأمور على الآثار والسنن ، فضلا عن صحة نسبة ما دل عليه القياس مثلا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».

١٠ ـ يجوز مخالفة كل أحد ـ حتى أئمة المذاهب ـ إذا وجد النص عن النبي «صلى الله عليه وآله» على خلافه.

١١ ـ أئمة المذاهب كغيرهم من المجتهدين الآخرين ، ويجوز لكل أحد أن يجتهد ويخالفهم ، ولا يجب الوقوف عند آرائهم.

١٢ ـ لا تقليد في الأمور الاعتقادية ، ولا سيما الأمور الأساسية منها ، ولا بد فيها من الدليل القاطع ، والبرهان الساطع ، ولا يكفي الظن والحدس ، بل لا بد من تحصيل اليقين.

١٣ ـ ليس الصحابة كلهم عدولا ولا بررة أتقياء ، بل فيهم الورع التقي ، وغيره ، وما احتج به البعض لإثبات ذلك لا يكفي ، ولا يصح (١).

١٤ ـ ما يفسق به غير الصحابي يفسق به الصحابي ، فلا يصغى لدعوى : أن الصحابي لا يفسق بما يفسق به غيره.

١٥ ـ مرسلات الصحابة كمرسلات غيرهم ، فدعوى حجيتها دون سواها لا تستند إلى دليل معقول ، ولا مقبول.

١٦ ـ إن القرآن وحده هو الكتاب الصحيح مئة بالمئة ، وكل كتاب سواه قد يوجد فيه الصحيح والضعيف ، والمحرف ، والمجعول.

١٧ ـ لا تكفي صحة سند الرواية بأنها حقيقة واقعة ، بل لا بد من ملاحظة سائر المعايير ، ليمكن بعد ذلك كله إصدار الحكم عليها ، نفيا أو إثباتا.

١٨ ـ إننا لا نرى أية قدسية لأي كتاب ، إلا بملاحظة ما تضمنه من حديث الرسول «صلى الله عليه وآله» مع الالتفات إلى أنه ليس جميع ما في الكتاب كذلك ، فقد يكون بعضه مزيفا ومختلقا ، وبعضه محرفا أو مصحفا.

١٩ ـ إذا كان ثمة حديث موافقا لما عند أهل الكتاب ، فإنه يصبح مشكوكا فيه ، ولا يصح قولهم : إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يحب موافقة أهل الكتاب في كل ما لم ينزل فيه شيء ، بل عكس ذلك هو الصحيح.

٢٠ ـ دعواهم أن الخوارج صادقون فيما ينقلونه لا تصح ، بل الصحيح هو عكس ذلك.

٢١ ـ دعوى أن الشيعة والروافض يكذبون غير صحيح ، والصحيح هو العكس.

٢٢ ـ دعوى أن من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ليس لها ما يبررها ، بل هم كغيرهم من الرواة ، فيهم الثقة ، وغير الثقة.

٢٣ ـ الاعتزال والتشيع ، والمخالفة لأهل الحديث لا يوجب رد رواية الراوي.

٢٤ ـ الحسن والقبح عقليان ، وليسا شرعيين.

٢٥ ـ النبي «صلى الله عليه وآله» لا يجتهد من عند نفسه.

وبعد ما تقدم نقول : إننا نضيف إلى ما تقدم طائفة من الضوابط التي لا يمكن تجاهلها لأي باحث في التراث الإسلامي ؛ وهي التالية :

 

١ ـ دراسة حال الناقلين :

إن أول ما يطالعنا في الحديث المأثور ، أو في النص المزبور هو سنده ، الذي يتمثل بمجموعة أسماء تدل على الذين نقلوا الحديث أو الحدث ، لا حق عن سابق. وطبيعي أن يكون اهتمام الباحث بادئ ذي بدء منصبا على دراسة حال الناقلين للنص ، لتحصيل درجة من الوثوق والاعتماد ، ليكون ذلك عذرا أمام الله لو كان خطأ ، وليكون حجة لله تعالى عليه لو أصاب ، وليرضى بذلك الوجدان ، ويطمئن القلب والضمير له ، لو أريد الإقدام والإحجام على أساسه ، حيث تكون ثمة حاجة إلى ذلك.

وواضح : أن من عرف عنه : أنه يكذب في خبره ، أو لا يدقق ولا يحقق فيه ، فلا يمكن الاعتماد على ما يخبر به إلا بعد تأكيد صحته من مصادر وجهات أخرى.

وكذا الحال بالنسبة لخبر من عرف عنه : أنه ينساق وراء هواه السياسي أو المذهبي ، أو يستسلم لمشاعره العرقية ، أو يتعصب لبلد ، أو لطائفة أو غير ذلك ، الأمر الذي يحتم علينا دراسة حالة الرواة لمعرفة ميولهم ، وارتباطاتهم السياسية والمصلحية وغيرها ، على أن من الضروري الالتفات إلى أن ضعف سند الحديث ، لا يعني بالضرورة أنه مكذوب ومجعول ، بل ما يعنيه هو أن الخلل في السند قد أخل بدرجة الوثوق والاعتماد على النص ، فلا بد لتحصيل الوثوق به من طرق ووسائل أخرى.

 

٢ ـ التزام النهج البياني الصحيح :

ومن جهة أخرى ، إذا فرض : أن النص صادر عن رئيس الفصحاء والبلغاء ؛ فلا بد من التأكد من سلامته في مبانيه اللغوية ، وفي أدائه على النهج العربي الصحيح ، من حيث التركيب ، والتزام قواعد الإعراب ، ومراعاة ضوابط الفصاحة والبلاغة فيه ، على نحو يليق بمن صدر عنه ، وينسجم مع لغته ، ونهجه البياني.

 

٣ ـ الانسجام مع الأطروحة والنهج :

وإذا كان النص يتعرض لبيان فكري ، أو سلوكي ، أو عقيدي ، فلا بد أن لا يتعارض مع النهج الفكري ، والعقيدي ، والسلوكي الذي يلتزمه ذلك الذي أطلق النص ، أو صدر عنه الموقف ، ما دام أنه عاقل حكيم ؛ فمن ينزه الله عن الجسمية مثلا ، لا يمكن أن يصف الله بأن له أضراسا ، ولهوات ، وأصابع ، وساقا ، وقدما ، وغير ذلك على نحو الحقيقة ، كما هو للإنسان وغيره من المخلوقات.

 

٤ ـ الشخصية في خصائصها ومميزاتها :

وإذا كان النص يحكي سلوكا لشخصية ما ، فلا بد أن يكون بحيث يمكن أن يصدر ذلك الفعل أو الموقف من تلك الشخصية ، من خلال ما عرف عنها من مميزات وخصائص ، ثبتت بالدليل الصحيح والقطعي ؛ فلا ينسب الجبن والعيّ مثلا لعلي بن أبي طالب ، والشح والبخل لحاتم الطائي ، والرذيلة والفجور لأنبياء الله سبحانه وأصفيائه ، ولأئمة الدين ، وأولياء الله.

إذن ، على الباحث في السيرة النبوية المباركة : أن يبادر إلى تحديد معالم الشخصية النبوية ، ومعرفة ما لها من مميزات وخصائص ؛ فإذا ثبت لديه بالدليل : أن هذه الشخصية في أعلى درجات الحكمة ، والعصمة ، والشجاعة ، والطهر ، والحلم ، والكرم ، والحزم ، والعلم ، وغير ذلك ، متحليا بكل صفات النبل والفضل ، وجامعا لمختلف سمات الجلال والجمال ، والكمال ، ولسائر المزايا الإنسانية المثلى ـ إذا ثبت ذلك ، فلا بد من جعل كل ذلك معيارا لأي نص يرد عليه ، ويريد أن يسجل قولا ، أو فعلا ، أو موقفا له «صلى الله عليه وآله».

فإذا جاء النص منسجما مع الوضع الطبيعي للشخصية النبوية المثلى ، بما لها من خصائص فإنه يكون مقبولا ، بعد توفر سائر شرائط القبول ، وإلا فما علينا إذا رددناه جناح.

فالنص المقبول إذن هو ذلك الذي يسجل الحقيقة كل الحقيقة ، دون أن يتأثر بالأهواء السياسية ، والمصلحية ، ولا بأي من العوامل العاطفية وغيرها ، فكما أننا لا يمكن أن نقبل أن يكون مرجع ديني ، معروف بالورع والتقوى ، قد ألف أغنية أو لحنها ، للمغنية الشهيرة فلانة ، فكذلك لا يمكن أن نقبل بنسبة ما هو مثل ذلك أو أقبح وأشنع منه ، إلى ساحة قدس الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله».

 

٥ ـ عدم التناقض بين النصوص :

ومما يفيد في استجلاء بعض نقاط الضعف في النصوص المنقولة ، بل وفي حصول اليقين بوجود تصرف سهوي أو عمدي فيها ، هو وجود التناقض والتنافي فيما بينها ؛ فإن ذلك يشير إلى وجود نص مجعول ، أو تعرضه لتصرف فيه ، أزاله عن وجهته الصحيحة ، الأمر الذي يستدعي مزيدا من الانتباه ، وبذل المزيد من الجهد لمعرفة الصحيح من السقيم ، والحقيقي من المزيف منها.

 

٦ ـ أن لا يخالف الواقع المحسوس :

ومما يفيد في الاقتراب من واقع النص ، مراقبته من حيث موافقته ، أو مخالفته لما هو مشاهد محسوس ، كما لو ادّعى النص : أن أقرب طريق من مكة إلى المدينة يمر عبر الأندلس ، أو ادعى : أن مدينة مكة تقع في سنغافورة ، أو ادعى أن الشمس تطلع كل يوم من المغرب ، أو في وسط الليل ، وما إلى ذلك ، مما يدل على أنه نص مكذوب ، أو محرف ، لا مجال لقبوله ، ولا يصلح للاعتماد عليه.

 

٧ ـ أن لا يخالف البديهيات :

ومن الواضح : أن هناك بديهيات وضرورات عقلية ثابتة ، لا يمكن الإخلال بها ، لأن معنى ذلك هو الإخلال بكل شيء في هذه الحياة ، فإذا جاء النص مخالفا لهذه الضرورات ، فلا بد من رده ورفضه ، وذلك كما لو ادعى : أن الثلاثة زوج ، أو أن الأربعة نصف الخمسة ، أو أن الضدين قد اجتمعا ، وما إلى ذلك من أمور ، فإن ذلك كله يكون دليلا على كذب ذلك النص وعدم صدوره من إنسان عاقل واع ، فضلا عن أن يكون صادرا من نبي أو إمام معصوم.

وذلك لأن الإسلام قد أكد على لسان نبيه ، ونطق القرآن : أن العقل هو الميزان والمعيار ، وقد اهتم بمخاطبته ، وإثارته ، وجعله الحكم الفصل في الأمور والقضايا ، ونعى على كل من لا يهتدي بهداه ، ولا يستضيء بنوره في موارد كثيرة ومختلفة.

ومما يلفت النظر هنا : أن هذه المخالفات للضرورات العقلية تكثر في الأمور العقائدية ، وفي بعض قضايا التاريخ وغيرها.

ومن ذلك قولهم : إن الله عادل حكيم ، ولكنه يجبر عباده على أفعالهم ، ثم يثيبهم أو يعذبهم عليها.

وقولهم : إنه تعالى لا يحده مكان ، ولا جهة ، ثم يقولون : إن له ساقا ، وقدما ، وأصابع ، ولهوات ، ونواجذ ، إلخ!! وأمثال ذلك كثير وخطير ؛ فراجع ولاحظ.

 

٨ ـ أن لا يخالف الحقائق الثابتة :

ولا يمكن أيضا قبول نص يخالف الحقائق العلمية الثابتة بالأدلة القطعية ، كالنص الذي يقول : إن الأرض تقوم على قرن ثور.

وكذا لو جاء نص يقول : إن الأرض مسطحة ، وليست كروية.

ومن ذلك ما لو خالف النص حقيقة ثبتت في علم الرياضيات ، أو نحوه ، فإنه يرفض ويرد ، مهما كان سنده صحيحا ، وحتى إعلائيا أيضا.

وأما إذا خالف نظرية قد شاعت وذاعت ، ولكنها لم تصل إلى درجة الثبوت القطعي ، فإن ذلك لا يكون دليلا على ضعف النص المنقول ، بل يكون وجود هذا النص ، من أسباب وهن تلك النظرية ، وتقليل احتمالات الوثوق بها ، والاعتماد عليها.

 

٩ ـ الإمكانية التاريخية :

أما إذا حمل النص الذي هو مورد البحث تناقضا مع ما هو الثابت تاريخيا ، بصورة قطعية ، فإن ذلك يدعو إلى رفضه ورده أيضا ، فإذا كان من الثابت أن الإسراء والمعراج قد حصلا قبل الهجرة ، بل حصلا في السنوات الأولى من البعثة ، وثبت أن عائشة إنما انتقلت إلى بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد الهجرة ؛ فلا يمكن ـ بعد هذا ـ تصديق النص الذي ينقل عن عائشة نفسها ، أنها قالت : ما فقدت جسد رسول الله في تلك الليلة ؛ يعني ليلة الإسراء والمعراج.

ويدخل في هذا أيضا ما لو ادّعى الراوي : أنه سمع أو رأى رجلا ، قد مات قبل أن يولد ذلك الراوي ، أو أنه قد ولد بعد وفاته.

والأمثلة التي تدخل في هذا المجال وسابقه كثيرة جدا ومتنوعة ، كما يعلم بالمراجعة والمقارنة.

 

١٠ ـ موافقة الأحكام العقلية والفطرية :

وإذا كان الكل يعلم : أن جميع ما جاء به رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وما صدر عنه «صلى الله عليه وآله» وعن الأئمة «عليهم السلام» لا يخالف العقل ، ولا يختلف معه ، ولا يخالف قضاء الفطرة ، ولا يشذ عنها.

فمعنى ذلك : أننا إذا رأينا نصا ينسب إلى الرسول «صلى الله عليه وآله» ، أو إلى أحد الأئمة «عليهم السلام» ، مما يرفضه العقل ، وتأباه الفطرة السليمة والمستقيمة ، فإننا سوف نشك في صحة ذلك النص ، حتى إذا لم نجد له تأويلا مقبولا ، أو معقولا ؛ فإننا لا نتردد في رده ورفضه من الأساس.

ومن ذلك حكم العقل بوجوب أن يكون النبي «صلى الله عليه وآله» ، والإمام «عليه السلام» معصومين من الخطأ ، مبرّأين من الزلل ؛ فالنص الذي يريد أن ينسب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» والإمام «عليه السلام» خطأ أو زللا ، لا نتردد في رفضه ، ولا نشك في أنه من وضع أعداء الدين ، وأصحاب الأهواء ، فتصبح العصمة ، وسائر أحكام العقل والفطرة حول الذات الإلهية ، ومواصفات الشخصية النبوية ، وغير ذلك ، معايير وضوابط يعرف بها الصحيح من السقيم ، والحقيقي من المزيف ، والسليم من المحرف.

 

١١ ـ الانسجام مع الأجواء والمناخات :

وإذا استطاع الباحث أن يكتشف المناخات والظروف ، وأن يتعرف على الأجواء السياسية ، أو الاجتماعية ، وغيرها ، وفق ما توفر لديه من وسائل ، وإمكانات ، فإنه يستطيع أن يكتشف من خلال ذلك انسجام أو عدم انسجام كثير من النصوص مع الواقع الذي استطاع أن يتلمسه ، وأن يطلع على خصائصه ومزاياه ، وعناصره وخفاياه ، ويصبح هذا الفهم أيضا أحد وسائل المعرفة التي يمكنه الاستفادة منها ، والاعتماد عليها ، والاستناد إليها في نطاق البحث العلمي والموضوعي.

 

١٢ ـ المعيار الأعظم والأقوم :

وإذا ثبت لأي من الناس : أن كتابا ما صحيح كله ، ولا يتطرق إليه أي ريب أو شك ، فإنه سوف يجعله معيارا لكل ما يرد عليه ، فيقبل ما وافقه ، ويرد ما خالفه ، سواء أكان ذلك الكتاب يتحدث عن علم الكيمياء ، أم الفيزياء ، أم الرياضيات ، أم علوم الدين والشريعة ، أم أي شيء آخر ..

ولا ريب في أن القرآن هو ذلك الكتاب الذي أحكمت آياته ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو المعيار الأقوم ، وهو الميزان الأعظم لا يرتاب في ذلك ذو مسكة ، أو شعور قويم وسليم ، وفضلا عن ذلك ، فإن النصوص قد تواترت وتضافرت على الأمر بالعرض على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالفه فاتركوه.

وعن الإمام الصادق «عليه السلام» : ما لم يوافق كتاب الله فهو زخرف (4).

ومن دعاء الإمام السجاد «عليه السلام» عند ختم القرآن :

«وميزان قسط لا يحيف عن الحق لسانه ، ونور هدى لا يطفأ عن الشاهدين برهانه ، وعلم نجاة لا يضل من أمّ قصد سنّته» (5).

وعن الإمام الباقر «عليه السلام» : «إذا حدثتكم بشيء فاسألوني عن كتاب الله» (6) ومثل ذلك كثير عن أهل البيت «عليهم السلام» من طرق شيعتهم.

وأما ما رواه غيرهم في هذا المجال ، فهو كثير أيضا ، ونذكر من ذلك النصوص التالية :

١ ـ روي عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه قال :

تكثر لكم الأحاديث بعدي ، فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله ، فاقبلوه ، وما خالف فردوه (7).

٢ ـ عن ابن عباس : إذا سمعتموني أحدث عن رسول الله ، فلم تجدوه في كتاب الله ، أو حسنا عند الناس فاعلموا أني كذبت عليه (8).

٣ ـ وعن ابن مسعود : فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه (9).

٤ ـ وعن أبي بكر في خطبة له : فإن كانت للباطل غزوة ، ولأهل الحق جولة ، يعفو لها الأثر ، وتموت السنن ، فالزموا المساجد ، واستشيروا القرآن (10).

٥ ـ عن ابن أبي كريمة ، عن جعفر ، عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، أنه خطب ، فقال : إن الحديث سيفشو عليّ ، فما أتاكم عني يوافق القرآن ، فهو عني ، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني (11).

٦ ـ وعن علي «عليه السلام» : ستكون عني رواة يروون الحديث ، فاعرضوه على القرآن ، فإن وافق القرآن فخذوه ، وإلا فدعوه (12).

٧ ـ وعن أبي هريرة عن النبي «صلى الله عليه وآله» ما يقرب من ذلك أيضا فراجع (13).

٨ ـ وعن أبي بن كعب رحمه الله ، فيما أوصى به رجلا : اتخذ كتاب الله إماما ، وارض به قاضيا وحكما الخ ..

٩ ـ وعن معاذ : فاعرضوا على الكتاب كل الكلام ، ولا تعرضوه على شيء من الكلام.

__________________

(١) إن محط نظرنا في هذا الفصل وفي سابقه ، هو ـ في الأكثر ـ النصوص المرتبطة بالنبي «صلى الله عليه وآله» ، والأئمة المعصومين «عليهم السلام». وما عدا ذلك من قضايا تاريخية فإنه لا يهمنا كثيرا الآن. ونشير هنا إلى أن من المعلوم : أن التاريخ وكل قضايا التراث قد كتبت ـ في الأكثر ـ بأيد غير أمينة ، فلا يمكن المبادرة إلى عرضها على أنها تاريخ أو تشريع ، أو غير ذلك إلا بعد دراستها بعمق ، وتمحيصها بصورة كافية ووافية. ونحن نعترف في الوقت الحاضر أننا غير قادرين على القيام بمهمة كهذه.

(2) راجع كتابنا : الغدير والمعارضون ص ٦١ ـ ٧٠.

(3) راجع : صراع الحرية في عصر الشيخ المفيد ص ٧٠ ـ ٧٤ ودراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ٢ ص ٢٥٣ ـ ٢٧١ طبع إيران.

(4) أصول الكافي ج ١ ص ٥٥ وفي الباب روايات كثيرة أخرى ، فمن أرادها فليراجعها.

(5) راجع : الصحيفة السجادية ، الدعاء رقم ٤٢.

(6) الميزان في تفسير القرآن ج ٣ ص ١٧٦ عن الكافي.

(7) عن أصول الحنفية للشاشي ص ٤٣ وراجع : كنز العمال ج ١ ص ١٧٦ عن ابن عمر عنه «صلى الله عليه وآله». وص ١٧٥ و ١٦٠ عن ثوبان عنه «صلى الله عليه وآله».

والنقل في الجميع عن الطبراني ، ومجمع الزوائد ج ١ ص ١٧٠ عن ثوبان عنه «صلى الله عليه وآله» ، وأصول السرخسي ج ١ ص ٣١٥ وج ٢ ص ٦٨ ، مستدلا به على عدم جواز نسخ الكتاب بالسنة ونهاية السؤل ، تعليقات محمد بخيت المطيعي ج ٣ ص ١٧٣.

(8) سنن الدارمي ج ١ ص ١٤٦.

(9) المصنف للصنعاني ج ٦ ص ١١٢ وراجع خطبة ابن مسعود في ج ١١ ص ١٦٠ وجامع بيان العلم ج ٢ ص ٤٢ وحياة الصحابة ج ٣ ص ١٩١ عنه.

(10) عيون الأخبار لابن قتيبة ج ٢ ص ٢٣٣ والبيان والتبيين ج ٢ ص ٤٤ والعقد الفريد ج ٤ ص ٦٠.

(11) الأم ج ٧ ص ٣٠٨ وأضواء على السنة المحمدية ص ٣٦٧.

(12) كنز العمال ج ١ ص ١٧٦ عن ابن عساكر. وفي تهذيب تاريخ دمشق حديث آخر عن علي «عليه السلام» حول عرض الحديث على القرآن.

(13) الكفاية في علم الرواية ص ٤٣٠.

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).