أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2014
5621
التاريخ: 9-05-2015
7899
التاريخ: 26-11-2015
6221
التاريخ: 25-11-2015
6619
|
قال تعالى : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة : 5].
العبادة ضرب من الشكر ، مع ضرب من الخضوع ولا تستحق إلا بأصول النعم التي هي خلق الحياة والقدرة والشهوة وما يقدر من النعم لا يوازيه نعمة منعم فلذلك اختص اللَّه بأن يعبد ، وان استحق بعضنا على بعض الشكر والعبادة في اللغة الذلة ، يقال هذا طريق معبد إذا كان مذللا بكثرة الوطء وبعير معبد اي مذلل بالركوب ، وقيل أصله إذا طلي بالقطران ، وسمي العبد عبداً لذلته لمولاه ، ومن العرب من يقول : هيّاك ، فيبدل الألف هاء كما يقولون : هيه وايه.
ونستعين اي نطلب منك المعونة على طاعتك وعبادتك. وأصله نستعون لأنه من المعونة فقلبت الواو ياء لثقل الكسرة عليها ونقلت كسرتها الى العين قبلها وبقيت الياء ساكنة ، والتقدير في أول السورة الى هاهنا ، اي قل يا محمد هذا الحمد.
وهذا كما قال : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا } [السجدة : 12] اي : يقولون ربنا. وكما قال : { وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ } [الرعد : 23 ، 24] اي : يقولون سلام عليكم. وحمزة والكسائي إذا وقفا اشما الدال الرفع ، وكذلك في سائر القرآن ، فاما إذا وقفا على النصب ، تخير الكسائي الإشمام ، وتركه أجود.
ومن استدل بهذه الآية على أن القدرة مع الفعل من حيث إن القدرة لو كانت متقدمة لما كان لطلب المعونة وجه إذا كان اللَّه قد فعلها فيه فقد اخطأ لأن الرغبة في ذلك تحتمل أمرين :
أحدهما- ان يسأل اللَّه تعالى من الطافه ، وما يقوي دواعيه ويسهل الفعل عليه ما ليس بحاصل ، ومتى لطف له بأن يعلمه أن له في عاقبة الثواب العظيم والمنازل الجليلة زاد ذلك في نشاطه ورغبته.
والثّاني- ان يطلب بقاء كونه قادراً على طاعاته المستقبلة بأن يجدد له القدرة حالًا بعد حال عند من لا يقول ببقائها او لا يفعل ما يضادها وينفيها عند من قال ببقائها. فان قيل هلّا قدم طلب المعونة على فعل العبادة لأن العبادة لا تتم إلّا بتقدم المعونة أولا؟ قيل : في الناس من قال المراد به التقديم والتأخير ، فكأنه قال : إياك نستعين وإياك نعبد ، ومنهم من قال : ليس يتغير بذلك المعنى ، كما إن القائل إذا قال أحسنت الي فقضيت حاجتي او قضيت حاجتي فأحسنت الي ، فان في الحالين المعنى واحد. قال قوم انهم سألوا المعونة على عبادة مستأنفة لا على عبادة واقعة منهم ، وانما حسن طلب المعونة ، وان كان لا بد منها مع التكليف على وجه الانقطاع اليه كما قال : { رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ } [الأنبياء : 112]. ولأنه قد لا يكون في ادامته التكليف اللطف ولا في فعل المعونة به الا بعد تقدم الدعاء من العبد ، وانما كرر إياك لأن الكاف التي فيها هي كاف الضمير التي كانت تكون بعد الفعل في قوله نعبدك ، فلما قدمت ، زيد عليها أيا لأن الاسم إذا انفرد لا يمكن ان يكون على حرف واحد فقيل إياك ولما كانت الكاف يلزم تكرارها لو كرر الفعل وجب مثل ذلك في إياك. الا ترى انه لو قال نعبدك ونستعينك ونستهديك لم يكن بد من تكرير الكاف ، وكذلك لو قدم فقيل إياك نعبد وإياك نستعين ، وفيه تعليم لنا ان نجدد ذكره عند كل حاجة ومن قال انه يجري مجرى قول عدي بن زيد العبادي :
وجاعل الشمس مصراً لا خفاء به |
بين النهار وبين الليل قد فصلا |
|
وكقول اعشى همدان :
بين الأشج وبين قيس باذخ |
بخ بخ لوالده وللمولود |
فكرر لفظ بين فقد اخطأ لأن في البيتين لو لم تكرر بين لكان الفعل مستحيلا الا ترى انه لو قال الشمس قد فصلت بين النهار لم يكن كلاماً صحيحاً وكذلك البيت الآخر وليس كذلك الآية ، لأنه لو قال إياك نعبد وسكت لكان مستقلّا بنفسه ولهذا طعن به بعض المفسرين. وعندي ان هذا ليس بطعن ، لأنه مغالطة لأنه لو قال بين النهار والليل لكان كلاماً صحيحاً وانما كرر بين وكذلك لو قال إياك نعبد ونستعين كان كلاماً صحيحاً وانما كرر إياك تأكيداً والعلة ما ذكرناه أولا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|